|
الاثنوغرافيا وتاريخ المُجتمع البدائي
مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)
الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 12:37
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مؤلف الموضوع: فلاديمير رافائيلوفيتش كابو*
ترجمة مالك أبوعليا
أود في هذه المقالة، أن أُقيِّمَ التطور التاريخي للاثنوغرافيا منذ زمن ماركس وانجلز حتى وقتنا هذا، وأن أطرَحَ مسألة أهمية الاثنوغرافيا بالنسبة لماركس وانجلز، واستخدامهما لهذا العِلم، الذي كان يخطو، في زمنهما، خطواته الأُولى. كانت البيانات الاثنوغرافية، بالنسبة لماركس وانجلز، مصدراً تاريخياً يُمكّنهم من استخلاص المواد المُتعلقة بأصول المؤسسات الاجتماعية وتطورها. ولكن هذا المصدر، كان بالنسبة لهما مصدراً تاريخياً بالمعنى الواسع للكلمة، أي أنهما لم يستخدما البيانات للبحث عن تفاصيل خاصة بمُجتمعٍ مُعيَّن ولحظةٍ تاريخيةٍ مُعينة، بل سعا لإيجاد بياناتٍ نموذجية، تعكس قوانين تاريخيةٍ عامة، تتعلَّق بمراحل مُعينة من التطور الاجتماعي. لقد وَضَعَ أفضل عُلماء القرن الماضي أُسس المنهجية التاريخية التحقيبية أو المُقارنة، لإعادة بناء الماضي، على أساس البيانات الاثنوغرافية، وذلك من خلال ربط هذه البيانات معاً، ليس وفق خصائصها الزمنية، بل وفقاً لأُسس الجوانب التاريخية التحقيبية. وكانت الظواهر التي استخلصتها الاثنوغرافيا، المُتعلقة بمُجتمعٍ مُعيَّن، بالنسبة للعُلماء الذين رفضوا هذه المنهجية، تتبدَّى لهم باعتبارها مُجرَّدَ خصائص فرديةً لذلك المُجتمع. بالنسبة الى مثل اولئك الباحثين، فإن التفاصيل الاثنوغرافية لسكان استراليا الأصليين، أو الكادار في جنوب الهند، أو الاسكيمو في المناطق القُطبية، ليست سوى خصائص فردية لتلك المُجتمعات. من ناحيةٍ أُخرى، تتبدَّى تلك الظواهر، بالنسبة للباحث الذي يُطبق المنهجية التاريخية التحقيبية، بوصفها خصائص للمُجتمع البشري في مرحلةٍ مُعينةٍ من التطور. لقد كانت المنهجية التاريخية العميقة التي تبناها ماركس وانجلز، والتي ركَّزَت على التحقيب، تسمح بالكشف عن قوانين التطور الاجتماعي العامة. بعبارةٍ أُخرى، هذه هي المنهجية التاريخية بالمعنى الحرفي للكلمة. والعالِم الذي يرفض هذه المنهجية، سوف يُحِلٌّ محلها التاريخانية الزمنية الضيقة. وهذه المُقاربة، من حيث جوهرها، هي مُقاربة مركزية أوروبية، ذلك أن المؤرخ الذي يُنكر المنهجية التاريخية التحقيبية، يرى أن حُدود التشكيلات الاجتماعية لا تنطبق سوى على المُجتمعات الأُوروبية، ولا يُدرك هذا المؤرخ، أن هُناك مُجتمعاتٍ اليوم، تمرٌّ بمراحل اقطاعية، أوحتى مشاعية بدائية. وبالنسبة للباحث الذي يعتمد على المنهجية التاريخية التحقيبية، فإن البيانات التي يستخرجها من الاثنوغرافيا، تؤلف المادة التي تُمكنه من استخلاص السمات العامة التي ستُعينه على إعادة بناء مراحل التطور الاجتماعي، وتسمح له بأن يُقارنَ مُختلف الشعوب التي تمر بمرحلةٍ تاريخيةٍ واحدة. يُمكننا، على سبيل المثال، أن نضح في قائمةٍ واحدة، مجموعات الصيادي وجامعي الثمار البدائيين في استراليا، مع مجموعات في جنوب الهند، والأسكيمو في المناطق القُطبية، في إطار مرحلةٍ تاريخيةٍ واحدة، على الرغم من أن هذه المُجتمعات تعيش في بيئاتٍ طبيعية وجُغرافية مُختلفة وفي ظروفٍ اجتماعيةٍ تاريخيةٍ مُختلفة، الا أنها تشترك في العديد من جوانب حياتها الاقتصادية-الاجتماعية. عندما نتحدث عن التشابه في العلاقات الاجتماعية-الاقتصادية بين هذه المُجتمعات، فنحن نعني بُنيتها الاقتصادية، وأشكال المُلكية لديها، وتقسيم العمل، ودور المُجتمع Community باعتبارها الخلية الاقتصادية الأساسية للمُجتمع، والتشابه في تركيبه، وتبعية العلاقة بين حجم أعضاء المُجتمع Community بالظروف الايكولوجية، أي ارتباطه بالدورات البيئية الموسمية، والهجرات الموسمية وحجم السكان، وما الى ذلك. هذه هي المؤشرات الرئيسية للقاعدة الاجتماعية-الاقتصادية لتلك المُجتمعات، وهي ليست ظواهر بناء فوقي، ولا ظواهر سببية أو مُختارة بشكلٍ تعسفي. وبالتالي، عندما نقول أن هذه المُجتمعات، تنتمي الى نمطٍ تاريخي، فإننا نعني، أنها تُمثل مُجتمعاً بشرياً يعيش مُستوىً مُعيناً من التطور الاقتصادي، أو مرحلةً مُعينةً من تطور التشكيلة المعنية. وهذا بدوره، يُمكننا من الكشف عن قوانين التطور الاجتماعي التاريخي العامة، وعلى هذا الأساس، يُمكننا إعادة بناء ماضي تلك المُجتمعات التي مرَّت بهذه المرحلة من التطور الاجتماعي، على افتراض أن نفس القوانين التي كانت سارية آنذاك، لا زالت تسري الآن. إن كُل هذا يبدو واضحاً بالنسبة للماركسيين. ولكن من المؤسف أن هذه المنهجية التي وصفناها أعلاه، لم تتجذَر بعد في الاثنوغرافيا وعلم تاريخ المُجتمعات البدائية. فبدلاً من القيام بأبحاث تستند الى الدراسة المُقارنة للمُجتمعات المُصنفة تحت إطار نفس النمط التاريخي، وبدلاً من الكشف عن القوانين العامة والخاصة لعملية تطور تاريخ المُجتمعات البدائية، يحدُثُ أن تتم إعادة بناء تأملي لتاريخ المُجتمعات البدائية، استناداً الى الافتراضات بالدرجة الأُولى. ويُمكننا أن نؤكد، دون أي تردد، أنه ما دامت هذه المنهجية لم تتجذَر بعد في علم المُجتمعات البدائية، فستستحيل دراسة التشكيلة الى حدٍّ كافٍ، لأن هذا الموضوع التاريخي، هو أحد أهم المسائل التاريخية من الناحية المنهجية، خاصةً أنها مُتعلقة بنظرتنا الى العالَم. لهذا السبب، فإن مسألة إعادة بناء أطول فترة في تاريخ البشرية، وهي فترة المشاعية البدائية، هي أكثر المسائل النظرية والمنهاجية إلحاحاً