آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 10:06
المحور:
الادب والفن
الجلاد أو الديكتاتور هو أحد إفرازات الاستبداد.
وهذا الجلاد, أو الديكتاتور, يتكئ على منظومة متكاملة على جميع الصعد, سياسيًا, ثقافيًا, اجتماعيًا.
وهذا الاستبداد, له معطى تاريخي مغرق في القدم, قائم على تزييف الذات والأخر, وهصر حيوات الناس وهضمهم واخراجهم كذات مشوهة, مريضة, تبطن غير ما تظهر, تعلن غير ما تخفي.
إنه اعادة تدوير الخداع والزيف, والأقنعة, بأوضح صورة.
لم يخب ظني بالكاتبة نادية خوست أبدًا، طلبت صداقتي فقبلت، قلت في نفسي:
ـ معقول شخصية مشهورة وعلى مسافة قريبة من النظام تقبل أن تكون صديقة لي؟
هذا محال، بل من سابع المستحيلات.
هذا النموذج أعرفه جيدًا، لا يريد أن ينام بين القبور أو يرى منامات موحشة، أنه نوع يريد أن بقدم نفسه مناضلًا على الورق، دون تقديم فاتورة.
إنها رفيقة مناضلة من جبهة بكداش أو يوسف فيصل، الذين تورموا نضالًا في جبهة نظام الصمود والتصدي؟
بعد عشرين يومًا لفقت لي تهمة وحذفت الصداقة، كتبت لها: لماذا؟
هل تريدين حذف الصداقة خوفًا من النظام، وتابعت، اتفهم خوفك، لا مشكلة.
أعدنا الصداقة، ثم نسيتها تمامًا.
البارحة ورد أسمها أمامي على الفيس بوك، تذكرتها، وتذكرت تلفيقات الشيوعيين القذرين جماعة الجبهة، لهذا قلت لنفسي سأرى هل حذفت الصداقة؟
في الحقيقة عملت لي بلوك نظامي لا رجعة فيه، وقلت لنفسي:
هذه المناضلة روزا لوكسبورك لها ظروفها، ربما تتفرغ لمجمل إبداعاتها في قضايا الحرية والنضال ضد الأمبريالية والرجعية والاستعمار الداخلي والخارجي.
اللعنة عليك وعلى كل واحد على شاكلتك.
الاستلاب الحقيقي عندما نخاف من الإعلان عن أفكارنا، عن أنفسنا.
أغلبنا يتماهى مع الخوف، أو يتصالح معه، أحدهما يساير الأخر، يتواطآن مع بعضهما على حماية بعضهما.
الخوف يتحول إلى صديق الخائف، يتستران على بعضهما في المواقف الصعبة، فيتحول الكبت إلى غاية في حد ذاتها، تمنع المرء من إظهار حقيقته.
حضارة الكبت هي التي أنتجت هولاكو وستالين وبايدن وبوتين وجنكيزخان وكل الدعارة الإنسانية من أدم إلى بشار والجولاني، ومرورًا بأصغر إنسان إلى أعظمه، حسب التصنيف ومقياس الإيزو السوقي.
الجلاد أو الديكتاتور هو أحد إفرازات الاستبداد.
وهذا الجلاد, أو الديكتاتور, يتكئ على منظومة متكاملة على جميع الصعد, سياسيًا, ثقافيًا, اجتماعيًا.
وهذا الاستبداد, له معطى تاريخي مغرق في القدم, قائم على تزييف الذات والأخر, وهصر حيوات الناس وهضمهم واخراجهم كذات مشوهة, مريضة, تبطن غير ما تظهر, تعلن غير ما تخفي.
إنه اعادة تدوير الخداع والزيف, والأقنعة, بأوضح صورة.
