أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منى نوال حلمى - ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة














المزيد.....


ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 22:14
المحور: قضايا ثقافية
    


========================
فى أقسى تجليات الظروف الاقتصادية ، لا أعتقد أن أزمتنا الحقيقية ، هى الارتفاع فى
" الأسعار " . ولكن فى انخفاض " الثقافة " .
الجميع يشكون ، بنبرة متشابهة الاستياء والحسرة ، أن دخول اللحم والفراخ والبيض ، الى البيت ، أصبح من " الممنوعات " ، أو " المحظورات " .
لا أسمع أحدا ، يشكو عدم دخول " الوجبات " الثقافية ، ومنع أو حظر " السُعرات "
الثقافية ، الضرورية لتحقيق " النمو " الحضارى .
تميزت مصر ، بملامحها " المصرية " ، و " جيناتها " المصرية ، و " دمها " المصرى ،
الذى جعلها بلا منازع ، أو منافس ، أو شبيه ، أو بديل ، " الوردة " بين جيرانها .
مصر " الوردة " الرائدة ، التى تكتب وتقرأ وتغنى وترقص ، وتنحت وتلون ، وتخترع
وتكتشف ، تبنى وتعمر ، تزرع وتتخيل .
على مدى تاريخها ، لم تنطفئ مصابيح الثقافة المصرية ، واشعاعها على المنطقة .
ما نسميه " القوة الناعمة " ثقافة وآداب وفنون ، كان " الحصان الرابح " ، الأصيل ،
الرشيق ، يحمل مصر ، ويقفز بها ، من حاجز الى آخر .
فى أحلك اللحظات ، لم يضل الحصان ، لم يفقد الصهيل والرشاقة .
وارد جدا ، أن يختلف كثيرون معى . لكننى سأظل على قناعتى أن أزمتنا اليوم ، هى أزمة " ثقافية " ، وليست أزمة " اقتصادية ".
أعتقد أن هزيمة 1967 ، كانت بداية التراجع الثقافى لمصر ، حيث خطط الأسلمة الممنهجة ، الطامحة للحكم ، من الاخوان المسلمين ، ومفرخة الاسلام السياسى ، بدعم وتمويل خارجى .
وعلى مدى أكثر من نصف قرن ، لبس الشعب المصرى ، ثوبا غريبا عنه ، أضيق من
مقاسه ، اختنق بخيوطه الرملية الخشنة . هُزمت " حضارة الماء " ، أمام جحافل الثقافة الخليجية البدوية " حضارة الصحراء " . ضاعت النسخة المصرية من الاسلام ، المسالم ،
النابع من سخاء النيل ، و الزراعة ، المحب للحياة والنساء والفرح والفن . ووقعنا تحت احتلال النسخة البترودولارية ، المتجهمة ، العنيفة ، الذكورية .
وانتصرت " ثقافة الموت " وحضارة البعيروالماعز والصبار ، على " ثقافة الحياة "، وحضارة الفروسية والورد والصهيل .
ولمواجهة هذا " الاختراق " الثقافى ، يجب تكثيف العمل " ثقافيا " من كل مؤسسات الدولة ، لدحض الثقافة المستوردة ، وفضح أهدافها .
بكل أسف ، نحن لا نهتم بالثقافة ، ولا نعطيها أية أهمية ، وهى ليست أولوية ، ولم توضع أبدا ، فى خانة الضرورات الحضارية . وهذا فى حد ذاته ، أحد مظاهر الاعتلال الثقافى .
نجن أبعد ما نكون عن " الثقافة " التى تبنى الانسان ، وتكون حائط الصد لمحاولات الاختراق ، وتقوى جهاز المناعة الحضارية ، وتقوم أولا بأول بتطهير وغربلة وتنظيف التربة الثقافية .
كل ما لدينا هو ، " أنشطة أو فعاليات ثقافية " ، مثل اقامة المهرجانات ، والمؤتمرات ، والمعارض ، والحفلات ، والمسابقات ، حيث يجلس بعض الناس للمشاهدة ، والتصفيق . لكن ليس لدينا " ثقافة ". والفارق كبير ، كالفرق بين حبات الرمال ، والجبال .
" الثقافة " خريطة شاملة متكاملة ، لها فلسفة واضحة ، وخطط صارمة للتغيير الحضارى ، تدخل فى مناهج التعليم ومقرراته ، وبرامج الاعلام ووسائل الترفيه ، ونشر المؤلفات الروائية والشِعرية ، وترجمة الكتب فى كافة التخصصات ، وانتاج الأفلام السينمائية ، والمسرحيات والأغانى . حتى الاعلانات عن المنتجات والسلع ، والملصقات فى الشوارع ، تتم وفقا لهذه الخريطة ، لضمان التنسيق ، والهارمونى ، والدقة ، بين كل أعضاء " الجوقة " الحضارية .
" الثقافة " ، تتحدى المفاهيم الثقافية المعيبة السائدة ، مثل ربط الشرف بغشاء البكارة ، ( جرائم الشرف ) وسلطة الرجال المطلقة على النساء قبل الزواج وبعده ، وأن الدين هو مصدر الأخلاق ، وانتهاك خصوصيات الآخرين ، وازدواجية المقاييس بين الناس ، وترك التكاثر دون ضوابط .
هل يُعقل أننا وصلنا الى القرن الواحد والعشرين ، ولم نجدد " الهواء الثقافى " الذى نتنفسه ، وأننا مازلنا فى خصام مع " بديهيات ثقافية " ، حسمتها البشرية منذ زمن بعيد ؟.
الثقافة ليست " سِلعة " للاستهلاك ، وليست " وظيفة " ، وليست " دواوين " حكومية متضخمة بالأوراق والأختام .
الثقافة " رؤية " للانتقال الى درجة أعلى ، من السُلم الحضارى . وليست " تركة " ثابتة جامدة ، نلقيها فى المتاحف المغلقة ، ونورثها للأجيال المتعاقبة .
" الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا " ، هو الوجه الآخر حرفيا ، للموت ، والسكن داخل القبور .
الثقافة فى كلمتين هى " تغيير " الوعى ، وليست " مواكبة " الوعى .
هنا أتذكر الفيلسوف والسياسى والكاتب الايطالى ، أنطونيو جرامشى 22 يناير 1891 – 27 ابريل 1937، حينما تبنى نظرية " المثقف العضوى " ، الذى يعتبر الثقافة ، " وسيلة " للتغيير ، وخلقا وابداعا لآفاق جديدة ، وليست " غاية " فى حد ذاتها .
" جرامشى " يرى هذا الوضع ، تقصيرا جسيما غير مُبرر ، من المثقف . أنا أراها نوعا من " الخيانة " للوطن .
============================================



