|
الحسّ المأساوي في المجموعة القصصية - متنزّه الغائبين - للقاص ميثم الخزرجي .
علي فضيل العربي
الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 08:16
المحور:
الادب والفن
يطل علينا من العراق الشقيق ، أديب و قاص من سلالة الأدباء الكبار المتمرّسين ، يدفع القاريء لمعماره السردي القصصي إلى قراءته بتمعّن و تروّ ، و قد يرغمه بأسلوب الودّ والإعجاب إلى إعادة القراءة لإعادة اكتشاف أغوار منجزه السردي . ما يلفت نظر القاريء قبل تصفّح مضمون هذه المجموعة القصصية ( متنزّه الغائبين ) للأديب القاص ميثم الخزرجي ، غلافها المتخم بالإيحاءات و الرموز و الألوان الداكنة إلى حدّ السواد ، الدالة على المضمون الفلسفي لمضامين القصص . لقد تبوأ الغلاف ، المنمنم بريشة عين بصيرة و مدركة ، رتبة العتبة المغريّة التي تدفع القاريء و الناقد إلى الغوص في المعمار السردي للقاص ، و تزجي فكره نحو ساحة التأمّل و الحدس . تضمنت المجموعة القصصيّة ( متنزّه الغائبين ) للأديب و القاص ميثم الخزرجي ، في طبعتها الأولى 2024 م ، عن دار و مكتبة سامراء للنشر و التوزيع ، سبع قصص قصيرة ( الدائرة القصيّة – الماثل في الفراغ – حجرة المرايا – رهان القادم – متنزّه الغائبين – وجهة الطير – اللائذون بالظل ) . المتأمل لهذه القصص سيكتشف قاصا متمرّسا أضفى على منجزه السردي ، بعدا إنسانيّا و فلسفيّا من زاوية الولوج إلى أعماق شخصيات قصصه ، حيث كانت سلوكياتها خلال الوصف و الحوار تدل على المستوى الفكري الذي تتمتّع به ، و على البعد الفلسفي الذي اتّسمت به نظرتها إلى الحياة . تقول إيسلا مخاطبة الدكتور في قصة ( رهان القادم ) : " فكرة صائبة يا دكتور ، لكن علينا أن ننظر إلى المتواجدين على سطح المعمورة لنعيد ترميم ذواتهم المنكسرة " ص 98 .
" و تقول أيضا : ( هذا البحث الذي يعيد الإنسان و اعتباريته إزاء نفسه و الآخرين " ص 98 . لطالما خاض الأدباء و النقاد معارك أدبيّة و نقدية حول إشكالية علاقة الأدب بالواقع الإنساني ، أيّ بالإنسان في جوهره ، لا في مظهره ، من بوابة المذاهب الأدبيّة المتعاقبة و المتوازية الحضور ، انطلاقا من فلسفة المذهب الكلاسيكي ، وصولا إلى الحداثة و ما بعدها و ماتلاها . فكان الصراع – و مازال قائما – بين العقل و الشعور ، أيهما أحقّ بالريادة و القيادة . ( فقد اشتغلت إيسلا على خلايا العقل كونه المحرك الأهم في المناقشة و اتّخاذ الرأي ...) " رهان القادم " ص 97 . بينما الطرف الآخر اشتغل على " الجنبة الشعورية " ( أوكل لنفسه ثقة بأن يبث السائل المعني بالقلب ) " رهان القادم " ص 97 . لقد تجلّى الصراع بين العقل و القلب ، بين المنطق و الشعور ، بين الواقع و الحدس . بين جوهرالإنسان العاقل ، الذي يديره العقل و يوجّهه و يصونه من شطحات الواقع العنكبوتي و الإنسان الروبوتي المسلوب الإرادة و الهدف و الذي تحرّكه مظاهر التخلّف ، من عادات و تقاليد بائدة و طابوهات معوّقة للعقل و المنطق . تقول إيسلا عن الدكتور وارشو : ( فقد سعى إلى تشييد إنسان الآلة ) " رهان القادم " ص 97 جاء على لسان إيسلا في قصة " رهان القادم " : (علينا أن نشتغل على الإنسان ) ص 97 ... كما جاء على لسان إيسلا أيضا : ( أنا الدكتورة إيسلا أستاذة علم الأجنة و الهندسة الوراثية ، جاهدت في أن أعيد صيانة الخلايا المعطوبة في دماغ الإنسان ) " رهان القادم" ص 97 . يتجلّى الحسّ المأساوي واضحا في حوار إيسلا مع الدكتور وارشو . فقد فقد الإنسان