|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-14
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 00:39
المحور:
كتابات ساخرة
منطق الأحداث كان يقول أني وملاك سننتظر عودة إيمان، أي أن نكون معا طول فترة الانتظار، لكن شيئا من ذلك لم يحدث! والذي حدث، كنتُ المسؤول عنه وكان خطأ سأحاسبُ عليه في المستقبل... كانت تجربة قاسية نعم، لكني خرجتُ منها بحقيقة قلتها منذ البدء... ملاك كانت المركز الذي يدور حوله الجميع! عندما خرجتُ من عند ملاك، لم أعد إلى منزلي، بل تسكعتُ في شوارع المدينة حتى وصلتُ البحر كما عادتي... والغريب أن ملاك لم تخطر ببالي طرفة عين! بل كان حتى الهواء الذي أتنفسه تحول إلى... إيمان!! كنتُ أراها في كل خطوة أخطوها، وفي كل شارع أمر به. كانت تُغطي الأشجار وجدران المنازل، وكلما رفعتُ رأسي للسماء رأيتُها في كل ضوء ونجم! كانت تسبح في البحر... كانت تجلس عند الصخرة! كانت عارية لا ترتدي شيئا غير بشرتها البيضاء وشعرها الأصفر! كان البرد وكانت الرغبة! وكانت الوحدة وكانت تجري في دمي حتى أحسستُ بضيقة وكأني سأُجلط!! عند البحر، نظرتُ فوق وقلت اللعنة عليكِ ماما لو أبقيتِ لي على ربي لدعوته الآن أن يُخفف عني! فلجأتُ للبحر... ماذا أفعل الآن؟! قُضي الأمر ولم يعد أي مجال للتراجع! انظر لحالي!! كأني حمل بين أسد ونمر!! أنا مأكول لا محالة ولا خلاص لي!! الأولى تمنيتُ أن أبقى أبدا أنظر إليها والثانية... الثانية!! اللعنة! هل تذكر ليلتنا تلك؟ وأمواجكَ تُبللني!! اللعنة هذا ليس رغبة!! أشعر أنها حوّلتني إلى قنبلة نووية يجب أن تنفجر وانفجارها لن يترك مني ذرة!! ما اسم هذا يا صاح؟!! حب؟ جنس؟ أم حمل بائس وقنبلة نووية؟!! ليلتها، فهمتُ بعض أشياء جديدة... كانت إيمان عندي أقرب إلى الجنس من ملاك، لكن الذي شعرتُ به لم يكن جنسا بل شيئا بعده بأميال... الأكل عادة ما يكون بالفم وبيد، أو بيدين... لكن ليس بالفم واليدين والرجلين!! ليلتها أكلتُ بكل جسدي حتى صار كل جلدي أفواها... تأكل! دون أن تشبع! وتصرخ المزيد المزيد!! حاولتُ أن أجد هالة علّها تُخفف عنّي ما كان بي... فرأيتها بعيدة في الأفق... لكنها ابتسمتْ لي وواصلتْ سباحتها بعيدا حتى غابت عن نظري! غريب!! لم تكن عارية!! كانتْ ترتدي أشياء لا تصلح حتى للسباحة... اعتدتها صاحبة ذوق فيما تلبس! أول مرة لم يُعجبني زيها... بعد أن حصل ما حصل... مع البحر وأمواجه... لم أشعر بتعب، بل بنشاط غريب... وبالجوع! فأكلتُ الكثير، وعندما أكملتُ، وذهبتُ إلى الكاسة، كانت النادلة تضحك... - ليت كل حرفائنا مثلكَ... - كنتُ صائما منذ ثلاثة أيام... - ثلاثة أيام؟ - نعم، نصوم هذه الأيام... نحن... البوذيون... - أنتَ بوذي؟!! - نعم - لا أصدقكَ! تريد أن تسخر مني؟ - ولماذا أسخر منكِ؟ اسألي وستعرفين أن البوذيين يصوم الأيام الثلاثة الماضية... - عائلتكَ بوذية؟ - نعم... منذ جدي... أب أمي... عاش في تايلاند أكثر من أربعين سنة وعندما عاد... تعرفين... - غريب... - ما الغريب؟ - وتأكلون الـ... - نعم، يُمكّننا ذلك من القرابة أكثر إلى الخالق... روحه موجودة في كل مكان... ثم الطعم لذيذ خصوصا بعض الديدان الموجودة في حقل عندنا... تعرفين تلك الأفعى التي عندها قرنين طعــ - لا... لا أعرف... تفضل الباقي... و - خدعتكِ... - ... نعم! صدقتُ! ولماذا لا أصدق والذي أكلته... منذ بداية عملي هنا لم أر أحدا أكله؟! - قلتُ لكِ أني كنتُ صائما منذ ثلاثة أيام و - بوذي! نعم... وأنا صدقتكَ... - نعم... - طالب؟ - نعم - ماذا تدرس؟ - فلسفة... - أفهم الآن... جماعة الفلسفة مجانين! - أولهم بابا... - أبوك أستاذ فلسفة؟ - نعم... - وأمك؟ - مثله... لكنها مجنونة أكثر منه! وأنتِ؟ هل درستِ؟ - نعم... ولازلتُ... - لازلتِ؟ - نعم... أنا أيضا طالبة... - طالبة؟ أين؟ - صيدلة - وأنا بوذي!! - لا أمزح... - طيب... في أي سنة؟ - الثانية... - ماذا درستِ في الأولى؟ - لن تعرف من جوابي إذا كنتُ صادقة أم لا... خلفيتك أدبية ولن تعرف حتى اسم المواد... - قولي... كنت باكالوريا علمية... - وكيف تكون باكالوريا علمية وتدرس فلسفة؟ - عائلة مجانين مثلما عرفتِ! - طيب... بيورياضيات إحصاء إعلامية، بيولوجيا الخلية، بيولوجيا نباتية، كيمياء عامة وصيدلية وعضوية، فيزياء صيدلية، تشريح، فيزيولوجيا، بيولوجيا الخلية، علوم إنسانية وتاريخ الصيدلة - اللعنة! وماذا تفعلين هنا؟ - أعمل لأوفر مصاريف دراستي! هذه كافتيريا مُحترمة وليست نادي ستريبتبز!! - أأأأ... لم أقصد ذلك... لكن ما أعرفه أن طلبة الشعب الطبية... يعني... تعرفين... - أغنياء؟ لستُ منهم! أبي متوفي منذ أكثر من عشر سنوات وأمي تعمل خياطة! هل ليس من حقي أن أصبح دكتورة؟ ولمعلوماتك كنتُ من الأوائل في دفعتي السنة الماضية... - أغلبهم أغنياء و... جميلات... أليس كذلك؟ - لم ألاحظ ذلك... لا أهتم للناس... - نسيت البيوكيمياء والبيوفيزياء... - لم أنسَ... ندرسهما في الثانية وليس في الأولى... كذبتَ عليّ، لا تدرس فلسفة - لا، قلتُ الحقيقة... عندي أصدقاء يدرسون طب وصيدلة... - لا أصدقكَ... - أنا أصدقكِ... - إذا صدقتَ أقوال كل غريب تكلمه، قد تسقط في - لم أشعر أنكِ غريبة - وبماذا شعرتَ يا... فيلسوف؟ فقط لا تقل لي أنكَ أحببتني! - ثلاثة كثير عليّ! - ماذا؟ - لا شيء... سُعدتُ بالتعرف عليكِ... و... ربما أزور كليتكِ يوما... - انتظر... تقريبا السابعة... الآن أُكمل... - والثامنة تكونين في الكلية؟ - نعم، وأنتَ؟ - نفس الشيء... و... نفس الطريق... - كنتُ متأكدة أنكَ كذبتَ عليّ... مستر كانط! انتظرتها أمام الكافتيريا... وما إن خرجتْ حتى أصرتْ على معرفة ماذا أدرس... - نفترق من هنا إذا واصلتَ كذبكَ عليّ! - بل نذهب بسرعة إلى أين تسكنين، تُغيرين ملابسكِ، ثم نمرّ بمنزلي وتنتظرينني حتى أستحم وأغير ملابسي ثم أرافقكِ إلى صيدلتكِ... - ما بها ملابسي لأغيرها؟ ملابسي أغيرها قبل المجيء إلى الكافتيريا! - ليس بها أي بأس... ملابسي بها وعليّ تغييرها... إذن تذهبين معي... - أنتَ حقا مجنون! وبأي صفة سأذهب معكَ؟ - جدي الصفة التي تريدين، لكن تعالي معي... طالب الفلسفة سفاح جميلات كليات الاختصاصات الطبية... عندي مستقبل واعد... - ظريف! ظريف جدا! تعرف، لم أحبهم يوما من هم مثلكَ! أرى منهم الكثير في الكلية! - من هم مثلي؟ - نعم! لستُ مثلما ستفهم وتظن، لكني لم أحب يوما الأغنياء وقُبلهم وعناقهم وسياراتهم و - حرام عليكِ... هل رأيتِ عندي سيارة وهل قبّلتُ أو عانقتُ أحدا... - واضح أنكَ منهم... انظر ليديك! أنعم من يديّ! وابحث عن المرأة من الرجل! - جيد ولستُ رجلا أيضا... هل نسيتِ شيئا؟ - لم أقل ذلك... - ماذا أفعل الآن؟ كل شيء فيكِ يجذبني إليكِ أكثر... وخصوصا هذه الشراسة... لن أقول أنها قلة لباقة بل سأقول أنها زادتكِ - ماذا؟! - كنتُ سأقول جمالا، لكن أسحبها إن لم تُعجبكِ! - ماذا تريد الآن؟ - الذي تُريدينه إن قلتِه دون أن تفكري... - واثق من نفسكَ كثيرا! - نعم ومغرور وأناني ونرجسي و... السجل طويل... - قل لي ماذا تدرس؟ - سأقول لكِ... أني أحبُّ أجمل فتاتين في كليتي، وهما تُبادلانني نفس الشعور، ولا أعرف ماذا أفعل معكِ الآن!! - أكيد تريد ثالثة! البوذيون عندهم تعدد زوجات؟ - لا أعلم! لكن ما أعلمه أنكِ... - أني ماذا؟ - اللعنة!! أنتِ رائعة!! ويجب أن أذهب الآن!! - لن أذهب معكَ إلى منزلكَ... عندكَ الجميلتان لذلك! لكن أستطيع أن أنتظركَ حتى تُغيّر ملابسكَ... - هل أنتِ جادة؟ - لن تستطيع قتلي... سأغلبكَ... صحيح أنت أطول وأضخم مني، لكن نعومة يديكَ تُرجّح كفتي... لستُ خائفة! - تبا لي!! - ماذا؟ - قلتُ... قلتُ... هيا لنذهب! - كم عمركَ؟ - 19 و - قلتُ لكَ أنكَ منهم! بأي حق أنت تدخل المدرسة وعمرك خمس سنوات وأُمنع أنا من ذلك؟ - لستُ منهم... أقسم بـ... ببوذا! وأنتِ؟ - 20 والقليل... - كاذبة... أنتِ مثلي! - نعم، كنتُ محظوظة، لكن ليس مثلكِ... أنتَ عندك الماما والبابا! - حرام عليكِ... أنا حساس وربما سقطتُ... - إن سقطتَ فسيكون السبب الأربعة أو الخمسة غرامات سكر في دمكَ بعد كل الذي أكلته... قل لي هل كل صباح تأكل تلك الكمية؟ - لستُ أكولا، ما رأيتِه وقع اليوم فقط... - بعد الصيام البوذي؟ - بعد أمر آخر... - ما هو؟ - لا يهم... وصلنا... هل تُريدين الدخول؟ ستعرفين ماذا أدرس منذ الباب... فقط عليّ تنبيهك! هناك فوضى عارمة وربما هاجمكِ حيوان مفترس... - ماذا؟ - ديناصور، ماموت، كوبرا... كل الاحتمالات واردة... - سأنتظركَ هنا... - مثلما تُريدين... في كل الحالات... تبقين رائعة! و... تبا لي ألف مرة! - انتظر! ما بكَ؟ - الجميلتان... مثلما قلتِ... - آه... أسرع، لن أنتظركَ كثيرا... - لا تُغادري... لا تفعلي... سأسرع... - انتظر! - ماذا؟ - الديناصورات لا تُخيفني... - يسرني ذلك... بعد الاستحمام، وتغيير ملابسي، خرجتُ من غرفتي لألتحق بها في الصالة، فوجدتها قد نَظَّمتْ كل الفوضى التي فيها... - ماذا فعلتِ؟ ظننتُ أني دخلتُ منزلا آخر... - لا أحتمل الفوضى... عندي منها حساسية! هيا لنخرج... الوقتُ ضيق... - نعم... لكن - لكن؟ - ... - ماذا؟ تكلم! لم يعد هناك وقت... - بعد الذي سأقوله، أريدكِ أن تصفعينني، ثم تخرجي وإياكِ أن تقبلي أن أقترب منكِ مهما حصل... - رويدكَ... أخفتني... هل حياتي في خطر؟ - لا أريد الخروج، أريد أن تبقي معي... هنا... - ماذا؟ - جيد! تعالي إذن، اصفعيني وغادري! - لا أحب العنف... و... لا أرى أي مغريات هنا لأضحي بمحاضرتيْ الصباح! - تبا لي! - نعم تبا لكَ! و... قل لي... لماذا تدعوني وأنتَ مرتبط... وباثنتين وليس حتى بواحدة؟ - لأنّـ - سأبقى! أقبل... لستُ خائفة و... لا أعرف الغيرة... - ما اسمكِ؟ - وفاء - اسمعيني وفاء - نعم - لستُ ممن يدعون إلى منزلهم فتاة بعد أقل من ساعة من التعرف عليها، لكني من المجانين الذين عندهم حدس يستطيع أن يعرف بعد لحظات أن هذه مختلفة وليست كغيرها وتستحق الاهتمام - أ - لا تُقاطعيني أرجوك... لكني أيضا لستُ محتالا أستغل كل لحظة ضعف أراها... أنتِ رائعة... بعد لحظات من الكلام معكِ شعرتُ أن ذلك المكان ليس لكِ وأنكِ لستِ مجرد نادلة جميلة بل أكثر بكثير من ذلك... كل ما شعرتُ به أنا ممنوع منه ومنعا باتا لأني... نعم مرتبط وأحـ ... أحب... من معي... ولو لم أكن كذلك لكنتُ أسعد الناس بكِ الآن... أنا سعيد لكن كل ما حصل حتى الآن خطأ... وفي نفس الوقت أريدكِ أن تبقي... أنا شخص سيء! سيء جدا! وربما مريض! أنتِ رائعة وتستحقين أحسن من مريض مثلي! - تختلف عن قصة بوذا قصتك الآن، وتقريبا صدقتكَ... أنا في حاجة لتأكيد... هل تمزح؟ - لا... ولن أطلب حتى أن نكون أصدقاء... لن يحصل ذلك ويستحيل أن أراكِ صديقة... الحل الوحيد هو أن تخرجي الآن وأن تنسي أنكِ عرفتني اليوم... وألا تُكلمينني أبدا لو التقينا بالصدفة بعد أيام أو أشهر أو حتى سنين! - ... سأغادر... شكرا لكَ. - وفاء - نعم؟ - أعتذر. بعد أن فتحتْ الباب لتخرج... ودون أن تلتفتَ لي... - لماذا يستحيل أن تراني صديقة؟ - صدّقتِ ما قلتُ وحسنا فعلتِ - لم أُصدّق كل شيء، لكن سأفعل ما أردتَ - بل صدّقي - لو كنتَ تُحبها حقيقة ما نظرتَ إلى غيرها... - ينطبق ذلك على السوي، لا على المريض - لم أصدّق أنكَ مريض... وأغلقتْ الباب وغادرتْ. لم أخرج... لم أستطع ذلك، وخفتُ من رؤية ملاك... لكني غادرتُ بعد ساعات... الحادية عشرة والربع، دخلتُ الكلية وقصدتُ الكافتيريا، كانت الحركة قليلة وأغلب المستويات كانت في محاضرتها الثانية... ثم جلستُ على بنك أمام الساحة الكبرى... بنك يُرى من الباب الرئيسي للكلية. كنتُ شارد الذهن، أغلب الوقت أنظر إلى قدميّ وأحيانا أرفع رأسي، حتى رأيتها وقد تجاوزتْ الباب، كانت تنظر يمنة يسرة ككل من يدخل مكانا لا يعرفه، بقيتُ أنظر ولم أحاول لا النظر إلى أسفل لكيلا تعرفني ولا مغادرة مكاني حتى جلستْ بجانبي... - جميلة - ماذا؟ - الكلية جميلة، أول مرة أدخلها... - ماذا تفعلين هنا؟ - حضرتُ المحاضرة الأولى، والثانية لم يحضر الأستاذ، فذهبتُ إلى المكتبة، بقيتُ بعض الوقت، ثم خرجتُ، و... وجدتُ نفسي هنا... - ثم؟ - لا شيء... لماذا لا تُعرّفني على الكلية؟ جولة صغيرة... - ... - أم تخاف أن تراك حبيبة القلب؟ - طلبتُ منكِ ألا... حتى لو التقينا بالصدفة... وبعد ساعات تأتين إلى هنا؟! - لم آتِ لرؤيتكَ! قلتُ لكَ كنتُ مارة بالصدفة ودخلتُ... أردتُ اكتشاف المكان لا أكثر ولا أقل - قلتُ لكِ أنكِ رائعة... لا أسحب أي حرف قلتُه... لكن الوقت سيء! سيء جدا! ولا أستطيع - لا تستطيع ماذا؟ لم أطلب منكَ أي شيء! فقط طلبتُ أن تُعرّفني على كليتكَ... ولا بأس إن كنتَ لا تريد... أستطيع فعل ذلك وحدي... - ... - قلتَ لي منذ قليل... الذي تُريدينه إن قلتِه دون أن تفكري... هل تريدني أن أغادر؟ - ... - كنتُ محقة في عدم تصديقي لما قلتَ! - لا بل كنتُ صادقا وقلتُ كل الحقيقة! - لو كنتَ صادقا، لماذا تريدني أن أبقى إذن؟ نحن في عرين الأسد وفي أي لحظة قد يراكَ... - أشعر أني كرضيع الآن... كذلك الرضيع الذي يضحك للأسد ويقترب منه ويمد يده له ليلعب معه وهو لا يعلم أنه مأكول!! - أستطيع... أستطيع إبعاد الرضيع وإنقاذه إلى حين... حتى يكبر ويفهم - أحبهمـ... أ... أ... أحبها! - وسط سنة الباكالوريا، ودون أن أعلم، كلم أستاذ الفيزياء أمي في شأني... وفي الصيف علمتُ، ففرحتُ... واكتشفتُ أني "أحبه"... كان رائعا في كل شيء وكل الطلبة يُحبونه... كان يُعطينا الكثير من وقته وفعل الكثير مع المدير ليسمح له بدروس خصوصية... مجانا! لم يُعجب ذلك زملاءه الذين كانوا يرون الطلبة مصدر رزق... لكنه لم يتنازل وقبل بعدائهم له من أجل مصلحة الطلبة... التقينا عدة مرات بعد الباكالوريا وعندها فهمتُ أني أحببتُ أستاذي أبي أخي الأكبر... لكني لم أستطع مصارحته... وطلبتُ من ماما أن تفعل فغضبتْ مني... كان مثاليا في كل شيء، لا أزال أراه كذلك، وعندما صارحته و... طلبتُ منه أن نبقى على اتصال رفض... وقال أنه لن يستطيع ذلك وهو... يُحبني! - لم أفهم - ... - الحقيقة لستُ كرضيع! بل هكذا أنا أحب المخاطرة! لكن ذلك يضر غيري ويتسبب لهم في ألم عظيم! أنا سادي! نعم سادي!! والسادية مرض! - المازوشية من طبع النساء... هل يوجد امرأة ترفض الحمل؟ والإنجاب؟ - الذكيات... قلة... لكنهم يبقين ذكيات! - بل منافقات!! لا أحد يستطيع الحياة في سلام مع نفسه إذا أنكر حقيقته!! - عندي مملكة في هذا المكان... ولا أحد سيستطيع تغيير قوانينها... لا أحد! - حياتي كلها تحديات، وحتى إن فشلتُ في شيء لا أندم... لأني حاولتُ... لكني أندم عندما لا أحاول... - ... - أنتَ خائف - نعم - لكنكَ لستَ جبانا... - ليست القضية جبنا وشجاعة! - ماذا إذن؟ - وعود... عهود! - العهود تعيش إذا بقيتْ شروطها - ... - ولا شيء منها بقي عندكَ! - غير صحيح! - لا أحد يستطيع الحياة في سلام مع نفسه إذا أنكر حقيقته!! - وإذا كانتْ حقيقته المرض... الهوس... الأنانية... ؟! - عليه تغيير كل ذلك... لكن ماذا لو كان تشخيصه خطأ؟ - ... - كثيرون يلومون أنفسهم ويظنون أنهم المخطئون... المرضى... لكن ماذا لو كانوا على حق؟ وكل ما ظنوه في أنفسهم خطأ؟ - هل ستقبلين أن تقترب أخرى ممن تُحبين؟ - لن ألومه ولن ألومها - ماذا؟ - إذا سمح لها فقد نظر إلى غيري، وإذا فعل ذلك فالمشكلة فيّ لا فيه... - تُعطين للرجال شيكا على بياض - لا، لأني إذا نظرتُ إلى غيره ستكون المشكلة فيه لا فيّ... لماذا سينظر أي كان خارج... مملكته... إذا كان ما عنده يكفيه وسعيد به؟ - طبع بشري مريض يجب تهذيبه لا فتح كل الأبواب له وتبريره - ربما، لكن ليس ذلك قاعدة... لسنا رياضيات نحن البشر... بل... فلسفة! يا... طالب الفلسفة! لماذا قلتَ أنكَ تدرس فلسفة؟ - لا أعلم... مرتْ ببالي فقلتها... ربما لأن أبي يُدرسها... أو لأني أهرب دائما من سماعه والنقاش معه... - ولماذا تهرب؟ - لن أستطيع فعل ذلك أبدا... يسمح لي الآن، لكنه لن يتركني عندما أتخرج... - لا أحب الفلسفة... أحب الرقص... - ترقصين؟ - نعم - و... يعني تتدربين أو... وحدكِ؟ - في الحقيقة... الرقص ثانوي... يأتي بعد الجمباز... مشتركة في نادي هنا... وسط المدينة - آه... عرفتُه... القريب من الجامع؟ - نعم - وكيف... أقصد... مع عملك في الكافتيريا... كيف تستطيعين؟ كيف تُنظمين وقتكِ؟ - أكره الفوضى... تعرف ذلك الآن... - أكيد! عرفتُ وعاينتُ بنفسي - كيف تستطيع العيش في تلك الفوضى؟ - ... - قل... لماذا سكتَّ؟ - سمعتُ نفس السؤال... سابقا... - هل ستُقدّمني إليها؟ - الأحسن أن تغادري الآن... قريبا منتصف النهار - لن أفعل - بل ستفعلين! - لم تقل اسمكَ؟ - لا يهم اسمي - تعرف اسمي ولا أعرف اسمكَ هذا ليس عدلا - نعم... هكذا تسير الأمور معي! لا عدل! - إذا قبل من يهمهم الأمر، لماذا أكون ملكية أكثر من الملك؟ ... - ولا أعلم هل في ذلك أنا محظوظ أم ملعون!! - لا أؤمن بالحظ واللعنة، أؤمن بالاستحقاق... - الوقت سيء وفاء... سيء جدا! وأرجو أن تُغادري الآن! أرجوكِ... - هل هذا ما تُريد؟ - نعم - أفعل إذن... ومرتاحة الضمير... - جيد بالنسبة لكِ - وأنتَ؟ - عكسكِ! - لماذا؟ - أتمنى لو أعود إلى خلف... ألا أكون دخلتُ تلك الكافتيريا! - أحب عملي فيها، وربما بقيتُ فيها حتى تخرجي... أحب كليتي أيضا ولن أغادرها... وأحب نادي الجمباز... - لن أبحث عنكِ... لن أستطيع! ولا يجب أن أفعل! - لن ينتظركَ أحد... أتمنى لكَ أن تجد راحة... الضمير... أو تجدكَ... يوما... - أنا أيضا وما إن مشتْ خطوات... - تبا لكَ! تبا لكَ! عليكَ اللعنة! اللعنة!!! وفاء... - ماذا؟ - لم أُعرفكِ على الكلية... - نعم... لم تفعلْ... كيف حصل ذلك؟ وكيف شاءت الصدف أن يقع؟ وكيف تجرأتُ وقمتُ به وسمحتُ بوقوعه؟ لا جواب، وخصوصا ليس الشباب وطيشه! ربما تكون اللعنة الأقرب إلى الجواب... لعنة النساء! وفاء لم تكن لحظة ضعف، لم تكن أنانية، لم تكن ذكورية، لم تكن طيشا، لكنها كانت حقيقة! لعنة وقعت كصاعقة! والصواعق فيها كثير من سوء الحظ لكن أيضا من المسؤولية! كانت جميلة، كانت فريدة وكانت... مغناطيسا فشلت أمامه كل مقاومة! وحتى بعدما صارحتُها بكل شيء يومها لم تتراجع! وكانت كشيطانة أرسلها إليها ذلك الإله لتُغويني... أو ربما لتُعلّمني أن أكلي من الشجرة ومعرفتي لكل شيء حق مشروع وطبيعتي التي لا يجب عليّ لا إنكارها ولا مقاومتها... - لا أهتم... أتذكّر دموع صديقتي عندما لم يُوصلها مجموعها إلى الصيدلة... الدنيا مسابقة، رهان، وليربح الأفضل! - ستتألمين! - ليس أكثر من الذي عشتُ حتى الآن! هذا إن وقع... - سيقع! - لا تهتم لذلك، وماذا عنكَ؟ - أنا ملعون! لا تستهويني القفازات الناعمة، دائما أريد الامساك بجمرة! يُعجبني ذلك ولا أريد غيره! - كلنا مازوشيون... أثناء ذلك، خرجتْ ملاك من الكلية، أما إيمان فكانت مع أبيها في مكتبه، كان سعيدا بها لأنها عدلتْ عن فكرة إعادة التوجيه، لكنه لم يكن سعيدا بقرار أمها شراء بايك لها... حاول معها، لكنها غضبتْ، وبكتْ، وقالت له أنه لم يهتم يوما بما تريد بل بما يريد هو منها، بدءا بفرض كليته عليها وانتهاءا برفض ما تحلم به منذ صغرها! وعند اقترابها من النافذة المطلة على قاعة الرياضة وملعب الكرة، رأتني مع وفاء، فبقتْ لدقائق تنظر دون أن تهتم لما يقول أبوها، ثم غادرتْ مكتبه... وعندما وصلتْ، وقفتْ أمامي، تنظر لي دون كلام... - هل أنتِ - نعم! أنا إيمان! وأنتِ؟ - وفاء - تشرفنا! أول مرة أراكِ، تدرسين هنا؟ - لا... صيدلة - و... و... ماذا تفعلان هنا؟ - أراني الكلية... جميلة... أجمل من كليتي... - ... نعم... كلية جميلة! - أنا سعيدة لأني تعرفتُ عليكِ... طوال الوقت لا يتكلم إلا عنكِ... درسنا معا... تعرفين... أصدقاء منذ زمن... - لا لم أكن أعرف - ماذا لم يقل أي شيء عني؟ - لم أكن أعرف أنه يتكلم عني... الذي أعرفه أنه لا يُشارك أحدا خصوصياته! - أنا أشذ عن القاعدة - الظاهر أنه كذلك! - كنتُ على وشك المغادرة... عندي حصة مع الواحدة... أترككما... سعدتُ بمعرفتكِ... إيمان... - ... عند مغادرة وفاء، بقتْ إيمان واقفة، لم تنظر لي بل إلى الأرض... بعض الوقت... تنتظر أن أقول شيئا لكني لم أتكلم... فتكلمتْ وهي تخط الأرض بيمناها - لن تقول شيئا؟ - تريدين الابتعاد والبقاء وحدكِ... - لم أر أنها صديقة طفولة مثلما قالت... - ماذا رأيتِ إذن؟ - رأيتُ أنكَ ارتبكتَ ولم تقل شيئا - قالت لي ملاك أني مشوشة الذهن وتريدين الابتعاد لفترة، وأن ذلك لا دخل لي فيه، ولا أعلم ماذا عساني أقول... أريد... أريد أن أقول... الكثير... أن أساعد، لكنها قالت أن ليس لي علاقة بما أنتِ فيه... - ومازلتُ أراكَ مرتبكا ولا تُريد أن تقول شيئا! - ماذا تقصدين؟ - الذي فهمتَهُ - لم أفهم شيئا - كيف تكون صديقة طفولة وحميمة تتكلم معها عني ومنذ أشهر لم أرها ولم أسمع بوجودها؟ - من يسمعكِ يظن أننا معا طول الوقت! لو حسبنا لوجدنا أنها عدة أيام! - نعم، لكنها تبقى أشهرا! وفيها مثلا سمعتُ بأختكَ وبخطيبها القبيح... سمعتُ وعرفتُ بعض الأشياء... لكني لم أسمع بوفاء هذه... صديقة الطفولة المهمة بالنسبة لكَ لدرجة أنكَ دعوتها إلى هنا، وبقيتَ معها كل الصباح وغبتَ عن المحاضرات... - البارحة بقيتُ مع ملاك حتى آذان الفجر، وعندما نامتْ غادرتُ... فنمتُ واستيقظتُ قرابة الحادية عشرة... مباشرة جئتُ إلى الكلية ووقتها جاءتْ بالصدفة... بقينا معا قرابة الساعة أو أقل... ليس كل الصباح - لماذا أشعر أنكَ لا تقول الحقيقة؟ - لماذا لا تنظرين في وجهي لترينها؟ - جيد... سأذهب الآن... والتوقيت جيد - أي توقيت؟ - يلزمني وقت للتفكير في... في... أمور لا علاقة لكَ بها مثلما قالت ملاك... لكن جيد أن علمتُ بوفاء هذه الآن... سأضيفها إلى تفكيري... - إذا رأيتِ أن المعزة تطير نعم! - ما مشكلتكما مع المعيز؟!! اذهبا إلى البيطرة أحسن!! - ماذا؟ - لا شيء... سأذهب! - افتقدتكِ كثيرا... - لم أر ذلك... ولا يهمني الآن! - ماذا تقصدين؟ - لا شيء! سأذهب... أرجو أن تقدّمها لملاك... أكيد ستفرح بمعرفتها... - انتظري! - لا تتبعني! أريد أن أبقى وحدي!! لم أبرح مكاني، وبقيتُ أنظر إليها حتى توارتْ... شعرتْ إيمان أن شيئا ما غير صحيح في كل ما رأته وسمعته، لكنها لم تهتم كثيرا وقتها، لأنها مثلما قالت، وقالت ملاك، لم يكن لي مما كانت فيه شيء... واصلتْ إيمان سيرها لتغادر الكلية، وعند خروجها مباسرة من الباب، تفطنتْ لوقوف وفاء خلف شجرة... فقصدتها... - إيمان - نعم - أنَـ... أنْ... أنتظر بعض الزملاء لنذهب معا للكلية - قال لي كل شيء... - ماذا؟ - ... - لا أعلم إن كان حقا كذبا ما قلته أننا نعرف بعض منذ زمن، لكن هذا ما شعرنا به في ساعات! - ماذا؟ - لستُ أدافع عن نفسي، لكنها حقيقة ما حدث! - ماذا تقصدين؟ - لستُ فتاة سيئة، وإن ظهرتُ كذلك الآن! لكن لنتكلم بصراحة، واعذريني... لو كان يُحبكِ حقا، لماذا يهتم لغيركِ؟ - ماذا تقولين؟! وعما تتحدثين؟!! - قلتِ أنه قال لكِ كل شيء! - نعم! وحسنا فعلتُ! - ماذا تقصدين؟ - وإلا ما كنتُ عرفتُ! - خدعتني إذن... - أنا فتاة سيئة! - لا أصدق ذلك... - لا تعرفين أي شيء عني لتصدقي أو لا تُصدقي!! - أستطيع معرفتكِ والتأكد من أن حدسي لم يخني... - هل أنتِ بلا عقل أو ماذا؟ - لا أرى نفسي كذلك... - تتحرشين بمن أحب وتريدين أن تعرفينني؟! - لم أتحرش بأحد... ولمَ لا! لو تعرفنا على بعض؟ لا أرى أي إشكال... - ثم؟ - ثم ماذا؟ - لا أريد الكلام معكِ!! سأذهب! - أنتِ جميلة... - ماذا؟ - أتحرش بكِ... أنا متحرشة ولا يسلم مني أحد! اركضي دون الالتفات وإلا - مقززة! - جبانة... - ماذا تريدين الآن؟!! - لا شيء... تستطيعين ضربي إن كان ذلك سيهدئكِ... فقط ابتعدي عن أسناني... أخاف الذهاب لطبيب الأسنان... طبيب العيون لا يُخيفني... تستطيعين ضرب عيني... هيا... - أنتِ...! أنتِ...! - ماذا؟ قولي... هيا اصرخي مثلما تريدين... اشتمي... وحتى اضربي... هيا أخرجي غضبكِ... أستحق كل ما ستفعلين! - ... - هدأتِ؟ - ... - جيد... سأقول أنكِ هدأتِ... أو أنتِ في طور الهدوء... جيد بالنسبة لأسناني... وجيد... لأقول مرة أخرى أني لستُ فتاة سيئة... شريرة بعض الشيء... لكن إجمالا لستُ سيئة... - ... - ثم... ما الذي حصل؟! اليوم عرفتُ أحدهم، تكلمتُ معه بعض الوقت... و... فقط! لا شيء آخر! كل الوقت أمضاه يتكلم عنكِ حتى كرهتكِ... ثم التقيتُ بكِ المرة الأولى... ثم الآن... لم يمتْ أحد... لم يتقدم أحد لخطبتي... لم يحدث شيء... لا شيء حدث... هل قال لكِ أنه سيهجركِ من أجلي؟ لم يحدث... فقط تكلم معي وكان لطيفا... كأي شخص يتكلم مع أي فتاة و... ويكون لطيفا... و... الفتاة يُعجبها ذلك... فتُكلمه وتكون... تكون لطيفة! - لماذا كذبتِ؟ - لأنقذه منكِ... أنا ذكية بعض الشيء... وعندي خيال واسع وسرعة بديهة... - ... - ودائمة التفاؤل... كثيرة التفاؤل... بلا حدود... مثلا لا أرى بأسا في أن نتعرف على بعض... ربما نصبح صديقتين... - أرى ذلك! - ماذا ترين؟ - تفاؤلكِ! - لماذا لا نلتقي الليلة؟ أدعوكِ ولن تندمي... - أضحكتني! - الضحك جيد... أحسن من الغضب... الضحك يُطيل العمر... - ماذا تريدين الآن؟!! لماذا لا تُغادرين وتتركينني وحدي؟!! - نحن في شارع عمومي... ومثلما قلتُ لكِ أنتظر بعض الزملاء... - أنا أغادر... - أجيد الرقص... أما الغناء فقليل منه... صوتي مقبول... لستُ مغنية محترفة... لكنه مقبول... وأظنه جميلا... - تسخرين مني!! - لماذا كل هذا الغضب؟ قلتُ لكِ لم يحدث أي شيء! تكلمنا مثلما تكلمنا أنا وأنتِ الآن! فقط... لا شيء آخر! - لستُ غاضبة! الحقيقة أنه لا شيء من كل هذا يعنيني! - ما الذي يعنيكِ إذن؟ - ما دخلكِ أنتِ؟ ومن أنتِ لتسأليني أصلا؟ - أعتذر... معكِ الحق... سأذهب... أعتذر مرة أخرى... و... لم يحصل شيء... لم يحدث أي شيء يستحق غضبكِ... أرجو أن نلتقي مرة أخرى... قلتُ لوفاء أنها لن تستطيع تغيير قوانين مملكتي، لكنها رفضتْ، وطلبتْ، وفرضتْ حقها في المحاولة لكيلا تترك أي مجال للندم، وفعلتْ... لكنها اصطدمتْ بالملكة... ووقتها فقط، أيقنتْ، أنها لن تستطيع الجلوس على عرش لم يكن لها يوما، ولا إمكانية لأن يكون لها يوما... برغم قول ظاهر الأمور... العكسَ. يوم السبت، مشيتُ مع ملاك حتى محطة الحافلات... قالت أنها ملّتْ من النقل العمومي وقريبا ستحصل على سيارة، أخر السنة أو بداية القادمة... سألتها عن إيمان فقالت أنها لم تُكلمها... وغادرتْ لتمضي نهاية الأسبوع مع أسرتها... لم تكلمني إيمان بعد آخر مرة... ولم أحاول... التزمتُ بقول ملاك أن تأخذ الوقت الذي تريد ثم تعود... ما حصل مع وفاء، شغل تفكيري بعض الوقت، لكن ما إن فهمتُ أن ملاك لم تعلم به، تجاوزته... قليلا... ليس بالكلية... أما وفاء، فلم أفكّر في البحث عنها... لكنها فعلتْ... ظنتْ أننا نُكمل المحاضرات يوم السبت عند الواحدة... كانت قبل الواحدة بقليل داخلة إلى الكلية، وكانتْ إيمان بصدد الخروج... - أنتِ مجددا! ماذا تفعلين هنا؟ - أبحث عنكِ... - مضحكة! أكيد غادر مع ملاك منذ منتصف النهار عزيزتي... - من الذي غادر؟ ومن ملاك؟ - لم يُحدثكِ "صديق الطفولة" عن ملاك؟ - ليس صديق طفولة، ولم يُحدثني عن ملاك... من تكون؟ - اسأليه عندما ترينه... - انتظري... - ليس عندي وقت... مستعجلة... ولا شيء عندي لأنتظر من أجله! - انتظري رجاء... - ولماذا سأنتظر؟ قلتُ لكِ أني مستعجلة ولا كلام لي معكِ! - طيب... آتي معكِ... سأتبعكِ... - ولماذا تتبعينني؟ - لا أدري... أرغب في ذلك... - قلتِ أنكِ لستِ فتاة سيئة! ماذا تفعلين هنا إذن؟ لم يبحث عنكِ بل أنتِ من فعلتِ! - لم آتِ هنا أبحث عنه... قلتُ جئتُ أبحث عنكِ... - وأجبتكِ أنكِ مضحكة!! - لم تُصدقيني... - لا أعلم هل غبية إلى هذا الحد أو تظنينني غبية!! - لا هذه ولا تلك! وعندي دليل على صحة قولي... أدعوكِ لأن تأتي معي، ونبقى معا بقية اليوم، وغدا كله لو وافقتِ... - ماذا تقولين!! - بسيطة، لو كنتُ هنا لأجله، من المفروض لا أدعوكِ لما قلتُ، بل لا أكلمكِ أصلا! - حجة قوية نعم! صدقتكِ! - أنا طباخة ماهرة... سأطبخ لكِ كل ما تشتهين... أستطيع الغناء أيضا... لكني أجيد الرقص أكثر... سأرقص لكِ... سأحكي لكِ نكتا تُضحككِ وقصصا حتى تنامين... وفي الصباح أحمل لكِ الفطور إلى الفراش و - لم يكن ينقصني إلا هذا! ما هذا الكلام؟ هل تظنين أنكِ تستطيعين السخرية مني؟ ثم بأي صفة تُكلمينني الآن وتقولين ما تقولين؟!! - صديقة مستقبلية ربما... - لا تستغلي أدبي وصبري! - ماذا فعلتُ؟ كل شيء قلته حقيقة ولم أقله لأسخر منكِ! ألم تعرفي أصدقاء جدد! وعندما تعرفتِ عليهم، ألم يدعكِ أي منهم إلى مقهى أو مطعم أو جولة أو إلى منازلهم أو - ماذا تريدين مني الآن؟ - قلتُ ما أريد... ولستُ أسخر منكِ! و... لم آت هنا أبحث عنه بل عنكٍ! - ثم! وبعد ذلك! ماذا ستجنين؟ - أكون أكثر سعادة، ضحك، أجد أناسا يمكن التعويل عليهم في المستقبل، أتعلم منهم... حتى مهنيا، وربما أبقى على ارتباط بهم طول العمر... الجامعة ليستْ فقط للدراسة عزيزتي... - أنتِ غريبة الأطوار ولا أشعر أنكِ أهل للثقة! - آه... تحرشتُ بحبيبكِ والآن بكِ، أليس كذلك؟ لكني شرحتُ لكِ كل شيء المرة السابقة و... ظننتُ أنكِ صدقتني! ثم ماذا قال لكِ؟ هل قال لكِ عكس ما قلتُ؟ - نعم أنتِ غريبة... لا يهمني كل ما قلتِه... ويكفيني الوقتُ الذي أضعته معكِ... - لم أكن أتصور أن وجهكِ الجميل يمكن أن تكون وراءه كل هذه البرودة والقسوة! - خير من التلاعب والانحراف! - ماذا؟ - عزيزتي لا أعرف ماذا تريدين بالضبط وإلى ماذا ترمين، لكني أرى تلاعبكِ! تُغوين الرجل وعندما رفضكِ حولتِ سهامكِ إلى حبيبته! إن لم يكن هذا انحرافا ماذا يكون؟ - هل أنتِ متأكدة من أنه رفضني؟ هل قال لكِ ذلك؟ وهل رغبتي في التعرف عليكِ سهام وجهتها إليكِ؟ هوّلتِ كثيرا الأمور... مجرد شخص تكلمتُ معه بالكاد ساعة من زمن! هل في ساعة من الزمن سأحب ذلك الشخص ثم أقرر الانتقام من حبيبته! ثم لو قررتُ انتقاما ما لماذا لا أنتقم منه هو؟ وما دخلكِ أنتِ أصلا؟ من المضحكة منا يا ترى أنا أم أنتِ؟ - ربما مسألة السهام عندك فيها حق، لكن يمكن أن تحبي شخصا في ساعة أو حتى أقل! - طيب... ولماذا لا أكون أحببتكِ منذ المرة الماضية، وأردتُ أن نكون صديقتين؟ ما المانع؟ ما العيب في ذلك؟ وأين التلاعب والانحراف في ذلك؟! - ... - سكوتكِ يعني أنكِ تعترفين بخطئكِ... - أنتِ حقا غريبة، وإصراركِ يُخيفني! - إذا خفتِ من أنني... لا لستُ كذلك... أحب الذكور فقط ودائما وأبدا... لا تقولي لي أنكِ بالانحراف قصدتِ ذلك؟! وقتها سأسخر منكِ وسأقهقه أيضا... - لم أقصد ذلك!! - اتفقنا إذن... أريد فرصة... نعم... أحببتكِ وأريد فرصة... نتعرف كما تتعرف كل الفتيات! ما المانع؟ - حتى لو قبلتُ الفكرة... لا أستطيع! - إذا كنتِ لا تستطيعين الآن، في الليل؟ أو غدا؟ - ليست مشكلة وقت... - ماذا إذن؟ - ملاك... أكيد ستغضب مني... لا أستطيع! - أه... ملاك التي لا أعرف من تكون... مرة أخرى... ولماذا تغضب ملاك؟ - صديقة طفولتي... الأقرب إلى... إليّ من كل الناس... - فهمتُ... أعرف تلك الغيرة بين الصديقات والأخوات... طيب... نبقى قليلا الآن... هنا! لن نذهب إلى أي مكان حتى لا أعطلكِ كثيرا! كنتِ ذاهبة إليها؟ قولي لها أنكِ تأخرتِ قليلا... بسيطة! اتفقنا؟ - لا أعلم ماذا أقول... غريب كيف تُصرين ولا أفهم لماذا... - لنجلس هناك... قليلا... - ... - تعالي... - ... - سأتكلم... سأقول الحقيقة... - ظننتكِ قلتِ كل شيء آخر مرة! - سأبدأ من آخر مرة عندما وجدتني أمام الكلية... رأيتُ شيئا في عينيكِ، نفس الشيء الذي رأيتُه أول مرة رأيتكِ فيها عندما كلمتِني... كان جميلا! برغم غضبكِ وشككِ وحيرتكِ... كان جميلا! وأردتُ رؤيته مجددا ودائما... وددتُ ذلك... ومنذ قليل رأيته مرة أخرى في عينيكِ والآن أراه... - لم أفهم أي شيء! كلامكِ يُؤكد قولي أنكِ غريبة!! - نعم... ربما... لكن هل لم يقع لكِ أي مرة أن رأيتِ شيئا ما فتنكِ وبقي راسخا لا يغيب عن ذاكرتكِ وودتِ لو رأيته مجددا؟ أكيد حصل! مثل ضحكة رضيع أو وقار شيخ كبير أو حتى لقطة في فيلم أو مقطع من أغنية أو جزء من كوريغرافيا... فهمتِ؟ - نعم! يمكن أن يحصل ذلك لكل البشر! لكن ماذا رأيتِ في عينيّ؟! - ضحكة رضيع... عودة بابا الذي أتمنى أن يعود... فرحة ماما بي... نظرة الحب من الرجل الذي سأحب! - لم أفهم! لكن... أبوك... يعود من أين؟ - من الموت - آسفة... - مات عندما كنتُ صغيرة... ما أردتُ قوله... رأيتُ شيئا... ربما لا أستطيع وصفه أو تبليغه لكِ لتصدقيني لكني رأيته!! حتى لو لم تُصدقي وسخرتِ مني!! مهما كان موقفكِ... رأيته في عينيكِ وأريد مواصلة رؤيته!! لو... سمحتِ لي... - ... - قلتُ أني أحببتكِ... تعرفين لماذا الآن... أحيانا نلتقي ناسا لا نعرفهم ومهما كان ظرف اللقاء... حتى لو كان لحظة عداوة... نرتاح لهم مباشرة... هذا يحصل لكل البشر أيضا... وأنا بشر! - منذ قليل قلتِ لي... "هل أنتِ متأكدة من أنه رفضني؟ هل قال لكِ ذلك؟" - نعم... هو أيضا أحببته... أقصد ارتحتُ إليه وليس الحب... الكلمة أستعملها بسهولة لكن ليس القصد منها المعنى الذي تعرفين... تكلمنا قليلا وأحببته... نعم... ولازلتُ... والذي شعرتُ به كان متبادلا... لم يكن من جانبي فقط... لكنه... رفض... فطلبتُ منه أن نكون أصدقاء فرفض أيضا... و... لم أقبل ذلك... لذلك جئتُ للبحث عنه! - يعني!!! - نعم... لم أقل الحقيقة... كل الحقيقة! لأني أيضا كنتُ أرغب في رؤيتكِ مرة أخرى! أن نتعرف على بعض... أن نكون صديقتين! نعم... أردتُ ذلك بـ... برغم أن حبيبكِ أعجبني ولا أريد ألا أكلمه مرة أخرى... - ... - قولي شيئا؟ - ... - إيمان؟ - سأقول... أولا لا تنطقي باسمي أبدا مرة أخرى، ثانيا إن ظننتِ أن كل الهراء الذي تفوهتِ به صدقته فأنتِ واهمة، ثالثا لا أريد أن تقتربي مني مرة أخرى لأنكِ إن فعلتِ ستطالبين بأجوبة عند الشرطة وربما أثّر ذلك على مستقبل دراستكِ، رابعا شكرا لكِ لأني تعلمتُ الكثير من سماعي لما قلتِ وكنتِ صادقة فيه، أخيرا أنتِ واهمة إن ظننتِ أنه اهتم لكِ! - فَعَلَ، ولو كان يُحبكِ حقيقة ما فعل! - فقط أريد أن أفهم! يعني تريدين مَن أُحب ولا حرج عندكِ في ذلك! وتريدين أن نكون صديقتين...! ولماذا؟ لأنكِ رأيتِ لا أدري ماذا في عينيّ؟؟!! هل قرأتِ على جبيني شيئا مكتوبا يقول أني بلا عقل وأصدق كل هراء أسمعه؟!! - لم أقل ذلك... ليس مثلما تقولين... لكن - لكن ماذا؟ الآن تُنكرين الهراء الذي قلته؟! - ليس هراء... ولستُ فتاة سيئة... - حاشاكِ!! - لَمْ - ضعي نفسكِ مكاني، وقولي لي ماذا كنتِ تُجيبين!! - ... - أنتِ لا تعرفين أي شيء عنه... عنا! ولا تعلمين أنكِ تلعبين بالنار، وستحرقكِ... ووحدكِ! - لم يقل لكِ الحقيقة، ولو لم أَفعل ما كنتِ عرفتِ شيئا، لماذا لا تسألين نفسكِ لماذا فعلتُ؟ - لأنكِ لستِ فتاة سيئة!! والصدق يقطر منكِ!! - لأني لا آخذ أبدا ما ليس لي... بل أستحقّه! - لا أعلم ماذا يوجد في عقلكِ! أول مرة أكتشف أن بشرا مثلكِ موجودون!! - اسخري مثلما شئتِ، واصرخي وهدّدي... لكني لم أخطئ في أي شيء... عرفتُ أحدهم فأحببته، ثم التقيتُ رفيقته فأحببتها... وأردتُ أن تكون صديقتي... فرفضتْ وعنّفتني... حاولتُ... حاولتُ أن أحقق ما أردتُ ولم أنجح... فشلتُ... ورفضتِ... الحياة تستمر وستكون جميلة... لكني لستُ فتاة سيئة! - مضحكة! - أعتذر عن كل شيء... أغادر المملكة الآن... - مملكة؟ - ولتتأكدي أني لا آخذ أبدا ما ليس لي... سأحاول... سأحاول معه مرة أخرى... مرة أخيرة... لا أصدق أنه يحبكِ، لو كان كذلك ما شعر بما شعرتُ به... لم أكن واهمة عزيزتي!! - حظ سعيد! - أنتِ مدانة لي بزيارة إلى كليتي... تعرفين أين توجد... تستطيعين المجيء متى تُريدين... - آخر مرة أكلمكِ... ابقي فيها وحدكِ!! - قد يأتي في أي لحظة... وربما ندمتِ على ترككِ عرشكِ... أيتها الملكة... - ...!! ثم غادرتْ إيمان... لم أكن أشغل تفكيرها وقتها، كل تفكيرها كان في ملاك... ثم البايك الجديد القادم قريبا. لكن الذي حصل مع وفاء أربكها، ولتتناساه ودون أن تشعر وجدتْ نفسها تطرق باب منزل ملاك... ثم تتصل بها... ثم بمنزل أبويها... فتُجيبها أمها وتقول أنها قاربتْ على الوصول... وفاء بقتْ قليلا بعدها، ثم غادرتْ... مشتْ ببطئ تُفكر في كل ما حصل... وندمتْ على كل شيء. رأتْ أنها أخطأتْ، وعليها التراجع... قاومتْ روح التحدي التي عندها وقررتْ التراجع، برغم يقينها أنها ستكون الرابحة لو واصلتْ لكنها قررتْ التراجع، وقالت أنها لن تندم على شيء، وإن أعجبها الشخص لكنها لم تحبه، لا تُحبه... مجرد شخص تكلمتْ معه ذلك اليوم، وذلك الصباح، لوقت قصير... القصة كلها لا تستحق... وغيره كثيرون ينتظرون أن تُعطيهم فرصهم! أما أنا، وبعد أن غادرتْ ملاك، بحثتُ عن محمد، وبقيتُ معه وقتا قليلا... ظننتُ أني سأمضي الليلة عنده، لكني غيرتُ رأيي وقررتُ إمضاء نهاية الأسبوع مع الأسرة... بقرب منزل ملاك، لم تُفكر إيمان في البحث عني، ولا في العودة إلى أسرتها، لكنها قررتْ البقاء وحدها... وفكّرتْ في كراء أفلام فتُمضي ما بقي من اليوم والليلة تُشاهد... وقالت برنامج جيد؛ أربعة أو خمسة أفلام، مع بيتزا وبوب كورن وصودا... ويمضي اليوم والليلة. نوادي الفيديو كانت أغلبها وسط