|
بعد سقوط نظام بشار ، ماذا عن إيران ؟
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 18:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عبر عقود طويلة و وفق منهج تصدير (الثورة الأسلامية ) ، نسجت إيران شبكة من التنظيمات و الميليشيات الموالية لها كأذرع لها تأثير على اتجاهات القوة سياسيا و عسكريا في المنطقة ، ترسخ و تبرز الوجود الأيراني فيها كقوة إقليمية عظمى لها ثقلها الذي يحسب له الف حساب إقليميا و دوليا . وفعلا تمكنت ايران بتأثيرها المذهبي عقائديا و عاطفيا من تأسيس قاعدة بمساحة واسعة لنفوذها شرق البحر المتوسط ، تمتد من حدودها الغربية الى ساحل البحر ، يضاف عليها قاعدتها ( الحوثية) في اليمن و المطلة على مضيق باب المندب بين البحر الأحمر و المحيط الهندي .. هذه التنظيمات و الميليشيات التي وصفت بـ( اذرع و وكلاء ايران ) تمكنت من فرض الأرادة الإيرانية على حكومات العراق و سوريا و لبنان و توجيه سياساتها و علاقاتها الدولية بما يعود بالنفع على ايران و طموحاتها .. و هكذا بدا الأمر وكأنها تمكنت من ترسيخ جذورها و من بناء عمق ستراتيجي و خط دفاعي منيع لها خارج حدودها الجغرافية يبعد عنها اضرار أي تماس حربي مباشر لها مع اعدائها .. ثم ظهر فجأة ما سمي بـ( محور المقاومة )الذي ضم تحت رايته اضافة لإيران ، نظام بشار الأسد و تنظيم حماس و حزب الله اللبناني و الحوثي اليماني و معهم فصائل الميليشيا العراقية الموالية لإيران .. و استقواءاً بهذا المحور شنت حماس هجومها في 7أكتوبر /تشرين الأول على عدد من نقاط الجيش الأسرائيلي و المستوطنات في غلاف غزة ، الأمر الذي لقي الأشادة و التأييد من ايران ، و من ثم جاء رد إسرائيل العنيف و الشرس على ماحصل ، ليرسم مشهدا جديدا في الشرق الأوسط ، فبعد خراب غزة و سقوط عشرات الالاف من سكانها المدنيين العزل بين قتيل و جريح و تصفية البارزين من قادة حماس في غزة و طهران و بيروت و دمشق استدارت إسرائيل نحو لبنان لتدمر ما تدمر من قرى و مزارع الجنوب اللبناني و لتصفي واحدا تلو الآخر قادة حزب الله بدءاُ من زعيم الحزب حسن نصر الله ومرورا بأغلب قادة الصف الأول و ما دونهم من قيادات الحزب و مسؤوليه و بهذه الضربات المميتة فقدت ايران جانبا بالغ الأهمية من قوتها العسكرية و السياسية في ميدان توسعها الشرق اوسطي .. و لم ينتهي الأمر ، ففي خضم هذا الصراع الدموي المدمر شنت جماعات المعارضة السورية المنضوية تحت لواء (هيئة تحرير الشام ) و بدعم من تركيا هجوما خاطفا و سريعا على الجيش السوري في حلب و حماة و حمص و دخلت العاصمة دمشق في أيام معدودة ليسقط نظام حكم بشارالأسد الذي فر هاربا الى خارج البلاد ..! و بهذا الفصل من اللعبة الشرق أوسطية الجديدة ، سحق ما كان يسمى بمحور المقاومة و تهرأ المشروع الإيراني برمته ، ليبدأ الفصل الختامي للعبة ،و الذي تقف فيه ايران في موقف دفاعي و في وضع يصفه المحللون الستراتيجيون بالتراجع غير المسبوق لقوة إقليمية كانت مهيمنة و ذات تأثير في المضاربات السياسية في المنطقة و خارجها أيضا .. فما حدث في لبنان و سوريا و شلّ اذرعها وازاح نفوذها الأقليمي ، الأمر الذي يجعل الان تنفيذ مهام وخطط حكامها على الصعيدين الخارجي و الداخلي اكثر صعوبة ، و ليس أمامها سوى ان تباشر بأعداد خطط جديدة لما يجب ان تفعله في المراحل القادمة ، فالأولوية الان هي لترميم و تعويض ما فقدته من قوة و هيبة ، وبمراجعة دقيقة لأوضاعها الداخلية و علاقاتها الخارجية و لخطابها الأيديولوجي المذهبي .. فعلى الصعيد الداخلي عليها مواجهة العديد من التحديات منها موضوع خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي في حال وفاته ، و إيجاد الحلول المقنعة لمعالجة حال التذمر المتصاعد ضد النظام الذي انفق موارد هائلة على الصراعات خارج البلاد في وقت يعاني منه الالاف المؤلفة من أبناء الشعوب الإيرانية من الفقر و البطالة و ارتفاع معدلات التضخم ، صحيح ان ايران تعاني الآن من الإحباط الشديد و الارتباك امام