8 تمّوز 1972.. ذكرى استشهاد غسان كنفاني
رغم المسافات بيننا عندما يجنح بنا عالم الخيال، وتغوص الذكرى في أعماق الزمن ؛ تلاعب نفحات عشق لنورس طالما حلق بفكره في آفاق جفرا ، وطالما امتزج شموخه بوعي الكاتب الذي شكّل بحروف كتاباته ثورة من دم ولحم. رجل أضاء ظلمة طريق العودة، كل ما خط غسان كنفاني هو مجموعة خفق ألم اوجع أرض البرتقال الحزين بواقع المأساة. هذا الوجع الذي حوله في كتاباته ليجعل من الفلسطيني حالة مقاوم يخرج من ذكرى مآساة لجوئه ويبدأ فعل المقاومة لاسترداد حقّه.
استشهد غسان كنفاني ورحل عنا إلى عالم أكثر سلاما . لكنه لم يبرح مكانه في قلوبنا ورسم لنا خريطة، نسيجها مبادئ راسخة.. وإن غابت عنا إلى حين فإن فلسطين ستبقى متوهّجةً بإيقاعات رسوم حروف رواياته وقصصه ليولد من جديد جيل فلسطيني وراء جيل يحمل تصميماً أكثر على الاستمرار في طرق سبل النضال كي ينتزع حقه من مغتصبيه، حقّه بالحرية والوطن.
فإلى كل من استشهد في سبيل وطن الحزن والألم، أطلق غسان كنفاني العنان لفكره الثوري ليصبح ميّارا ينير فكر رجال أضاؤوا الشمس بصمودهم وثباتهم. رغم المسافات بيننا يا نورس الوطن الحاضر أبداً.. يعاهدك كل حرّ أن يبقى مخلصا وصامدا أمام هذا الطغيان الذي يحول سماء عروبتنا إلى دخان شيطانه الأكبر . وفرق كبير بين خيمة لاجئ، وخيمة وطن أبيّ لا يمزقه الصمت ولا تقطع أوصاله الفرقة ، ولا يتقزّم إلى مسخٍ يلقنونه فنون ديموقراطيتهم الزائفة. هي خيمة تتسع مساحتها، وتتّسع لتخترق بمعانيها وفعلها وصمودها ما هو (أبعد من الحدود)..
وفي الذكرى الواحدة والثلاثين على استشهاده ، خير من يعبر عن ما جال طويلا بفكر النورس، من قاسمه الفراش واللجوء الأديب عدنان كنفاني
سوسن البرغوثي