المعاصر إنسانيته ، و خير دليل على ذلك حروب الإبادة التى يمارسها الأقوياء و الديكتاتوريون و المستبدّون على الضعفاء و الإنسانيين و طلاّب الحرية و العدالة . هناك مأساة متعدّدة الأسباب و الغايات و الأوجه ، تضرب أعماق الوجود الإنساني ، و تهدّد الكينونة البشريّة ، سببها الأول الرعونة التكنولوجية و انحراف العقل عن غايته الساميّة ، المتمثّلة في العيش في كنف السلام و التعاون و التراحم ، تحت مبدأ و حكم ربانييين ( يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و شعوبا و قبائل لتعارفوا ، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات / 13 . يبدو أن تجربة القاص ميثم الخزرجي ، أثثتها فلسفته المأساوية ، من خلال الغوص في واقعه العراقي المعيش و محيطه العربي و الإقليمي و آفقه الإنساني الرحب . كأنّ الكرة الأرضية أمست مدينة للأموات لا للأحياء . فالموت / الغياب / المرارة هي القواسم المشتركة بين سكانها . فـ ( المدينة قد اختصتها المرارة ) " متنزّه الغائبين " / ص 118 . فشخصية سباهي العظم ، الذي يسكن المقبرة ترسم لنا مأساة الإنسان في بيئة مظلمة و في مجتمع يدير دواليبه الغائبين الفاقدين للعقل و الوعي ، و هم في غياب ذاك لا يختلفون عن الأموات في قبورهم . ( داره المنغرسة في المقبرة ، و التي هي عبارة عن حجرة هرمة ... فهو المتواجد الدائم الذي لا يبرح المكان كحال الموتى الذين استحصلوا سكناهم دونما مغادرة ) " متنزّه الغايبين " / ص 118 / 119 . ا و لشدّة المأساة و مرارتها ، حين تتحوّل المدينة إلى مقبرة ، و يسعد الأموات مقابل شقاء الأحياء ، حينها يحسد الأحياء الأموات على موتهم ، و يشقى الأحياء بحياتهم ، و تنقلب الحياة المفاهيم رأسا على عقب . إذن ، أراد القاص ميثم الخزرجي ، من خلال رسمه لشخصية ( سباهي العظم ) برموزها و دلالاتها و إشاراتها ، أن يجسّد صورة المجتمع المحكوم بالأفكار الميّتة و المُمِيتة و العبثية ، التي مازالت تمارسها سلطانها على العقل العربي منذ سقوط بغداد (سنة 656 هـ ) و سقوط غرناطة ( سنة 897 هـ ) . ( فمن مستحضرات هذا الطقس الروحي المؤثث بالشموع و البخور و ماء الورد ) " متنزّه الغائبين / ص 119 . ( فهو الممتهن حكاية الظل الذي صار جسدا ، و الأفعى التي تلبّست الروح الواهنة ، و القطة التي استحالت إلى صوت طفلة ) متنزّه الغائبين / ص 121 . عمد القاص ميثم الخزرجي إلى التقاط ذلك الخيط المأساوي الذي يمتد عبر الأجيال تل الأجيال ، ليؤكّد حقيقة مرّة و متجذّرة توارثتها الأجيال ، و كأنّ التخلف الذي خيّم على جوانب حياتنا كلّها ؛ لاجتماعية و الدينيّة و السياسيّة و الاقتصاديّة قدر محتوم . ( فها هو بطل القصة ( متنزّه الغائبين ) - التي توجها القاص عنوانا لمجموعته القصصية – يرث عن أسلافه مجتمعا مترهلا ، مهلهلا . تحكمه الغرائز و تديره العقول الميّتة ، المنتهية الصلاحية . ( ورث عن جدّه مهنة الدفن ) متنزّه الغائبين / ص 119 . ( فهو المشبع بالشواهد و رائحة الموت ، و ما اختزلته الأيام منذ أن ورث عن جده مهنة الدفن و راح يحيى من خلالها ) ( على الرغم من عمره الذي تخطى السابعة و الخمسين ) متنزّه الغائبين / 119 . ( يمرّ الليل و بحوزته شعلة خجلة من الضياء ) متنزّه الغائبين / ص 122 . ( الغريب في الأمر أن أعداد الموتى أخذت بالتزايد ) متنزّه الغائبين / ص 127 . هذا البوح السرديّ ، يكشف للقاريء و الناقد عن أغوار المأساة المتجذّرة في واقع لونه داكن