أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - النقيب زيان: -الحرية مشروطة بالصحة-














المزيد.....


النقيب زيان: -الحرية مشروطة بالصحة-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 23:45
المحور: كتابات ساخرة
    


في هذا الزمن الذي أصبح فيه كل شيء ممكنا، حتى المحاكمات الصحية، نجد أن النقيب زيان، رجل القانون والشجاعة، الذي تجاوز الثمانين من عمره، قرر أن يقدم لنا دروسا جديدة في مبدأ "أن تعبر عن رأيك يعني أن تحاسب، ولكن إذا كنت في صحة جيدة طبعا". نعم، هذا هو نقيب المحامين الذي كان يحارب من أجل العدالة والحرية، واليوم، يبدو أن قوى الطبيعة لا تواكب حماسه، فقرر أن يصاب بوعكة صحية أثناء محاكمته، لتؤجل الجلسة وتصبح القضية أكثر تعقيدا.

في الواقع، تأجيل الجلسة كان بمثابة إشارة توعوية، ليخبرنا جميعا أن الحرية لم تعد تقتصر على الكلمات، بل تشمل أيضا "إجراءات طبية فورية" حال حدوث أي تدهور صحي خلال المحاكمة. ألم يكن من الأفضل أن يتم تحديد موعد الجلسات بعد الفحص الطبي الشامل للنقيب؟ ربما لو تم ذلك منذ البداية، لما كنا بحاجة إلى تأجيل الجلسة بسبب صحته، التي على ما يبدو قد قررت أن تعلن عن نفسها في الوقت غير المناسب.

ولكن، كيف يجرؤ النقيب زيان على التحدث في زمن الملك محمد السادس؟ العهد الذي يعتبر فيه حرية التعبير "حق دستوري"، ولكن فقط إذا كنت قادرا على الحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية! ربما لو كان النقيب زيان أصغر سنا، أو كان أقل تعرضا للوعكات الصحية، لما تمت محاكمته أصلا، بل لتمت مكافأته على شجاعته في مواجهة الحقيقة. لكن، بما أنه في سن متقدمة، يبدو أن محاكمته أصبحت مسألة صحية وليست قانونية فقط. هل يمكننا أن نحمل شخصا في هذا العمر مسؤولية كل كلمة نطق بها في وقت سابق؟

في خطبه السامية، أكد الملك محمد السادس مرارا على أن المغرب في عهد جديد، عهد يقدر فيه حرية التعبير وحقوق الإنسان. "الحرية حق للجميع"، كما قال جلالته. لكن يبدو أن هناك استثناء واحدا وهو أن هذه الحرية لا تسري على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، أو أولئك الذين قد يتعرضون لوعكات صحية في منتصف جلسة محاكمة. إذا، تصبح الحرية حقا مشروطا: الحرية لمن يقدر على تحملها جسديا وعقليا. وكل من يتجاوز هذه الحدود، يتم تأجيل محاكمته لحين استقرار وضعه الصحي.
وفيما يتعلق بالمغرب، الذي يفترض أن يكون قد قطع شوطا كبيرا في تعزيز حقوق الإنسان، فإن قضية النقيب زيان هي بمثابة دعوة لتحديث المنظومة القانونية: "الحرية متاحة للجميع، لكن وفق شروط صحية وطبية دقيقة". فما الذي يعيق القاضي من أن يطلب تقريرا طبيا قبل إصدار الحكم، خاصة إذا كان المتهم في وضع صحي دقيق؟ لعلنا نحتاج إلى قانون جديد يراعي "اللياقة الصحية" للمحاكمات، كي نجنب كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة من أي صدمات قانونية مفاجئة قد تؤثر على قلوبهم.

ألم يحن الوقت لأن نعيد التفكير في مفاهيم العدالة؟ هل من المعقول أن نحاسب شخصا في مثل هذه الحالة لمجرد أنه رفع صوته بصدق؟ هل نركز على العواقب القانونية فقط وننسى أننا نتعامل مع شخص في سن الشيخوخة، الذي قد يكون كالمريض في غرفة العمليات، يراهن على صحته أكثر من أي شيء آخر؟

إلى أن تتضح هذه الصورة، يبقى النقيب زيان في مرمى الأحداث، وهو يختبر قدرة نظام العدالة على التعامل مع القضايا "الحساسة"، التي لا تقتصر على ما يقال بل أيضا على متى يقال وكيف يقال. ربما تكون محاكمته درسا آخر في أن القوانين قد تكون أكثر عدلا مع الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، وتتيح لهم الفرصة لإبداء آرائهم بحرية... ما داموا لا يحتاجون إلى تأجيل جلسات المحاكمة بسبب وعكة صحية!

ختاما، يجب على الجميع أن يتذكروا: "الحرية للجميع، ولكن على قدر الصحة". فلنقف جميعا من أجل حرية التعبير، ولكن دعونا نضع في الاعتبار أن الحريات لا تحترم إلا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار حالة الشخص الصحية.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -غالي أم رخيص؟! الرأي في قفص الاتهام: هل يمكن للزواج أن يغير ...
- -حافلة النقل الحضري تقرر تغيير مسارها إلى عالم المقاهي!-
- خطبة الوداع: كوميديا السلطة وسخرية الواقع السوري
- -العالم للبيع: تخفيضات نهاية السيادة أم نهاية السنة؟-
- -أنا والنكوة: حين تتحول الهوية إلى مسرحية كوميدية متعددة الف ...
- -هل هرب بشار الأسد... أم أن الشائعة أسرع منه؟-
- بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب و ...
- ضحكة في زمن الحروب: السلام والتعايش بين الفلسطينيين والإسرائ ...
- بدون فلتر: يا للقدر! من قطع الأشجار إلى قطع الرؤوس
- العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟
- الاستمطار الصناعي في المغرب: حلم السماء التي لا تمطر
- نتنياهو في قبضة القدر: اعتقال غفلة!
- -أزمة الكهرباء في جماعة وليلي زرهون: بين التهميش والتمييز وغ ...
- -وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية: إعلان رسمي عن علما ...
- حقوق الإنسان: من خطب المهرجانات إلى متاجرة الضمير
- -محمد وأمنية ما بين السخرية والفلسفة: حين يتلاقى حسن الخاتمة ...
- عريضة شعبية تطالب الملك بمحاسبة وزير العدل وهبي وإقالته من م ...
- الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: أداة سياسية أم عقبة أمام السل ...
- عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية
- -القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية و ...


المزيد.....




- فنان مصري يستغيث بعد طرده من منزله للشارع
- ارتياح تنظيمي للدورة الثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار ...
- تقرير سنوي: حرب غزة محفز جيوسياسي للإسلاموفوبيا في أوروبا
- مؤسسة قطر تطلق مبادرة -بالعربي- لتعزيز الأفكار الملهمة باللغ ...
- الاعلان الرسمي لفيلم الدشاش.. الأكشن والإثارة محمد سعد في هذ ...
- فنانون سوريون -واهمون ومخدوعون-
- ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ينعون الفنان الأردني هشام ...
- -معاريف-: الاستخبارات الإسرائيلية بدأت دورات لتعليم اللهجة و ...
- لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك ...
- موسيقى من قعر بحر الإسكندرية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - النقيب زيان: -الحرية مشروطة بالصحة-