اليوم. تنطوي دراسة المُجتمعات التي لا زالت في المرحلة البدائية، على هدفين رئيسيين: من ناحية، تحديد القوانين العامة للتشكيلة المعنية، ومن ناحيةٍ أُخرى، إعادة بناء الجوانب الأساسية لماضي البشرية البعيد، على أساس القوانين التي كشفنا عنها اليوم، باستخدام البيانات الاثنوغرافية والأركيولوجية. وهكذا، فإن مسألة استخدام الاثنوغرافيا، لإعادة بناء تاريخ المُجتمع البدائي، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدراسة التشكيلات الاجتماعية، بحيث نضع في تصورنا، المُجتمع، بوصفه نظاماً أو بُنية، ترتبط عناصره (قوى الانتاج، علاقات الانتاج، وما الى ذلك) سببياً، وفقاً لقانون، وترتبط كذلك معاً بعلاقاتٍ وظيفية. إن دراسة ماضي البشرية البعيد، والذي شَغل العقل الانساني على الدوام، كانت في القرنين الثامن عشروالتاسع عشر، تستند الى تعميماتٍ تجريبية باستخدام موادٍ اثنوغرافية وأركيولوجية. ويُمكننا القول، أن قيمة تلك التعميمات، تتحدد الى حدٍّ ما، بمُستوى تطور تلك العلوم بدرجةٍ ما، ونقول بدرجةٍ ما، لأن مُستوى جمع البيانات الوقائعية، مهما كان مُتقدماً، لا يُشكل بحد ذاته انعكاساً كافياً للعملية التاريخية، فالكثير يعتمد أيضاً على مدى تطور النظرية. ومن ناحيةٍ أُخرى، تنعكس في التعميمات النظرية عيوب النقص في المعارف التجريبية، مما يضطر أكثر الباحثين اجتهاداً، الى إدخال بعض العناصر الافتراضية في نموذجه حول الماضي، والغرض من هذا، هو مُحاولة جعل نموذجه أكثر توازناً. إن من واجب عُلماء الجيل الصاعد، أن يُحلّوا الروابط والعلاقات الأكثر دقة، والتي تتوافق مع المُستوى الحالي للعلم وتوافر المزيد من المُعطيات التجريبية، محل الروابط والعلاقات التي يتبين أن الزمن قد عفا عنها. على سبيل المثال،، لقد حَدَثَ مثل هذا الأمر، فيما يتعلق بفرضية أن العائلة القرابية كانت مرحلةً من مراحل التطور الاجتماعي، أو أن العائلة البونالوانية، كانت شكلاً من أشكال الزواج الجماعي، وغيرها من الافتراضات التي طَرَحَها مورغان، والتي تخلَّى عنها الباحثون السوفييت منذ ذلك الحين. وبما أن بعض عناصر مبحث الاثنوغرافيا لم تعُد مُتوافقةً مع المُستوى الحالي لتطور العلم، والتي تم دحضها أو رفضها، فقد تطوَّرَ المبحث تدريجياً، وبالتالي تحسَّنَ مُستوى التعميم النظري. إن المحاولات التي لا تزال تُبذَل لاستبدال بعض عناصر النظام الافتراضية والتخمينية بعناصر أُخرى لا تقل افتراضيةً وتخمينية، لا تُساهم في تقدُّم العلم. فما كان يُمكن أن يُقال عنه ذات يوم أنه نتاجٌ لعدم نُضج العلم، لم يعد من المُمكن أن يُقال هذا عنه بعد الآن. تعود تقاليد النظر الى المُجتمعات المُتخلفة المُعاصرة باعتبارها مُمثلةً لمراحل سابقة من التطور الاجتماعي والثقافي (أو على حد تعبير انجلز "متحجرات اجتماعية")، الى القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد. فقد أعلَنَ المؤرخ اليوناني ثوقيديديس Thucydides أن البرابرة في عصره، عاشوا بنفس الطريقة التي عاشوا بها في زمنٍ أسبق. لقد طوّرَ جوزيف فرانسوا لافيتاو Joseph-François Lafitau هذا المبدأ في القرن الثامن عشر في كتاب (أخلاق البرابرة الأمريكان مُقارنةً بأخلاق العصور الأُولى)، وجان جاك روسو مُبتكر نظرية "الحالة الطبيعية" للانسانية، وطورها في القرن التاسع عشر كذلك، علماء الاتنوغرافيا التطوريين، وأخيراً، لويس مورغان وفريدريك انجلز. إن هذا المبدأ المنهجي، الذي يعود في جذوره الى النظر الى العمليات الاجتماعية التاريخية بأنها وحدة واحدة، كانت جُزءاً من الأُسس التي قامت عليها المنهجية التاريخية المُقارِنة، أو التاريخية التحقيبية. وفي الوقت نفسه، كان هُناك اجراء منهجي استُدخِلَ الى العلم تحت مُسمى "منهجية البقايا"، وهو مُرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنهجية التاريخية المُقارِنة. وقد وَضَعَ تايلور هذه المنهجية، ووضعها بشكلٍ مُستقل عنه أيضاً، المؤرخ والفيلسوف الروسي كونستانتين ديميتريفيتش كافيلين Konstantin Dmitrievich Kavelin. لقد كان من سمات التطوريين في القرن التاسع عشر، أنهم عالجوا ما يُسمى بـ"البقايا" كما لو أنها فقَدَت كُل صلة حقيقية بالحياة، وحُفِظَت في الثقافة والحياة الاجتماعية كبقايا من الماضي، ولكن التي لم يصعُب من خلالها إعادة بناء ذلك الماضي. ووفقاً لتايلور، يُمكن تشبيه هذه الظاهرة بالأعضاء البدائية للحيوانات: الأعضاء التي تخضع لعمليةٍ تراجعية، ولكن لم تختفِ تماماً. وكما كانت هذه الأعضاء، مثل الفقرات الأخيرة من العمود الفقري، وعضلات الأُذن، وشعر الجسم، وغيرها من الأعضاء، دلائل استرشَدَ بها داروين وغيره من البيولوجيين التطوريين في إثبات الأُصول الحيوانية للانسان، فإن طقوس وعادات الشعوب الحالية المُتطورة تُمثل بقايا مراحل ماضية من التطور الاجتماعي والثقافي بالنسبة لعلماء الاثنوغرافيا التطورية. وقد تم تطبيق منهجية البقايا هذه، على نطاقٍ واسعٍ في الاثنوغرافيا السوفييتية. بالنسبة للباحثين الماركسيين، يبدو أن هُناك بديلاً أفضل، وهو دراسة جميع الظواهر، بما في ذلك الثقافة والحياة الاجتماعية، ليس فقط في علاقتها بما كان موجوداً في الماضي، بل وبعلاقتها بالظروف الاجتماعية والعلاقات القائمة في الوقت الحاضر. إن حقيقة أن ظاهرةً اجتماعيةً وثقافيةً مُعينة لا زالت موجودة، ومُنتشرةً على نطاقٍ واسع، تُشير الى أن هُناك ظروفاً حالية تُساعد على الحفاظ عليها. وبالتالي، على سبيل المثال، فإن البقايا الدينية التي نسمع ونقرأ عنها كثيراً، هي ليست مُجرَّد بقايا. فهي غير موجودة وتنتشر على