|
عن أحمد الشرع (الجولاني) وسوريا وأشياء أخرى
نوار قسومة
الحوار المتمدن-العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 16:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم أتمكن من التواصل مع السيد أحمد الشرع لأشكره كما فعل الفنان العاطفي أحمد رافع لكن بالتأكيد أنا سعيد بسقوط المجرم بشار الأسد وهزيمة نظامه الطائفي، وفرح أيضاً بمشاهدة الذل الذي أصاب أنصار ومرتزقة هذا النظام. النظام السوري الساقط وحليفيه الروسي والإيراني راهنوا على تحويل الصراع في سوريا والأصح تسويقه دولياً كصراع بين نظام بشار الأسد "المتحضر" ضد الإسلاميين "المتوحشين"، وتم التغاضي عن جرائم بشار الأسد والكل أعتقد للوهلة الأولى أن المعركة حُسمت عند تدخل روسيا لدعم قوات النظام ومليشيات إيران الشيعية مما مكنها من استعادة السيطرة على كامل مدينة حلب وترحيل قوات المعارضة من المدن والأرياف السورية إلى إدلب. لكن انتصار النظام المؤقت رافقه انهيار اقتصادي كبير رسخته العقوبات الدولية القاسية حيث لم يبق لبشار عملياً كدخل يطعم به أنصاره وكلاب حراسته سوى تصنيع وتهريب المخدرات لدول الخليج والسعودية. سقوط النظام متوقع بعد خروج محافظة السويداء عن سيطرته قبل أكثر من عام وكان مسألة وقت لا أكثر. وتوقيت المعركة التي سميت ردع العدوان كان بالوقت المناسب لأنه جاء مباشرة بعد تدمير إسرائيل لقوة حزب الله في لبنان وسوريا دون أن ننسى أن القدرات الروسية الجوية أنهكت وضعُفت في حرب أوكرانيا، مما سهل عملية السيطرة الكاملة على حلب، وأعتقد أن سهولة الدخول إلى هذه المدينة الكبيرة شجعت قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام على توسيع الهجوم ليشمل حماة ومن ثم حمص. بالتأكيد هناك أمور وخفايا حصلت بالكواليس وضوء أخضر أعطي لهذه القوات لدخول دمشق. لكن ما يهمنا الآن هو دخولنا بمرحلة ما بعد الأسد. ونجم هذه المرحلة بدون منازع هو الشرع. أعتقد أن السيد أحمد الشرع قد أدرك قبل عدة سنوات أن مشروع تنظيم القاعدة هو مشروع عبثي ولذلك ابتعد عنه وحول تركيزه على مشروع محلي أقرب للواقع والمنطق وهو إسقاط النظام. ومن الواضح أن الرجل ومنذ دخوله إلى حلب ومن ثم العاصمة دمشق لا يخفي بتحركاته وظهوره اليومي طموحه السياسي ويسعى بكل لحظة إلى تعزيز شعبيته محلياً وتحسين صورته دولياً. الرجل ذكي، طموح، وبراغماتي ولا يشبه الصورة النمطية للجهاديين وهذه صفات ستمكنه من دخول السياسة من بابها الواسع. لكن في نفس الوقت التخوف من مشرعه السياسي في سوريا تخوف محق ريثما تتضح صورة وشكل الحكم في الشهور القادمة. وفي رأيي لا داعي للهجوم على حكومة السيد الشرع التي يترأسها السيد محمد البشير وإن كانت تبدو إقصائية للوهلة الأولى، إلا أنها حكومة انتقالية مؤقتة لتسيير أمور البلاد ولتجنب الفراغ في السلطة. ما يهمنا هنا ماذا سيأتي بعد هذا الحكومة وكيف ستتم كتابة الدستور والآلية التي سيتم فيها تحديد النظام السياسي في المستقبل. أتفهم تعطش بعض الإسلاميين للسلطة وأحلامهم لكن أذكرهم أن الحلم شيء والواقع شيء آخر وأن الوصول إلى الحكم شيء والحفاظ على الحكم أصعب بكثير، وسوريا محكومة بواقع داخلي وخارجي معقد جداً. ما أتمناه هو أن تساهم كل مكونات المجتمع السوري في المرحلة القادمة والابتعاد عن هيئات المعارضة الخارجية والتي أثبتت فشلها وعمالتها للنظام الساقط ولدول إقليمية ودولية. ومن المفترض أنه لم يعد لها أي دور بعد سقوط النظام.
الانتقال من الحضن الإيراني إلى الحضن التركي من الطبيعي أن تكون تركيا الرابح الأكبر من سقوط بشار الأسد وأن تكون إيران الخاسر الأكبر. أعتقد أن تركيا لعبت الدور الأكبر في تسويق دخول قوات المعارضة السورية إلى دمشق وتطمين الأطراف الخارجية على أنها ستكون الضامن لاستقرار البلد. وهكذا فسوريا دخلت عملياً مرحلة جديدة ستكون فيها تركيا اللاعب الأهم، لكن يجب الحذر أيضاً من أن هذا الدور قد لا يعجب دولاً إقليمية وعربية التي قد تجد في التمدد التركي تهديداً لمصالحها.