ليس العرب والمسلمين وحدهما، أو الصيني والهندي والروسي والأمريكي والياباني والكوري، بل جميع شعوب ودول العالم لديهم عقدة الدونية من الأوروبي، الذكر، الوحش الذي أخضع هذا العالم لقانونه وعقله، سواء بعلومه واكتشافاته أو في نحت الحضارة وقولبتها وفق تصوراته وتفكيره ومصالحه.
هذه الدونية منطقية جدًا، كلنا نهلنا ولا نزال ننهل من انتاجهم الثقافي والفني والموسيقي وفي مجال الأدب والشعر والرسم والنحت.
وأغلب شعوب العالم تنظر إلى اوروبا بعين الكراهية والحقد النابع عن الحسد.
أننا نكره من تزوج أمنا وانتجنا على مقاسه، ولا نستطيع أن نقدم له سوى أن نطعنه ونتخلص منه.
أجداد جميع الشعوب، كانوا كسالى ومستكينين وينتظروا الفرج من القدر بينما جد الأرووبي غامر وقامر وفتح العالم وغيره وفق مقاسه.
أصبحنا أوروبيين بالرغم عنا، نمشي تحت عباءتهم وظلهم ولا نستطيع الانفكاك عنهم سوى بالحسد.
الكتب آلهة نائمة على الرفوف، تنتظر يد حنونة تمتد إليها، توقظها وتسهر معها في الليالي الحالكة السواد، تمنحها بعض العزاء في دروب الحياة القاسية في بداية ووسط الرحلة الطويلة قبل الوصول إلى الجلجلة.
كل كتاب يستحضر بديله، إنها كالسلالات المتعارضة أو المتناقظة، في صراع دائم كصراع الإنسان مع ذاته والأخر.
كانت الكتب والمخطوطات، وما زالت جزء لا يتجرأ من غنائم الحرب، منها من يحرق أو يمثل بها أو يحتفظ بها لأسباب تتعلق بالغازي ذاته.
الكتب والمخطوطات جزء من الصراع على امتلاك الحقيقة والتشهير بالأخر، يأخذه الغازي إلى المتحف، ويغمره بالضوء أو العتمة جنبًا إلى جنب، كتاب يبكي على كتاب، الفلسفة مع علم الاجتماع، الفكر الحي مع اللاهوت الميت، الرسائل الحميمة مع المذكرات المملوءة بالشكوى والنجوى، رائحة الأموات تعانق الأحياء.
الكتب هي أرواح، هي البشر، أفلاطون، بولغاكوف وديستوفسكي وهمنغواي، وعبد الرحمن منيف، جلجامش وهوميروس، تناجيك أن تتحدث معها، أن تواسيها، تتذكرها، تذهب معها في رحلتها الطويلة إلى الحياة الراحلة المعانقة للحياة القادمة.
تذكرهم، ستفرح بهم ويفرحوا بك
هل الأمراض النفسية المعاصرة، هي جزء من البنية النفسية للبشر أم أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية والصعبة هي التي أنتجتهما؟
هل تستطيع البنية الاجتماعية الاقتصادية أن تحيل البشر إلى الكآبة والعصاب والوسواس أم أن هذه الأمراض كانت كامنة في النفس الإنسانية، فجاء التطور، واخرجهم من مكمنهم ووضعهم أمام أعيينا؟
هل الوعي له دور في تسيلط الضوء على القهر، الجوع، الحرمان من الحقوق، الحرمان من الحب، من العلاقة الحميمية؟
هل كان الإنسان قبل ألفي سنة يعاني من الوسواس القهري، العصاب، جنون الارتياب وجنون العظمة، عقدة الدونية أو الحصر؟
هل لهذه الأمراض علاقة بالبنية الذكورية البطريركية العام، أم جاءت على مراحل، واستفحلت تدريجيًا وبانت بوضوح في العصر الرأسمالي؟
هل يولد الإنسان مريضًا مأزومًا، ضعيفًا، جهازه العصبي غير جاهز، وغير قادر على التفاعل مع الظروف القاهرة، فتخرجت الأمراض عند التقاء المرض مع الوضع القاهر؟
أنها أسئلة كثيرة، ويمكننا أن نسأل:
ـ هل كان الإنسان البدائي يعرف الأمراض النفسية، ولماذا؟
الفن يا ولدي يحتاج إلى بيئة خضراء، وأنهار وبحار وجبال وزهر وورد وأشجار وأعشاب تتلقف المطر من السماء وتحوله إلى حياة راعشة.