نطاقٍ كبير لأنها مُجرد عاداتٍ وتقاليد، بل لأنها تستجيب لاحتياجاتٍ اجتماعيةٍ مُعينة، وتؤدي، كما أدَّت في الماضي، وظيفةً اجتماعيةً مُعينة. لا يُمكننا أن نُشبهها بالفقرات الأخيرة من العمود الفقري، ولا بعضلات الأُذن التي لم تعُد تؤدي أي وظيفةٍ في الجسم الانساني. ومن بين الأُمور الكثيرة التي طواها النسيان وصارت جُزءاً من الماضي، فإن الأُمور التي نُسميها "بقايا" لم تُنسى لسببٍ ما، بل ظلَّت باقية. إن دراستها باعتبارها مُجرَّد "بقايا" من المراحل الماضية من التطور الاجتماعي، يعني أننا نتجاهل أسباب ثبوتها ورسوخها ووظائفها في الوقت الحاضر. إنها ليست مُجرد بقاء ميكانيكيٍ من عادات الماضي، بل عملية انتقاء وتكيف الأشكال القديمة مع الظروف الاجتماعية الجديدة. يُمكن تفسير العديد من العادات والمؤسسات الثقافية التي نجدها في البيانات الاثنوغرافية تحت عنوان "البقايا" من خلال النظر الى الظروف والعلاقات القائمة في المُجتمع الحاضر. إن ثقافات المُجتمعات الحاضرة، ذات تشكّل مُعقد من الظواهر لم تنشأ في وقتٍ واحد. ولا يُمكن فك هذا التعقيد الا من خلال التحليل العلمي الذي يُحدد ماهية اللحظة والظروف التي أدَّت الى نشوء كُل ظاهرة اجتماعية وثقافية بعينها. ومن المؤسف أن هُناك دراسات لا تستند الى معايير علمية موضوعية، ولكنها مع ذلك ترصُد ظواهر لم تنشأ بشكلٍ مُتزامن، وتوجد في مُجتمعات، على الرغم من معاصرتها، تقع على مُستويات مُختلفة من التطور الاجتماعي والثقافي. إن مثل هذه الدراسات تنظر الى هذه الظواهر، باعتبارها شواهد مُباشرة على فترة القطيع البدائي. ومن الأمثلة على هذه المُقاربة، كتاب يوري سيمينوف (كيف نشأت البشرية 1966). يفرز المؤلف بعض العادات الموجودة في المُجتمعات الحالية، بما في ذلك تلك التي كانت جُزءاً من مُجتمعٍ طبقي لبعض الوقت، ويستخرجها من سياقها الاجتماعي والثقافي من حيث كانت مُرتبطة عضوياً بعناصر أُخرى من الحياة الاجتماعية. ثم ينظر الى هذه الظواهر باعتبارها بقايا تعكس العلاقات التي كانت موجودةً في القطيع البدائي، عند البيثيكانثروبوس، عندما لم يكن المُجتمع البشري قد تطور بعد. يبرُز على الفور السؤال التالي: هل يُمكن اعتبار هذا الاجراء (الذي لا يقتصر على يوري سيمينوف)، علمياً حقاً؟ الى أي مدىً، يُمكن للبيانات الاثنوغرافية التي تُشير الى فترة القرنين التاسع عشر والعشرين، أن أن تكون قاعدة بيانية لإعادة بناء مراحل التاريخ السابقة من التطور الاجتماعي؟ هل يُمكننا أن نتعرف على الماضي، من خلال هذه البيانات؟ هل كان علماء الاثنوغرافيا التطوريين، وأتباعهم، أي مؤسسي الماركسية،، على حق، في اللجوء الى البيانات التي توفرها الاثنوغرافيا بشكلٍ خاص، لوضع نموذج عام للعملية التاريخية، بدءاً من أقدم العصور؟ إننا في ادراكنا للطابع العلمي للعلاقة القائمة بين البناء التحتي والبناء الفوقي الاجتماعي-الايديولوجي، لابُدَّ وأن نُدرِك أيضاً أن العلاقات التي نجدها في المُجتمعات الحالية المُتخلفة التي تدرسها الاثنوغرافيا، تُفسر لنا العلاقة التي كانت قائمة في المُجتمعات ما قبل الرأسمالية. فعلى سبيل المثال، تُساعدنا البيانات حول سكان استراليا الأصليين (التي استخدمها مورغان وانجلز)، على فهم المُجتمع البشري على أعتاب العصر الحجري القديم الأعلى، والحديث، بشكلٍ أكثر اكتمالاً، لأن القاعدة الاقتصادية للمُجتمع الاسترالي في فترة بدء الاستعمار الأوروبي لأستراليا، هي الأقرب الى تلك الفترة التاريخية القديمة. وهُنا تكمن الصعوبة الرئيسية في تطبيق المنهجية التاريخية المُقارنة لإعادة بناء الماضي. ولا بُد لعملية اعادة البناء النظرية هذه، أن تأخذ في الحُسبان التغيرات التي طرأت على الثقافة والعلاقات الاجتماعية لأي مجموعة اجتماعية بعينها على مدى آلاف السنين، نتيجةً لتأثير الظروف التاريخية والجُغرافية المُختلفة. ولهذا السبب، فإن دراسة تاريخ تلك المُجتمعات التي تُعتَبَر مُجتمعات "غير تاريخية" هي واحدة من المهام الأكثر الحاحاً في الاثنوغرافيا. والواقع، أنه لا وُجود لمُجتمع "غير تاريخي". فحتى أكثر المُجتمعات تخلفاً، لا بُدَّ وأنها مرَّت بعملية تطور تاريخي طويلة وساهَمَت في إثراء الثقافة العالمية، سواءاً في مجال الفن، والذي لا يقل بأي حال عن الفن الأوروبي البدائي، أو في مجال التكيف البارع مع ظروف البيئة الطبيعية القاسية. إن جميع ما سَبَق، ينطبق على سكان استراليا الأصليين، سكّان الأدغال الأفارقة، وسكان أمريكا الجنوبية، ومُجتمعات المناطق القُطبية، الخ. إن جوهر دراسة هذه المُجتمعات في الاثنوغرافيا الماركسية، هي ذات طابع تاريخي. وإن كانت دراسة تاريخ المُجتمعات المُتخلفة، تبدو وكأنها المهمة الطبيعية الناشئة عن جوهر هذا العلم ذاته، فإن هذه الطريقة في الدراسة لا تتناسب الى حدٍّ ما مع تنويعات العلوم الاثنوغرافية الأُخرى، التي تتبنى تقاليد وظيفية وحاضرية(أ) Presentist. إن هذه النظريات، تقصُر مهام الاثنوغرافيا على دراسة المؤسسات الاجتماعية ووظئافها في الوقت الحاضر، وتتجاهل تاريخ المُجتمعات ما قبل الحضارة. ولكن، يتم تطبيق التاريخانية بشكلٍ مُتزايد في الاثنوغرافيا الأجنبية. ومن الأمثلة على ذلك، أعمال المؤرخين الأمريكان. ويَنجُم مما سَبَق، أننا لا نستطيع أن نُقارن بين أشكال العلاقات الاجتماعية-الاقتصادية في المُجتمعات البدائية والمُجتمعات المُعاصرة المًتخلفة، الا على أساس أكثر الخطوط عموميةً. فنحن لا نجد في التاريخ حتمية ميكانيكية صارمة. فقط، العلاقات الاجتماعية الأكثر ضروريةً، هي التي تتحدد، وأهمها علاقات الانتاج. وفي هذا