و عنوانه غياب الحياة و طغيان مظاهر الموت و الفقد ، و فقد الإنسان معنى كينونته ، و تحوّلت المدينة إلى مجرد مقبرة . تزايد عدد الأموات معناه غلبة الموت على الحياة ، التهام المقبرة لجغرافيّة المدينة ، أو بالأحرى ، تجوّل الموت إلى قاعدة و الحياة إلى استثناء . و سيطرة الخرافة على العقل ، و انحسار مساحة المنطق و الحكمة أمام طوفان الشعوذة و السحر و المجهول . و لنتأمّل الحوار التالي الذي جرى بين حارس المقبرة ( سباهي العظم ) و أحد زوار المقبرة : - من أنت ؟ و ما الذي تفعله في المقبرة ؟ كان سباهي متوجسا حينها . - و هل هناك ما يمنعني من الدخول ؟ قالها بطمأنينة . - هل أنت مجنون ؟ ألا تشعر بالخوف من الموتى ؟ - و لما ( لم ) الخوف ؟ أنا أؤبّن الموتى بالموسيقى . - هذا عمل قبيح و شيطاني . - و ما هو دليلك ؟ - كونه شيئا غير معمول به البتّة . - طيّب ، ما الذي أحسسته حيال سماعك للعزف ؟ - و لماذا تسألني هذا السؤال ؟ - لأنّنا بحاجة إلى أن نكون حقيقيين و لا نكبح قوانا الروحية . ( متنزّه الغائبين / ص 123 / 124 . ) و لأنّ المأساة أصابت العقول الأحياء في مقتل و ( هذه أرض تغص بالموتى ) متنزّه الغائبين / ص 125 . فلا جدوى من ممّا يفعله حارس المقبرة . و كأنّ السؤال الذي يرد في الحوار هو : ما الذي يهدّد الموتى و قد انتقلت أرواحهم إلى العالم الآخر ؟ و ما جدوى تأبينهم بأنغام الموسيقى و بالعويل أو النواح أو الصمت ؟ المأساة التي يعكسها الحوار هي فقدان ميزان العقل و الانغماس في الشعوذة و البحث عن الوجود في كنف العدم . لقد أدّى الجهل المتوارث و الثقافة الزائفة و الاستبداد السياسي و الثيوقراطي إلى إشاعة أجواء من القلق و الخوف و الاستسلام للأساطير و الترّهات و صناعة " أجيال القطيع " . و ما زال المجتمع الشرقي ( العربي و الاسلامي ) عرضة للتواكل و الفتن العشائريّة و الدينيّة و الإثنيّة و النزاعات و الحروب ، و ساحة لتسويق ما ينتجه الغرب من سلع ماديّة و لا ماديّة ، و بالخصوص السلاح و المخدّرات و فلسفة التشكيك في الهويّات القطريّة و القوميّة و الدينيّة . المأساة ليس في الموتى ، بل في الأحياء . يقول الرجل الزائر لحارس المقبرة " سباهي العظم " : ( لو تغيّر الطرح المتعارف عليه بتوديع الموتى بالبكاء و النحيب و قلدناهم الورد و الموسيقى على أنّهم ارتحلوا ، أو سافروا إلى عالم آخر دون أن نغيّب أرواحهم عنّا ) متنزّه الغائبين / ص 126 . هي مأساة أخرى ، حين تتعطّل آليات العقل المفكّر - الذي كرّم الله به الإنسان دون غيره من المخلوقات – و يصبح عاطلا على هامش الحياة . يتغلّب الموت على الحياة ، خصوصا موت العقل . حينها يفقد الإنسان بوصلة الحضور . و يغوص في متاهات الغياب و يقفز السؤال المأساوي ليصدم الأحياء : ( أيهما نحن على هذه الأرض ؟ ) متنزّه الغائبين / ص 128 . من المؤكّد أن الجواب سيكون ، ( نحن الموتى على هذه الأرض . لأنّ ، ما أصاب من يزورون موتاهم أو يعودونهم من الدهشة و الذهول ، جعلهم يتساءلون عن سبب اتّساع المقبرة و زيادة الموتى ( الغريب في الأمر أنّ أعداد الموتى أخذت بالتزايد ) متنزّه الغائبين / ص 127 . ما يلفت الانتباه - حقا – في هذه المجموعة القصصيّة ، هو هذه المساحة القاتمة ، ذات الدلالات السيميائيّة ، المعبّرة عن مأساة مجتمع شرقيّ ، ذي ثقافة مريضة و مترهلة إلى حدّ الموت . المتمعنّ في قصص المجموعة القصصية " متنزّه الغائبين " لميثم الخزرجي ، يدرك طغيان سيميائية