وإلى الإنسان المبدع الجميل الخلاق.
ـ ما تقوله جميل يا أبي. وماذا أيضًا؟
ـ يلتقط الفنان هذا الجمال ويضعه على الصخر، وعلى الصخر ذاته ينحته، أو يرسمه أو ينقشه او يدونه ويكتبه كإشارة على وجود الجمال، ومرور الإنسان على هذه البقعة من الأرض.
يحول الصخر إلى امرأة عارية، والشجر إلى آلهة، والمكان إلى معابد ومسارح وأغنيات.
في الفن تتجمل الحياة وتخفف من الحمولة الوجودية الواقعة علينا.
من يحتقر الفن والموسيقى ليس ابن الحياة، إنه وحش في قلب ذئب مفترس يتحين الوقت ليمزق من يقع تحت يديه.
ذهبت إلى الفناء بمحض إرادتي ولم أخبر ذاتي.
لم أسال ماذا هناك؟
رأيت الليل الأخرس واقفًا والنيازك تتساقط كالشهب في احتفاليات السماء ونزوح النجوم إلى التمازج؟
فتحت خطوط السماء بيدي، ومسكت كفي بكفي وربطهتما بالخيط المدلى من الأعالي؟
سألني:
ماذا تفعل هنا أو هناك؟
أخبرنا. فقلوبنا عطشى بحجم الكون.
قلت:
جلدي مسكون بالغموض وأنا مغامر ألعب مع وحدتي.
تعال إلي أو خذ يدك إلى يدي
" أفتح عينيك لأراك، لأكون لك
وتكونني "
ونكون كالخمر والنهد وجعبة رحلات.
عندما قرر جدي الرحيل من الشمال إلى الجنوب جهز البغال، ووضع على ظهر كل واحد المستلزمات الضرورية.
ترك أحد البغال جانبًا، يعبث في الفراغ، وعندما سألته:
ـ ماذ ستفعل بهذا الرهوان العجوز؟
قال:
ـ سأضع عليه حدوة حصان وتمثال من الحجر البازلتي الصلب.
ـ تمثال من الصخر، لمن، ولماذا؟
ـ التماثيل كائنات حية ناطقة بالحياة يا طفلي الصغير.
ـ ومن هو هذا الكائن الناطق؟
ـ إنه إله وثني يا حفيدي، الإله القديم، إله الأغاني والأمنيات الجميلة، والأمل بالفرح القادم.
ـ إله الفرح؟ وهل للفرح إله؟
ـ إله للفرح وإله للموسيقا، وأخر للغناء والرقص، وإله لانفتاح السماء على الأرض وبقية الكواكب.
ـ ماذا تقول أيها المعمر الجميل؟ ما هذه الأحجيات الغريبة؟
ـ أنا آثم يا ولدي منذ أن وعيت على الدنيا، بيد أني سأسور نفسي الأمنيات من الخارج، وأزينها لتكتمل بي.
ـ ما تقوله غريب وغامض؟ هل أنت إله؟
ـ أنا آثم يا ولدي، لهذا سأخذه معي في ترحالي الآثم. لقد كان هذا الإله نجم في السماء يضيء لي طريق الليل، ورصد النجوم وعدهم. إنه من بقايا جدي الأول والثاني والثالث والرابع والأخير، ورسالته أن أبقي عليه وأحضنه.
ـ وما الغاية من هذا؟
ـ إنه ذاكرة أجدادي الكبار الذين عشقوا الأرض وتمسكوا بها. اليوم هذه الأرض موجوعة تنظر إلى هذا الإله الأعزل بلوعة، تستمد منه القدرة على مواصلة البقاء علّ الزمن القادم يكون أقل قسوة علينا.