الصدد، تؤدي التغيرات التي تحدث في مجال الانتاج الاجتماعي، الى حدوث تغيراتٍ أُخرى في البُنية الاجتماعية بأكملها. ولكن كُلما اتسعت المسافة التي تفصل ظاهرة اجتماعية أو ثقافية عن مجال الانتاج الذي يُشكل قاعدة البُنية الاجتماعية، كلما قلَّت احتمالات التنبؤ بهذه الظاهرة على وجه اليقين. ونحن قادرون على التنبؤ بدرجة مُعينة من الدقة، بأشكال العلاقات الاجتماعية التي ترتبط وظيفياً بالانتاج، والتي تستند على أساس من مُستوى مُعين من التطور الاجتماعي، مثل شكل المُجتمع Community الذي يؤلف وحدة انتاج أساسية في المُجتمع البدائي. ولكننا لانستطيع أن نؤكد أن في هذا المُجتمع أو ذاك، هذا الشكل أو ذاك من أنظمة القرابة الأُمومية أو الأبوية، لأن القرابة، ليست وثيقة الصِلة بالانتاج، مثلما هو الحال مع المُجتمع Community: إنها وسيلة لتنظيم الروابط العائلية والزواجية بالدرجة الأُولى. إننا نستطيع أن نؤكد أن المُجتمع Community هو الوحدة البنيوية الأساسية للمُجتمع ما قبل الزراعي في أي فترة، وفي أي ظرفٍ من الظروف، وهذا ما يؤكده الاثنوغرافيون في كل مكان. ففي جميع الأحوال، نجد انتظاماً مُعيناً في بُنيته وأعضاءه وقابليته النسبية على الحركة وشكل تقسيم العمل فيه على أساس الجنس والعمر، التي تتحدد بتفاعل الانتاج والبيئة الطبيعية، بوصفها ظروفاً لذلك الانتاج. ولهذا السبب، نحن قادرون على التنبؤ تقريبياً، بشكل وحجم حياة مُجتمع Community الصيادين، حالما عرفنا ظروف البيئة الجُغرافية الطبيعية. ولكن كُلما ارتقينا، مجازياً، الى الأعلى نحو البُنية الاجتماعية الايديولوجية، كلما زاد الطابع التخميني لافتراضاتنا. فمثلاً، لا نستطيع أن نؤكد ما هو نمط القرابة في هذا المُجتمع أو ذاك. حتى أن هُناك بعض مُجتمعات صيد ولقاط ليس لديها، لهذا السبب أو ذاك، نظام قرابة على الاطلاق، ويتم تنظيم علاقات الزواج والعائلة فيها، على أساسٍ مُختلف. واذا ما أخذنا في الاعتبار، السمات الخاصة التي تفرضها الظروف التاريخية والطبيعية على المُجتمعات البدائية، من جهة، وسمات المُجتمعات البدائية المُعاصرة التي تُشبهها من الناحية النمطية، من جهةٍ أُخرى، فإن المُقارنة بينهما ليست مُمكنة من الناحية النظرية وحسب، بل وكذلك ضرورية، اذا كان لزاماً علينا أن نتغلب على القيود التي تفرضها الدراسات التجريبية للأشكال الاجتماعية الملموسة، من خلال نظرة شمولية تُتيح تطوير تعميمات نظرية أوسع مُتعلقة بقوانين التطور الاجتماعي. تجد هذه النظرة دعماً لها خارج الاتحاد السوفييتي. وأحد الدلائل على ذلك، المؤلَّف الجماعي المُعنون (الانسان الصيَّاد)، الذي تستند موضوعاته على موادٍ عُرِضَت في ندوةٍ دولية للاثنوغرافيين والأركيولوجيين والانثروبولوجيين(1). هذا واحد من أفضل الدراسات شمولاً لمرحلة الصيد واللقاط في تطور الانسان. فضلاً عن مُعالجته لمسائل مثل العلاقة بين اقتصاد الصيد واللقاط والبيئة، والتنظيم الاجتماعي والاقليمي، والديموغرافيا وبُنية السُكان في مُجتمعات الصيد المُعاصرة وتلك التي كانت سائدةً في الماضي، وتطور المُجتمع البشري في هذه المرحلة ما قبل الزراعية، وأُعير فيه كثير من الاهتمام لمسألة إعادة بناء المُجتمعات في الماضي، على ضوء بيانات الاثنوغرافيا. يتناول عدد من مقالات الكتاب، جوانب مُعينة من هذه المسألة المذكورة أخيراً. وهكذا، يطرَح الانثروبولوجي الأمريكي جوزيف بيردزيل Joseph Birdsell عدد من الفرضيات فيما يتعلق بالكثافة السكانية في فترة العصر الحجري القديم، وكذلك بُنية وأعضاء مجموعات الصيادين وجامعي الثمار في الماضي، استناداً الى البيانات المُتعلقة بسُكان استراليا الأصليين والبوشمن وغيرهم من المجموعات التي تعيش في ظروف جُغرافية مُختلفة(2). وتقوم سالي بينفورد Sally Binford ولويس بينفورد Lewis Binford وليسلي غوردون فريمان Leslie Gordon Freeman وجون ديسموند كلارك John Desmond Clark بتحليل الجوانب النظرية المنهاجية لتطبيق القياس والمُقارنة على البيانات الاثنوغرافية، لغرض اعادة البناء النظري الأركيولوجي(3). إن أغلب المُشاركين في هذا المُؤلَّف يقبلون مثل هذه المُقارنة. ولكن في جميع الحالات، هُناك مُحاولة لوضع الحدود التي يُمكن أن يكون هذا الاجراء قابلاً ضمنها. ومن الواضح أن لهذه المُقاربة قيمتها. إن أي مُجتمع بشري محدد، يُمثل شكلاً تاريخياً ملموساً لتشكيلة اجتماعية-اقتصادية مُعينة. وتكون التشكيلة والمُجتمع، بوصفهما جوهراً وظاهرة، كعامٍ وخاص. وكأي ظاهرة اجتماعية في العالم المادي، تتمتع العضويات الاجتماعية بخصائص عامة وخاصة نشوئية، تُمكننا من تحديد مكانها في التصنيف التشكيلاتي. هذا هو السبب في أن كُل مُجتمع فردي في الوقت الحاضر، هو مُجتمع خاص، وفي ذات الوقت أحد المُجتمعات في التصنيف التشكيلاتي. وهكذا نجد في المُجتمعات التي تدرسها الاثنوغرافيا في الوقت الحاضر، ليس فقط ما هو فريد وخاص بهذا المُجتمع وحسب، بل وأيضاً السمات العامة النموذجية التي تُمكننا من مُقارنته بمُجتمعات في الماضي البعيد من نفس النمط، والكشف من خلال التحليل النشوئي المُقارن، عن القوانين العامة لتطوره الاجتماعي. إن البيانات الأركيولوجية وحدها، لا تكفي لإعادة بناء المُجتمعات ما قبل التاريخية التي كانت في الماضي، تماماً لا يكفي الهيكل العظمي لوحده لفهم كيفية عمل الكائن الحي بأكمله. إن الاثنوغرافيا، مثل السوسيولوجيا، هي علم يُعالج تكوين وعمل العضويات الاجتماعية الحية. إن المفاهيم والمقولات التي طورتها الاثنوغرافيا وحدها، هي التي تسمح بتفسير الآثار الاركيولوجية، وتسمح بالكشف عن المُجتمع البشري الحي من خلال بقايا ثقافتها المادية الجامدة. وهذا هوالسبب الذي يجعل مؤرخي المُجتمع البدائي يستخدمون مفاهيم ومقولات الاثنوغرافيا، مثل المُجتمع البدائي، القبيلة والعشيرة، الأُمومية والأبوية، التنظيم القَبَلي المُزدوج والطوطمية، وما الى ذلك، على الرغم من أنه لم يُعثَر على قبيلة أو عشيرة أو أُمومية في أي مرحلةٍ من مراحل تاريخ البشرية في اللُقى الأركيولوجية. الاثنوغرافيا هي التي طوَّرَت هذه المفاهيم، وهي نتاج إما لمراقبة المُجتمعات البدائية الحاضرة، أونتاج للتعويض عن النقص في معارفنا التجريبية، من أجل إكمال نموذج المُجتمع البدائي وجعله أكثر تماسكاً واكتمالاً. ويجب على اولئك الذين يقرأون أعمال التاريخ العام وتاريخ المُجتمع البدائي والاقتصاد السياسي والمادية التاريخية، أن يضعوا في الاعتبار، أن العديد من الأفكار المُتعلقة بتاريخ المُجتمع البدائي، ليست أكثر من افتراضات وُضِعَت على أساس ضعيف للغاية، أو في بعض الأحيان، وُضِعَت بدون أي أساس وقائعي على الإطلاق. إن ضعف مفاهيمنا النظرية اليوم، لم يعد راجعاً الى عدم كفاية تطور قاعدة الاثنوغرافيا الوقائعية، كما كان الحال في القرن الماضي، بل بالأحرى، نتيجةً لتخلف النظرية في مقابل المادة الوقائعية المُتطور باستمرار. وهذا يُفسر استمرار مبحث تاريخ المُجتمعات البدائية في اتباع اجراء الافتراضات التي لا أساس لها في الواقع، او الاعتماد على الوقائع بشكل تعسفي من أجل دعم تصوّرات مُسبقة. إن بعض أعمال يوري سيمينوف، في هذا الصدد، جديرةٌ بالاهتمام. إن افتراضه النظري بأن القرابة كانت في المراحل الأُولى من التطور، شكلاً من أشكال التنظيم الاجتماعي، وأن علاقات القرابة تتطابق تماماً مع علاقات الانتاج، وأن الزواج في المرحلة الأُولى كان خارجياً وغير اقتصادي، هو افتراضٌ لا تؤكّده الوقائع. إن الاثنوغرافيا لا تُقدم لنا أي بياناتٍ مُقنعةٍ لصالح هذا الافتراض. إننا لا نجد أي دليلٍ على أن علاقات الانتاج تتطابق بشكلٍ كاملٍ مع علاقات القرابة، ولا نجد أي دليلٍ واضحٍ على وجود مثل هذه العلاقات في الماضي. والحالات النادرة من الزواج الخارجي تتعلق بالمُجتمعات المُتقدمة نسبياً. أما بين الصيادي وجامعي الثمار، حيث كان من المُفتَرَض الحفاظ على مثل هذه المؤسسات لو كانت موجودةً حقاً أثناء المراحل الأُولى من البُنية الطبقية، فلم نجد زواجاً خارجياً، والمُجتمع Community الذي يتألف من عدة عشائر، وليس العشيرة نفسها، هو الذي يقوم بدور الجماعة المُنتِجة الرئيسية. إن الأرض أيضاً هي جُزءٌ من مُلكية المُجتمع Community بوصفها أداة الانتاج الرئيسية. وعلى النقيض من تأكيدات سيمينوف(5)، فإن مُلكية العشيرة للأرض اسمية، في أغلب الأحوال. إن المُجتمع Community، وليس العائلة أو العشيرة أو القبيلة، هو الخلية الاجتماعية الاقتصادية الرئيسية للمُجتمع البدائي. هذه هي الحقائق. ويبدو أننا مُتفقون على أن تحليل الحقائق فقط، هو الذي يُمكن وينبغي أن يكون قاعدةً علميةً للتتعميمات النظرية. عندما يحاول الأركيولوجيين إعادة بناء العلاقات الاجتماعية والجانب الفكري لثقافة مُجتمع بدائي، فإنهم (مع استثناءات قليلة سنذكرها لاحقاً)، يقومون عموماً بوضع البيانات الأركيولوجية في مُخططٍ جاهز. والواقع، أن قدراً كبيراً من الحدة الذهنية، ضرورية لتجنب مخاطر الوقوع في خطر المُخططات الجاهزة. إن عمل هؤلاء الأركيولوجيين، المدفوعين بالمواد الأركيولوجية ذاتها الى البحث عن مسارات تفسير جديدة مُمكنة، وتحسين المفاهيم التقليدية، والذين لم يرتاحوا الى الاستلقاء في سرير بروكوست، لذو أهمية بالغة في تطوير نظرية دراسة ماضي البشرية البعيد. وهكذا، حينما يستخلص الأركيولوجي فاسيلي لوبين Vasily Prokofievich Lyubin من بياناته الوقائعية من العصر الحجري القديم الأدنى، يصل الى الاستنتاج، أن هذه البيانات "تتناقض مع المفاهيم الراسخة حول الحياة الاجتماعية للانسان في العصر الآشولي 1.7-1.3 مليون سنة"، وأن البشر في تلك الفترة كانوا يعيشون "ليس في قطيع، بل في مجموعات اجتماعية مُترابطة، في مُجتمعات Communities"(6)، وأنه تُجبرنا الأبحاث التي أجراها الأركيولوجيين على التخلي عن تلك الأفكار التقليدية التي "عفا عليها الزمن" والتي تُفيد مثلاً، بأن العائلة النووية (التي لا ينبغي الخلط بينها وبين العائلة أُحادية الزواج) لم تكن موجودةً بعد كشكلٍ اجتماعي في العصر الحجري القديم الأعلى. في الوقت الحاضر، أصبَحَ من الواضح أن العلاقات الاجتماعية في العصر الحجري القديم الأعلى، وخاصةً علاقات القرابة والزواج، لا تختلف الا قليلاً عن تلك العلاقات بين الصيادين وجامعي الثمار في المُجتمعات المُعاصرة، حيث يكون المُجتمع Community والعائلة كجُزءٍ منها، هي الوحدات الرئيسية للبُنية الاجتماعية. تتكون العائلة في هذه المُجتمعات من الزوج والزوجة (أو عدة زوجات) وأطفالهما، وأحياناً أقارب آخرين مُباشرين، وهي مُستقرة نسبياً وتؤدي بعض الوظائف الاقتصادية بشكلٍ مُستقل. ومن المُحتمل أن المُجتمع Community والعائلة كجُزءٍ منها، كانا يُشكلان الوحدات الاجتماعية الأساسية للمُجتمع في فترة العصر الحجري القديم الأعلى. ويقودنا تحليل المواقع المعيشية التي تعود الى العصر الحجري القديم الأعلى والتي تم التنقيب عنها في وسط وشرق أوروبا، الى مثل هذا الاستنتاج. فالمنزل الدائري الذي يتراوح قُطرهُ بين 4-6 أمتار، والذي يوجد في وسطه موقد، هو من السمات التي تُميز العصر الحجري القديم الأعلى في أوروبا. واذا وافقنا على الاحتمال أن مثل هذا المنزل قد يُؤوي أُسرةً واحدة، فحينها