إسرائيل الجار الثقيل والخطير لا يمكن استقرار سوريا دون مراعاة مصالح إسرائيل هذا أمر واقع يجب أن يفهمه الكل بعيداً عن الشعارات السياسية التافهة. إسرائيل دمرت عملياً في الأيام القليلة الماضية كل الأسلحة والمعدات العسكرية السورية، وهي أسلحة روسية قديمة لا يمكنها مواجهة إسرائيل بأي حال من الأحوال، بل كان هدفها حماية النظام الأقلوي من خطر العدو الرئيسي الذي سوف يواجهه (الأغلبية السنية) يوماً ما، وقد أثبتت الحرب في سوريا هذه الحقيقة. لا يمكن أن أواجه إسرائيل وأنا أعلم أنها قادرة إلى استهداف منزلي بصاروخ يدخل بهدوء من النافذة. ولا يمكن أن أواجه إسرائيل وأنا غير قادر على تأمين ملجأ وطعام لشعبي. هناك فرق بين الشجاعة وبين الحماقة والانتحار على طريقة حماس. يجب التفكير بإيجاد حل سلمي لعلاقة سوريا مع إسرائيل ضمن إطار سياسي منطقي مقبول للطرفين. الأولية لسوريا الآن هي تأسيس نظام سياسي يضمن كرامة المواطن وإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد وعودة المهجرين. ولا يمكن لشعب جائع أن ينفق قوت يومه على سلاح متخلف. والجندي الجائع كما رأينا قبل أيام لا يدافع حتى عن طائفته.
الكورد وشرق سوريا يجب عودة الكورد السوريين إلى الدولة السورية. إذا كان عندهم مطالب فيجب حلها ضمن إطار يحمي وحدة الأراضي السورية. أتمنى على قادة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) أن يفهموا وأن يُفهموا قادة حزب العمال في جبال قنديل أن التغيرات التي حصلت في سوريا تفرض إعادة قراءة المشهد بتأني والتقارب مع دمشق. تركيا لن تسمح ببقاء كيان كوردي مرتبط بحزب العمال في سوريا والوجود الأميركي لن يستمر إلى الأبد وبشكل خاص مع عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض. الحل الآن في الدخول بحوار مع دمشق وهو أفضل من خسارة كل شيء لاحقاُ.
عن المصالحة والمحاسبة يجب عدم إهمال المصالحة والمحاسبة وإلا فسيكون الاستقرار غير دائم وستدخل سوريا في دوامة جديدة من العنف. الجرائم التي قام بها النظام السوري من أكثر من خمسة عقود رسخت أحقاداً طائفية عميقة تحتاج لجهود كبيرة لطي صفحة الماضي. التجاوزات التي حصلت منذ سقوط الأسد مازالت محدودة وقليلة نسبياً لكن هذا لا يعني أننا تجاوزنا مرحلة الخطر. يجب البدء فوراً بمحاسبة المجرمين ضمن إطار الدولة والقانون، وتشكيل هيئة مسؤولة عن هذا الأمر، لتجنب الانتقام والثأر. ويجب أيضاُ ملاحقة المجرمين الفارين داخل وخارج سوريا بكل الطرق لأن استمرار وجودهم طلقاء قد يسبب المتاعب وقد يزعزع استقرار الدولة السورية في المستقبل.
#نوار_قسومة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية هي مفتاح الحل
-
معركة إدلب ومصير -الأقلية- السنية في سوريا
-
ما بعد داعش: المأساة السنية
-
الكتابة في زمن الاستفراغ
-
عن الهوية السورية الضائعة
-
لماذا أنا ودمشق مع الأسد
-
داعش والثورة السورية السلمية
-
سوريا ما بين التقاسم والتقسيم
-
على أطلال مقبرة جماعية
-
معلولا والورقة المسيحية
-
في انتظار جنيف2
-
العلويون والإيروتوقراطية
-
تحويل الأسد إلى آكل للنمل
-
ما وراء ضربة بندرالقادمة
-
الكيماوي وحصان طروادة الإخواني
-
غزوة علويستان
-
ميدان -الترحيل-
-
انتصار أصدقاء الأسد!
-
من قتل البوطي؟
-
الذكرى الثانية للمذبحة السورية
المزيد.....
-
مصدر يكشف لـCNN عن لقاء لترامب مع الرئيس التنفيذي لتيك توك
-
25 نائبا بريطانيا يطالبون بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح
-
واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري
...
-
مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج
...
-
اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
-
8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
-
-قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
-
نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
-
سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني
...
-
إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|