أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غالب احمد العمر - خطط أزلام الأنظمة الاستبدادية بعد سقوطها: من التخريب الداخلي إلى التحالفات الدولية















المزيد.....


خطط أزلام الأنظمة الاستبدادية بعد سقوطها: من التخريب الداخلي إلى التحالفات الدولية


غالب احمد العمر

الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطط أزلام الأنظمة الاستبدادية بعد سقوطها:
من التخريب الداخلي إلى التحالفات الدولية

عندما يسقط نظام استبدادي ويهرب الديكتاتور، يظل هاجس العودة إلى السلطة حلمًا يُحرك رأس النظام وأزلامه، خاصة إن كان فراره مصحوبًا بثروة ضخمة تمكّنه من تمويل مشاريع تخريبية تهدف إلى عرقلة المرحلة الانتقالية. تتخذ هذه المخططات أشكالًا متعددة، بدءًا من نشر الفوضى وزرع الانقسامات، وصولًا إلى تحالفات إقليمية ودولية تُعيد إنتاج النظام القديم بأشكال جديدة.

التجربة التاريخية: هايتي نموذجًا

في عام 1986، فرّ جان كلود دوفالييه من هايتي بعد حوالي 15 عامًا من حكمه الاستبدادي. ورغم رحيله، بقيت شبكات موالية لنظامه تعمل على نشر الفوضى وإضعاف أي جهود لبناء نظام ديمقراطي جديد، مما ساهم في استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية.

بعد مغادرته إلى المنفى في فرنسا ومعه ثروة طائلة جمعها من خلال الفساد واستغلال موارد الدولة
(رغم أن الأموال التي تمكن من تهريبها لم تصل إلى مليار دولار، مقارنة بما هربه بشار الأسد من عشرات المليارات بالإضافة إلى أطنان من الذهب)، استغل أتباعه تلك الأموال لتمويل حملات عنف سياسي وإثارة الفوضى. كان الهدف الأساسي لهؤلاء هو تعطيل أي محاولات لإقامة نظام ديمقراطي جديد يمكن أن يقصيهم نهائيًا من السلطة والنفوذ. وأسهمت هذه الأنشطة في تعميق حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في هايتي، مما أدى إلى تفاقم الأزمات المزمنة التي كانت البلاد تعاني منها أصلاً، مثل الفقر والتهميش وسوء الإدارة.
علاوة على ذلك، استمر وجود شبكات موالية للنظام السابق، ضمت عناصر من الجيش والشرطة وميليشيات، التي لعبت دورًا رئيسيًا في قمع المعارضين أثناء حكم دوفالييه. وقد سعت هذه الشبكات جاهدة للحفاظ على مصالحها ونفوذها، مما عرقل جهود التحول الديمقراطي وأدى إلى موجات جديدة من العنف والانقلابات. شكّل إرث دوفالييه عقبة كبيرة أمام أي محاولة لتأسيس دولة مستقرة وديمقراطية، وهو ما ترك أثرًا طويل الأمد على تاريخ هايتي الحديث.

التجربة اليمنية: علي عبد الله صالح وعرقلة التحول الديمقراطي

رغم تنحي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عام 2012، إلا أن نفوذه لم ينتهِ. تحالف مع جماعة الحوثيين وساعدهم في السيطرة على العاصمة صنعاء عام 2014، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية مدمرة. استغل صالح تغلغله في المؤسسات الأمنية والعسكرية لتعطيل الحكومة الانتقالية وشراء الولاءات، مما أعاق أي جهود لتحقيق الاستقرار أو بناء نظام ديمقراطي جديد.
بعد رحيله، ظهرت شبكات أزلامه في مؤسسات الجيش والأمن، وساهمت بشكل كبير في استمرار الفوضى في البلاد. وقد عملت هذه الشبكات على دعم الحوثيين في حربهم ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، مما دفع باليمن إلى أتون حرب أهلية مستمرة. كما تسببت هذه الأنشطة في إعاقة أي محاولة للتسوية السياسية أو بناء نظام سياسي جديد. استخدم صالح تحالفه مع الحوثيين لمواصلة التأثير في البلاد عبر استراتيجيات متعددة، مثل استخدام الميليشيات المسلحة لخدمة مصالحه السياسية وتغذية الانقسام الطائفي.

تونس: نجاح الثورة المضادة

رغم أن تونس قدمت نموذجًا واعدًا للثورات العربية في بدايتها، إلا أن الثورة المضادة تمكنت من العودة تدريجيًا عبر أدوات سياسية وقضائية وإعلامية.
استغلال الأزلام للديمقراطية الناشئة: أتاح المناخ الديمقراطي لأتباع النظام القديم التسلل إلى المؤسسات السياسية والقضائية، مستغلين أدوات الدولة العميقة لعرقلة التغيير الحقيقي.

عودة رموز النظام السابق: عبر الانتخابات والمؤسسات الديمقراطية، استطاع رجال النظام القديم العودة إلى المشهد السياسي، مستغلين أزمات اقتصادية واجتماعية لتقديم أنفسهم كبديل للاستقرار.

