كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 15:23
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
انتابتني هذه الليلة رغبة لكتابة أفكار تغزو رأسي باستمرار عن حال تونس، بعد بن علي، و حالنا.
لم تكن عائلتي وحدها المُهانة بجريرة ʺبن عليʺ بل كذلك كانت عائلات الأمنيين و التجمعيين و عائلة الرئيس و أصهاره و عائلات رجال الأعمال الفاسدين و كل من كان من المعروفين و من القصر مقرّبين و مبجّلين.
لم نكن قليل...
إذن لسنا وحدنا فيما نحن فيه: كذلك كنتُ أصبّر محمود و بيّة و أهوّن على نفسي ما هي فيه.
كيف تسارعت أحداث تلك الثورة التي بدأت ككل الثورات حالمة ومبشّرة و انتهت مشوّهة و مُنفّرة.
كيف غاب النظام فجأة و حلّ الخوف و انقطع الرجاء في أرض تونس الخضراء.
أين بوليس بن علي؟؟؟
كيف انهار الأمن سريعا في بلد شعارها الرسمي بلد الأمن و الأمان.
كان بن علي قد أعلن قبل الثورة بقليل عن بادرة لتكون سنة 2010 سنة دولية للشباب، فكان أن كافأه الشباب في نهايتها بالخروج عليه في مظاهرات حاشدة كانت في البداية بالشعارات النبيلة و بالأناشيد و انتهت بالنهب و التخريب.
في بيتنا مساء 14/01/2011
ها قد تأكدنا في هذا المساء العابس من رحيل بن علي بعد أن أعلنته الجزيرة و ما أدراك ما الجزيرة و من غيرها يومها يصول في الميدان ليأتينا بأخبار تونس في عهد انخرام الأمن و الأمان...
في هذه اللّيلة أقفرت الشوارع في ظل الخوف و حظر التجوال و لم نرى على الشاشة غير ذلك المحامي اليساري و هو يجوب الشارع الأشهر صائحا يُبشّرنا بهروب بن علي و يفتح في كل عقل و بيت ألف ألف سؤال.
زوجي كاد يُغمى عليه و هو يرى صورا لطائرة الرئيس و هي تقلع في اتجاه المجهول... ظل ينفث الدخان و يصيح: ماذا أصابه؟؟؟أيّ مجنون هذا...!!!
كيف يهرب...
الجبان... كيف يترك البلاد في هذه الحال؟!
كأنه كان يقول: كيف لم يُعلمنا...ألا يُهيِّئنا...ألا يُفهِّمنا...كيف ينجو و يتركنا؟؟؟
كان زوجي قد قام بزيارة بعض الجهات -بطلب من الرئيس- لتهدئة لأوضاع فيها و عرف أن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة و يسير شيئا فشيئا نحو الانفلات خاصة بعد أن تمت مداهمة و حرق مقرات حزب التجمع بل و مراكز الشرطة، إلا أنه لم يتصور أن نهاية بن علي اقتربت لهذا الحد.
كأنه لم يشك لآخر لحظة في قدرة بن علي ضبط النظام خاصة بعد ما أبداه من مرونة في خطابه الأخير و وعده للتونسيين بعدم الترشح في الانتخابات التالية.
ربّما ظن زوجي أنّ بن علي سيتجاوز هذه الثورة بسلام مثلما تجاوز أحداث الحوض المنجمي عام 2008 و لقد كانت تلك الأحداث سببا في ترقية زوجي لمنصبه الأخير بعد أن كلّفه الرئيس بالتوجه إلى المنطقة المشتعلة فأخمدها كما قال و نال رضا الرئيس و شكره و نال ترقية كان يراها بعيدة فقرّبتها له من حيث لم أكن أدري!
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس2011
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