عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 10:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حصل ويحصل في التاريخ، أن تمر الشعوب بمراحل تخلق فيها طغاتها وتحيطهم بهالات من التبجيل والتفخيم تضعهم فوق مستوى البشر. نحن العرب نمر اليوم بهذه المرحلة، التي بدأت أوروبا بالتخلص منها في القرن السادس عشر.
في الدولة المزرعة، لا نستغرب حدوث أي شئ، في الإتجاه السلبي طبعًا، لأنها ولٌّادة أزمات تتخبط فيها وليس بمقدورها حل أي منها. ومن تجليات مرحلة الدولة المزرعة وتعبيراتها في حالتنا العربية، الحزب القائد، الزعيم الحكيم المهيب المش عارف شو حفظه الله، وغير ذلك من ألقاب ذات أصول قروسطية. وليس يفوتنا التذكير بتوظيف الدين لخدمة أهداف سياسية في الدولة المزرعة، وقد عرفت أوروبا هذا التوظيف بعنوان "الحق الإلهي" للأباطرة والملوك والامراء، أي أن هؤلاء كانوا يحكمون بتفويض من السماء ومباركتها. وفي واقعنا يتخذ توظيف الدين اشكالًا عدة، لا نظنها خافية على أحد ولا نراها بحاجة إلى مزيد بيان. في هذا السياق، نكتفي بالإشارة إلى أن فهم الدين المهيمن في الدولة المزرعة عادة ما يكون قروسطيا متحجرًا.
لثقافة مرحلة الدولة المزرعة تجلياتها، ومنها ربط الدولة بالحاكم وأسرته، فإذا سقط الحاكم، يقال سقطت الدولة، وهذا ما يتردد في واقعنا حتى يوم الناس هذا. بل وهناك اتجاهات فكرية، تربط عروبة الدولة ومقاومة شعبها للاحتلال الصهيوني بوجود حاكم محدد وأسرته، إذا سقط تصبح عروبة الدولة ودفاعها عن قضايا الأمة موضع شك! هذا ما نراه حقيقة شاخصة في فضاءاتنا حتى اليوم، بينما تجاوزت الأمم المتقدمة أزمنة الدولة المزرعة وثقافتها منذ قرون. الدولة المزرعة، بطبيعي أمرها ضعيفة متخلفة تابعة، وبالتالي قد تنهار في أي وقت، لأسباب عدة أهمها إخفاق نظامها وفساده وتوحشه أو انتهاء دورها سواء بمعايير التاريخ أو لاستغناء داعميها عنها. لا مواطنين في الدولة المزرعة، بل رعايا لا دور لهم في اختيار من يحكمهم ومحاسبته، ولا في تقرير مصايرهم.
ونحن نعتقد ان دولة المزرعة في واقعنا العربي بدأت تهتز عن جد منذ 2011، حيث أصبحت نهايتها مؤكدة، ولكن ليس دفعة واحدة، بل على مراحل بين مد وجزر، لأنها مرحلة عابرة في حياة الأمم والشعوب وفق قوانين التاريخ وشروطه.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