المدينة، فقصدتْ أحدها، وعند دخولها، رأتْ شابا خلف المنضدة ومعه... وفاء! فتجاهلتها، واختارت أفلاما، وعند الدفع... - ذوقكِ سيء... هناك أفلام جديدة رائعة، بعضها شاهدتها والآخر مازلتُ... - ... - على راحتكِ! طيب تستطيعين الاشتراك... بونص للحرفاء... والتكلفة تكون أقل... - لم تعد لي رغبة أصلا!! ابقي فيها وحدكِ!! في الشارع، وأمام الباب... بقليل... - انتظري... انتظري... - لا أريد الكلام معكِ!! - سيغضب مني إن لم تأخذي الأفلام... - ليست مشكلتي! - أرجوكِ... - كل شيء يصدر منكِ كذب!! أنتِ مجرد - ابن عمتي، أحيانا أبقى معه... أساعده... خصوصا يوم السبت... أمضي بعض الوقت... أحبه كثيرا وهو بمنزلة أخي الكبير... وأحيانا بابا... - ... - لستُ بهذا السوء!! ولم أكذب... - ماذا تريدين مني الآن؟ - لا شيء... خذي أفلامكِ و... أستطيع مشاهدتها معكِ لو سمحتِ لي... - أضحكتني! - مثلما تريدين! طيب عندي اقتراح آخر... أختار لكِ أفلاما أخرى... لن تندمي وستشكرينني... خذيها وغادري... - سأذهب إلى محل آخر! - مثلما تريدين... لكن أذهب معكِ... - ...! - سأتبعكِ... - ... - أنا أمشي في الشارع، ولن تستطيعي منعي من ذلك... - ... - هذا نُسخُه ليستْ جيدة، الذي بعده أحسن منه... - ... - لم تأخذي بنصيحتي... ستندمين... - ... - سأنتظر خروجكِ... - ... - أفلام كثيرة... الأمر مغري... - ... - لستُ أتبعكِ... أنا أمشي في الشارع... وهذا طريق منزلي... سيعرف سمير أني غادرتُ... أنا لا أعمل معه... فقط أعينه... أحيانا أبقى ساعة وأحيانا أكثر... أول مرة أبقى أقل من نصف ساعة... لكنه سيعرف... ولن يغضب... كنتُ سأحمل معي فيلما أشاهده الليلة لكن... لا يهم... - ... - آه... جعتُ... نعم... بيتزا ستكون فكرة جيدة... - ... - أأأ... أريد مثلها... - ... - الرائحة لذيذة... لا أستطيع مقاومتها... لكن... سآكل عندما أصل... سأعطي قطعة لماما... أخرى لأختي الصغيرة وكل الباقي لي... - ... - إمممم... فكرة... بوب كورن... نعم أنا أيضا... - ... - مثلها... نعم... تفضل... شكرا لكَ... - ... واصلتْ وفاء السير وراء إيمان حتى وصلتْ، المنزل من طابقين، وعادة ما يسكن المالك تحت، ويجعل الطابق العلوي للكراء للطلبة، وأحيانا كثيرة يكون المدخل مشتركا... عندما فتحتْ إيمان الباب، دخلتْ ولم تُغلقه وراءها، فوقفتْ وفاء ولم تدخل... لكنها فعلتْ، عندما سمعتْ صوت إيمان: "أغلقي الباب"... ونفس الشيء وقع عند باب منزلها... بقتْ وفاء واقفة مباشرة أمام الباب ولم تتحرك، أما إيمان فتصرفتْ وكأنها لم تكن موجودة... الباب يفتح مباشرة على صالة صغيرة... وضعتْ إيمان الأفلام على طاولة عليها تلفاز وفيديو، ثم ذهبت إلى المطبخ أين وضعتْ البيتزا والبوب كورن، وعادتْ للصالة وجلستْ ووفاء لم تتحرك من مكانها... - أين لسانكِ الطويل؟ بلعته؟ - ... - ماذا الآن؟ - أأأأ... أنا... أنا - أنتِ؟ - آسفة - ولماذا؟ - لا أعرف ماذا أفعل وكيف... كيف دخلتُ هنا... - تبعتني طوال الطريق دون أن تتراجعي، وها أنتِ الآن... دخلتِ... ماذا بعد؟! - لا أعلم... - ضعي البيتزا والـ ... هناك على الطاولة واجلسي - ... - ماذا تُريدين؟ ترين... لستُ خائفة منكِ... برغم أنكِ تُشعرينني بالقرف والغثيان... نعم، تكلمي! - لماذا تركتني أدخل؟ لم أتصور هذا - هكذا... ببساطة، تركتكِ تدخلين... لن تبقي كثيرا بالمناسبة... لكن، تركتكِ تدخلين... ماذا الآن؟ أرني إلى أين تريدين الوصول؟ - لا أريد الوصول إلى شيء... وقع كل شيء بسرعة، ولم أفكر... نعم كل اليوم لم أفكر وكل شيء وقع بسرعة... أعتذر... أرجو أن تعذرينني... سأخرج... - لن تفعلي! وقولي - ماذا أقول؟ - الذي تريدينه من وراء كل هذه المسرحية التي قمتِ بها! - تسكنين وحدكِ؟ - لا مع عشرة آخرين! غادروا إلى أُسرهم وسيعودون يوم الإثنين! لا تُغيري الموضوع!! - لستُ أغير... لكني لا أعلم ماذا أقول... - جيد... تستطيعين الخروج الآن! رأيتِ لا أخافكِ ولم يُؤثر عليّ كل ما قلته اليوم!! - لم يكن هدفي إخافتكِ... حاضر... سأخرج... - وماذا كان هدفكِ إذن؟! - ... لا يهم الآن... لن أُقلق راحتكِ مرة أخرى... تُصبحين على خير... - ...
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-13
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-12
-
الهولوهوكس: إلى كل التيارات الفكرية... دعوة وتحذير
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الحجاب بين ليبيا وأمستردام!
-
فيلة
-
وهم الدعوة إلى الإلحاد
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سابع)
-
خرافة الهولوكوست وحقوق الإنسان... اليهودي!
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سادس)
-
هل أنتَ منافق؟ (2)
-
هل أنتَ منافق؟
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء خامس)
-
شيزوفرينيا اليسار بين الإمبريالية والصهيونية والعروبة والفار
...
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء رابع)
-
عن فقيدة الفكر الحر... -الجدلية-!
المزيد.....
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
-
لماذا يعد -رامايانا- أكثر أفلام بوليود انتظارا؟
-
الفنان السوري مازن الناطور للمتظاهرين: صبرتوا 55 سنة مش قادر
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|