الموت بمفهومه الحقيقي ، والذي يعني غياب الجسد عن الأنظار و رجوع النفس إلى خالقها ، و هي سنّة جميع المخلوقات . ( كلنا سنموت ) ص 138 . لكنّ المأساة هو الموت المجازي ، الموت المعنوي و الروحي ، حينها يصبح الجسد كتلة لا معنى لها . و يتحوّل الإنسان من فاعل حر إلى مفعول به مستعبد ، فاقد للحرية و الكرامة و الحكمة و العقل النيّر و اللاشعور . و تنسحب هذه المأساة على الأفراد و المجتمعات سواء . من بين قصص المجموعة القصصية " متنزّه الغائبين " للقاص ميثم الخزرجي ،التي تشدّ القاريء قصة " وجهة الطير " . و هي قصة تجسّد سيميائية موت إنسانية الانسان على كوكبنا و محاولات مقاومة هذه المأساة ، في ضوء غياب السلام و انحراف التكنولوجية عن مسارها السلمي . " قرب المفاعل النووي من مكان الحدث جعلها تخمد كل الطاقة المصاحبة للعيش و مقاومة الإنسان " ( وجهة الطير ) ص / 133 ما أصاب مدينة كامبو ، مدينة الضوء و النسيم ، لم يحدث مثله عبر سنين عديدة . قبل خمسين سنة حذّر الدكتور برهام بركل من الكارثة النووية ، لكن دون جدوى . و مدينة كامبو الخيالية ، هي - بلا شك - هيروشيما و نكازاكي اليابانيتان ، الحقيقيتان . لكن بحث الدكتور برهام بركل بقي معلقا و مازال في القصة يبحر بنا القاص ميثم الخزرجي إلى منطقة الخطر الذي يتهدّد الكرة الأرضية نتيجة رعونة الإنسان و تهور و غروره التكنولوجي و تماديه في استغلال الذرة و اليورانيوم المخصّب بفكر جنوني ، و استنزاف قوى الطبيعة الإيجابيّة . و ما حدث لمدينة كامبو ، شبيه لما حدث لمدينتي هيروشيما و نكازاكي . " كانت مدينة كامبو كئيبة و موحشة ، بشر بقوى خائرة " ص / 135 . " سيموتون كلّهم " ص / 136 . هذا ما توصّل إليه الدكتور يشاد . أمّا ما لاحظه الدكتور شاويس ، فهو أدهي منه و أمرّ : " كل شيء ميت هنا " . ص / 136 . وقف القاص ميثم الخزرجي أمام حقيقة مأساة الموت بسبب توظيف العلم خارج دائرة الحكمة و بأساليب مرعبة و مفزعة ومجنونة . فقد تحوّل العالم اليوم إلى مضمار للحروب المدمّرة و الداميّة إلى حدّ الإبادة دون رحمة أو شفقة . كما هو حادث اليوم في غزّة على أيدي الغزاة الصهاينة . إنّ السلاح النووي سيقتل الجميع الظالم و المظلوم ، القويّ و الضعيف ، العالم و الجاهل ، المجرم و البريء ، الغنيّ و الفقير . " كلّنا سنموت " ص / 138 . " ستموتون جميعكم جراء هذا الهواء المسموم إن لم تطاوعونا لإسعاف ما بقي منكم " ص / 138 . يبدو أن الإنسان المعاصر في نظر القاص ميثم الخزرجي عدوّ نفسه ، أيّ أنّه يمعن في قتل نفسه ، و لم يستفد من المآسي السالفة . مأساة الإنسان المعاصر في عقله الذي تمرّد على الفطرة و القيّم النبيلة . عقل تغلّبت عليه الفلسفة البراغماتية الذاتية و الساديّة ( النفعيّة و الأنانيّة ) .مأساة الإنسان المعاصر لا تكمن في الجهل بقدر ما تكمن في المعرفة . مأساة الإنسان المعاصر في التسلّط و الثراء الفاحش و الاستبداد و الكبرياء و التألّه على الله . و هو سلوك قديم حفظه لنا تاريخ البشريّة في القرآن الكريم المنزل على سيّدنا محمد صلى الله علي و سلّم . ذلك السلوك النمرودي و الهاماني و الفرعوني ، ثم ما تبعه من سلوك نازيّ و فاشيّ و استدماري و غيره . " يجب أن نعلم جيدا بأن الأرض ستنهارعن قريب نتيجة تبدّد نسيجها " ص / 136 . إنّ مدينة كامبو ، هي الكرة الأرضية ، هي العالم الذي بدأت قيّمه تحتضر ، و بدأ الخراب يحاصره ، و اليباب يغزوه من أعماقه . لقد تنبأ ت. س . إليوت في قصيدته الأرض اليباب ، بخراب العالم و نزوحه نحو الزوال . لقد كانت نبوءته في القصيدة عن أن حضارة أوروبا سوف تتسبب بموت البشريّة محقّة ، ذلك أنّ الحرب العالمية الثانية كانت أكثر عنفا و دموية من الأولى . و لا يعلم الناس ، كيف ستكون الحرب العالمية الثالثة ، إذا اندلعت ، بعد نشوب هذه النزاعات و الحروب الأهليّة و الإثنيّة و الاقتصاديّة ، التي أنتجتها الحرب الباردة هنا و هناك ، ( التاريخ التدميري و القاتل الذي جعل من إليوت مريضا نفسيا يحتاج إلى علاج حين كتب عن هذا التاريخ ، قصيدة عظيمة سوف تظل وثيقة أبدية على الخراب الذي أنتجته الحضارة الغربية .) و بالمجمل ، فقد ساح بنا القاص ميثم الخزرجي في عوالم مأساويّة ، بأسلوبه القصصي ، المشبع بلغة الإيحاء و المجاز . لغة جسّدت في مضمونها حسّا مأساويا ، التقطه القاص من عالم الواقع المأساوي المعيش . هذا الواقع الرمادي ، الذي شيّده الإنسان من بنات أفكاره ، و أرسى لبناته على أرض مليئة بالصراعات النفسيّة و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية . فمنذ مقتل هابيل على يد قابيل ، لم يُغمد سيف القتل لحظة . بل استمرّ الإنسان في قتل أخيه الإنسان و قتل نفسه ، و لم ينجه العلم من الرعونة و الهمجية و الجريمة ، بل زادت رعونته و التهبت غرائز القتل الفردي و الجماعي لديه . و في الختام ، يمكن اعتبار المجموعة القصصيّة " متنزّه الغائبين " للقاص العراقي ميثم الخزرجي ، إضافة متميّزة في معمار القصة العراقية المعاصرة و في قاموس السرد العربي المعاصر أيضا ، لما تتميّز به من تفرّد و جدّة و تشويق في معالجة الموضوعات الحيويّة في المجتمع العراقي و الإنساني ، بأسلوب خالٍ من التعقيد و التنميق و الإسفاف .
#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة البؤس و بؤس الثقافة
-
19 مارس عيد النصر في الجزائر
-
أدب التوقيعات ، ذلك الفنّ المنسي
-
ترحيل تمثال الحريّة إلى غزّة
-
جدليّة الثقافة و السياسة في المجتمع الشرقي المعاصر . قراءة
...
-
المقامة الغزّاوية ( 2 )
-
المقامة الغزّاوية ( 1 )
-
أمريكا و أخواتها والمسلمون و مأساة غزة
-
مكانة المرأة الريفيّة و دورها في ثورة التحرير الجزائريّة
-
تحية إلى أبناء نيلسون مانديلا
-
انقلاب النيجر : إصرار في نيامي و هلع في باريس .
-
إفريقيا للأفارقة
-
ما زلت تلميذا
-
سلام على هيروشيما و نكازاكي
-
مليونا ين يابانيّ من أجل التحوّل إلى كلب
-
أقدام على منصّات التتويج
-
المنظور الصوفي في رواية بياض اليقين . قراءة نقديّة في رواية
...
-
جناية الصوفيّة على الحضارة الإسلاميّة
-
يُخرّبون بيوتهم بأيديهم
-
سيميائية العلاقة بين الرجل و المرأة في رواية غابات الإسمنت *
...
المزيد.....
-
كأنه حقيقة.. فنان يطوّع الذكاء الاصطناعي لينشئ عالمًا من الص
...
-
- سينما تدور-.. حتى يصبح الفن السابع في متناول الجميع بتونس
...
-
مصر.. رامي إمام يكشف شرط عودة -الزعيم- إلى الساحة الفنية
-
بوتين: أشاهد أحيانا مع أحفادي أفلاما مستوحاة من الحكايات الش
...
-
هافانا تشهد إزاحة الستار عن تمثال ألكسندر بوشكين
-
بعد 12 عاما.. -الجنرال يعود مبتسما إلى سوريا- (فيديو + صور)
...
-
حصة السينما الروسية تستمر في النمو مع تطور إطارات تفاعلية
-
زنجبار: قصة آخر سلطنة -عربية- في أفريقيا
-
قصص قصيرة جداً
-
أمَا آنَ لي أنْ ألقى قمري الضائع؟
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|