أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!














المزيد.....


غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 16:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


في بُقعةٍ صغيرةٍ على خارطةِ العالمِ، تُحاصرُ غزة، ليس فقط بالأسلاكِ الشَّائكةِ والطَّائراتِ التي لا تغيبُ، بل بحصارٍ أشدَّ وأقسى—صمتِ العالمِ وخذلانِ الإخوةِ. وسطَ ضجيجِ الأخبارِ المُتلاحِقةِ والحروبِ والصِّراعاتِ، يبدو أنَّ أرواحَ شهداءِ غزة تُطمَسُ تحت رُكامِ هذا الصَّخبِ، كما تُطمَسُ تحت أنقاضِ البيوتِ المُدمَّرةِ.
غزة لا تموتُ فقط حين تسقُطُ القذائفُ؛ بل حين يَغُضُّ العالمُ الطَّرفَ عنها، وكأنَّها وجعٌ اعتياديٌّ اعتادتهُ الإنسانيَّةُ.

في كلِّ يومٍ، تُودِّعُ غزة شهداء، يُزفُّونَ في جنازاتٍ سريعةٍ لأنَّ السَّماء نفسها مُهدَّدةٌ، في انتظار قذيفةٍ جديدةٍ.

هؤلاء الشُّهداءُ همُ الأملُ الذي يعلو فوق صوتِ الخرابِ، والصَّرخةُ الصَّامتةُ التي لا تجدُ من يسمعُها.

هناك، لا يُقاسُ العُمرُ بالسَّنواتِ، بل بعددِ المرَّاتِ التي نجا فيها من الموتِ.

هناك، الحزنُ ليس حالةً عابرةً؛ هو وطنٌ مقيمٌ في القلوبِ التي ودَّعت الأحباب واحداً تلو الآخرِ. الفقدانُ في غزة ليس استثناءً، بل قاعدةً، والحرمانُ ليس مرحلةً مؤقَّتةً، بل حياةً كاملةً.
بردُ الشِّتاءِ في غزة ليس كأيِّ بردٍ. إنَّه بردُ الوحدةِ، والدُّموعِ التي لا تجدُ ما يمسحُها.

الجوعُ هناك ليس مجرَّد نقصٍ في الطَّعامِ، بل وجعُ كرامةٍ تُداسُ يوميّاً.

الأطفالُ يحلُمونَ، لكنَّ أحلامهم لا تتعدَّى شربةَ ماءٍ نظيفةٍ أو نوماً بلا خوفٍ. المرضُ في غزة لا يُعالجُ، والفقدانُ لا يُعوَّضُ، والحرمانُ هو القاسمُ المُشتركُ لكلِّ شيءٍ.
المجازرُ في غزة ليست صُوراً عابرةً في شريط الأخبارِ؛ إنَّها أرواحٌ تُزهَقُ، ودماءٌ تُراقُ، وأحلامٌ تُهدمُ.

من المؤلم أن يتحوَّل الألمُ إلى مشهدٍ روتينيٍّ في أعينِ المُتابعينَ.

من المُخيفِ أن تُصبحَ جثثُ الأطفالِ وأُمَّهاتهم أرقاماً تُحصى ثمَّ تُنسى.
غزة ليست مجرَّد "خبرٍ عاجلٍ" يختفي مع نهايةِ اليومِ.

إنَّها حكايةُ دمٍ لا يجفُّ، وصمودٍ يُعلِّمُ العالَمَ معنى الكرامةِ.

ولكن أين العالمُ الإسلاميُّ؟

أين الأُمَّةُ التي تهتفُ في المساجدِ "واإسلاماه"؟

ما أصعب أن تشعر غزة أنَّها تُقاتلُ وحدها، في وقتٍ يُشغلُ الجميعُ بضجيجِ المُلهياتِ.
العربُ باتوا غارقين في صراعاتِهم، والمُسلمون يُطأطِئونَ رؤوسهم في خجلٍ أو لامبالاةٍ. كيف يُغضُّ العالمُ طرفهُ عن أُمَّةٍ تُبادُ؟ أليس من المؤلم أن يصلَ الخذلانُ إلى حدٍّ يجعل الظَّالم يشعرُ بالأمانِ، والمظلوم يُحارِبُ الريحَ وحدهُ؟
غزة لا تحتاجُ شفقةً، بل تحتاجُ صوتاً.
من العارِ أن نسمحَ لمجازرها أن تضيعَ في صَخبِ الأحداثِ. ارفعوا أصواتكم، اكتبوا، تحدَّثوا، استصرخوا العالم من أجلِ غزة.