يُمكننا أن نفهم حالة وجود منازل أطول، رُبما كانت مُخصصة لمجموعة من هذه العائلات، أي مُجتمع Community مُتعدد العائلات مثل تلك التي وجدها الاثنوغرافيون في مُجتمعات الصيد واللقاط. كانت مُجتمعات Communities العصر الحجري القديم الأعلى تتألف من 5-10 عائلات، وفي حالات أقل، كانت تتألف من 15-25 عائلة نووية(7). إن حجم هذه المُجتمعات، بشكلٍ عام، مُماثل لحجم مُجتمعات الصيد واللقاط في القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي يختلف مُتوسط عدد أفرادها وفقاً للظروف البيئية والتي تُظهِر في بعض الأحيان تقلباتٍ ملحوظة. ومن المُحتمل أن ينطبق الشيء ذاته على العصر الحجري القديم. إن الأركيولوجيين الذين استنتجوا وُجود عائلات ومُجتمعات Communities مُكونة من مثل هذه العائلات في العصر الحجري القديم الأعلى، لم يبتعدوا كثيراً عن تفسير اللُقى على ضوء الاثنوغرافيا، بل على العكس، فقد طرحوا استنتاجات نظرية تستند الى البيانات الأركيولوجية والاثنوغرافية مع مراعاة أكثر صرامةً للوقائع. لا توجد طريقة أُخرى أفضل، من أجل التوصل الى معرفة علمية حول ماضي المُجتمعات البشرية البعيد. لنُلخِّص الأمر الآن، ونسأل أنفسنا، ما هي المبادئ المنهجية التي ينبغي أن تحكم استخدامنا للمواد الاثنوغرافية كمصدر تاريخي. بالدرجة الأُولى، من الضروري أن نبذل قصارى جُهدنا لتحديد ما اذا كانت ظاهرة مُعينة، مجرد "بقايا". وإن كانت كذلك، فما هي الفترة التاريخية التي تعود اليها. لا بُدَّ لدراسة "البقايا"، أن تكون علمية، ولا بُدَّ لأي دراسة من هذا النوع أن تكون مدروسةً بعناية. عندما نُحاول إعادة بناء الماضي بمساعدة البيانات الاثنوغرافية، فلا بُدَّ أن ننتقي المواد التي تعود الى المرحلة ذات الصلة، أي أن على البيانات أن تعود الى المُجتمعات التي تقع في أقرب مرحلة تطور اجتماعي ثقافي مُمكنة، أي الى النمط، أو التشكيلة الاجتماعية التي نُعيد بناءها. إننا اذا ما اتبعنا هذه المعايير بدقَّة، فإننا سنستطيع أن نُحول تاريخ المُجتمع البدائي من مجموعة من الافتراضات والتأملات، الى علمٍ حقيقي، قائم على مناهج علمية وموضوعية صارمة. إن عدم استيفاء تلك المعايير، التي تُمثل أساساً المبادئ التي يقوم عليها علم تاريخ المُجتمعات البدائية على أساس البيانات الاثنوغرافية، هو أمرٌ شائعٌ جداً. لقد ناقشنا سابقاً منهجية دراسة "البقايا"، ولننتقل الآن الى مسألة طرح البيانات الاثنوغرافية، التي تتفق مع المرحلة المطلوب اعادة بناءها، لاستخدامها في اعادة بناء العملية الاجتماعية التاريخية. على سبيل المثال، لا يُمكننا دراسة مُجتمع في مستوى الاقتصاد الاستحواذي، أي في مرحلة ما قبل الزراعة، باستخدام مواد من مُجتمعات في مرحلة الاقتصاد المُنتِج، أي تلك التي شهدت ثورة العصر الحجري الحديث. وبالمُثل، لا يُمكننا دراسة مُجتمع الصيد واللقاط في العصر الحجري القديم الأعلى أو العصر الحجري الوسيط بمساعدة المواد المُستمدة من مُزارعي الايروكوا. من ناحيةٍ أُخرى، فإن تطبيق المواد الاثنوغرافية من تاريخ سكانها الأصليين، مُبرر منهجياً، مع الأخذ في الاعتبار المسار التاريخي الذي مرَّ به هؤلاء السكان، بالاضافة الى خصائص بيئتهم الجُغرافية الطبيعية. إن يوري سيمينوف، يُطبق اجراءاً مُختلفاً. فمن أجل إثبات عالمية الزواج الخارجي غير الاقتصادي "باعتباره مرحلةً من مراحل النشوء الاجتماعي، فإنه يستعرض مواداً من مُجتمعات مُتقدمة للغاية، والتي دَخَلَ العديد منها في عملية تطور العلاقات الطبقية. إن البيانات المُتفرقة، التي تُشير الى الصيادين وجامعي الثمار، والتي تُعتَبَر الأقرب الى المرحلة التي يُحاول سيمينوف اعادة بناءها، قد ضاعَت في كُتلة من المواد التي تدل على أنماط أُخرى من المُجتمعات(8). ونحن نتسائل، لماذا، وفقاً لسيمينوف تُعتَبَر تلك العلاقات التي تصل الى اقصى مُستويات تطورها في المُجتمعات المُتقدمة للغاية والتي بدأت للتو في التطور في المُجتمعات البدائية، بأنها "بقايا" مما كان موجوداً في وقتٍ سابقٍ في المُجتمعات البدائية. ويبدو لنا، أن العكس هو الصحيح، أي أن البقايا المدروسة، كانت في شكلٍ متطورٍ الى حدٍّ ما، وهي تتجه نحو الانحلال في المُجتمعات الأكثر تقدماً. ومن هذا يتبع، أن سيمينوف يجهل أحد المتطلبات الأساسية للمنهجية التاريخية المُقارنة، والتي تتطلب دراسة المواد المُتعلقة بالمُجتمعات التي تقع على أقرب مُستوى مُمكن من التطور الاجتماعي والثقافي. كما تتطلب منهجية البقايا، الكثير من الحذر والحس النقدي. هناك وجهتي نظر مُتطرفتين فيما يتعلق بهذه المسألة. فتطوريو القرن التاسع عشر وبعض أتباعهم المعاصرين يُقارنون بين الأنماط التاريخية الثقافية القديمة التي ظلَّت محفوظةً حتى الوقت الحاضر، بمراحل التطور التاريخي الاجتماعي السابقة. أما خصومهم، فيُنكرون قيمة البيانات الاثنوغرافية في اعادة بناء الماضي، ويرون أنه لايُمكننا أن ندرس المُجتمعات البدائية بمُقارنتها بسكان استراليا الأصليين، لأن هؤلاء الأخيرين مُعاصرون لنا، وأن علاقاتهم الاجتماعية وثقافتهم خضعت لتغيرات وتأثيرات الاستعمار أو جيرانهم المُتقدمين للغاية. ولكن قبل أن نوافق على ذلك ببساطة، من الضروري أن ندرس بعناية التغيرات التي حَدَثَت في البُنية الاجتماعية الثقافية لهذه المُجتمعات وفي أي ظروفٍ حدثت على وجه التحديد، وهذا أحد شروط اعادة بناء الماضي باستخدام المواد الاثنوغرافية، وهو شرطٌ لا يقل أهميةً عن المعايير التي درسناها أعلاه. ان كُلّاً من التطرفين التاليين غير صحيح: الاسقاط غير المشروط للبُنى الاجتماعية المُعاصرة