أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - خطبة الوداع: كوميديا السلطة وسخرية الواقع السوري














المزيد.....


خطبة الوداع: كوميديا السلطة وسخرية الواقع السوري


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 20:12
المحور: كتابات ساخرة
    


أيها الشعب السوري العظيم، يا من جبلتم على الصبر والتحدي، يا أصدقاء الحياة وأعداء النوايا الطيبة، ويا من تراقبون هذا العرض المأساوي الذي لا يبدو أنه سينتهي قريبا... أحييكم جميعا! اليوم، لا أتحدث عن مستقبل البلاد أو عن سياسات جديدة أو خطط إصلاحية قد تأخذ وقتا... أو ربما لا تأخذ وقتا، لأنها ببساطة ليست موجودة! اليوم أتحدث عن نفسي، عن آخر لحظاتي هنا، وعن خطبتي التي ستكون ختاما دراماتيكيا، ولكن مع لمسة كوميدية خفيفة، لأننا جميعا بحاجة إلى ضحكة، حتى في أكثر اللحظات سوداوية.

أولا، أود أن أبدأ بكلمة قد تكون مفاجئة لكم، ولكني سأقولها بكل صدق: أعتذر! نعم، عذرا، عذرا عن كل تلك الوعود التي لم تنفذ. أعلم أنكم تعودتم على سماع الجملة الشهيرة "الإصلاحات قادمة قريبا"، ولكن هذا ما كنت أظنه حقا في البداية، كنت أعتقد أنه بمجرد أن أقول هذه الجملة، سيحدث تغيير جذري وتصبح سوريا في مصاف الدول المتقدمة. لكن لا، لم يحدث ذلك، وأعتقد أنني كنت في ذلك الوقت أمارس نوعا من فن الكوميديا السوداء، التي يحتاجها كل ديكتاتور حتى يثبت لنفسه أنه ما زال لديه شيء من الأمل.

ومع ذلك، أريد أن أقول لكم إنني كنت دائما هنا، حتى وإن كنت في قصر الرئاسة أغلق الأبواب خلفي وأختبئ في زوايا القصر مع سيارتي المصفحة وأفكر في كيفية "مراقبتكم" عن بعد. أحيانا كنت أشعر وكأنني طائر صغير يراقب سمكة في البحر، أنظر إليها من بعيد وأتساءل: "ماذا سيحدث لو قررت القفز إلى البحر؟ هل سأتمكن من السباحة؟" الجواب بالطبع هو "لا"، لأنني لا أعرف السباحة. ولا أعتقد أنني أريد أن أتعلم في هذا التوقيت! ولكن هذا لا يعني أنني لم أكن هنا... كنت موجودا بكثافة في تلك اللحظات التي كان فيها "الأمل" يتناثر كالريح.

لكن، فلنعد إلى موضوع الأمل، أعزائي، ففي النهاية، رغم كل شيء، كنت دائما أطمئن نفسي بأنني لا أزال أعمل من أجل مصلحة الشعب السوري. وإن كان ذلك من خلال إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للتغيير، ولكن الأمل كان موجودا، حتى لو كان في قاع البحر. ربما يكون ضعيفا، لكنه كان هناك... كما تقول الحكمة: "حتى في أسوأ الظروف، هناك من يسعى لإيقاف الأمل، لكنه لا يستطيع".

ولكن الآن، أنا أترككم. نعم، أعلم أن بعضكم سيشعر بالارتياح، والبعض الآخر قد يشعر بحزن طفيف. وفي الحقيقة، لا أعتقد أن أحدا سيندبني بعد مغادرتي، لكنني سأقولها بصراحة: لا تبكوا من أجلي! لا داعي لذلك! بل ابتسموا، لأنني سأغادر! نعم، هذا هو الواقع. أنا الآن أضع بين أيديكم "الفرصة" للتغيير، رغم أنني لا أعتقد أنكم ستتمكنون من تغيير أي شيء في القريب العاجل. لكن لا بأس، من يعرف؟ ربما، في أحد الأيام، ستنقلب الأمور فجأة وتصبح سوريا دولة حديثة، والناس يتساءلون: "ماذا حدث؟ هل كانت هناك ثورة؟" وإجابتي ستكون: "نعم، كانت ثورة، لكننا نسيناها ونحن ننتظر مواعيد التغيير في الظلام".