خلال التاريخ الإنساني برمته، لم تتطرق الأديان كلها إلى موضوع السلطة، الدولة، الحكومة، المجتمع.
لم يجر أي تقييم أو فرز أو وضع الحدود بين المفاهيم، أو محاولة معرفة كل حد من هذه الحدود أو كل مفهوم من هذه المفاهيم أو وضعه في سياقه الصحيح، أو في مكانه الصحيح أو الكاذب، أو محاولة ربط علاقة كل حد بالآخر، ثم ربطهم بالإنسان من أجل حمايته من النهش والتهميش.
ليس من مهام الدين معالجة مشكلة الفقر، أو التراتبية الاجتماعية، أو الوضع الاقتصادي للمجتمع بكل فئاته.
لقد ترك هذا الفراغ أن تملأه السلطة، وانزاح جانبًا، ينظر إلى الضحايا دون أي تدخل، بله كان ديوثًا.
ترك السلطة تفعل فعلها في المجتمع، مطالبًا من هذا الأخير أن يصبر على محنته.
نقول أن الدين صناعة بشرية لأنه لم يعالج أهم وأدق قضية إنسانية وهو السلطة كبناء منفصل عن المجتمع، ولأنه، لم يكن في ذلك الزمن، أيام الأنبياء في التاريخ القديم، علوم، كعلم الاجتماع ليحلل كل بنية على حدة، وينظيم العلاقة بينهم، وربطه بالمجتمع.
لم يكن الدين يعرف ما هي الطبقة، السياسة، البنية، الصراع، وغيره، لهذا فإنه مفكك.
آن الأوان أن يتصالح المجتمع مع نفسه، ويقبل بالزواج المدني أو العلاقة المفتوحة بين الرجل والمرأة القائمة على أساس الحب أو القناعة.
وإن يبقى الزواج الديني شأنًا خاصًا لمن يرتضى بهذا الأمر.
زمن الوصايا الدينية انتهى وعلى المجتمع أن يقر بهذا.
الزواج الديني لم يحم الرجل أو المرأة من إقامة علاقة خارج قانون الدين. ولم يعد صامدًا أمام وعي الرجل لذاته أو المرأة لذاتها.
وأصبح كلا الطرفين أكثر إدراكًا لحاجاتهما الجسدية ورغبتهما بالتنوع أو هربًا من الملل أو الروتين أو التكرار.
والمرأة المعاصرة، لم تعد تلك المرأة التي كانت عليه قبل ثلاثين سنة.
علينا أن نقر أنها قد تغيرت تغيرًا جذريًا، ويجب أن لا يتم تقييدها بقوانين من خارج إرادتها
إن الارتباط الحر هو الأبقى والأنضج والأكثر قدرة على ربط الرجل والمرأة ببعضهما دون وصاية من شيخ أو قس أو أي مؤسسة عفنة.
المرأة الجارية التي كانت عليه بسبب الدين، والقيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي قد ولى إلى غير رجعة، وعلينا الاعتراف بها ككيان وإنسان وشريك في كل مجالات الحياة.
وإن تختار شريكها، بعيدًا عن وصاية الأب والأم والمال والسلطة الاجتماعية لتكون إنسانًا فاعلًا في حياتها ومستقبلها.
الوعي بحد ذاته شقاء، صليب ثقيل يا ولدي.
إنه ثقيل.
كلما ولجت في داخله، كلما أصبح حمله أثقل.
الوعي لذة، تلذذ بالألم، مأزوخية، تعذيب للذات المعذبة.
اللذة بالألم هو مناجاة الروح البعيدة، بها تتوحد في هذا العالم الجميل، ومن دونه لا يمكن أن تصل إلى المبتغى، إلى الجمال.