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضارة عالمية تنثر مادتها الوراثية فى كل مكان
- - ماذا تفعل المرأة بجسدها ؟ - السؤال الوحيد المؤرق للرجال
- اسمى .. حياتى قصيدتان
- لا خير فى مجتمعات تتعاطى الحب فى سرية مثل الممنوعات
- اليوم هل يجوز للمرأة لبس الألوان الفاتحة ؟ وغدا هل يجوز للمر ...
- لا أتكلم بالعين والحاجب .. الزمن .. انهضى حبيبتى ثلاث قصائد
- فى أزمنة الخيش قصيدة
- هل حفظنا الدرس بعد اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 ؟
- قصيدة لا شئ أخسره
- اربع قصائد جثة الظلام .. النساء .. كن نفسك .. هى وأنا
- أين موطن - الاسلام الصحيح - ؟
- ثلاث قصائد لا تركب قطارى .. لن أشهد .. أريد أن أطفش
- لا تضعوا العطور فوق أكوام القمامة
- رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا
- تيد كازينسكى كيف تحول من عبقرى الى مجرم ؟
- - فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جها ...
- اليه أعود .. فى ليلة ممطرة قصيدتان
- تجديد الفكر الدينى يحتاج الى تجديد فى الفكر والثقافة
- المسرحية .. أين قلبى ؟ .. شهوة النكاح ثلاث قصائد
- يعيشون فى القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن السابع لشبه الج ...


المزيد.....




- مصدر يكشف لـCNN عن لقاء لترامب مع الرئيس التنفيذي لتيك توك
- 25 نائبا بريطانيا يطالبون بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح
- واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري ...
- مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج ...
- اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
- 8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
- -قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
- نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
- سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني ...
- إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منى نوال حلمى - ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة