عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول الدبلوماسي الروسي السابق، ماتوزوف، على شاشة قناة الميادين اللبنانية:"روسيا لن تخوض حربًا في الشرق الأوسط مع أميركا واسرائيل. نحن نواجه 54 دولة في أوكرانيا...". وكأن الرجل يرد على بعض مراهقي السياسة، وقد سارع بعضهم إلى تحميل روسيا وزر سقوط النظام السابق في سوريا. هنا، نستحضر سقوط شاه إيران عام 1979، حيث سُئل مسؤول أميركي كبير حينها اسمه لاري سبيكس على ما أذكر: لماذا لم تحموا نظام الشاه وهو بالنسبة لأميركا من هو؟!
فكان الرد: إذا 700 ألف عسكري ايراني مسلحون بأحدث الأسلحة الأميركية، تخلوا عنه، فماذا بوسعنا أن نفعل له؟!
كلنا مدعوون هذه الأيام إلى تأمل احتفالات السوريين، في ساحة الأمويين بدمشق، وفي سوريا كلها بسقوط نظام كما لو أنهم غير مصدقين أنهم تخلصوا منه. من دون الخوض في التفاصيل، نظام حكم سوريا حوالي ستة عقود، وفي النهاية تأكد إلا لمن يرفض رؤية الشمس وهي في رابعة النهار، أنه كان يحكم بالدعم الخارجي. فهل يمكن الرهان على نظام كهذا أن يحرر أرضًا محتلة، ويقاوم عدوًّا عن جد؟! نظامٌ حَكَم سوريا طوال هذه المدة، ولم يجد في ساعة الجد داخل سوريا أحدًا يحميه، فهل يصدق عاقل أن نظامًا كهذا يراهن عليه في مواجهة العدو الصهيوني؟! نظام تأكد أنه مخترق، والأمثلة تستعصي على الحصر، لا أدري كيف يُراهن عليه لتحرير الجولان، ومن هناك يواصل الطريق صوب فلسطين؟!
مقصود القول، كل من راهن على نظام كهذا وما يزال يقيم المآتم على تخلص سوريا منه عليه أن يعيد النظر بمنظومته المعرفية كاملة، وبأنماط تفكيره. وهذا ليس عيبًا، فالمراجعة النقدية العلمية بناء على مستجدات الحياة وتطوراتها دليل قوة وليس العكس، والأوبة إلى الحق والمنطق أفضل بما لا يُقاس من التمادي في الباطل والإمعان في المراهقة السياسية.
على الصعيد العربي الأوسع نرى أننا دخلنا مرحلة جديدة منذ 17 أكتوبر 2010 ، ما تزال تفاعلاتها مستمرة. يعلمنا الأستاذ التاريخ، أن هذه المرحلة تستغرق وقتًا تدفع الشعوب خلالها ثمن وعيها حتى تسلك طريق النهوض والتقدم بالديمقراطية الحقيقية والعقل والعلم.
وعليه، نرى أن دولة الحاضر العربية أخفقت، واصطدمت أنظمتها الاستبدادية بمختلف مسمياتها بالحائط. أنظمة أخفقت على الصُّعُد كافة، وأهمها على الإطلاق بناء دول مدنية حديثة لكل مواطنيها، وتحقيق معدلات تنمية ترتقي بمستوى معيشة الإنسان العربي، ومواجهة العدو الصهيوني.
الدعم الخارجي لا يحمي نظامًا سقط بنظر شعبه، والدول العظمى وكذلك الإقليمية، يهمها أول ما يهمها مصالحها ولها حساباتها الخاصة. ولا شرعية بمعايير العصر إلا لصناديق الاقتراع، في انتخابات حرة نزيهة.
ويا ليتنا كعرب محكومين وحكامًا نتعلم مما حصل وما تزال فصوله تتوالى، ونرتقي بمستوى أنماط تفكيرنا ووعينا بشروط الحاضر، انطلاقًا من حقيقة أن الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