|
نحو مراجعة العلاقة الفلسطينية السورية
مهند عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 11:47
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
سقوط النظام الأسدي وتجربته في الحكم وعلاقاته الداخلية والخارجية، اصبح محط اهتمام وتقييم ومراجعة على صعيد سوري وعربي وعالمي.ومن المنطقي أن تحتل المراجعة الفلسطينية مركز اهتمام الشعب الفلسطيني ونخبه السياسية والثقافية، نظرا لاستخدامات النظام ومعه محور المقاومة والممانعة للقضية الفلسطينية كغطاء للاهداف الحقيقية غير المشروعة وغير المعلنة، وبسبب النتائج الوخيمة التي لحقت بالقضية وشعبها. قبل الدخول في الموضوع الفلسطيني لا بد من مرور على ابرز عناوين الكارثة التي صنعها النظام الأسدي لشعبه. وفر النظام عمقا استراتيجيا لايران ولأطماعها في نشر وتثبيت نفوذها الاقليمي في البلدان العربية تحت شعار محاربة إسرائيل، وهو النظام الذي حافظ على حدود بلاده هادئة ولم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة نحو الجولان المحتل منذ العام 1974.الموت والدمار الذي شهدته سوريا لا مثيل له في التاريخ المعاصر.فقد قُتل أكثر من 350 ألف شخص بينهم 15.102 قتلوا تحت التعذيب ونزح ما يقرب من 14 مليون شخص من ديارهم. وتم تدمير الخدمات الأساسية. وهناك خمسة ملايين طفل ولدوا منذ بداية الصراع لم يعرفوا شيئا سوى الكآبة، بحسب تقرير للامم المتحدة يوم 24 آذار عام 2022 . اعتقل النظام مئات الآلاف وأخفى 136614 شخص ما يزال مصير معظمهم مجهولا ، وحول سوريا الى امبراطورية للجريمة المنظمة كالاتجار بالمخدرات وبناء معامل لتصنيعها وتخزينها وتهريبها الى دول الجوار، والاتجار بأعضاء الاسرى. 70% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر فضلا عن تجريد الشعب السوري من حقوقه المدنية والسياسية والمعيشية، في الوقت الذي ادخرت فيه عائلة الاسد مبالغ طائلة. انتمت العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية لمحور المقاومة الذي كان مركزه سوريا.، كان الانتماء للمقاومة على قاعدة رفض الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واعتبار المقاومة هي البديل للحل السلمي. النظامان الايراني والسوري رفضا كل مشاريع الحل السياسي وكل مسعى ومشاركة فلسطينية رسمية في الحل. كان البديل مقاومة مع وقف التنفيذ.لم تقم فصائل المقاومة "العشرة" بأي مقاومة عبر الأراضي السورية، ولا عبر لبنان الذي كان حكرا على مقاومة حزب الله. وقبل ذلك قبل النظام السوري بوقف إطلاق النار بعد اسبوع من الغزو الاسرائيلي للبنان 1982 تاركا قوات منظمة التحرير والحركة الوطنية وحدهما في المعركة.وبعدها قاد النظام السوري انشقاقا في حركة فتح والمنظمة بهدف السيطرة عليهما اسفر عن حسم السيطرة على طرابلس وإخراج قوات فتح الى تونس.بعد ذلك، سمح النظام السوري لحركة امل بارتكاب مجزرة في مخيم شاتيلا، والسيطرة على مخيمات بيروت. مع ان مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لبيروت والجنوب بدأت بمبادرة قوى يسارية لبنانية وفلسطينية تحت عنوان المقاومة الوطنية إلا انها حظرت واقتصرت المقاومة على حزب الله باسم المقاومة الاسلامية . بقيت المقاومة الفلسطينية وفصائلها بدون مقاومة الى ان اندلعت الانتفاضة السورية في العام 2011. وقد قبلت بعض الفصائل والمجموعات الفلسطينية بالقتال مع قوات النظام، واخذت تتعاقد مع النظام الايراني على التأسيس لمقاومة في الضفة بدون أهداف وسياسة محددة، كوقف الاستيطان، والتهويد في القدس، والتطهير العرقي في الاغوار، وإنهاء حصار غزة من أجل تحقيق الهدف الأهم وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس والضفة والقطاع التي يعتبرها العالم مناطق محتلة. كان هدف المقاومة في الظاهر هو كنس الاحتلال عن فلسطين التاريخية وإلحاق الهزيمة باسرائيل، وكان الهدف غير المعلن هو حسم ازدواجية السلطة في الضفة وانتزاع القرار من سلطة المنظمة وإضافة ذراع جديد لايران هدفه التشويش على اسرائيل وثنيها عن توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني. وهنا لا بد من مساءلة ومحاسبة الجهات الفلسطينية المسؤولة عن التورط في الحرب الى جانب النظام في مواجهة انتفاضة الشعب السوري ومصالح المجتمع الفلسطيني داخل سوريا، التنظيمات التي شاركت في حصار المخيمات وبخاصة مخيم اليرموك، والتنظيمات التي دخلت المحور والاجندة الايرانية الخاصة في مواجهة شرعية المنظمة. هذه الاخطاء الكبيرة التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها، لا يتم تجاوزها بنقل البندقية من كتف الى كتف وبتغيير الخطاب السياسي او بالسكوت وكأن شيئا لم يكن. بعد فشل اوسلو طُرح سؤال حول جدوى التفاوض، وكان سؤالا محقا، ولا يقل اهمية عنه سؤال عن جدوى التنظيمات المسلحة برعاية نظام الاسد وطهران والتي اتخذت من دمشق مركزا لها؟ ولماذا دخلت تلك التنظيمات في مشاريع الإتجار بالقضية الفلسطينية التي كان وقودها ابناء المخيمات البسطاء ؟ ولماذا لم تساعد ابناء المخيمات المنكوبة والذين عاشوا في شروط غير إنسانية باي مستوى من المساعدة، لم تتحدث التنظيمات عن آلاف المفقودين ولا الضحايا الذين سقطوا بالالاف ولا الدمار والجوع، وإعادة تشريد اكثرية ابناء المخيمات خارج وداخل سوريا وكان جل اهتمامها توفير الدعم لقيادتها وكوادرها ، وتبجيل النظام والاحتفال بانتصاراته على شعبه. الجزء الاكبر من النخبة الثقافية الفلسطينية في الخارج والداخل كان موقفها أسوأ، قدم اتحاد الكتاب الفلسطينيين مثالا ساطعا في تبني رواية النظام الكاذبة التي اختصرت انتفاضة الشعب السوري في مؤامرة وروجتها، وقدمت مثالا سيئا في تقديم الدعم والولاء لنظام يقتل شعبه، وفي تنظيم الزيارات والوفود التي تشيد بصمود النظام، وتتجاهل في الوقت نفسه محنة السوريين ومحنة المخيمات ومعاناة ابنائها. لم يُنصت اتحاد الكتاب لنداء المخيمات المنكوبة، ولم يكترث بموقف اتجاه آخر من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين ممن انحازوا لانتفاضة الشعب السوري وأيدوا احتضان المخيمات الفلسطينية للمنتفضين السوريين، ورفعوا الصوت عاليا ضد تدمير المخيمات وتشريدها وتجويعها، ودعموا حق الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية، ورفضوا الارهاب والتعصب الديني والتدخلات الرجعية والاستعمارية لتخريب وتشويه انتفاضة الشعب السوري السلمية. لقد تجاهل اتحاد الكتاب ثقافة التحرر التي رفع لواءها ادباء وشعراء ومفكرين وكتاب فلسطينيين وكان ديدنها الانحياز للشعوب في مواجهة أنظمة الاستبداد والقمع مهما كان الثمن باهظا. ما زاد الطين بلة، صمت الاتحاد بعد انكشاف طبيعة النظام، عبر نماذج السجون التي وصفت بالمسالخ البشرية والكم الهائل من ضحايا التعذيب، وفرحة 22 مليون سوري بسقوط الطاغية التي كانت أقوى من أطماع الطامعين واشكال التدخلات الخارجية واولها التدخل الاسرائيلي الذي دمر اسلحة النظام التي من المفترض ان تتحول للشعب السوري وللحكومة التي سينتخبها. لم يعتذر اتحاد الكتاب عن موقفه السابق، ولم يتشارك مع الشعب السوري فرحته على الأقل. بدأت مرحلة جديدة مليئة بالمخاطر والتحديات، وبالانجاز المرشح للتطور والانتكاس في آن بفعل حجم التدخلات والتوحش الإسرائيلي المنفلت من عقاله. لا ينبغي ان نتعامل مع هذه المرحلة بدون مراجعة تعترف بالاخطاء وتحاسب عليها، وتضع السياسات التي لها ناظم وحيد هو مصلحة الشعب الفلسطيني التي تنسجم مع مصالح الشعوب العربية. ومهمات كبيرة تبدأ بالبحث عن آلاف المعتقلين المختفين في سجون نظام الطاغية، وبإعمار المخيمات وإعادة مشرديها اليها، وباستعادة المنشقين وأشباه المنشقين الى الشرعية الفلسطينية التي تحتاج الى الإصلاح ووضع حد لفروع فلسطينية في محور ليس من بين أهدافه تحرر الشعب الفلسطيني وانعتاق الشعوب العربية.
#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قمة المنتصرين على شعوبهم
-
من يقرر مصير مركز خليل السكاكيني الثقافي
-
العرفاتية ما بعد عرفات
-
تحولات رجعية
-
العم العربي المضاد
-
التضامن مع الشعب الأوكراني واجب إنساني
-
سنة جديدة ..مهام جديدة
-
فيلم «أميرة» بين سرديتين
-
هل سيكون القرار الفلسطيني مستقلا؟
-
فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء
-
المسكوت عنه في تقارير الشفافية الدولية والمحلية
-
بندر يعلن الحرب على فلسطين
-
ماذا يعني تفوق البنات الدراسي ؟
-
مسلسلات في خدمة صفقة القرن
-
العمالة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان القطاع الخاص
-
النظام العالمي في زمن الكورونا
-
لماذا ترجح كفة كبح التحرر على كفة دعمه؟
-
الحلقة المفقودة في الموقف من التطبيع
-
مغزى الحرب على «سيداو»
-
فلسطين والبحث عن حليف
المزيد.....
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
-
ت.ب.ج.م// تقديم لمقال البديل الجذري تحت عنوان: ذكرى انتفاضة
...
-
اجهزة السلطة تطلق النار وقنابل الصوت تجاه المتظاهرين دعما لل
...
-
من المصالحة إلى الوحدة الوطنية
-
مرحبًا بكم في مستشفى الألعاب في كاراكاس.. حيث العطاء يعيد ال
...
-
قانون الدعم المصري الجديد.. توسيع للضمان أم إجحاف بالفقراء؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|