|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-12
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 02:48
المحور:
كتابات ساخرة
لم تتكلما، فقط عندما أنهيتُ كلامي سألتني ملاك هل أكملتُ؟ وما إن قلتُ نعم حتى قَطعتْ الاتصال دون أي تعليق... - ما الذي حدث؟ - لا أعرف، ولم يعد مهما الآن! - كيف لم يعد مهما؟!! من قليل كنا معا، والآن ينتهي كل شيء!! - لن أغفر له هذه المرة ولن أسمح أن تتواصل هذه المهزلة! - ماذا تقصدين؟ - أنا انتهيتُ! ونهائيا هذه المرة! - أنا لم أنته! ولن أنتهي أبدا!! - أخرجي من هنا! - ملاك... - قلتُ لكِ اخرجي! لا أريد أن أراك! اذهبي إليه! هو لكِ ووحدكِ! أليس هذا ما تريدين؟!! - لن أخرج! وليس هذا ما أريد! - لم يستحق لحظة واحدة مني! مجرد أناني نرجسي متعجرف لا يُفكر إلا في نفسه! اذهبي إليه قلتُ لكِ! ربما وجدته مع أخرى... لا تعودي إليّ باكية حينها! - ما معنى كلامكِ هذا؟ أتحاسبينني على ما حصل للتو؟ ليس عدلا، أنا لا أعرف أي شيء عن تغيره مثلكِ! فلماذا تهاجمينني هكذا!! - لأنكِ ذليلة وبسببكِ أهنتُ نفسي! أنتِ السبب في كل ما حصل!! - ملاك! ليس الآن! هذا كثير ولن أستطيع تحمله! - نعم أنتِ السبب! أنا من أردته أولا ولم تحترمي ذلك! هرعتِ إليه وفعلتِ ما لا تفعله حتى المبتذلات! لو لم تفعلي ذلك ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن! - ملاك!! - اذهبي إليه ماذا تنتظرين! مبروك عليكِ! اخرجي من هنا! - لا أصدق - صدقي!! نعم أحببته لكني لست ذليلة مثلكِ لأقبل بصبيانياته! سأقتلعه من تفكيري... نعم سأفعل ذلك! أنا قوية وعندي كرامة! لستُ مثلكِ!! - ملاك... لا يمكن أن أصدقكِ! - إذا عدتِ إليه، سأقتلعكِ مثله! وسأفعل! - لا هذا كثير!! ولن أقبل به أبدا!! انتظري فقط لنعرف ما الذي غيّره! - قلتُ لكِ أنكِ ذليلة ولا كرامة عندكِ! لا يهمني معرفة أي شيء منه! إلى الجحيم!! - أنا يهمني... - جيد! انتهينا إذن! - انتهينا كيف؟! - نحن! أنا وأنتِ! - لن يحدث ذلك أبدا! - أريد البقاء وحدي... - لا أريد أن أترككِ - قد فعلتِ وقرّرتِ واخترتِ! - لم أقرر أي شيء - إيمان... الكلام انتهى... أريدكِ أن تغادري... - وكلامكِ منذ قليل؟ أنسيتيه؟! - لم أنسه! - (المستقبل يخيفني في شيئين، في الأول يتلاشى الخوف عندما أعلم أنكِ ستكونين معي)، لم أغادر مكاني ولن أفعل أبدا! أنتِ تفعلين الآن! - لستِ معي! ولم تكوني معي منذ أن ارتميتِ في حضنه! والآن اخترته دون تفكير! - لم أختر ولستُ مجبرة على الاختيار! وأنتِ أيضا! - لا يصلح لي هذا الإنسان، ولا لكِ! نحن أرقى بكثير! نستحق أحسن وأكرم!!! - أنتِ غاضبة الآن، أفهمكِ، لكن لا تُلقي باللوم عليّ! - وإذا طلبتُ منكِ أن تختاري؟ - لا أريد ذلك، وقد اتفقنا وتجاوزنا الفكرة من أساسها! - قبل اتصاله نعم! بعده، كل شيء تغيّر! - عندي لم يتغير، ولا أستطيع أن أقرر أي شيء قبل معرفة الذي غيّره... - ستقبلين بكل شيء سيقوله، وستسمحين له بأن يفعل ما يشاء، بأن يُهينكِ، وستتبعين نزواته دون كرامة! لكِ ذلك، لكني لن أقبل! - ربما وقع معه أمر جلل، أحيانا قد يُجبر الرجل على مغادرة زوجته وأبنائه، والأخ على مغادرة أخيه و - يا لكِ من حمقاء! غريق يتمسك بقشة أبدا لن تُسعف أوهامه في النجاة! - ما المطلوب مني الآن؟! اطلبي وسأنفذ! - أن تُغادري - لن أفعل! - ولم لا؟! أكيد عندما اتصل كان أحدهم واضعا مسدسا خلف رأسه! عندما سترينه ستعرفين أنه كان مُجبرا! - إذا أجبرتني على الاختيار، تعرفين من سأختار، وتعرفين أني لن أكون سعيدة... - لا أعرف أي شيء الآن! - بل تعرفين! وتعرفين أنكِ مخطئة! - ستشكرينني في المستقبل، لو فعلتِ... - لن أشكركِ لأنكِ مخطئة! أرى ذلك كنور الشمس! - يستحيل أن أقبل به مرة أخرى حتى لو أمضى كل حياته يعتذر! ويستحيل أن أقبل أن تُهيني نفسكِ وتعودي إليه! - لن أفعل... - لن تفعلي ماذا؟ - لكني لن أكون سعيدة! - ... - وستندمين على ذلك! - ... - سأخرج! أنا من أريد ذلك الآن! أشعر بالاختناق! - ... - لم أنسَ ما قلتُ ولازلتُ ملتزمة به! لن أختار أحدا أمامكِ! لكني مُجبرة على ذلك وسأفعل ما قررتِ لكني لستُ راضية! لأنه ظلم! لأن فخركِ سيجعلني تعيسة! أكره هذا فيكِ! وستتحملين كل النتائج وحدكِ مستقبلا! - أي نتائج؟ - أن ترينني تعيسة! - ... - إن اهتممتِ بالطبع!! - وهل تشكين في ذلك؟ - لا يهم الآن!! لا شيء يهم!! ليذهب إلى الجحيم! نعم ليذهب إلى الجحيم!! فقط أنا وأنتِ! هذا ما قررتِ دون حتى أن تعرفي لماذا قال ما قال! وفرضتِ عليّ ذلك!! - لم أفرض عليكِ شيئا... - ولم أر أي صبيانيات في كلامه مثلما قلتِ! قال أنه سيكون أحسن للجميع! هو رأى ذلك وأكيد مخطئ في رأيه ورأيه يمكن أن يتغير عندما يرى خطأ حججه! - ألهذه الدرجة تُحبينه؟!! - ... - ألا ترين أنه لا يمكن أن يكون لكِ مستقبل مع إنسان كهذا يُغير مواقفه جذريا بين عشية وضحاها؟ - كلنا يُمكن أن نُخطئ! ثم لازلنا صغارا ونحن نتعلم من الحياة! - ومن قال لكِ أنه سيرى نفسه مخطئا وسيُغير موقفه عندما سيسمع حججك؟ من قال لكِ أنه ليس مع أخرى الآن! أنتِ لا تعلمين عنه شيئا! - تعرفين أن ما قلته غير صحيح! - لا لا أعلم! بل ربما أجزم به! يُريد المختلف الذي لم يعشه، أليس هذا ما قال؟ ألا ترين أن كل القصة مجرد تجربة عنده؟ هو لا يُحبكِ عزيزتي ولا يُحبني! أنتِ مجرد تجربة ملّ منها بسرعة وأحسن أنه فعل قبل أن تحدث المصائب! - لا أصدق ذلك! - لأنكِ غبية! طول حياتكِ كنتِ تسخرين منهم، وفي لحظة سمحتِ بأن يسخر منكِ ودون حدود! ولازلتِ تُدافعين عنه؟! - لم أدافع عنه! طلبتُ فقط أن أعرف السبب وبعد ذلك أحكم!! - مجرد تجربة أحسن أنها انتهت مع بداياتها، ستنسينه وستعرفين غيره، أعدكِ بذلك... - وأنتِ؟ - أنا ماذا؟ - ... - كرامتي أهم من كل رجال الأرض! ثم كانت تجربة جيدة منها عرفتُ من تكونين بالنسبة لي، يكفيني ذلك! - لن يكفيكِ! تعلمين ذلك جيدا! - بل يكفيني! أنتِ ودراستي... يكفيني ذلك! - لن أكون سعيدة! - لوقت نعم... لكني سأعتني بكِ ولن تحتاجي لشيء! - ومن سيعتني بكِ؟ - لن أطلب منكِ ذلك، ولن تري مني لحظة ضعف... أعدكِ بذلك! - ... - إيمان... ما بكِ؟ هل أنتِ بخير؟ - أنا... أنا... أأأ لم تكن إيمان الأضعف يومها كما ظهر، نوباتها كانت تُساعدها على إخراج الكثير من داخلها، بعكس ملاك التي أغلقتْ كل المنافذ ولم تُفكر في لحظة الانفجار التي لن تستطيع مقاومتها وإخفاء عواقبها... لم يحدث أي اتصال بيننا لأسبوعين كنتُ أراهما من بعيد، كنا نُحاول أن نتجاهل بعضنا لكن دون جدوى... بداية الأسبوع الثالث، كنتُ مع جامبو أمام المكتبة، كانت تنتظر اكمالي لسيجارتي قبل الدخول، فمشت قليلا ثم عادت... - ملاك هناك... وحدها... تبكي... تعال نذهب إليها - وما دخلي أنا؟ - لا تكن فظا! ملاك صديقتنا! تعال... - قلتُ لكِ لا أريد... - لم أطلب منك تريد أو لا، قلتُ لكَ تعال معي! - سأدخل المكتبة... - لن تفعل! وأخذت بذراعي بقوة وجعلتْ تدفعني حتى وقفنا أمام ملاك... رفعتْ ملاك رأسها ونظرتْ لي، للحظات دون أن تأبه بوجود جامبو التي جلستْ بجانبها... - هل أنتِ بخير؟ ما بك؟ لماذا تبكين وحدكِ هنا؟ - إيمان... إيمان ليست بخير... ولا أعرف ماذا أفعل معها؟ - إيمان؟ ما بها؟ رأيتها بالأمس ولم ألاحظ شيئا... - تُريد أن تُغير التوجيه... - تُغيّر التوجيه؟! - لا تريد الاستمرار هنا! حتى أبوها كلمني وطلب مني أن أُغير رأيها لكني لم أستطع! - ولماذا تُغير التوجيه وأبوها العميد؟ ثم تبتعد عن أصدقائها وتخسر سنة دراسية كاملة! تُغير إلى ماذا؟ - صيدلة - ولماذا لم تخترها منذ البداية؟ لماذا الآن؟ أإيمان بهذه السذاجة؟! - لا أعرف!
- وأنتَ لماذا لم تقل لي ذلك؟ - لم أكن على علم... - كيف لم تكن على علم؟ ثم... انتظر... لم أركما معا المدة الماضية... لا تقل لي أنكَ السبب!! - لا علاقة لي بذلك قلتُ لكِ، ولم أكن على علم! - آه جيد، إنها قادمة...
