احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 13:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا الشعب الخرافي الحزين في خريف دائم من الوعي، والغرابة يطالب بالحرية كباقي الشعوب الحرة وهو رهن التوقيف في سجنين، سجن نفسه الذي اختاره واختزله ودفن ذاته فيه وسجن الأنظمة التي بألوانه من حبسٍ ديني وتعبيري، لا ينطق ولا يكتب ولا يقرأ إلا ما يقدم له، حتى تجاوز مرحلة الفطام وما زال يرتدي حفاظات الرضاعة، واعتقال سياسي، ورغم ذلك يبتسم العالم عندما نثور التماسًا للحرية ونقتلع دكتاتور لنأتي بآخر ونصفق له وهكذا دواليك...
ما يحدث في سوريا المعذبة منذ عهد أبو العلاء المعري الذي يومًا حزينًا قال:
"في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والــــمسيحُ
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يــــــــــــصيحُ
كلٌ يعظِّم دنيه يا ليت شعري ما الصحيحُ ؟"
وليت المأزق توقف هنا، بل تعداه لضجة أكبر بين أحمد ومحمد، وبين الحاضر والماضي وبين الحرية والعبودية، فصائل الأمس الإرهابية كانت ترتدي ثوب الذبح والقتل وسبي المرأة تخلع ثوبها وتجدّدهُ وتزيل سفاح دموي وتقيم مكانه صرحًا يرتدي ثوب الاعتدال، مكتفيًا بشعارات وتغيير زيه واسمه فيلقى التصفيق من الشعوب العربية قاطبة، وهي غير ملامة، فقد جاء هذا الطاغية الديني وأزال سفاح منذ نصف قرن، تغيّر العالم من ضفة لأخرى ومن كوكب لكوكبٍ وما زلنا بكوكب باليوم الأول في القرن الرابع عشر الهجري...
تحرّرنا من سجن السفاح صدام فوقعنا في سجن الحشد الشعبي، تحررنا من السفاح الأسد فوقعنا في سجن الجولاني، يرحل بنا لمجهولٍ يُعرف من عنوانه الديني أنهُ خارج التاريخ، وليس غريبًا أن تُرحب الأمم الحرة باستثناء إسرائيل بالقادم، لأن فضله في إزالة طاغية، فمهما كان الطاغية الآتي، لن يكون مصاص دماء كالمقبور. فقد كُتب على هذا الشعب والشعوب العربية قاطبة، أن تصفق لكلِ طاغية يُطيح بطاغيةٍ وهذا يريك ويبين لك مدى الوعي لأمةٍ نبتت وهي ترضع حليب العبودية الدينية والسياسية وكل ما يقدم على صحن الأزياء اللامعة للأنظمة الدكتاتورية، فالبطل المحرِّر من الدكتاتورية من يطيح بالدكتاتور القديم حتى لو كان دكتاتورًا بثوبِ محرّر!!
هذا ما يجري اليوم في سوريا والكرة الأرضية العربية حتى ألفية جديدة تستيقظ فيها هذه الأمة على صوت الحرية الذي جسدهُ منذ قرون أبو العلاء المعري..
" يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء
كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل"
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