أعلم أنك لا تحب الذهاب إلى الجلجة وحدك، تريد أن تأخذ المصادفات التي جمعتك بالألم، أن تكون أكثر تماسكًا، تمسكًا بالوقائع.
إنها حكايات مكثفة للناجين من الفرح، يستدعون في رحلاتهم الطويلة آلة موسيقية، الهارمونيكا الصغيرة تفي بالغرض، سرير أعزل، فتات خبز، الصمت الودود، كتاب شعر، أو صوت آذان لقارئ عابر، أو الإصغاء لصوت عصفور راحل.
هل هناك تناقض بين مصالح، تركيا وروسيا وإسرائيل وحزب الله وإيران والسلطة الرعاعية في سوريا؟
الا يحق لنا إدانة كل من حمل السلاح، ورهن بلدنا للخارج، كائن من يكون؟
هل يمكن أن تنتصر ثورة يقودها مجموعة من الرعاع والمرتزقة؟
الرعاع على طرفي الصراع، مجرد لصوص، يقاتلون من أجل القسمة المسروقة.
الرعاع لا ينهشون بعضهم.
يوسف القرضاوي, يطلب من الناس أن يجاهدوا, وهو يتنعم بالأموال الحرام, والثروات التي تغدق عليه من المال الخليجي المعبأ بالبترودولار الذي حول الكثير من السياسيين والمشايخ إلى أدوات لتخريب حياة العرب والمسلمين.
منذ أن نزل إلى الساحة العامة في مصر, خرجت ثورة المصريين من المصريين, من الشارع. وتحولت إلى مصلحة فئوية ضيقة, بدعم قطري, مما جعل الكثير من القطاعات الاجتماعية أن تلجأ إلى العسكر مرة ثانية.
مصيبتنا مع المرتزقة, لا يحلها إلا وعي الضرورة والحرية.
اقترح على القرضاوي أن يبيع قصوره التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات, خاصة انه في أرذال, ويجاهد بهذه الأموال في ستر نساءنا وأطفالنا في سورية, ويسكن في شقة صغيرة, مثله مثلنا.
افعلها يا قرضاوي, ربما تكسب حسنة, وتثبت للناس أنك صاحب نخوة وشهامة, وخوف على المسلمين الذين يعيشون في ظلال الجوع والبرد.
في الزمن المعاصر, تعددت وظائف الدولة, وتوزعت على مؤسسات حكومية ومدنية, وتشعبت كثيرا جدًا. كل موظف في مكانه دولة, يقرر بما يفرض عليه ضميره وواجبه وعمله ووجدانه والقانون.
في ذلك الزمن البسيط , في الماضي, قبل اكتشاف علم الاجتماع, لم يكن هناك اقتصاد أو تجارة او سياسة كالذي نراه اليوم. لهذا لم يتطرقوا إلى قضية المؤسسات وتوزيعها فما بالك بمصالح القوى الداخلة والفاعلة في الصراع, والمصالح وتوزع القوى والفئات الاجتماعية وعلاقة الدولة بنفسها وبقواها وتعقيدات هذه العلاقة وشكل اتخاذ القرارات الخطيرة كالسلام أو الحرب.
كانت حياتهم بسيطة. يأخذون قرارات الحرب وفق تصورات وحدس الرجال الفاعلة في مراكز السلطة العليا, في دفع الجيوش الى الحرب ونهب فائض القيمة من الشعوب المغلوبة أو المهزومة أو جني الغنائم كما نقولها في شرقنا.
طبعاً, كان المقدس عامل مساعد للحاكم ليعبد خطاه
السياسة فاعل معاصر ونشط, يتعامل مع حقائق الحياة وفق تطورات الزمن والظروف.
البعض يريد سواء عن معرفة أو جهل أن يطبق الشريعة على الواقع المعاصر, ويفرض على السياسة المتحركة, النشيطة أن تتكيف مع القوانين والتشريعات التي وضعت قبل آلاف السنين. اي أن يضعوا العربة أمام الحصان. وخذ إذا كان راح يمشي.