- ما الذي يحدث؟ ملاك... - لا شيء - جامبو؟ - قالت أنكِ تريدين البقالة؟ هل فقدتِ عقلكِ أو ماذا؟ - آه... - هل حقا تريدين إضاعة سنة من عمركِ لتدرسي لستُ أدري ماذا؟ - نعم - بعد المسارح والملاعب صار يغني في الأعراس! - نعم - ولماذا؟ ما الذي تغير؟ ولماذا لم تختاريها منذ البدء؟ - بابا أجبرني على المجيء هنا ثم نادت جامبو إحدى الزميلات فغادرتْ... وبقينا ثلاثتنا، أنا واقف أمام ملاك وإيمان واقفة بجانبي... فتَكلمتْ - والآن ماذا؟ - تركتُ هندسة الاتصالات من أجلكِ! يستحيل أن أبقى في هذا المكان إذا غادرتِه! - الكلية تبعد عن هنا أقل من كيلومتر، لا تُبالغي... - لن نكون معا طوال اليوم! - سنكون معا في الليل، ولو لم نكن في نفس المجموعة هنا، كانت أيام كثيرة لن نلتقي فيها طيلة اليوم ونحن في نفس الكلية... - لن أقبل بذلك أبدا! - لا أستطيع أن أبقى هنا، تكلمنا في الموضوع، تعرفين أني لن أستطيع... - تستطيعين! - ملاك، أنتِ قررتِ وأنا نفذتُ! لا تستطيعين الهروب من نتائج قراراتكِ الآن! - لن أقبل بهذا أبدا، لن أستطيع! وأنتَ ماذا تفعل هنا؟! ابتعد من أمامي! سبب كل المصائب!! - ... - ماذا تريد الآن؟ - أأأ... أريد... أريد الجلوس... لا... لا أستطيع مواصلة الوقوف... عندما استيقظتُ، وجدتُ نفسي في مستوصف الكلية، وبجانبي محمد وجامبو وإيمان... مرت أيام وأنا أعيش على القهوة والسجائر... فقط، دون أي رغبة في الأكل... تكلما قليلا ثم خرجا وبقيتُ مع إيمان... - لا تغادري... - لا أعلم لمَ، لكن سأبقى بعض الوقت... - أقصد الكلية... - لن أستطيع البقاء! - أحبكِ... وسأفعل دائما وأبدا! - تَركتَنِي! - نعم، فعلتُ... - دون أي تفسير! - لا أستحق أن أكون معكِ... هكذا رأيتُ - تَركتَنِي! - ولا أزال أرى نفس الشيء! - تَركتَنِي! ولم تشرح لي أي شيء! وقررتَ وحدكَ! من أعطاكَ الحق؟! - حبي لكِ... - حبكَ لي قال لكَ اهجرني! اقتلني!! - لن ينجح الأمر وأنا أشعر بنفس الشيء نحوها، يستحيل أن ينجح! - كان سينجح لأننا قبلنا وتجاوزنا! لكنك هدمتَ كل شيء! قررتَ وحدك دون أن تستشير أحدا! والآن يستحيل أن تقبل ملاك وتغفر لكَ حتى لو أمضيتَ عمرا تعتذر منها!! - عندها كل الحق... قلت لكِ أني لا أستحق... لكن ذلك لا يعني أن تتركيها وتُغادري! - لا شأن لكَ بذلك! الأمر لا يهمكَ الآن! - أريد أن أراها سعيدة، ولن يكون ذلك وأنتِ بعيدة عنها... - كل شيء أنتَ السبب فيه! لا تنسَ ذلك أبدا!! - لا يهم من السبب الآن، المهم ألا تُغادري... فلا تفعلي... - سأخرج الآن... - لا تتركيها... - ... - عديني بذلك... - ... - ... - ... أنا أيضا!! - ماذا؟ - أحبكَ! بعدها بقليل، دخلتْ ملاك، لم تقترب من الفراش وبقيتْ واقفة قليلا، ثم وقفتْ أمام شباك دون أن تنظر لي... - إذا لم اُغير رأيها، أنا أيضا سأغادر الكلية... لا أحب الصيدلة، لكن سأذهب إليها لأتبعها... وهكذا تكون قد دمّرتَ كل شيء حتى مستقبلنا المهني! على الأقل هناك أمر جيد... لن نكون زملاء ولن أكون مجبرة على احترامك في المستقبل... - ستعرفين كيف تمنعينها من كل ذلك... أنتِ الأصل والمركز الذي يدور حوله الجميع... - آه... قلتَ لي ذلك أول مرة وكنتُ ساذجة فصدقتكَ! - لم تكوني يوما كذلك... وستبقين دائما وأبدا الأصل في كل شيء... - ... - لم أكن أرغب في كل ما حصل... لم تكن نيتي - ماذا! إما الذي لا يخطئ وإما المعذور صاحب النية الحسنة الذي خذلته الظروف السيئة!! - أعتذر عن كل شيء... ولستُ أدافع عن نفسي... على كل حال لن تصدقي أي شيء مني الآن... - قلتَ أحسن للجميع! فهل النتائج التي تراها "أحسن للجميع"؟! - لا... - لا أعلم ماذا سأفعل فيك إن لم تُغير إيمان رأيها!! - سأقبل بكل ما ستفعلين... - لم تعد تعني لي شيئا! إيمان هي الوحيدة التي تهمني الآن! أتعجب من نفسي كيف اهتممت لكَ... - لن أنكر ما أشعر به مهما كانت الظروف، لستُ كالبعض... - ماذا تقصد؟ - أحبكِ... - تجاوزتُ تلك المرحلة... - حقا؟ - هل عندكَ شك؟ - لا... أصدقكِ... وسأصدقكِ أكثر لو أعنتني على الوقوف والخروج من هنا... - تستطيع فعل ذلك وحدك! لستَ في قاعة إنعاش بعد زراعة كبد! - ... - طيب!! سأفعل! كنتُ جالسا، فاقتربتْ وهمتْ بيدها اليمنى أن تأخذ بيدي اليسرى، وبيسراها أن تأخذ بيدي اليمنى فتضعها على كتفها... لكني أوقفتها... وأخذت بيديها بين يدي ناظرا إلى أسفل... - ربما جبنتُ وهربتُ... لكني رأيتُ ولازلتُ أني لا أستحق أن أكون معكِ... لم أر مستقبلا وأنا أشعر بنفس الشيء نحوكما... قلتُ أبتعد من الآن أحسن من المواصلة... مع كل خطوة كنا سنتقدمها كنا سنغرق أكثر وستزيد صعوبة التراجع... لم أكن أنانيا ولا مستهترا عابثا بل بعكس ذلك لم أفكر في نفسي بل تركتها الأخيرة... ربما أكون أخطأت وأستحق لعناتك لكني لم - اسكت! - ... - تعال... قم... لنخرج من هنا... مشينا قليلا، ثم جلسنا في حديقة المستوصف، لم أتكلم برغم رغبتي، لكني انتظرت أن تبدأ... - تريد أن تعرف لماذا جئتُ؟ - نعم - من أجل إيمان! - ... - لن تتراجع إلا في حالة واحدة... - ما هي؟ - أنتَ! - ... - أنا من فرضتُ عليها ألا تُكلمكَ، لكني سأتراجع عن ذلك... - ... - بشرط ألا تقترب مني أبدا! وأن تنساني!! - لن يحدث ذلك! - ستكون علاقتنا مثلما يظنها بقية الطلبة، أنتَ وإيمان، أما أنا وأنتَ فمجرد زملاء لا غير!! - هل هذا ما تريدينه؟ - هذا هو الحل الوحيد لكيلا تغادر إيمان! - لن تغادر إيمان، أضمن لكِ ذلك، لكن يمكن أن نجد حلا آخر... - لا تستطيع ضمان أي شيء أنتَ، حتى نفسكَ لا يُمكنك أن تضمنها! - لستُ بهذا السوء... - هل اتفقتا؟ - اتفقنا على ماذا وأنتِ وكأنكِ تتكلمين عن صفقة بيع خرفان؟! هناك بشر في القصة!! - لن أقبل أن تغادر إيمان قلتُ لك هل تفهم؟!! ومسكتْ بذراعي، وضغطت حتى غرزتْ أظافرها... الذهول الذي أصابني أنساني الألم فلم أجذب ذراعي وبقيتُ أنظر إليها حتى تيقنتْ لما صنعتْ... - أعتذر... سامحني... لا أدري ما الذي أصابني... لم أقصد ذلك.. - لا عليكِ - تعال لنعد إلى المستوصف... هيا تعال... - وماذا سأقول للممرضة؟ لن أفعل... - هناك دم... وجروح آثار - لن تغيبي عن بالي الآن، أتمنى أن تبقى آثار أظافرك أبدا... - يجب أن تنظف الجروح وإلا تعفنت! - ويجب أن ألقح ضد داء الكَلَب أيضا... - لنعاود الدخول إلى المستوصف... هيا... - قلتُ لكِ لن أفعل ذلك... - وكيف سننظفها! - لا تهتمي... خدش بسيط... إلا إذا كان هناك خوف من الكلب؟ - لستَ ظريفا! - رشي عليها قليلا من عطركِ وانتهتْ القصة... - فكرة... سأفعل... - رأيتِ؟ انتهينا... - تعال معي... لنخرج من هنا! - إلى أين؟ - اتبعني... إلى منزلي... إيمان وملاك كانتا في نفس المجموعة، كان في ذلك الوقت حصة أشغال تطبيقية وملاك لم تكن حاضرة، فعلمتْ إيمان سبب غيابها... في منزل ملاك، قامت باللازم من التنظيف حتى الضمادة... ثم بقينا بعض الوقت دون كلام وكأن كلا منا ينتظر الآخر للمبادرة... - سأخرج الآن... شكرا لكِ على كل حال... - لم أقصد ذلك... - أعلم... - انتظر... - ... - لم تقل رأيكَ فيما قلتُ - تعلمين أكثر مني أنه لن يحدث - ولن أقبل أن تغادر إيمان! - ربما لا أعن لكِ شيئا، لكنكِ تعنين لي كل شيء... أعتذر، لكني لا أستطيع ابطال ذلك وادعاء أنه ليس واقعا! ثم ستُغير رأيها، السنة الدراسية لم تنته بعد... - وإن لم تغير؟! - لن أكون السبب... - أنتَ السبب في كل هذا، والآن تتهمني!! - ربما كنتُ السبب، لكن الأمور تغيّرتْ الآن، والوحيد الذي بيده القرار والذي سيتحمل كل المسؤولية هو أنتِ... - يعني أكون معكَ غصبا عني وإلا أنا المسؤولة؟! - لم أطلب ذلك - ماذا تطلب إذن؟!! - لم أطلب شيئا، انسحبتُ منذ أكثر من أسبوعين، والآن غصبا عني عدتُ إلى نفس المكان الذي كنتُ فيه! ثم لم أطلب شيئا لا منكِ ولا منها! - لن تتغير ولن تعترف أبدا بالخطأ ولن تتحمل أي مسؤولية! الآن أراك بكل وضوح! - إذا كان هذا ما سترضين للجميع... أقبل! - ولن تقترب مني أبدا؟ - لا أستطيع أن أعد بذلك، ثم مما تخشين إن كنتُ لا أعني لكِ شيئا؟ أقترب أو أبتعد، لن يُغيِّر عندكِ من الأمر شيء؟ - لا تحاول الآن! لن تنجح! لم أعد بتلك السذاجة! - أحاول ماذا؟ ما تقولينه أصوله عندكِ لا عندي... ثم كُفّي عن هذه التمثيلية السخيفة! - أي تمثيلية؟ - يعني... حدوتة أني لا أعن لكِ شيئا! خداع مَنْ تُحاولين؟ - قلتَ أنك قبلتَ... تستطيع أن تخرج الآن! هي لكَ، ولا أريدها أن تعرف بالذي حصل بيننا منذ المستوصف! - لن أكذب! - مثلما تُريد... اخرج الآن! - بعد أن أخرج... أريدكِ أن تسألي نفسكِ: تُحاولين خداع مَنْ؟ ستجدين أن الجواب: نفسكِ! - لا تهتم لأمري... - لا أستطيع أن أعد بذلك... - ماذا تريد الآن؟!! لماذا تُصعِّب عليَّ كل شيء؟ أكذب وأخادع نفسي؟!! نعم أفعل!! ولماذا؟ لأني يستحيل أن أغفر لكَ!! ويستحيل أن أقبل أن تبتعد عني إيمان!! الحمقاء الضعيفة الذليلة!! لو كانت مثلي لكان الأمر هينا ولما رمقتكَ حتى بنظرة شفقة أو ندم!! لكنها ليست مثلي!! - لم أقتل أحدا لكي لا تغفري لي! ثم أستطيع أن أُصلح أي خطأ قمتُ به أنا مستعد لذلك! - متأكد أنكَ لم تقتل أي أحد؟! - وعدتُ ثلاث مرات وأخلفتُ؟ - حاشاكَ! - أُحبكِ... لكنكِ تقريبا مثالية في كل شيء! ماذا أفعل؟ حتى إيمان قالت لكِ أنكِ بعيدة جدا عنها! لا تستطيعين محاسبتي انطلاقا من عليائكِ، عليكِ أن تنزلي قليلا لتفهمي أني فعلتُ كل ما استطعتُ! أما إذا بقيتِ أين أنتِ فلن يصل لكِ أحد، لا أنا ولا إيمان! - كفّ عن كلامكَ المعسول! لست لا مثالية ولا بعيدة! بل أنتَ مجرد أناني نرجسي متعجرف وهي مجرد حمقاء ذليلة بلا كرامة! ثم كم مرة وعدتَ ألا تتركني أبدا؟ وفي كل مرة تخلف وتدعي أنكَ صاحب الحق فلا تعترف حتى بخطئكَ بل تُبرر لنفسك! أي مريض هذا الذي سيشفى وهو لا يرى نفسه مريضا أصلا بل هو الصحة ذاتها؟ - ... - ما الذي يضحكك؟!! - لم أضحك، أنا أبتسم... - ترى! لستُ مثالية بل غبية وعمياء فأنا لا أستطيع حتى رؤية الفرق بين الضحك والابتسام! - لا! أنتِ فخورة، وفي فخركِ كل الحلول... - ... - لم تهتمي لأحد مذ جئتِ لهذا العالم، ويوم فعلتِ رأيتِ أنه لم يعرف حق قدركِ... غبي!! لكنكِ تُحبينه! وحتى عندما أردتِ نسيانه وضعتكِ إيمان أمام خيار صعب كسر فخركِ! وتنازلتِ مرة أخرى ورأيتِ أنها أهانتكِ ولم تُعطكِ حق قدركِ مثلما فعل هو! المشكلة أنكِ لن تستطيعي أن تفعلي معها ما عزمتِ على فعله معه، وغصبا عنكِ تنازلتِ وقبلتِ، ولتخدعي نفسكِ وتردي شيئا من الاعتبار لكبريائكِ تحاولين أن توهمي نفسكِ أن كل ذلك من أجلها فقط والحقيقة أنه من أجله هو أيضا! لماذا كل هذا ونحن مجرد أطفال للتو دخلنا مسرح الحياة؟ أليس من حقنا أن نُجرب؟ أن نُخطئ فنتعلم؟ ثم إذا كان الأصل موجودا وقويا كل القشور لن تُغير شيئا! - أي أصل؟ - ما نشعر به برغم كل الذي وقع... - ... - ماذا تريدين أن أفعل؟ - لا أستطيع أن أثق بكَ! يستحيل أن أعود لما كنتُ عليه!! - لا أدعوك لأن نعود إلى الخلف بل لأن نتقدم... - وكيف سنتقدم بعد كل ما فعلته!!! - ماذا فعلتُ؟ كأني قتلتُ! - تَرَكْتَنِي!! - اللعنة.. ألا يُوجد عندكِ سؤال لماذا؟ - لا يوجد ولا يُمكن أن يوجد أي عذر أو تبرير! وعدتني وتركتني! - ... - لا يمكن أن يوجد أي عذر! حتى لو كنتُ قاتلة! عليكَ فقط أن تبقى في صفي وألا تتركني أبدا! لكنكَ فعلتَ وتركتني!! - لكنـــ - اخرج! لا أريد أن أراك! - إذا رفضتِ كل عذر، يبقى عندي عذر لن تستطيعي رفضه! نحن صغار ولازلنا نتعلم! اللعنة لم نصل حتى للعشرين! - ... - من حقكِ أن تغضبي وأن تقولي كل شـ - أحبكَ... - ماذا؟ - ولذلك لن أغفر لكَ أبدا تركي! أبدا لن أغفر لكَ! اخرج! - ملاك - سأصرخ إن لم تخرج! اخرج!! - حاضر حاضر... أخرج... أنا خارج... عند باب العمارة رأيتُ إيمان قادمة تحث الخطى، وما إن رأتني حتى أبطأت... في نفس تلك اللحظة سمعتُ صوت ملاك يُناديني، وعند التفاتي رأيتُها تجري نحوي فترتمي في حضني وتضغط بكل قوة ذراعيها على ظهري... كانت ترتعش، كانت تبكي، كانت تضحك... واختلاط الثلاثة أسمعني صوتا طالبني بأن أعد... فوعدتُ ألا أتركها أبدا... مرة أخرى!
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهولوهوكس: إلى كل التيارات الفكرية... دعوة وتحذير
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
-
الحجاب بين ليبيا وأمستردام!
-
فيلة
-
وهم الدعوة إلى الإلحاد
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سابع)
-
خرافة الهولوكوست وحقوق الإنسان... اليهودي!
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء سادس)
-
هل أنتَ منافق؟ (2)
-
هل أنتَ منافق؟
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء خامس)
-
شيزوفرينيا اليسار بين الإمبريالية والصهيونية والعروبة والفار
...
-
الإلحاد والملحد والحرية (جزء رابع)
-
عن فقيدة الفكر الحر... -الجدلية-!
-
الإلحاد والملحد والحرية 2-2
-
الإلحاد والملحد والحرية 1-2
المزيد.....
-
القضاء يرفض إلغاء إدانة ترامب بقضية الممثلة الإباحية
-
القضاء يصدر حكمه بشأن إدانة ترامب في قضية الممثلة الإباحية
-
مؤسسة سلطان العويس تعلن عن برنامج احتفاليتها بمئويته
-
وزير الخارجية الإيطالي يأمل بترجمة العلامات الإيجابية الأولى
...
-
تونس تودّع الممثل القدير فتحي الهداوي
-
-أشكودرا- الألبانية.. لؤلؤة البلقان الطبيعية ومنارتها الثقاف
...
-
الفنان السوري جمال سليمان يكشف عن عمل درامي يتناول كواليس -س
...
-
كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
-
كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
-
رئيس الجمعية العمانية للسينما يتحدث لـRT عن السينما وأهميتها
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|