أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - سوريا بين الثورة والظلام، هل تنتصر الحرية على التطرف؟














المزيد.....


سوريا بين الثورة والظلام، هل تنتصر الحرية على التطرف؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 01:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشوة سقوط صرح الطاغية في سوريا لن تدوم طويلاً إذا استمرت الأطراف المنتصرة في السير على النهج الذي يتجه نحو التطرف وفرض الإملاءات الدينية.
سوريا، بتاريخها العريق وحضارتها المتجذرة، تمثل نموذجًا فريدًا من التنوع الثقافي والديني. ورغم الارتباط العميق بالقيم الإسلامية في المجتمع، فإن الشعب السوري يمتلك ثقافة حضارية وديمقراطية تشكل أساساً راسخاً لهويته، ويمكن أن تكون هذه الثقافة ركيزة قوية لبناء وطن حقيقي قائم على العدالة والمساواة.
في الماضي، كانت الهيمنة باسم شريحة معينة من النظام، أما اليوم فهي، وكما بدأت تتبين، تُمارس باسم الدين والله، لكنها في الواقع تسعى لتحقيق نفس الأهداف: السلطة والسيطرة وفرض ثقافة أحادية على المجتمع السوري. قد تكون الألبسة والوجوه والكلمات مختلفة، ولكن الغاية واحدة، وهي إخضاع الشعب وطمس تنوعه الثقافي والديني.
الشعوب السورية، بمختلف مكوناتها وأطيافها، لن تقبل بدستور إسلامي قائم على تأويلات خاصة للقرآن تخدم أجندات سياسية معينة. لن يقبلوا بنظام يدفع المرأة إلى الظل وراء الستارة، أو يفرض العزلة بين الجنسين، أو يدمج الدين في الدولة بشكل يقوض التعددية، أو يعيد البلاد إلى عصور الخلافة وما قبلها. نحن نعيش في عصر تتداخل فيه العلاقات التجارية والسياسية العالمية، حيث تعتمد حركة البضائع والأسواق على الأرباح والمنافسة. السوق السورية، من أصغر الحانات إلى أكبر الشركات، متصلة بشكل وثيق بالأسواق الرأسمالية العالمية.
خطبة الجمعة أو الصلاة في ساحة كلية الطب لن تكون الحل لإنقاذ سوريا من أزمتها، بل ستزيدها عزلة عن العالم الحضاري. إذا استمرت سوريا على هذا النهج، مع دستور يشبه ذلك المقترح حول الحريات العامة والذي يمكن وصفه بالكوارثي، فقد نشهد مصيرًا مشابهًا لما حدث في إيران وأفغانستان.
المجتمع السوري، لن يقبل بهذا المصير، إنه واعٍ ومصمم على الحفاظ على حريته، وما جرى مؤخرًا في ساحة الأمويين، حيث خرج المئات من الشباب والشابات مطالبين بالحرية بكل أبعادها، يمثل صرخة في وجه الهيمنة الفكرية والقمعية التي تسعى "هيئة تحرير الشام" إلى فرضها. مهما بدلت هذه الهيئة أقنعتها أو غيرت تصريحاتها، فإن حقيقتها لا يمكن إخفاؤها. الثورة الحقيقية لم تمت، وستظل روحها متقدة في قلوب السوريين حتى تتحقق الحرية بكل معانيها.
إن الطرح الذي يروج لمفهوم "الأمة الإسلامية" بشكل غير مباشر أو مباشر، يسعى إلى طمس التنوع الثقافي والديني للمجتمع السوري، ويهدف إلى تقويض حقوق المكونات المختلفة، خصوصاً الكورد والمجتمعات الأخرى التي تطالب بخصوصيات قومية أو دينية.
في هذا السياق، نجد أن زعيم "هيئة تحرير الشام"، أحمد الشرع، ومعه حكومة الإنقاذ سابقًا والانتقالية حاليًا، قد رفضوا النظام (اللامركزي والفيدرالية) وهو رفض نابع من إملاءات تركية لكنه يتماشى مع نظرية "الأمة الإسلامية". هذه النظرية تستند إلى مفهوم السلطة المركزية والإسلام السياسي، الذي يضعف التنوع الثقافي والسياسي ويفرض رؤية واحدة على الجميع.
ولنا أن نتذكر تجربة إيران بعد سيطرة الخميني على السلطة، حيث أُعلن تكفير الكورد المطالبين بحقوقهم القومية، بفتوى شيعية، تم إباحة دماء الكورد، وارتُكبت بحقهم مجازر وعمليات اغتيال فردية ومن بينهم قادة الحركة الكوردية في شرق كوردستان، أمثال المرحوم عبد الرحمن قاسملو ورفاقه، وجماعية لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا تحت نفس الصيغة الدينية. هذا النهج ليس إلا تطبيقًا عمليًا لمنهجية "الأمة الإسلامية" التي تضع مركزية السلطة الدينية فوق الحقوق القومية والدينية للمكونات الأخرى.
