أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - سوريا لن تُبنى بالإملاءات














المزيد.....


سوريا لن تُبنى بالإملاءات


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 07:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأوطان لا تُصنع بفرض الشروط.
تضع تركيا شرطاً رئيسياً أمام الإدارة الذاتية، قبل أن تسمح لحكومة الإنقاذ السورية فتح باب الحوار معها، يتمثل في قطع العلاقات مع حزب العمال الكوردستاني، ليس فقط بالمعنى التنظيمي، بل الإيديولوجي والفكري أيضاً، بعبارة أخرى، تطالب تركيا الإدارة الذاتية بإعادة صياغة بنيتها الفكرية والسياسية لتتماشى مع مقاييسها ومتطلباتها.
وقد صرح أحمد الشرع أيضا بهذا الشرط، وربما كان على مضض، مما يشير بوضوح إلى أن المصدر واحد، غاية تركيا هنا ليست الإدارة الذاتية بقدر ما هو إضعاف القوى الكوردية، قبل فتح أبواب الحوار مع الحكومة الجديدة، فتحجيم قوى الإدارة الذاتية تعني أضعاف المجلس الوطني، وبالعكس، أي التعامل معهما وهما في حالة ضعف، لفرض شروط تتعارض مع تطلعات ومطالب الشعب الكوردي، سواء فيما يتعلق بصياغة الدستور أو تشكيل الحكومة المؤقتة أو الدائمة القادمة.
والسؤال المثير هنا، وعلى سبيل المثال:
هل من المنطقي أن نطالب هيئة تحرير الشام بقطع علاقتها بالإسلام السني كشرط للجلوس على طاولة الحوار الوطني؟ بالطبع لا، هذا الشرط غير واقعي لأن الفكر جزء من الهوية، والحوارات الفاعلة تبدأ بقبول الآخر كما هو، أو على الأقل الوقوف على مسافة منه إلى أن تُخلق أرضية للتفاهم.
وبالمثل، هل يمكننا أن نطلب من المجلس الوطني الكوردي والأحزاب المنضوية تحت رايته التخلي عن منهجية البرزاني الكوردستانية؟ بالطبع لا. هذا النوع من المطالب لا يعبر عن رغبة في الحوار، بل عن ميل للإقصاء.
منطق الإقصاء هذا يبدو جلياً في السياسة التركية، ونأمل أن ترفض القوى السياسية السورية الانصياع لهذه الإملاءات، وألا تفرض على الإدارة الذاتية شروطاً تتماشى مع رغبات الدولة التركية، التي أصبحت الراعي الأبرز للملف السوري، هذا النهج يعيد إنتاج المنهجية التي فرضتها إيران سابقاً على الحكومة البائدة في تعاملها مع بعض قوى المعارضة. مثل هذه الشروط تؤدي إلا إلى تعميق الخلافات والصراعات بين مكونات المجتمع السوري، كما أنها تضع الأساس لتشكيل حكومة ضعيفة وتابعة، عاجزة عن بناء وطن متماسك ومستقل يحقق تطلعات جميع أبنائه.
لذلك، فإن تشكيل هيئة مشتركة تمثل الشعب الكوردي في غربي كوردستان، تكون قادرة على الحوار مع حكومة الإنقاذ في دمشق، التي ستباشر قريباً صياغة الدستور، يتطلب التحلي بالمرونة وتجنب التمسك بالمطالب الإقصائية. ومن الضروري أن تدرك أطراف الحراك الكوردي هذه المعادلة الإقليمية التي تهدف إلى إقصاء الحراك الكوردي قدر المستطاع، خاصة في ظل هذه المرحلة الحرجة من مسار التحولات السياسية في سوريا.
ومن المؤسف القول أن أغلبية المعارضة السورية، سواء العسكرية أو السياسية، وبعض الأطراف من الحراك الكوردي، تردد بشكل أو بآخر الإملاءات التركية. بعض هذه الإملاءات قد تحمل أبعاداً سياسية تتطلب التعامل معها بحنكة ودبلوماسية، بينما البعض الآخر يهدف بشكل مباشر إلى الهدم وزرع الفتنة والشقاق، وهو ما يستدعي التصدي له بوعي وحزم، والتحرر منه للحفاظ على وحدة الصف الكوردي وحقوقه المشروعة.
يدرك الجميع أن الحوارات الوطنية يمكن أن تتم دون فرض شروط مسبقة بهذا الشكل، وبناء وطن يشمل الجميع لا يعني بالضرورة أن يرتدي الجميع الزي نفسه، أو أن يتبنى الآخرون الإيديولوجية ذاتها، فالشراكة الوطنية الصادقة تتجاوز فرض الشروط والإملاءات، وتستند إلى الاعتراف بالتنوع واحترام الاختلافات.
الأخطاء شملت الجميع، والمفاهيم غالباً ما تكون متضاربة، ولا يجوز لأي طرف أن يطالب الآخر بأن يتطابق معه تماماً ليشاركه في العمل والنشاط، فتشكيل هيئة مشتركة تمثل الكورد في المحافل الوطنية والدولية لا يتطلب توحيد الإيديولوجيات أو إعادة بناء الذات لتكون نسخة واحدة، وهذا ينطبق على سوريا القادمة.
اليوم، تُستخدم علاقة الإدارة الذاتية بحزب العمال الكوردستاني كذريعة للهجوم عليها، رغم تصريحاتها المتكررة التي تنفي وجود الحزب في غربي كوردستان، هذه التصريحات تندرج ضمن محاولات الإدارة الذاتية للانفتاح على الانتقادات وتنفيذ المطالب السياسية المطروحة، ومع ذلك، لو لم تكن هذه العلاقة موجودة، لابتكرت تركيا وأدواتها ذرائع أخرى لإقصاء الكورد وتهميش حقوقهم ومطالبهم، لذلك نأمل أن يتمكن السيد أحمد الشرع وممثلو حكومة الإنقاذ من تجاوز هذه الإشكالية وإيجاد حلول للإملاءات التركية، إذ إن بناء سوريا يتطلب مشاركة الكورد وجميع مكوناتها الوطنية.
ندرك أن الإدارة الذاتية قد ارتكبت أخطاء في عدة مجالات، مثلها مثل جميع أطراف المعارضة السياسية والعسكرية، ومن ضمنهم المجلس الوطني الكوردي، ومن بين أخطائها، تعاملها مع الحراك الكوردي أو في تقاعسها عن تشكيل هيئات مشتركة للحوار مع المعارضة أو القوى الإقليمية. ومع ذلك، فإن التصريحات الأخيرة لبعض قياداتها، التي أبدت استعداداً للتقارب وتشكيل هيئة تمثل القوى الكوردية للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق، تعد خطوة إيجابية تستحق المتابعة. وعلى ممثلي حكومة الإنقاذ أن يأخذوا هذه المبادرة بعين الاعتبار، لما لها من أثر في تعزيز الصف الكوردي الداخلي، الذي بدوره يُسهم في بناء سوريا المستقبل على أسس صحيحة ومتينة.
لذلك، لا بد من تبني استراتيجية متماسكة من أجل سوريا المستقبل، تستند إلى رؤية واضحة تعكس تطلعات جميع مكوناتها، ومن بينهم الشعب الكوردي، دون الخضوع للإملاءات الخارجية التي تهدف إلى إضعاف الموقف الوطني وتشتيته. إن نجاح هذا المسار يعتمد على الحوار الصادق والمشاركة العادلة في صنع القرار، بعيداً عن الأجندات الإقصائية والتدخلات المدمرة للوطن السوري ومستقبله.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
15/12/2024