أعلم أنكم تتساءلون: "ماذا سنفعل بعدك؟" الجواب بسيط، لا شيء! لأنكم اعتدتم على أن الحياة مستمرة، حتى في أكثر الظروف عبثية! سوف تواصلون حياتكم، كما لو أن كل شيء على ما يرام. وستشاهدون ربما مسلسلا آخر على التلفزيون، يتحدث عن "الزعماء" الذين لا يموتون أبدا، وعن "السياسات" التي لا تتغير أبدا. لكن دعوني أخبركم بشيء، عندما أغادر، لن تتوقف الحياة! ستستمر كما هي، ربما دون ضجة، وربما مع بعض الدماء الجديدة من الوعود الزائفة التي ستطفو على السطح، ولكن في النهاية، الأمل سيظل حيا، حتى وإن كان في القاع.

وفي الختام، فلتكن هذه الخطبة تذكارا لنا جميعا. ليس تذكارا للدموع، ولكن تذكارا للفهم العميق لحقيقة أن الحياة مليئة بالمفاجآت غير السارة. وربما، في يوم من الأيام، سيبتسم الجميع لرحيل أحدنا، ليس لأنهم لا يحبونه، ولكن لأنهم يعلمون جيدا أن لا شيء يدوم. وأتمنى لكم مستقبلا مشرقا، بعيدا عني بالطبع، لأنني قد أكون أنا آخر شخص يمكنكم أن تلتفتوا إليه الآن!

شكرا لكم جميعا، وتذكروا: لا تبكوا، ابتسموا، فهذا كله كان مجرد جزء من الكوميديا السوداء التي عشناها معا!.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العالم للبيع: تخفيضات نهاية السيادة أم نهاية السنة؟-
- -أنا والنكوة: حين تتحول الهوية إلى مسرحية كوميدية متعددة الف ...
- -هل هرب بشار الأسد... أم أن الشائعة أسرع منه؟-
- بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب و ...
- ضحكة في زمن الحروب: السلام والتعايش بين الفلسطينيين والإسرائ ...
- بدون فلتر: يا للقدر! من قطع الأشجار إلى قطع الرؤوس
- العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟
- الاستمطار الصناعي في المغرب: حلم السماء التي لا تمطر
- نتنياهو في قبضة القدر: اعتقال غفلة!
- -أزمة الكهرباء في جماعة وليلي زرهون: بين التهميش والتمييز وغ ...
- -وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية: إعلان رسمي عن علما ...
- حقوق الإنسان: من خطب المهرجانات إلى متاجرة الضمير
- -محمد وأمنية ما بين السخرية والفلسفة: حين يتلاقى حسن الخاتمة ...
- عريضة شعبية تطالب الملك بمحاسبة وزير العدل وهبي وإقالته من م ...
- الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: أداة سياسية أم عقبة أمام السل ...
- عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية
- -القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية و ...
- العالم اليوم: قانون الغاب في ثوب جديد
- المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟
- الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار ...


المزيد.....




- مؤسسة سلطان العويس تعلن عن برنامج احتفاليتها بمئويته
- وزير الخارجية الإيطالي يأمل بترجمة العلامات الإيجابية الأولى ...
- تونس تودّع الممثل القدير فتحي الهداوي
- -أشكودرا- الألبانية.. لؤلؤة البلقان الطبيعية ومنارتها الثقاف ...
- الفنان السوري جمال سليمان يكشف عن عمل درامي يتناول كواليس -س ...
- كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
- كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
- رئيس الجمعية العمانية للسينما يتحدث لـRT عن السينما وأهميتها ...
- “توم وجيري بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة نتورك CN بالعربية ...
- -نوسفيراتو- و-موفاسا- و-سونيك-.. أبرز أفلام هوليودية في ختام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - خطبة الوداع: كوميديا السلطة وسخرية الواقع السوري