دور الإعلام ورجال الأعمال: لعب الإعلام المدعوم من رجال الأعمال الموالين للنظام القديم دورًا محوريًا في شيطنة التيارات الثورية، وخاصة الإسلاميين، وتصوير الثورة كسبب رئيسي للأزمات التي تواجهها البلاد.


نتيجة لهذه الجهود، تمكنت الثورة المضادة من تقويض مكتسبات الثورة تدريجيًا وإعادة إنتاج النظام القديم بصورة جديدة. عبر استغلال الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، واصطفاف بعض القوى الدولية، نجح النظام القديم في العودة إلى الساحة السياسية، مما أثر سلبًا على تقدم الديمقراطية في البلاد.
مصر: انقلاب العسكر على الثورة

في مصر، شكّل انقلاب 3 يوليو 2013 ذروة الثورة المضادة، حيث أعاد الجيش سيطرته الكاملة على السلطة بعد إسقاط أول رئيس مدني منتخب، محمد مرسي.

تغلغل الدولة العميقة: منذ اللحظة الأولى لسقوط نظام مبارك، عملت مؤسسات الدولة العميقة (الجيش، الأمن، القضاء) على حماية مصالحها، مع إعاقة أي محاولات لإحداث تغيير حقيقي.
دور الإعلام والتحريض: لعب الإعلام الموالي للنظام القديم دورًا أساسيًا في شيطنة الثورة، وخلق حالة من الخوف لدى الشعب عبر الترويج لفوضى مزعومة إذا استمرت الديمقراطية الناشئة.

تمويل الثورة المضادة: ساهمت دول إقليمية داعمة للنظام العسكري في تمويل الانقلاب وتثبيت دعائمه، خشية انتقال عدوى الثورة إلى أراضيها.

قمع المعارضة: بعد الانقلاب، دخلت مصر في نفق من القمع السياسي غير المسبوق، حيث تم اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين وإغلاق المجال العام تمامًا.
انتهت التجربة المصرية بتثبيت حكم عسكري استبدادي يُعيد إنتاج النظام القديم بشكل أكثر شراسة، مع القضاء على مكتسبات ثورة يناير بالكامل.

التغلغل في المؤسسات الأمنية والعسكرية
حتى بعد سقوط النظام وهروب رأسه، يبقى العديد من أنصاره داخل أجهزة الأمن والجيش، حيث يسعون إلى النفوذ في النظام الجديد وتعطيل عمل مؤسساته الانتقالية من خلال عمليات تخريبية أو تسريبات تُضعف الحكومة.

خلق انشقاقات داخل الجيش الجديد: من خلال إثارة التوترات الطائفية أو العرقية.

تكوين خلايا سرية لتنفيذ عمليات تخريبية: مثل الاغتيالات أو الهجمات الإرهابية بهدف زعزعة استقرار الحكومة الانتقالية.

استخدام أدوات الإعلام للتشكيك في شرعية الحكومة الجديدة: عبر نشر الشائعات والتحريض على الانقسام الاجتماعي والسياسي.

زرع الفوضى لإفشال المرحلة الانتقالية
سوريا، كغيرها من البلدان التي تعرضت للحكم الاستبدادي لعقود، تعاني من تداعيات هذا النوع من الأنظمة بعد سقوطها. السلطة في عهد آل الأسد أضعفت النسيج الديني والاجتماعي السوري من خلال تعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية، كما في أحداث حماة 1982 وانتفاضة القامشلي 2004. اليوم، وفي ظل الثورة، لا يزال أزلام النظام القديم يروجون لصراعات طائفية وعرقية لاستدامة الفوضى.

استراتيجيات التخريب: عبر نشر النزاعات الطائفية والعرقية، وتحفيز الأزمات الاقتصادية من خلال التلاعب بالأسواق.
استهداف هيبة الحكومة الانتقالية: من خلال حملات إعلامية لنزع الشرعية عن الحكومة الجديدة وتشويه قياداتها.
دعم الحركات المسلحة والخلايا الإرهابية

قد يلجأ النظام السابق إلى إحداث فتنة طائفية لتكون وقودًا لمراحل لاحقة من الأعمال الانتقامية، من خلال دعم جماعات مسلحة موالية أو تحريض جماعات متطرفة تهدف إلى تقويض الاستقرار وعرقلة المرحلة الانتقالية عبر إبقاء حالة الحرب أو العنف قائمة. يظهر أن التطرف وأعمال العنف هما السمة الرئيسية بعد سقوط الأنظمة الاستبدادية، مما يسعى إلى إثبات أن سقوط النظام كان خطأً.