اليوم، سوريا تقف عند مفترق طرق. الثورة السورية لم تعد فقط ضد نظام قمعي؛ بل أصبحت معركة من أجل الحفاظ على قيم التنوير ومنع العودة إلى عصور الظلام. الشرق الأوسط بأسره يوشك أن يدخل عصرًا جديدًا من التنوير الفكري، حيث يُعيد الإنسان التفكير في علاقته بالدين والسياسة على حد سواء.
لذلك، فإن هذه الطفرات الفكرية الدينية، مهما بدت قوية في الوقت الراهن، لن تجد البيئة المناسبة للنمو والاستمرار، لا بد من وضعها في مكانها الطبيعي، داخل الإطار الديني الخاص الذي يتمثل في المساجد ودور العبادة، حيث تكون العلاقة بين الإنسان وربه علاقة فردية حرة غير مفروضة على الآخرين.
ومثالاً على ذلك، يمكننا النظر إلى تجارب دول أخرى في العالم العربي والإسلامي التي حاولت فرض التشدد الديني على المجتمع، في إيران، على سبيل المثال، تعاني السلطة الدينية من أزمة شرعية متزايدة بسبب رفض الشباب والنساء، وهم غالبية السكان، للقيود المفروضة على حياتهم اليومية، كذلك، في أفغانستان، أدى التشدد إلى عزل البلاد عن المجتمع الدولي وزيادة معاناة الشعب.
في ظل هذه التحديات، يأمل المجتمع السوري، الذي يعاني من أزمات وكوارث متلاحقة، أن تتجنب "هيئة تحرير الشام"، التي لا تزال مدرجة في قوائم الإرهاب عالميًا وأصبحت الآن حكومة انتقالية تدير شؤون الدولة، الوقوع في فخ إعادة إنتاج النموذج السلطوي نفسه، حتى وإن ظهرت بأوجه جديدة ومفاهيم تبدو مختلفة.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيران التغيير، وربما التقسيم تقترب من تركيا، هل ستنقذها الفي ...
- سوريا لن تُبنى بالإملاءات
- الكورد والمحتل
- سوريا ولادة من رماد الطغيان إلى صراع على هوية المستقبل
- حين يتصارع التطرف والشرعية في تشكيل هوية سوريا كوطن
- نار الكراهية وأمل التعددية في وطن ممزق
- بشار الأسد بين خيارات البقاء وأطياف الهزيمة
- سوريا بين شتات الهويات وصراع الطوائف
- أردوغان والعباءة المزيفة
- القومية بين البناء الحضاري والتشويه الإقصائي
- بين عباءة الإسلام وقناع القومية
- حلب بين نيران الصفقات وتناقضات المصالح
- التاريخ يصفع كمال اللبواني: الوجود الكوردي في غرب كوردستان ح ...
- صراع الظلال بين إيران وإسرائيل في مسرح السياسة الخفية
- الصراع السياسي والعسكري في مواجهة الطغيان التركي
- إرادة لا تُقصف، فلسفة المقاومة الكوردية في مواجهة همجية تركي ...
- عملية أنقرة: بين المكاسب السياسية والخسائر الإنسانية
- أردوغان والنظام السوري بين البراغماتية السياسية والرهانات ال ...
- اللغة الكوردية والذكاء الاصطناعي
- اللوبي التركي في أمريكا والفساد


المزيد.....




- ترامب يطلب من الكونغرس أن يغلق الحكومة الآن وليس بعد أن يتول ...
- تحذير من جنود سابقين: لا تستهينوا بقوات كوريا الشمالية في رو ...
- قصص صادمة عن حياة نساء داخل سجن -إيفين- سيء السمعة في إيران ...
- استطلاع: غالبية الألمان لا يؤيدون التعجل في إعادة السوريين
- القوات الروسية تتقدم غرب دونيتسك
- لبنان.. انتخاب الرئيس يدخل حيز التنفيذ
- بوغدانوف بالجزائر لبحث الملفات المشتركة
- -القسام-: مقاتل في صفوفنا تنكر بزي جندي إسرائيلي بعد قتله وف ...
- الهند: بعد 40 عاما، لا يزال سكان بوبال يعانون من عواقب أسوأ ...
- مايوت: سكان غاضبون ومنكوبون بعد الإعصار يستقبلون ماكرون بصيح ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - سوريا بين الثورة والظلام، هل تنتصر الحرية على التطرف؟