خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 10:06
المحور:
الادب والفن
على عتبة المشيخ
حين تهدهد الريح صوتها
فتغدو أشبه بنشيج العصور القديمة
تغرق الحكاية في مجرى النسيان
كضوءٍ يتكئ على كتف الظل
ليُخفي نصفه الآخر.
تتثاءب المدن في صمتها
تُطفئ قناديل الغواية
وتترك الأرصفة ترتعش من صقيع أرواحها.
أما القلب، ذلك الهارب من طقوس الخفقان،
فقد تعلم أن يكتفي بالصمت
إلا حين يلامس النور شرفة الذاكرة.
من قال إن الوقت دائرة؟
إنه ثعبانٌ يبتلع ذيله
وينسلخ عن جلده في كل غفوة.
كل ثانية تنثر أشواكها
على صفحة السماء
حتى تخرس الطيور
وتُختم الأعشاش بالشمع الأسود.
أعرف شجرة في بستان الحيرة،
لم تثمر أبداً
لأنها تطعم جذورها من ظلال القمر.
وأعرف غيمة تحب التسكع
لكنها لا تمطر إلا على البيوت التي بلا أبواب.
هل سمعت عن حجرٍ يختبئ من الريح؟
عن نهرٍ يزحف نحو منبعه؟
عن نجمةٍ تخشى النوم
لأنها تحلم بموتها كل ليلة؟
هكذا نحن،
قصائد غير مكتملة
تُكتب على عجل
ثم تُركل إلى العدم.
نسير فوق أقدامنا وكأننا نسير على حواف السكين،
نموت قليلاً لنحيا أقل،
ونُخرّب الحلم لنُعيد بناؤه بأوهام جديدة.
أيها الليل الأبيض،
أيها النسّاج العتيق،
خذني إلى حيث تنام الأسئلة
وتصبح الكلمات كائناتٍ ضارية
تلتهم صمت الفجر قبل أن يولد.
في زاوية الضوء المنكسر
حيث تلتقي العتمة بظلها،
هناك تنبت كائنات لا تُرى،
تُحركها أنفاس الغياب
وترسم على هواء الصمت
وجوها لم تُخلق بعد.
أُصغي إلى الحجارة حين تبكي
في ليل الانهيار البطيء،
أسمع شهيق الأرض
وهي تبتلع أحلام العابرين،
أسمع الريح
وهي تقرأ رسائل منسية
كتبتها النجوم على حواف الشفق.
يا أيها الزمن المتثائب،
لماذا كل هذا الصدأ
في عجلات الرحيل؟
أخبرني، هل تختبئ الحكايات
داخل صدور العابرين
أم في فجوات الطرق التي لا تنتهي؟
نحن غرباء عن أنفسنا،
نمشي بأقدام ليست لنا،
وننظر إلى مرايا
لا تعكس أرواحنا.
أيها الليل،
كُن شاهداً على هذا التيه،
وامدد يدك لتمسح عن ذاكرتنا
ملح الندم.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