كما هو معروف, السياسة في المقام الأول, والتشريعات والقوانين التي تنظم الحياة في المقام العاشر, بيد أن اصحابنا, ينظرون إلى الشريعة على أنها تختصر السياسة والحياة معًا.
في البلدان المتقدمة, يجتمع البرلمان يوميًا تقريبًا, ليصدر قانون او تشريع يلبي حاجات الناس في هذا العصر, بقسوته وتعقيده وتنظيمه الدقيق, وجماعتنا, يريدون أن يرجعوا إلى الماضي ليبحثوا أن كان هناك نص ينطبق على واقعنا, وإذا لم ينوجد, نقص الزمن ونرقعه ونربطه بالماضي.
قبل أن يأتي حافظ الاسد إلى السلطة كنت أرى عمق الانتماء الوطني للإنسان السوري ومدى إيمانه بنبل قضيته. مع مر السنين, اكتشف هذا الانسان أن دمه تحول إلى مجرد ارقام, دولار في البنوك العالمية. همش الإنسان السوري, تفل في وجهه وسحق. وبدأت مكنة المخابرات تفعل فعلها. مطلقة اليد, تفعل ما تريد, تقتل من تريد وتغتصب من تريد, واصبحت القضايا الوطنية مجرد لعبة بيد عائلة ومجموعة اتباع. وتحول بقية الناس الى مجرد ارقام.
الصراع يأخذ كل الوجوه وكل الاشكال إلى ان يستقر.
ولكن الجيش الذي سهر على تربيته حافظ الاسد هو اسوأ واحط جيش, واحقر جيش. هو الذي دخل لبنان وخرب لبنان, وخرب سوريا. وهذا الجيش لم يحارب الا شعبنا, سواء في سوريا او لينان. وقتاله في حفر الباطن كان مشبوها لانسان مشبوه. لست حزينا ان ينبش قبر حافظ الاسد وتخرج عظامه ويحاكم. وان يحاكم بقية افراد عائلته. أولاده, زوجته, أخوة زوجته. جميعهم بدون استثناء
هناك البعض وضع صورة امرأة وكتب تحتها/ امرأة علوية تخطف النساء لصالح الأمن/ اعتبر هذا الكلام متبذل ورخيص وهو قائم على التمييز وهو عمل مرفوض ورخيص. ففي النظام مخبرين من كل الاجناس والمشارب ولديه ناس خدموه من كل المشارب وهناك من باع نفسه بالرخيص من كل المشارب. هل رأيتم ان للخيانة وطن؟ نحن احوج ما نكون بعيدين عن هذه الأمور السطحية والتافهة والرخيصة يجب ان لا نميز الناس على اساس منابتهم او عائلاتهم او أديانهم او طوائفهم.
السياسة عمل مجرد مثل الرياضيات لا مكان للمشاعر والعواطف فيه. انه عمل صعب يجب ان يفهم بشكل جيد. يجب ان نصل الى حلول صحيحة والا سنعود الى نقطة البدء.
ـ ولد هذا الخليج هجينًا ضائعًا عاريًا لا ضلوع له ولا سماء. مشردًا بلا أب أو أم أوضفاف تحضن وجعه. ثم صوبت نظري نحو الحوذي المسكين فرأيته يلهث بصعوبة, يئن من الوجع. أقتربت منه ووضعت يدي على رأسه ثم ضممته إلى صدري بحنان كأم وديعة, حنونة تحب أولادها وتخاف عليهم. قلت له لا تحزن يا أخي هذا هو حال الدنيا. يومًا لك ويومًا لغيرك. أنها إرادة الحياة والاقدارالمقلوبة على قفاها. لا ادري أي شيطان نكزني ولوث دمي ودفعني للعودة لاحرك المياه الضحلة النائمة في القاع. قلت له بينما عيني تتجه نحو السراب:
ـ ماذا يعني ان يكون المرء إنسانًا
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