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد والمحتل
- سوريا ولادة من رماد الطغيان إلى صراع على هوية المستقبل
- حين يتصارع التطرف والشرعية في تشكيل هوية سوريا كوطن
- نار الكراهية وأمل التعددية في وطن ممزق
- بشار الأسد بين خيارات البقاء وأطياف الهزيمة
- سوريا بين شتات الهويات وصراع الطوائف
- أردوغان والعباءة المزيفة
- القومية بين البناء الحضاري والتشويه الإقصائي
- بين عباءة الإسلام وقناع القومية
- حلب بين نيران الصفقات وتناقضات المصالح
- التاريخ يصفع كمال اللبواني: الوجود الكوردي في غرب كوردستان ح ...
- صراع الظلال بين إيران وإسرائيل في مسرح السياسة الخفية
- الصراع السياسي والعسكري في مواجهة الطغيان التركي
- إرادة لا تُقصف، فلسفة المقاومة الكوردية في مواجهة همجية تركي ...
- عملية أنقرة: بين المكاسب السياسية والخسائر الإنسانية
- أردوغان والنظام السوري بين البراغماتية السياسية والرهانات ال ...
- اللغة الكوردية والذكاء الاصطناعي
- اللوبي التركي في أمريكا والفساد
- أنا والإعلام الكوردي
- ماذا يطلب سيرغي لافروف من الإدارة الذاتية


المزيد.....




- مقتل مسؤول كبير في الجيش الروسي ونائبه جراء انفجار بموسكو
- -كان ضابط مخابرات بنظام الأسد-.. سكان محليون يكشفون لـCNN حق ...
- -هل يعتقد أنه سيعود للسلطة؟!-.. مراسل CNN يعلق على بيان بشار ...
- وانغ يي: الصين ستساعد سوريا في الدفاع عن سيادتها
- لأول مرة منذ 8 سنوات.. سفينة أمريكية تزور ميناء في كمبوديا ا ...
- مقتل قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي الروسية ...
- -أكشاك ماهر الأسد- وصلوات الجامعات وأسئلة الشارع السوري (فيد ...
- مستعينة بروسيا.. إسرائيل تبحث عن رفات الجاسوس إيلي كوهين في ...
- الولايات المتحدة و-القتل خنقا في الأحضان-!
- اتهام رجلين بتوريد أسلحة أمريكية لإيران تسببت بمقتل 3 عسكريي ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - سوريا لن تُبنى بالإملاءات