على الماضي، والرفض غير المشروط لأهمية البيانات الاثنوغرافية لاعادة بناء الماضي (والذي أحياناً يتحول في الممارسة العملية الى تجاهل للبيانات غير المرغوب فيها). وكما قال غوته: نحن لا نجد الحقيقة بين تطرفين، كما يُعتَقد دائماً، بل نجد لُب المسألة بينهما. إن الاتجاه الذي يُنكر مدى تشابه المُجتمعات الحالية مع تلك في الماضي، وقوله بعدم قُدرة الاثنوغرافيا على تفسير الماضي، يرتبط بأزمة الاثنوغرافيا النظرية، والتي يُمكن تفسيرها بوفرة البيانات العلمية التي لم تتطابق مع المفاهيم السائدة والمقبولة بشكلٍ عام. والحل الصحيح الوحيد لهذه المسألة، هو إعادة النظر في المفاهيم النظرية السابقة في ضوء المادة العلمية الحالية، وهي اعادة نظر تستند الى الفهم الماركسي للعملية الاجتماعية. إننا، باستبعادنا المادة الاثنوغرافية كأساس لإعادة بناء الماضي، نحرم أنفسنا من البيانات الموضوعية التي يُمكن تحليلها علمياً. إن تحليل العلاقات الاجتماعية-الاقتصادية وحده، هو الذي يسمح لنا بتحديد مكانة أي مُجتمع ملموس، على مسار العملية الاجتماعية التاريخية، وبعد القيام بذلك، يُمكن تحديد أي من المُجتمعات التي يُمكننا أن نقارنها به. إن مهمة الباحث، هي مُحاولة فهم الآلية الداخلية للمُجتمع، والكشف عن العلاقات السببية المُنظمة التي تُحدد بُنيته. وطالما التزم الباحث بمفهوم التشكيلة الاجتماعية، فسوف يتمكن من خلال تحليل البُنية الاجتماعية والكشف عن العلاقة بين البناء التحتي والفوقي، من الكشف عن العلاقات الاجتماعية الحاضرة في مُجتمعاتٍ من نفس النمط في أي فترةٍ من الزمن، لأن المُجتمع ليس مُجرد مزيجاً من العناصر السببية، بل هو منظومة تلعب في البُنى الاجتماعية-الاقتصادية الدور القيادي. لهذا السبب تكون دراسة اقتصاد التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية البدائية، وهو موضوعٌ لم يحظَ جانبه الاقتصادي بالقدر الكاف، إحدى أكثر المهام إلحاحاً في الاثنوغرافيا المُعاصرة. إن دور العامِل الاقتصادي في تطور المُجتمع البدائي، يُشكِّل واحداً من أهم المسائل في علم المُجتمعات البدائية. لا نتوقع أن تكون مثل هذه الدراسة رصينة، الا اذا تم تحليل القاعدة الاقتصادية للمُجتمع البدائي تحليلاً شاملاً. تُشير العديد من الحقائق الى أن المُجتمع Community هو مركز العلاقات الاجتماعية-الاقتصادية للمُجتمع البدائي، وأنه الخلية الاقتصادية الرئيسية، وأن بُنيته ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الاقتصادي وهو يعكس مجموع علاقات الانتاج المُتأصلة في المُجتمع. إن المُقارنة بين بُنيات المُجتمعات البدائية التي تكون على نفس مُستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي، تؤكّد لنا أن هذه البُنيات مُتماثلة من حيث جوانبها الرئيسية، حتى في ظل ظروف طبيعية مُختلفة تماماً.ويتضح هذا، على سبيل المثال، من المُقارنة بين مُجتمعات الصيد واللقاط مثل البوشمن في جنوب افريقيا والأسكيمو على سواحل القُطب الشمالي في أمريكا الشمالية(9). ويتبين لنا من ذلك، أن ما يُحدد أشكال التنظيم الاجتماعي في المُجتمعات البدائية، ليس أشكال التكيف مع البيئة الطبيعية، ولا خصائص الثقافة المادية، ولا طُرُق كسب العيش (فجميع هذه تختلف في المُجتمعات على نفس مُستوى التطور). إن إعادة بناء الماضي على أساس دراسة المُجتمعات البدائية الحاضرة، لا يعني القيام بعملية تطبيق منطقية صرف للأشكال الحاضرة على الأشكال التي كانت موجودةً في الماضي. إن إجراء استيعاب المادة الأركيولوجية للبيانات الاثنوغرافية بطريقةٍ سطحية، لا يُمكن أن نُطلِقَ عليه اجراءاً علمياً. ولكن لا يكفي، كما قُلنا سابقاً، أن تكون المُجتمعات قيد الدراسة مُتكافئة من حيث مُستوى تطورها. يجب أن يكون في اعتبارنا أنه علينا أن نكون قادرين على اعادة بناء القوانين العامة التي تُحدد بُنية المُجتمع البدائي الأساسية، ولكن ليس من غير المُمكن دائماً أن نتمكن من إعادة بناء أشكال التنظيم الاجتماعي الملموسة في كُل مرة. وقد تحدثنا سابقاً عن أسباب ذلك. يبدو صحيحاً أن آليات عمل مُجتمعات من نمطٍ مُعين في فترةٍ من الفترات تقتصر على قوانين خاصة، والكشف عن هذه الآلية في المُجتمعات البدائية المُعاصرة ضروري لاستيعاب العلاقات التي كانت قائمةً في مُجتمعاتٍ من نفس النمط في الماضي. ولكن من الواضح أنه قد تختلف تمظهرات القوانين الداخلية الخاصة لمُجتمعات من نفس النمط، نتيجةً لأسباب ملموسة. ولا يُستحسن عادةً استنتاج أشكال أو ظواهر أو مؤسسات ملموسة في مُجتمعات الماضي، لمُجرَّد أن تلك الأشكال أو المؤسسات قائمة في مُجتمعات بدائية مُعاصرة، لأنها كما قُلنا قد تجد اختلافاً هُنا أو هناك. يتعين علينا فقط أن نقتصر على التركيز على القوانين العامة للتطور الاجتماعي. ولهذا السبب، فإن إعادة بناء الماضي على أساس المواد الاثنوغرافية تفترض بالدرجة الأُولى، دراسة القوانين التي تُحدد عمل وتطور العضويات الاجتماعية المُعاصرة. إن تحسين مناهج إعادة بناء الماضي باستخدام المواد الاثنوغرافية، هو أحد أهم المهام التي تشترط قيام معرفة علمية موثوقة حول تاريخ المُجتمع البدائي. إن الاثنوغرافيا، هي المُفتاح الذي يُمكن أن يقودنا الى الطريق الذي يؤدي بنا الى معرفة ماضي المُجتمع الانساني، ولكن لا يُمكن لذلك أن يتم سوى باستخدام المنهج العلمي. وبهذه الطريقة فقط، يُمكن للاثنوغرافيا، بالرغم من جميع الصعوبات التي تنطوي عليها هذه العملية، أن تكون أحد أساسات العلم الذي يُعالج المُجتمعات البدائية، كما كان الحال بالنسبة لكارل ماركس وفريدريك انجلز.