وفي النهاية، يهدف هذا السلوك إلى خلق صورة غير مستقرة للبديل الديمقراطي، في محاولة لإظهار أن النظام القديم هو الخيار الأكثر قدرة على فرض الاستقرار والأمن.
التحالف مع القوى الإقليمية والدولية

يسعى أزلام النظام إلى استغلال تناقضات مصالح القوى الإقليمية والدولية، التي قد تؤدي إلى تقاطع تلك المصالح مع هدف إعادة نظام مركزي قوي على حساب الديمقراطية الانتقالية. كما يعملون على الاستفادة من حلفائهم السابقين، خاصة في ظل اندثار النفوذ الإيراني في سوريا، الدولة التي كانت تقدم لهم دعمًا سياسيًا وعسكريًا في الماضي.
استغلال الدعم الخارجي لإعادة تشكيل النظام القديم عبر تقديم تنازلات استراتيجية.

استخدام الورقة الأمنية: بزعم أن النظام الانتقالي عاجز عن مكافحة الإرهاب أو ضبط الحدود.
لذلك، يعتبر دعم القوى الإقليمية والدولية أحد أبرز الأدوات التي يستخدمها أزلام النظام السابق لضمان عودتهم إلى السلطة أو إعادة تشكيل النظام الاستبدادي بشكل جديد. من خلال هذه التحالفات، يمكنهم تأمين دعم سياسي وعسكري يمكن أن يقوي موقفهم في الداخل ويُضعف الحكومة الانتقالية، مما يعوق أي محاولات لإرساء نظام ديمقراطي حقيقي
يُظهر التاريخ أن سقوط الأنظمة الاستبدادية لا يعني بالضرورة نهاية تأثيرها. في العديد من الحالات، يبقى أزلام النظام السابق في مواقعهم داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويسعون إلى تقويض الحكومة الانتقالية من خلال مجموعة من التكتيكات الخبيثة، مثل نشر الفوضى، دعم الحركات المسلحة، اختراق المعارضة، واستغلال الدعم الخارجي. هذه التكتيكات تهدف إلى إعادة إنتاج النظام الاستبدادي بشكل مختلف، ما يُعرقل جهود التحول الديمقراطي ويعزز الانقسامات الاجتماعية والسياسية.
إن نجاح المرحلة الانتقالية يتطلب تفكيك شبكات النظام القديم، وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد، وبناء مؤسسات قوية وشفافة قادرة على مواجهة التحديات التي تطرأ في الفترة الانتقالية. علاوة على ذلك، يجب أن تواكب هذه الإجراءات تغييرات في السياسات الداخلية والخارجية لضمان دعم المجتمع الدولي والتمويل اللازم لضمان نجاح التحول الديمقراطي.
بالتالي، على الدول التي تمر بمرحلة انتقالية أن تكون على دراية بتلك التحديات التي قد تطرأ من النظام القديم وأزلامه، وأن تعمل على مواجهتها بحزم عبر إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة، مع ضمان تحقيق العدالة الانتقالية لمحاسبة المتورطين في قضايا الفساد والانتهاكات، وقادة جرائم الحرب، والمشاركين في المجازر وعمليات تصفية السجناء، وضع القوانين التي تتيح ملاحقة الدكتاتور الفار ومحاكمته، مع الحرص على عدم منحه الوقت لاستعادة توازنه، بالإضافة إلى الضغط على الدولة التي استضافته لاسترجاع الأموال المنهوبة.



#غالب_احمد_العمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاسبة دون عقاب: آلية لتحقيق العدالة التصالحية والمصالحة ا ...
- قراءة في المشهد السوري الحالي
- أنت كوردي إذاً فإنت pkk!!!!
- قصة جحا
- المجرم بريء حتى وان ثبت اجرامه
- هوية مجتمع مقيد
- ثورتنا السورية
- ذبح جنيف2
- ثورة ام سياسة
- الاكراد بيت عزاء لاينتهي
- قراءة في سياسة الهيئة الكوردية العليا
- القصير قصة صمود لم تكتمل
- الوجه الحقبقي لpyd
- الاكراد من تهميش الى اقصاء


المزيد.....




- -مطلوب لأوكرانيا-.. مقتل قائد قوات الحماية النووية الروسية ب ...
- طبق القِشد السعودي بنسخة معاصرة.. كيف يحضّره مطعم -تكيّة-؟
- مصدر لـCNN: أجهزة الأمن الأوكرانية تقف وراء اغتيال قائد قوات ...
- مقتل مسؤول عسكري روسي ونائبه بانفجار في موسكو
- الحرب بيومها الـ438: قصف على قطاع غزة والحكومة الإسرائيلية ت ...
- مع تهديدات ترامب بالترحيل الجماعي.. أمريكا الوسطى تستعد لموج ...
- الجولاني يتعهد بحلّ الفصائل المسلحة ويطالب برفع العقوبات
- -الشيوخ الأمريكي- يؤيد مشروع ميزانية البنتاغون في تصويت إجرا ...
- بكين: العلاقات بين روسيا والصين أصبحت أكثر نضجا واستقرارا
- مرة جديدة.. ترامب يصف كندا بـ-الولاية- وترودو بالـ-حاكم-


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غالب احمد العمر - خطط أزلام الأنظمة الاستبدادية بعد سقوطها: من التخريب الداخلي إلى التحالفات الدولية