|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-13
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8196 - 2024 / 12 / 19 - 02:50
المحور:
كتابات ساخرة
هروبي من النقاش مع بابا كان دائما بسبب علمي بضعفي وبأني لن أستطيع مجاريته، وكنتُ أهرب أكثر بالقول أني أكره الفلسفة والتفلسف، لكن ذلك لم يكن صحيحا لأني كنتُ مهتما بالفلسفة سنة الباكالوريا برغم أنها كانت مادة ثانوية ولا قيمة لضاربها أمام الرياضيات والعلوم والفيزياء-كيمياء. مع ملاك، تلك اللحظات، أظنني كنتُ فيلسوفا، وأظنني فهمتُ طبيعة ما كان يجري ومنه عرفتُ حقيقتنا، ثلاثتنا كبشر، أكيد يختلفون كثيرا عن غيرهم، لكنهم يبقون بشرا... مجرد بشر قد يُرون في الطريق في أي لحظة، أو قد يتعرف عليهم غيرهم في أي مناسبة دون أن يهربوا منهم أو يسموهم بالشذوذ والانحراف... لحظة حضنتني ملاك وشعرتُ بوقع جسدها على جسدي، لم تر إيمان، لكني رأيتها، وأدرتُ رأسي ثانية لأنظر إليها فأراها واقفة، ثم أعود إلى ملاك وأنسى وجودها بقية وقت تلك الحضنة. لم أكن بكامل قوتي الجسدية وكنتُ أرتعش، لم أستطع أن أحضنها واقفا، وارتطام جسدها بجسدي دفعني إلى الخلف لأتكئ على الحائط، وبقينا كذلك وقتا كان كنشوة مخدرات، نسيتُ كل شيء يحيط بي حتى إيمان، وتمنيتُ لو عشتُ كذلك أبدا دون أن أستيقظ من نشوتي تلك... عالم غريب دخلته مع ملاك، عالم نشوة لم أعرفها، نشوة كانت أعظم من الجنس وعالمه، لم تكن فيه ملاك مُعلِّمة مثلما كانت هالة، بل كانت تفتح لي الباب وتتركني... أرى وأختبر ما لم أعرف، فأنتشي وأتمنى ألا أستيقظ... لا أحد يستطيع الجزم بمواقف المنتشي، فقد نراه يضحك ويرقص ثم في لحظة يتحول إلى الصراخ والغضب وقد يسكت دون حركة وقد يبكي ويروي أشياء... لم أستيقظ وحدي من نشوتي، بل على وقع صوت ملاك يُكلمني وعلى ملمس يديها تدفعان في صدري. وما إن استيقظتُ، نظرتُ مباشرة ورائي أبحث عن إيمان فلم أرها، فأعدتُ إغماض عينيّ وتكلمتُ... - لستُ مريضا ولا شاذا! - ماذا؟ - السادومازوشية ليست شذوذا بل هي طبيعة كل بشر! - ... - الكذب أيضا، ونفاق النفس، والجبن، والهروب من الحقيقة! - ماذا تقول؟ ما بك؟ - أبدا لن أستطيع الابتعاد عنكِ... وعنها! وأبدا لن تستطيعا قبول ذلك! لكن ذلك ما حصل وما سيحصل ولن يستطيع تغييره أحد إلا إذا أراد الانتحار! سنعيش بالنشوة وبالألم وأبدا لن يفترقا! - تعال... لنصعد... - لا! بل نبحث عن إيمان! - لا حاجة للبحث عنها... ستأتي هنا. - كانت هنا، ورحلتْ! - كانت هنا؟ - نعم، لحظة التحاقكِ بي... رأتنا ثم غادرتْ! - ... - وذلك يعني أنها لم تقبل!! ولن تقبل!! وأنتِ مثلها!! - ... - لا أرى نفسي ملاما هنا! لا ولن أستطيع تغيير ما أشعر به! ولا أرى أنه لا عدل أن أقول أنا هكذا إما تقبلان وإما لا شيء! ولا أستطيع في نفس الوقت حتى لومكما لو رفضتماني وهجرتماني وإن كان ذلك سيقضي عليّ! أحبكِ ويستحيل أن أتنازل عنكِ! وأحبها ويستحيل أن أتنازل عنها!! وحتى إن رضيتما لن أكون سعيدا مثلما أريد لأني أعلم يقينا أنكما قبلتما مكرهتين!! وليس ذلك حبا بينكما كما تظنان أو غيره من الأقوال التي سمعتها!! إيمان غارت ولم تقبل فغادرتْ، ومكانها كنتِ فعلتِ نفس الشيء! أما أنا فيستحيل أن أقبل أن أكون مكانكما، الفكرة ذاتها تقتلني كلما مرتْ ببالي!! لكني تعبتُ! تألمتُ كثيرا ولا أريد أن أتألم! وغصبا عني سأتلم وسأقبل بذلك! هل لأنه لا حل آخر؟ هل لأني مريض؟ هل لأن تلك طبيعتي؟ لا أعلم! ربما يكون من طبيعتي أن أكون مع أكثر من واحدة، لكن المسألة وقتها ستكون جنسية بحتة وليس هذا ما أشعر به تجاهكِ وتجاهها!! منذ ساعات اقترحتِ أن أكون معها وألا أقترب منكِ وقلتِ أنه من أجلها، وذلك غير صحيح! لن تكوني سعيدة وتبعا لذلك هي أيضا لن تكون سعيدة لكنها منذ قليل عندما رأتنا معا غادرتْ! لكنها لم تفعل ذلك ولم تغر وتغضب عندما استيقظتْ وحدها في الصالة ثم رأتنا في فراشكِ نائمين معا! موقف إيمان الذي حصل الآن، هو نفس موقفي الذي حصل عندما اتصلتُ بكما وقلتُ أن كل شيء بيننا انتهى، وهو نفس موقفكِ اليوم عندما طلبتِ أن ينتهي كل شيء بيننا، وهو نفس موقفكِ الآن في لحاقكِ بي بعد طردي، وهو نفس موقفي في ضمكِ، وهو نفس موقفي الآن لرفضي أن تتألم إيمان الآن، وهو نفس موقفي الرافض لأن تغار وتُغادر!! أظنها طبيعتنا، ولا أظن أننا لازلنا صغارا وسنفهم مستقبلا ما لم نفهمه الآن! وطبيعتنا هذه متكونة من تناقضات من المفروض أنها لا يُمكن أن تجتمع لكنها اجتمعتْ ولذلك نحن بشر ولسنا لا حيوانات ولا شجر! ألا يكون الأجدر بنا أن نعترف بطبيعتنا فنعيش في أكثر سلام خير من الانكار وشن الحروب التي لن تعود علينا إلا بالخراب والموت؟ - ... - لم أعدكِ ولم أف، لم أعدها ولم أف! أنا مجرد بشر يهرب من حقيقته ويُحاول فرض أوهامه! وهم ألا أقبل أن تتألمي، وأن أظن أنه برحيلي ستكون الأمور أحسن! ووهم أن أحاول تجاهل ألمكِ إن حصل أو أتلذذ به! الحقيقة أنه واقع لا هروب لي منه وعليّ تقبله وعيشه! أحبكِ... وأبدا لن أترككِ! - لا أعرف ماذا أقول... - أنا أعرف... أو أظن ذلك! يلزمنا أن نتكلم، في كل شيء، ودون أي قيود... يجب أن نفهم جيدا حقل الألغام الذي دخلناه دون أن ندري... ثم يقرر كل منا! - ... - وأظن أن من حق من سيرفض أن يرفض... - ومن تراه فاعلا ذلك؟ - لا أحد!! - سأذهب إلى إيمان، اصعد أنتَ وانتظرنا... - آتي معكِ - لا! - خذ المفتاح... انتظرنا. عندما فتحتْ إيمان الباب، لم تتكلم، فقط ابتسمتْ لملاك، وأدخلتها... - أمضيتِ كل وقتِ الحصة تُفكرين فيّ، وما إن انتهتْ حتى أسرعتِ إليّ، لكنكِ ما إن وصلتِ، عدلتِ وعدتِ أدراجكِ... - ... - لم أحضر الحصة لسبب وحيد: أنتِ! هدفي الوحيد كان أنتِ! ذهبتُ إلى المستوصف وقلتُ له أني سأقبل بأن تكونا معا لكن عليه أن يعدني بألا يقترب مني أبدا، لكنه رفض! فغرزتُ أظافري في ذراعه وأدميته و - ماذا؟! - لم أقصد ذلك، لكنه وقع! لا أعلم كيف، لكنه حدث! والسبب الوحيد كان: أنتِ! والخوف من أن تُغادري! ثم غادرنا الكلية، وتكلمنا كثيرا، وكان هدف كل كلامي أنتِ! ألا تُغادري! وطالبته أن يقبل بالابتعاد عني وأن يكون معكِ فقط فرفض! ثم طردتُه! وما إن خرج... حتى جريتُ وراءه وناديته فتوقف عند الباب فارتميتُ في حضنه وبكيتُ!! حاولتُ!!! لكني لم أستطع!! أحبه!! وأحبكِ أيضا!! ظننتُ لفترة أني أستطيع تعويضه بعكسكِ لكني كنتُ واهمة، ولا أريد ذلك! إذا أجبرتُ لا شك أنكِ ستكونين اختياري لكني لا أريد ذلك! تعرفينني إيمان، منذ أن كنا صغارا... أنا قبّلته أول مرة!! لا أريد تقبيل آخر ولن أستطيع!! لكنكِ كنتِ تبكين وذلك يقتلني!! وأعتذر عن كلامي أني كنتُ السابقة وما كان يجدر بكِ... أسحب كل ذلك الكلام وأعتذر عنه! ولا ألومكِ في شيء! لكني لا أستطيع التخلي لا عنكِ ولا عنه! - لستِ مجبرة على ذلك، ومسألة الاختيار تجاوزناها... - لماذا عدتِ أدراجكِ إذن لو تجاوزناها؟ ولماذا تبكين؟ - ... - إيمان... كلميني... - لا أستطيع أن أجزم أن عندي كل الأجوبة! على الأقل الآن! ولا أريدكِ أن تغضبي مني... - ولماذا أغضب منكِ؟ لن أفعل... - بل ستفعلين! - أعدكِ أن ذلك لن يحدث... - بل ستفعلين وستقولين أني... - أنكِ ماذا؟ - غادرتُ لأني غرتُ! نعم بقيتُ معه قليلا في المشفى وقلتُ له أني أحبه! لكن ما إن خرجتُ من عنده ولاحظتُ غيابكِ لم أفكر إلا فيكِ، وما إن انتهتْ الحصة حتى سارعتُ إليك، وعندما رأيتكِ لم أقبل ذلك! وتخيلتُ أني غادرتُ الكلية السنة القادمة وأنه سيكون معكِ طوال اليوم وربما الليل ولا أراكِ فيكون كل ما قمتُ به عبثا وبلا نتيجة!! - إيمان - وفي طريقي إلى هنا!! تيقنتُ أني لم أغر منكِ لأنكِ كنتِ في حضنه، بل منه لأنه حضنكِ! ومن المفروض أني أشعر بالعكس!! - ... - أظن أنكِ لستِ من كنتُ أعتقد كل الفترة السابقة! نعم أحبه لكنكِ أهم وإلا كيف سأختاركِ ودون تفكير إذا أجبرتُ على ذلك معه؟ ولماذا أغار منه ولا أغار منكِ؟! قلتُ لكِ أني سأكون تعيسة لو أجبرتني على الابتعاد عنه لكني قبلتُ الفكرة، أما العكس فسأكون تعيسة أيضا لكن الفكرة من أساسها يستحيل أن أقبلها!! ملاك... عنده حق عندما قال أني مثلية! - لا تكوني سخيفة!! - كلام كثير قاله فكرتُ فيه، ووجدتُ فيه كثيرا من الصحة! ماذا لو كان بالنسبة لي مجرد تجربة مع الجنس الآخر ويبقى الذي أريده حقيقة - لن أسمع هذا الكلام!! - أنتِ! - ماذا!! تريدين محاولة تقبيلي مرة أخرى لتتأكدي؟!! - أريدكِ ألا تغضبي مني - لم أغضب!! لكني ظننتُ أننا انتهينا منذ زمن من هذا الكلام! - وكما ترين... أنا لم أنته! - ... - الغريب أني في هذه اللحظة، لا أشعر بشيء نحوه! وأريد أن أحضنكِ وتبقين في حضني حتى الصباح! - تستطيعين فعل ذلك، لن أمانع... - وربما أكثر... - أكثر ماذا؟!! - لا أعلم... - كنتُ أنتظر أن يكون كلامنا غير هذا، خصوصا بعد ما قلتُه في البداية... - أريد أن أحضنكِ... - نعم وضعتْ إيمان، بعد أن وقفتا، ذقنها على كتف ملاك، ويديها حول ظهرها، وأحاطت ملاك ذراعيها برقبة إيمان... - كنتُ أظن أن مغادرتي للكلية كان لأهرب منه، ماذا لو كان ذلك لأهرب منكِ؟ - ... - لن أفعل ذلك... - ماذا؟ - انتهيتُ من الصيدلة! - صحيح؟ - نعم!! عندها دَفعتْ ملاك إيمان قليلا إلى الخلف، وأخذتْ بوجهها بين يديها، وقبّلتْ خدها الأيمن قبلة طويلة كتلك القبلة التي تحدث مع رضيع وبالصوت! ثم قبّلتْ الأيسر، ثم فَعلتْ نفس الشيء مع شفتيها، وعاودتْ حضنها دون حركة أو إجابة من إيمان... - أنا سعيدة! سعيدة جدا! كابوس وارتحتُ منه! شكرا لكِ! شكرا شكرا شكرا إيمان! - ... - سيفرح كثيرا عندما سيعلم! هل نذهب إلى منزلي الآن؟ - لا أريد... - لا تريدين؟ لماذا؟ - أريد أن نبقى هكذا... - لكني بدأتُ أتعب... - لا تتركيني! - لن أفعل ذلك أبدا... - ملاك... - نعم - ما الذي حصل؟ - ماذا حصل؟ - قبّلتني... - قبّلتكِ، ثم؟ - على شفتيّ... - ثم؟ - لا شيء... - أنا سعيدة بما سمعتُ، فقبّلتكِ، مثلما تُقبّلينني - لم أقبّل شفتيكِ! - آه فهمتُ... إذا نحن مثليتان مثلما قلتِ منذ قليل، وحقيقتي خرجتْ غصبا عني ودون أن أشعر، هذا ما تُريدين قوله؟ - ... - غبية! أنتِ مُشوشة الآن لا أكثر ولا أقل، وقُبلي لا تعن أي شيء من ذلك... - لا أعلم - قلتُ لكِ أنكِ مشوشة الآن، أحبكِ عزيزتي أكثر من كل شيء، لكن ليس بتلك الطريقة... تلك الطريقة تخص شخصا واحدا وهو ينتظرنا، هل نخرج الآن؟ - قلتُ لكِ لا أريد... - إن لم يكن هناك أي إمكانية لتغيير رايكِ، أتصل به وأعلمه... - نعم افعلي... أريد أن نمضي الليلة معا - المفاتيح تركتها معه، ولم أحمل معي أي أغراض إلى هنا - ابقي معي! المفاتيح تستردينها غدا، والأغراض عندكِ كل ما تُريدين هنا!! - طيب! لا تغضبي... سأتصل به... لكن ماذا سأقول؟ - الحقيقة! إيمان لا تريد رؤيته وتريد أن تُمضي كل الليلة تحضنكِ! عندما اتصلتُ ملاك، أحسستُ من صوتها أن شيئا ما وقع، وتأكدتُ من رفض إيمان أن تُكلمني... - قلتِ أنها لا تريد أن تُكلمني أم لم أسمعكِ جيدا؟ - لا، سمعتني جيدا - ولماذا؟ - هي مشوشة جدا الآن، وعليّ تهدئتها... - طيب، اعتن بها، نلتقي غدا إذن، سأخرج الآن - انتظر - نعم؟ - أحبكَ... - أنا أيضا... ليلة سعيدة - وأنتَ أيضا - لا أظن ذلك! - لماذا؟ - أنا وحدي، أنتما معا... - نلتقي غدا - غدا. عندما أكملتْ ملاك الاتصال واستدارتْ لتلتحق بإيمان، رأتها تقف عند الباب... - سمعتُ كل شيء... - ثم؟ - أحسستُ بنفس الغيرة! - إذن أنتِ مثلية؟ - تسخرين مني؟ - نعم... ولماذا لا أسخر ممن ترى المعزة تطير؟ - أحبكِ - ثم؟ أنا أيضا أحبكِ وأكثر من كل شيء ولا يعني ذلك أني مثلية... غبية! - لماذا أشعر أن الأمر تغير؟ - لم يتغير أي شيء عزيزتي، بحركِ هائج الآن، عندما تهدأ أمواجه سترين الأفق... - ... - وبالمناسبة... تلك القبلة لا شيء! إلا إذا أصررتِ على طيران المعيز... - اسخري مثلما شئتِ! - أنا سعيدة، أريد أن أحتفل الليلة! لا أريد أن نبقى هنا! لماذا لا نخرج؟ مكان لطيف للأزواج المثليين، ثم نذهب للرقص وإذا عاكسنا أحد أُقبِّلكِ فيتركنا! أو يستدعي لنا الشرطة فنمضي الليلة في السجن؟ - ... - ما رأيكِ؟ - رأيي أنكِ مَنْ ترين المعزة تطير! - طيب، لا تريدين الخروج... تعالي معي أريد تغيير ملابسي... أعطني شيئا ألبسه... - افعلي ذلك وحدكِ! - لن أفعل بل ستكونين معي! ولنرى من ترى المعيز يطير... إيمان تهوى الدراجات، والدراجات عادة ما يكون معها موسيقى صاخبة، القيثارة وكل ما يقترب من عالمها... بحثت ملاك عما تُريد قبل تغيير ملابسها فوجدتْ ضالتها في أسطوانات إيمان... [https://www.youtube.com/watch?v=jbqpG5fYai4]... أجلستْ إيمان على كرسي بجانب سريرها، ثم رقصتْ، وليتها ما فعلتْ! كانت ترتدي ملابس كثيرة دام خلعها كل وقت الأغنية، وأربع دقائق وقت طويل جدا، رأتْ فيها إيمان أشياء لم ترها إلا يومها ذاك... أما ملاك، فكانت سعيدة، رقصتْ وغنتْ حتى تعرّتْ ثم لبستْ من جديد ما اختارته من ملابس، مع سعادتها كانت السخرية من إيمان مَن لم تكن ترى أن... المعيز يطير... لم تستطع إيمان أن تفعل مع ملاك ما فعلته معي يوم المطعم والبهلوانيات تحت الطاولة، لكنها ومع شعورها بأشياء شبيهة، رُعِبتْ، وزَعمتْ أنها تشعر بألم في معدتها، وتريد أن تنام... - ما بكِ؟ تنامين الآن؟ الليل بالكاد بدأ! - لن أنام الآن، لكن أريد أن أتغطى وأبقى كذلك حتى أنام... - والعشاء؟ أنا جائعة! - ليس لي رغبة، معدتي تُؤلمني... - هل أكلتِ شيئا اليوم؟ ربما تسممتِ؟ - لا، تعرفين... النوبات ومعدتي... - آه فهمتُ... أنا أيضا لا أريد! جيد إذن نتسامر حتى ننام... عندنا وقت طويل... - نعم... - لماذا تُعطينني بظهركِ؟ استديري لي! - سأفعل، ليس الآن، معدتي لا تُؤلمني هكذا... - طيب... لكنكِ بعيدة جدا في أطرف السرير! اقتربي إلى وسطه... تعالي... - قلتُ لكِ أنا مرتاحة هكذا!! - طيب طيب! ولماذا الصراخ؟! سأجلس من جهتكِ إذن... على الكرسي... أريد رؤية وجهكِ... - لم يتغير فيه شيء! ابقي في السرير أحسن! - حاضر... سألتصق بكِ إذن... أشعر بالبرد... - ... - ما رأيكِ؟ من أحسن... منذ قليل... أنا أم دومي مور؟ [https://en.wikipedia.org/wiki/Striptease_(film)] - كُفي عن هذا! - ماذا؟ لم تقولي شيئا! لم تُلقي نقودا ولم تتحرشي بي... بقيتِ كالصخرة... - ملاك! لنغير الموضوع! - التفتي لي... - قلتُ لكِ هكذا معدتي لا تُؤلمني! - أنا سعيدة لأنكِ عدلتِ عن قصة الصيدلة، لا يمكنكِ تصور مدى سعادتي! حقا كان كابوسا بالنسبة لي... - ... - أبوكِ سيفرح كثيرا عندما سيعلم، غدا صباحا أذهب إليه وأعلمه! - ... - جامبو أيضا ستفرح، ومحمد... الجميع سيفرحون! الكلية كانت ستصبح بلا طعم بدونكِ... - ... - إيمان ما بكِ؟ تقريبا ستسقطين من السرير! - انتظري... سأذهب إلى الحمام... - لا تُبطئي... - ... بعد قرابة الربع ساعة، عند باب الحمام... - إيمان... ماذا تفعلين هناك؟ هل نمتِ أو ماذا؟ - لا... قليلا وأخرج! - افتحي الباب، ماذا تفعلين؟ - قلتُ لكِ سأخرج! فقط انتظري قليلا! ظنتْ ملاك أن الباب مقفول من الداخل، لكنها عندما حاولتْ فتحه... فُتح... فرأتْ إيمان مستلقية وسط حوض الاستحمام... أي... لم تذهب إلى الحمام مثلما قالت! فنظرتْ إليها طويلا... - في هذا البرد، تتركينني وتأتين لتبقي هنا؟ - ... - قلتِ تريدين أن نمضي الليلة معا، ثم تركتني وجئتِ إلى هنا؟!! لماذا؟ - ... - كذبتِ عليّ في حكاية معدتكِ!! - ... - تكلمي! ما بكِ؟ أريد تفسيرا! لكن... قبل كل شيء... قومي من هناك... تعالي معي نعود إلى الغرفة! A cliché? اليوم نعم، لكن ليس في نهاية تسعينات القرن الماضي، حتى عند إيمان لم يكن الأمر كذلك... كثير من الحب قد يقتل، وأحيانا يوصى العشاق بالابتعاد والتراجع، لإفراغ القليل من الكأس التي شارفت على الامتلاء. عند العشاق، عادة ما ينقلب كثيرُ الحب إلى التملك والغيرة المرضية، لكن عند غيرهم قد تأخذ الأمور طريقا خطرا يتحول فيه الحب إلى شيء آخر قد يُدمر العلاقة من أصلها، يخص ذلك العلاقات الأسرية والمقربين بعدهم خصوصا "الأصدقاء"... - ما زلتُ أنتظر... - ... - هناك أمر ما حدث... وكبير... لتتصرفي هكذا... صارحيني... لن أغضب! لن ألومكِ! لن أحكم عليكِ! سأكون في صفكِ!! لكن يلزمني أن أعرف! وكل الحقيقة!! - أنا خائفة! - خائفة من ماذا؟ - أن يتغيّر الذي بيننا... أن أخسركِ! - لن يحدث ذلك... تعلمين ذلك جيدا... - ... - لن أُجبركِ على الكلام، لكن إن لم تفعلي لن يُعجبني... تعاهدنا كثيرا ألا نُخفي عن بعض أي شيء... - منذ قليل - ... - شعرتُ بأشياء... - نعم - لأول مرة... - ... - رغبة... شعرتُ برغبة... - ماذا؟ - نعم! شعرتُ برغبة... رغبة ككل رغبة... رغبة في... رغبة جنسية! - عدنا! - لا أستطيع انكار وجود الفيل في قلب الغرفة والزعم بأنه غير موجود!! - أنتِ مشوشة لا غير، والأمر واضح بالنسبة لي... و... نعم، هناك فيل! وتُصرين على إنكار وجوده! - لم تغضبي؟ - غضبتُ عندما رأيتكِ في الحوض، لكن الآن لا... - ... - الفيل عزيزتي هو ولستُ أنا! - أشعر بالعكس! - نعم، فكرتِ في مغادرة الكلية للهروب منه، وعندما تركتِ فكرة المغادرة، ولتواصلي الهروب منه ألقيتِ كل شيء عليّ... وصنعتِ فيلا وضعتِه في غرفتكِ ثم قلتِ أنكِ لا تستطيعين تجاهله! القصة بسيطة بالنسبة لي! ميولاتنا الجنسية ليستْ فعل إرادتنا بل هي تراثنا الذي نرثه ولا يمكن تغييره! ما قلتِ عنه أنه "رغبة" كان مجرد فيل صنعتِه في عقلكِ وصدقتِ وجوده، مجرد هلوسة كغيرها من الهلوسات والتي يراها من يشعر بها واقعا وحقيقة لكنها عكس ذلك تماما: مجرد وهم! - تريدين أن تقولي أني مجنونة؟! - لا يُصاب بالهلوسة المجانين فقط، بل هناك من يصنعها دون أن يدري، كمن يكذب كذبة ويصدقها... هل تتذكرين ذلك الطالب الذي أشاع في المدرسة أنكِ تُحبينه؟ - ... - ثم ألم يقل هو أيضا أننا مثليتان ونسخر منه؟ ولم يفهم أنه مخطئ إلا بصعوبة؟! أعرف لماذا الآن هو أيضا صنع ذلك الفيل! - لماذا؟ - يحبكِ مثلما يُجبني... ولم يقبل أن نتعذب لذلك، فصنع فيله ليهرب من مواجهة مسؤوليته فيما صنع... - ... - أنا أيضا صنعتُ فيلا الأيام الماضية! وألقيته عليكِ! فزعمتُ أني لا أريده وفقط أريدكِ ألا تُغادري! لا أستطيع فعل ذلك وقبوله! لن أرض بالتنازل عن أي منكما، هذه هي الحقيقة التي هربتُ منها! لستِ وحدكِ عزيزتي: كلنا سواسية! والوقتُ قد حان لتوضيح كل شيء ولأن نفهم! ولأن نقضي على كل الفيلة التي لا توجد إلا في هلوساتنا! - لكني شعرتُ برغبة! وحقيقية! - نعم، كمن تخاف من الأشباح... تراها حقيقية وربما شعرتْ بها تُمسك بها وتخنقها... - ... - أنا سعيدة الآن... انظري إليّ! لو كان ما قلتِه حقيقة لكنتُ تأففتُ منكِ وتقيأتُ لكني سعيدة! لأني متأكدة أن ذلك ليس طبيعتكِ... ليس أنتِ! ثم لم تُخفِ عليّ وأعلمتني وهذا وحده يجعلني أحبكِ أكثر وأكثر... لا شيء يُمكن أن يقف بيننا أو يُبعدنا عن بعض وهذا كل ما أريده! - ... - أنا سعيدة أكثر لأني أرى كم تُحبينني... عشنا الكثير عزيزتي! منذ صغرنا ونحن معا، والخوف من أن تخسر كل منا الأخرى هو أصل كل هلوساتنا! ولا شيء يمكن أن يُبعدنا عن بعض إلا دخول رجل بيننا! لم نعرف أحدا أنا وأنتِ وأمضينا كل الأعوام الماضية نسخر من كل من حاول، لكن ما حدث هذه السنة مختلف! ومباشرة واجهنا أكبر خطر يُمكن أن يُبعدنا عن بعض! أسألكِ: هل لو أحبت كل منا أحدا، هل كان ما قُلتِ الليلة سيقع؟ - لا أعلم - بل تعلمين، مستحيل أن يقع! - ... - لكني سعيدة أنكِ صارحتني... لأنكِ لو لم تفعلي لغرقتِ في الوهم ولصار عندكِ حقيقة كل يوم كنتِ فرضتها أكثر على نفسكِ، وربما وقتها لن تنفع أي مساعدة أو محاولة لتغيير ذلك الوهم الذي كان سيُصبح عندكِ حقيقة واعتقادا راسخا... - تظنين ذلك؟ - فَكّري فيما قلتُ، ستجدين أنه الحقيقة... رغبتكِ لو كانت حقيقتكِ، لكانتْ خرجتْ منذ سنوات وليس فقط الليلة، ونحن في قلب العاصفة... مجرد فيل عزيزتي... كغيره من الفِيلة... - لا أعلم... حقيقة لا أعلم ولا أستطيع التفكير... نعم... أنا مشوشة الفكر الآن ولا أستطيع التفكير... - عاصفة وستمر... لن تبق أبدا... - ما رأيكِ لو - نعم؟ - أريد وقتا للتفكير... - نعم... شيء جيد - أقصد... مممم... لو نبتعد عن بعض... بعض الوقت... أيام... عدة أيام فقط... - هذا ما تُريدين؟ - نعم... - طيب... مثلما تُريدين... سأفتقدكِ... لكن... مثلما تُريدين... - ما رأيكِ لو... - ماذا؟ تريدينني أن أغادر؟ - نعم... - لكنه غادر والمفاتيح عنده! - ... - طيب... لا تهتمي لذلك... سأبحث عنه... - لستِ غاضبة؟ - ... لا... لستُ غاضبة... المهم أن تكوني بخير... سأنتظركِ... خذي كل الوقت الذي تُريدين... لم يكن عندي هاتف في منزلي، ولم تكن كلاهما تعرفان مكانه حتى تلك اللحظة. عند مغادرة ملاك، فكّرتْ في الاتصال بمحمد، ففعلتْ، والتقيا، ثم حضرا إلى منزلي... غادر محمد بعد وقت قصير، وبقينا معا... - ما الذي حدث؟ - طلبتْ مني أن نبتعد عن بعض أياما... - لماذا؟ - مشوشة جدا وتريد أن تُفكر... - في ماذا؟ - في كل شيء... تمر بالكثير... ولذلك عذرتُها ووافقتُ على طلبها... - وماذا لو لم أكن هنا؟ ماذا كنتِ ستفعلين والمفاتيح عندي؟ - كنتُ جربتُ النوم في حديقة عمومية... أول مرة آتي إلى هنا... - نعم - الفوضى عارمة! كيف تستطيع العيش هكذا؟ - لا تُغيري الموضوع... - لم أفعل... - إذن؟ - ... - قلتِ أنها مشوشة وعذرتها... أنتِ أحسن حالا منها إذن، فكيف تركتها وحدها وهي في حاجة لمن يكون معها؟ غريب!! - أحيانا نفضل البقاء وحدنا، ما الغرابة في ذلك؟ - أعطني مهلة أفكر!!! ذكّرتني بالأفلام المصرية! تعرفين، لم يرفع أحد يده عليّ إلا مرة واحدة كادت ماما أن تضربني... كان يوم سبت، ورفضتٌ الذهاب مع جميعهم إلى منزل خالتي، وعندما عادوا وجدتني ماما أتفرج على فيلم مصري، فأسمعتني ما لم أسمعه منها يوما وكادتْ تصفعني! - لماذا؟ - لأنها تكره ذلك... وأنتِ تركتها وهي في أشد الحاجة إلى من يكون معها! - لم أتركها ولن أفعل أبدا! لا تقل ذلك! لكنها تريد أن تبقى وحدها وهذا لا غرابة فيه ولا يعني أني تركتها! ثم لن تهتم لها أكثر مني أنتَ!! - أكيد، والدليل أنكِ هنا الآن وهي وحدها! لستُ في حاجة لكِ أنا لتكوني معي الآن! هي تحتاجكِ ولستِ معها! - لم آتِ هنا لأبقى معكَ! فقط أريد المفاتيح! - ولن تقولي شيئا عما بها؟ - قلتُ وأكملتُ! أين المفاتيح؟ أريد الخروج!! - أحسن! لكني لن أفعل مثلكِ! - ماذا؟ - سأوصلكِ... - لستُ في حاجة لكَ! أعرف الطريق! - لنخرج... - قلتُ لكَ سأذهب وحدي... - وعدتكِ ألا أترككِ أبدا، ولم ألتزم بوعدي مرات... لن أعاود نفس الخطأ! - أحرركَ من وعدكَ! لستُ في حاجة لكَ! سأذهب وحدي! عند وصولنا منزلها وفتحها الباب... - سيكون درسا لكِ... - ماذا؟ - طلبتْ منكِ أن تتركيها ففعلتِ، وطلبتِ مني أن أترككِ فرفضتُ... تصبحين على خير! - انتظر! - ماذا؟ - ادخل... لا تُغادر... - لا أريد! - وعدتَ ألا تتركني أبدا! - ... - أريد... أريد... أن تبقى قليلا! ولن أترجاكَ لتفعل! - طيب... بعض الوقت... - تعشيتَ؟ - نعم... - لم تفعل... أنا جائعة... تعال معي لأرى ما عندنا... - ليس لي رغبة... - جيد... أنا آكل وأنتَ تُراقب... أكلتُ معها القليل، وانتظرتُ أن تقول شيئا عن إيمان لكنها لم تفعل، بل ومنعتني حتى من السؤال وفرضتْ عليّ الاذعان لما قررتْ... كانت تأكل بنهم كبير، ودون أن تنظر لي قالتْ - يوم الأربعاء، وراء المكتبة، أول مرة التقينا، قلتَ لي أن هناك شيئا ستُعلمني به في المستقبل، شيء مهم جدا يخص الذي كنا فيه تلك اللحظة، لن تُعلمني به وقتها لكن في الوقت المناسب، وطلبتَ مني ألا أقول لكَ وقتها أنكَ كذبتَ عليّ... - نعم... ورفضتِ فقلتُ... - والشيء... كان إيمان... - نعم... - الآية انقلبتْ الآن... تقبل أو ترفض القرار يعود لكَ... موقفي الآن هو نفس موقفكَ وقتها... وطلبي منكَ هو نفس طلبكَ مني ساعتها... - أريد فقط أن تكون بخير، وأقول... أني... ربما استطعتُ المساعدة... - ليست في حاجة إليكَ الآن، وليس لكَ مما هي فيه شيء... - وإذا كنتِ مُخطئة في تقديركِ؟ - وإذا سألتَ نفسكَ هل تستطيع الوثوق بي أم لا؟ - أريد فقط التأكد من أنها ستكون بخير! - "ثقي بي، هل تستطيعين فعل ذلك؟" هذا قولكَ لي يومها، لم أفعل وأخطأتُ! لكنه كان أول لقاء وربما أُعذر على خطئي... في تلك اللحظة بدأنا... لكن الأمر مختلف لحظتنا هذه! فهل سيكون عندكَ عذر بعد كل الذي حدث؟ - أشعر أنه كفخ! وغصبا عني سأختار ما قرّرتِ! - من حقكَ ذلك... الكثير قيد الرهان الآن... ولن أقرر مكانكَ... - وأشعر أني كجبان يهرب من مسؤوليته! إذا كنتِ مخطئة في تقديركِ سأُلقي بكل الذنب عليكِ وأقول أني مُنعتُ من المعرفة ثم المساعدة! - صحيح، ومنطقي... لكن ذلك لن يحصل لو - أفعل! أثق بكِ!! لكنكِ تركتها الآن؟!! - لأنها طلبتْ ذلك، وأعلم أن ذلك هو القرار الصائب... ثم... لن تأخذ أشهرا، كن متأكدا من ذلك... - ثم... يعني لا أكلمها حتى تفعل هي ذلك؟ - لم أقل ذلك... - قلتِ أنها تريد وقتا وحدها؟ - نعم ولم أقل لا تُكلمها... - آه... فهمتُ... - ماذا فهمتَ؟ - ليس لي من الأمر شيء... المسألة بينكما إذن... - نعم... - أحيانا أسأل نفسي من الأغبى فينا؟ يظهر أنكما الجواب لكن الحقيقة أنه أنا! - لا يوجد أي أحد غبي... الذي حدث حدث... وهو اليوم واقع... واقعنا... - سأبقى دائما السبب الأول في كل شيء... أحيانا أقول لو لم - لم تفعل أي شيء وحدكَ! ثلاثتنا فعلنا وبنفس الدرجة! إياكَ أن تُفكر في ذلك مرة أخرى! لأنك ستثبت وجودكَ وحدك وتنفيه عني وعن إيمان! لم يكن ليحصل شيء مما حصل دون موافقتنا! - ربما... لكن عندما مررتما بجانبي أنا من نظرتُ وقلتُ... - قلتَ نعم... - ماذا تقصدين؟ - لم تكن وحدكَ من نظر... وعلى حد علمي أنا من أرسلتُ إيمان إليكَ؟ - ... - إذا جاريتكَ في منطقكَ، وأردتَ أن تلوم نفسكَ فاعلم أنكَ لست الملام، واللوم كله سيكون عليّ! - ... - منذ أن كنا صغارا، كنتُ المتنازلة مع إيمان حتى عندما تكون مخطئة، حتى لو غضبتُ منها فإني دائما ما أتراجع... هذه المرة أيضا كانت مخطئة لكني لم أتنازل! كنتُ أستطيع فعل ذلك وقتها لكني لم أفعل! - ولماذا؟ - ما قلتَه عنها أول مرة... و... ما حدث بينكما... - ... - وكل ذلك كان صادقا... يستحيل أن تُقدم إيمان على أمر يُؤلمني... إلا... إذا كان أقوى منها! وكذلك أنا! - قلتُ أنها لم تغب عن فكري وأنتِ معي... - نعم! وآلمني ذلك كثيرا وتمنيتُ لو لم يحدث!! لكنك قُلتَه منذ أول لحظة ولم تتراجع عنه... - وصدقتني فيه؟ منذ أول مرة التقينا؟ - ليس عندما كنتُ معكَ، لكن بعد أن تركتكَ... وتأكدتُ عندما وجدتكما معا... أعرف إيمان أكثر من نفسي، وكل شيء... رأيته في وجهها لحظتها... - أتتها نوبة بعد أن غادرتِ... - دليل على صدق ما شعرتْ به! لا أزال أتمنى لو لم يحصل كل ذلك معها! لكنه حصل ولا أستطيع تغييره! - وهي ترى نفس الشيء... - تقريبا - تقريبا؟ - باستثناء... الوقت الذي يلزمها الآن... - والذي سأعرف سببه عندما تُقررين؟ - نعم... كنا في المطبخ، وبقينا نتكلم، حتى سمعتُ آذان الفجر، فقمتُ ووقفتُ أمام الشباك أنظر إلى ما ظهر من المدينة، لم أفكر في شيء، وبقينا قليلا دون كلام، ثم تكلمتُ دون أن ألتفتَ - أريد أن أكلمكِ... عن... عن... اسمها هالة... عرفتها عندما كنتُ صغيرا... صغيرا جدا! كانت أكبر مني بـ... بالكثير... لكن الأمر لم يكن كما يظهر... لم تستغلني... أو... ... ... عشتُ معها كل شيء، وعلّمتني الكثير... وعندما علمتْ ماما... طردتها من الحي و... هددتها... لم أرها مذ غادرتْ، أكثر من سبع سنوات الآن... أستطيع أن أجدها لكني لم أفكر في البحث عنها، ولا... لا أعلم لِمَ... عرفتُ كثيرات بعدها وأغلبهن كن أكبر مني... لكن... الأمر لم يكن كذلك... مثلما يظهر! لكن... كل ذلك ماضي بالنسبة لي الآن... لكن... أظن أن كله ماضي باستثناء... هالة! أظن أني أحببتها... برغم كل شيء... أظن ذلك ولا أعلم لماذا لم أفكر يوما في البحث عنها... لن أقول أني أتذكرها دائما... لكني أتذكرها أحيانا و... أفكر فيها... ولا أدري... أشعر بسعادة أو... بنوع منها كلما فكّرتُ فيها... لكني أحيانا أقول أتي كنتُ صغيرا و... ما كان لها أن... تفعل ما فعلتْ! لكني أقول أيضا أني لم أكن كذلك! لم أكن صغيرا بل كنتُ الأكبر والذي قام بكل شيء... لم تفعل شيئا هي منذ البدء... تعرفين... ولم تطلب شيئا... أنا من فعلتُ وأجبرتها! لا أعلم الآن هل خرجتُ من تلك التجربة مُشوها؟ هل كل ما حدث بعدها كان بسببها؟ لا أدري... لكن ما أعلمه اليوم أنكِ... الأمر معكِ مختلف... ليس مثل إيمان... أقصد... يعني... يكفيني أن أنظر إليكِ، أن أسمعكِ، دون أي شيء آخر، وهذا غريب عليّ! لأني لم أكن هكذا منذ... أن... أقصد... منذ هالة! أشعر أنكِ حضرتِ كعلاج لي من مرض، وأحيانا كلعنة من نعمة لم تدم وتغيرتْ معكِ... لا أستطيع أن أجزم بشيء! أنا أيضا مشوش الفكر الآن وليست إيمان وحدها! لكني أستطيع أن أجزم بحبي لكِ! تجاوزتُ كلامي عن تجربة الجديد عني والبحث عن المختلف الذي لم أعرفه، لو كنتُ كذلك حقا، لمررتُ إلى قصة أخرى! لكني لم أفعل ولا أريد... ولا أظن أتي سأفكر في ذلك يوما! وهذا غريب عليّ ومُخيف! فلم أبلغ حتى العشرين! وقولي يعني أني انتهيتُ ووجدتُ ما أريد وهذا يظهر أنه غباء وكلام مسلسلات لا يُتابعها إلا البلهاء... - ... - أعتذر عن مقارنتي لكِ بـ... الـ... الماضي أقصد... لكن... مهم جدا أن تعرفي العالم الذي كنتُ فيه... وبرغم أن عالمكِ مختلف جذريا إلا أنه أسرني وأردتُه... ربما أستطيع القول أن إيمان عالمها قريب من... لكنكِ عالم مختلف تماما! وذلك يُخيفني... فأحيانا أقول ربما أتعود وأملّ في المستقبل فأبحث عن عالم جديد لا أعرفه! وحينها أنسى كل وعودي فأكون ككل أناني كاذب... - ... - غريب كيف بعد اليوم الذي مرّ عليّ أقف الآن ولا أشعر لا ببرد ولا بتعب... ملاك - ... - ملاك... عندما التفتُّ إليها، ابتسمتُ وفكّرتُ في أمرين تمنيتُ الأول لكني عدلتُ عنه... الأول، أن أتركها كذلك حتى تستيقظ وحدها وأبقى أنظر إليها... والثاني، أن أحملها إلى غرفة نومها... بعد خطوات من حملي لها، استيقظتْ دون أن تستيقظ، وقالت: "ثق بي، سأعتني بها"، ثم عادت إلى نومها... بعد أن وضعتها في فراشها، وغطيتها... وقفتُ أمامها قليلا، نظرتُ إليها وقلتُ: "أمكَ الملعونة يا صاح! قد وقعتَ وقعة عمركَ!"... ثم غادرتُ... __________________________________________________________________________ (ملاك وإيمان! اشتقتُ إليهما لكنهما للأسف ليستا أهم من فضح هذا الدين البائس الذي يُكبلنا...): اقتباس من تعليق كتبته منذ أيام، وتَسرّعتُ...
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-12
-
الهولوهوكس: إلى كل التيارات الفكرية... دعوة وتحذير
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الحجاب بين ليبيا وأمستردام!
-
فيلة
-
وهم الدعوة إلى الإلحاد
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سابع)
-
خرافة الهولوكوست وحقوق الإنسان... اليهودي!
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سادس)
-
هل أنتَ منافق؟ (2)
-
هل أنتَ منافق؟
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء خامس)
-
شيزوفرينيا اليسار بين الإمبريالية والصهيونية والعروبة والفار
...
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء رابع)
-
عن فقيدة الفكر الحر... -الجدلية-!
-
الإلحاد والملحد والحرية 2-2
المزيد.....
-
منصات الإنترنت: نسبة المخرجات السينمائيات تزداد باطراد
-
فيديو.. الفنانة نور علي تروي شهادتها على أحداث الساحل السوري
...
-
توقيف نائب يوناني إثر انتقاده أعمالا في متحف بأثينا بحجة مكا
...
-
ألغاز معقدة تسبب بها تغيير التوقيت في التقويمات القديمة
-
أسئلة النسوية العربية وكتابة الذات في قصص أمل بوشارب
-
فنانون سوريون ينددون بالعنف ويطالبون بوقف الانتهاكات عبر وسا
...
-
محللان: إسرائيل تخشى المخرجات السياسية لمفاوضات واشنطن وحماس
...
-
الجريمة السياسية.. كيف تناول أسعد طه ملفاتها الشائكة؟
-
-الرقصات الشعبية تنشر البهجة في الأجواء-.. الهند تحتضن مهرجا
...
-
الممثل الدائم لروسيا يصف قرارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|