إنَّ صمت العالم لا يَقتُلُ فقط شعبها، بل يَقتُلُ فينا الإنسانيَّةَ.
كلَّما تكرَّرتِ المآسي ولم يتحرَّك أحدٌ، كلَّما ترسَّخت فكرةُ أنَّ غزة وحدها.

ولكنَّنا لن نسمح أن تُمحى فلسطين من الذاكرةِ.

تذكَّروا دائماً: غزة ليست مجرَّد قضيَّةٍ، إنَّها امتحانُ ضميرِ البشريَّةِ.
تبقى غزة أَسيرةَ الأَلم، تَئِنُّ تحت وطأَةِ القذائفِ، وتخنُقُهَا أَصداءُ الصَّمتِ الَّذي يَلِفُّ العالمَ. لا أَحد يلتفتُ إِليها، ولا أَحد يتوقَّفُ ليمسحَ دُمُوعها أَو يرفعُ الظُّلم عنها.

في هذا الزَّمنِ، يبدُو أَنَّ الخذلانَ قد أَصبحَ قدراً، والخذلانُ العربيُّ والإِسلاميُّ هُو أَكبرُ جُرحٍ يُضَافُ إِلى جراحها العميقةِ.

تتناثرُ الأَحلامُ بين رُكَّامِ المنازلِ، ويظلُّ الأَطفالُ يتساءَلُونَ: "متى يأْتي الفرجُ؟" ولكن لا أَحد يُجِيبُ.

إِنَّ مرارةَ الخيبةِ تزدادُ كُلَّ يومٍ، والوجعُ يُصبِحُ أَكثر قسوةً حين نشعُرُ أَنَّ دماء الشُّهداءِ قد تاهت في زحمةِ الأَخبارِ، وحين يُنسَى صراخُهَا في خضمِّ اللَّامُبالاةِ.

غزة لا تزالُ تُقاومُ، ولكن كم من المُقاومين يُمكِنُ أَن يتحمَّلُوا وحدهم هذا العِبءَ؟

في زمن الخذلانِ، تظلُّ غزة حكايةً حزينةً تتكرَّرُ، ولا أَحد يكترثُ لِمَا يحدُثُ في أَرضها.

وفي وُجُودِ كُلِّ هذا الأَلم، تبقى في قُلُوبِ أَهل غزة بذرةٌ صغيرةٌ من الأَمل، أَملٌ بِأَن يأتي الفجرُ يوماً ما، رغم طُولِ ظُلمةِ اللَّيلِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يُغتالُ الوفاءُ.. وخذلانٌ لا يُغتَفَرُ
- دورُ الرياضيات في التخطيطِ العسكريِّ لدى المقاومةِ الفلسطيني ...
- تاريخُ علمِ الرياضياتِ القديمِ وتطوراتهِ عبرَ العصورِ
- دورُ الرياضياتِ في تنميةِ المهاراتِ وصناعةِ المستقبلِ
- عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!
- غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!
- أوراقٌ ضائعةٌ في صمت الذاكرة !
- طفلُ الشّتات: حكايات وطنٍ وحلمٌ لا يموت!
- رسائل الحنين إلى طائر الغياب!
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...


المزيد.....




- بهدف جذب السياح.. الصين تمدد فترة الإقامة للعبور من دون تأشي ...
- رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م ...
- مصاد عسكرية تكشف: حماس جندت آلاف المقاتلين الجدد في غزة
- عملية إنقاذ محفوفة بالمخاطر في إيطاليا.. 75 ساعة من الجهد لإ ...
- -لبنان لنا- .. إسرائيليون يدخلون لأول مرة جنوب لبنان وينصبون ...
- من ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للص ...
- بالصور.. دمشق بعد سقوط الأسد
- من اتفاق السائقين إلى البطاقة الذكية.. ماذا تغير في العشر ال ...
- زعيم حزب -الناس الجدد- في الدوما الروسي رئيسا للمجلس الإشراف ...
- الخارجية الروسية: الولايات المتحدة تحاول تغيير السلطة في كوب ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!