من وثقوا بها ، لكن هذا لا يعني انها معرضة للانهيار و السقوط في وقت قريب ، و صحيح أيضا ان هناك معارضة داخلية واسعة لطبيعة حكمها و نهجها المتزمت و ان الجيل الحالي من الشبيبة الإيرانية صاروا اكثر بعدا عن تقبل مفاهيم و شعارات الثورة الإسلامية و تصديرها ، لكن هناك أيضا مناصرين و مؤيدين كثر لها و هي لا تزال تمتلك ما يكفي من القوة لقمع اية انتفاضة شعبية بقسوة بالغة اذا هددت وجودها .. لكنها و في وضعها الراهن ستلجأ لنوع من سياسات المسامحة مع منتقديها و معارضيها من الإيرانيين مع منح فسح صغيرة لحرية الراي و التعبير بالتوازي مع تعزيز قواها الأمنية لضمان سيطرتها على الشارع تحسبا لأي اضطراب مفاجيء معاد لوجودها .. و صحيح أيضا ان قوة ايران في المنطقة ضعفت ، لكن لا يجب الأستهانة بقوتها النارية و الصاروخية التي تشكل تهديدا دائما لدول الخليج و جيرانها .. لكن الورقة القوية التي ستحاول ايران استثمارها على الصعيد الدولي هي ورقة برنامجها النووي و اقتراب قدرة هذا البرنامج من صنع سلاح نووي .. ستكون هذه الورقة بطاقة عودتها للمحافل الدولية و دخولها في مفاوضات جديدة للتوصل الى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية و واشنطن و الاتحاد الأوربي و لربما مع إسرائيل أيضا .. ايران ستستغل الفترة المتبقية من رئاسة (بايدن) للولايات الأميركية المتحدة للاستعداد و التهيوء لمرحلة التعامل مع الرئيس الأمريكي الجديد (ترامب ) .. ختاما يمكن ان القول ان ايران تمر حاليا بمرحلة صدمة ما حدث و القلق من ما قد يحدث و البحث المضني عن ما يقلص و يخفف من تأثير الاضرار المادية و المعنوية التي لحقت بها .
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا ، بعد سقوط نظام بشار .. ماذا بعد ؟
-
دائرة الصراع ما بعد 7 اكتوبر
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (20) تداعيات ..
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (19) أيضا الحروب
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (18) في الحرب أيضا..
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (17) - شيء عن الكذب ..!
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (16)
-
بين غزّة و باب المندب ..
-
أطفال الحروب
-
كلمة جديدة في قاموس اللهجة العراقية : حَلْبَسَ ، يُحَلبسْ ،
...
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (15) - قصاصات
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (14) - نمنمات
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة(13) – حول الاستبداد أيضاً
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة(12) – أيضاً شيء حول الاستبداد
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة(11) – شيء حول الاستبداد
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة(10) – شيء حول الحقيقة
-
الاستبداد القومي و الشراكة الوطنية
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (9) – أيضا ، في الحروب و ميادينها
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (8) – أيضا في الحروب و ميادينه
-
هوامش على حواف زمن الثرثرة (7) – في الحروب و ميادينها
المزيد.....
-
مصدر يكشف لـCNN عن لقاء لترامب مع الرئيس التنفيذي لتيك توك
-
25 نائبا بريطانيا يطالبون بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح
-
واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري
...
-
مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج
...
-
اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
-
8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
-
-قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
-
نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
-
سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني
...
-
إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|