* فلاديمير رافائيلوفيتش كابو 1925-2009 اثنوغرافي وعالم ثقافة ومؤرخ أديان ماركسي سوفييتي. التحَقَ عام 1941 بكلية التاريخ في معهد موسكو الحكومي التربوي الذي كان يحمل اسم لينين حتى عام 1943، التحَقَ كابو بالجبهة وشارَكَ عام 1945 في معركة برلين، وحَصَلَ على وسام النجمة الحمراء. قامَ بين عامي 1945-1949 بالتدريس في كلية التاريخ في جامعة موسكو في قسم تاريخ الاتحاد السوفييتي. انتَقَلَ كابو عام 1954 الى قسم الاثنوغرافيا التابع الى جامعة موسكو. وصارَ منذ عام 1957 باحثاً في معهد الاثنوغرافيا التابع لأكاديمية العلوم السوفييتي في لينينغراد، ودافَعَ عام 1962 عن اطروحته للدكتوراة في التاريخ في معهد الاركيولوجيا في أكاديمية العلوم، بعنوان: (أدوات العمل الحجرية عند الاستراليين الأصليين). وفي عام 1970 دافَعَ عن اطروحته للدكتوراة في معهد الاثنوغرافيا التابع لأكاديمية العلوم بعنوان: (أصل وتاريخ السكان الأصليين في استراليا). عادَ عام 1977 الى موسكو وعَمِلَ في معهد الاثنوغرافيا هناك. من كُتبه: (أصول الاستراليين الاصليين وتاريخهم البدائي) 1969، (المُجتمع البدائي ما قبل الزراعي) 1986، ومن مقالاته: (بعض المسائل حول ثقافة الاستراليين الأصليين) 1959، (الفن القديم في اوقيانوسيا) 1961، (الأدوات الحجرية عن الاستراليين القدامى) 1962، (تشكّل المُجتمع الطبقي عند شعوب اوقيانوسيا) 1966، (أصول سكان استراليا الأصليين في ضوء المُكتشفات الجديدة) 1968، (الفن البدائي والدور الاجتماعي) 1969، (تاريخ المُجتمع البدائي والاثنوغرافيا) 1972، (ما قبل تاريخ الاقتصاد المُنتِج) 1974، (أصول سكان استراليا الأصليين في ضوء المُكتشفات الجديدة) 1974، (الاركيولوجيا والاثنوغرافيا: حول مسألة اعادة بناء ما قبل التاريخ) 1976، (حول مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط) 1978، (بعض سمات الوعي الاجتماعي البدائي) 1980، (أصول الاقتصاد الانتاجي) 1980، (الاركيولوجيا والايكولوجيا: حول اصول ادارة الطبيعة في العصر الحجري الحديث) 1983، (الأشكال البدائية للدين) 1987، وعشرات غيرها من المقالات.
أ- التيار الحاضري هو تيار مثالي ذاتي في فلسفة التاريخ البرجوازية، يُنكر الموضوعية في المعرفة التاريخية ويرى أن مبحث التاريخ هو إسقاط لأفكار الحاضر ومصالحه وتناقضاته على الماضي. 1- R.B. Lee and I. DeVore, (eds.). 1968. Man the H.unter Chicago: Aldine. 2- op. cit., pp. 229-240 3- op. cit., pp. 262-280 4- Yu. I. Semenov: 1) 0 periodizatsii pervobytnoi istorii, Sovetskaia e,tnogr,afiia 1965, No. 5: 74-93. 2) Problema necalnogo etapa rodovogo obschestva. In Problemy istorii dokapitalisticheskikh obshchestv, Vol I. Moscow. "Nauka" Publishing House 1968, pp 156-222 5- Yu. I. Semenov. 0 periodizatsii pervobytnoi, p. 222 6- V. P. Lubin. Niznij paleolit. In Kamennyi vek na territorii S SSR Moscow, 1970 7- G.P. Grigorev. Nacalo verkhnego paleolita i proiskhozdenije Homo S.apiens Leningrad, 1968, pp 154-155 8- Yu. I. Semenov. O periodizatsii pervobytnoi, pp. 197-221 9- A. Balikci. A comparative study on subsistence ecology and social systems. the !Kung Bushmen and the Netsilik Eskimos. In: Proceedings of the VIII International Congress of Anthropological and Ethnological s.ciences Vol VII, Tokyo 1968, pp 261-262 J. Tanaka. Social Structure of the Bushmen op. cit. , pp 295-296
ترجمة لمقال: Ethnography and the History of Primitive Society: Regarding the problem of the reconstruction of the past in the light of ethnographic data, V.R. Kabo, 1974
#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)
Malik_Abu_Alia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول نشأة الاقطاع على الصعيد العالمي في الشرق والغرب، ومفهوم
...
-
مسائل اقتصاد مُجتمعات الصيد واللقاط
-
الانسان في فجر الحضارة
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
-
المعايير العالمية لمُجتمعات الصيد واللقاط
-
الطبيعة والمُجتمع البدائي
-
التشكيلة الاجتماعية-الاقتصادية العبودية
-
تعليق ايغور دياكونوف على مقال هنري كلايسِن (الديناميكيات الد
...
-
المشاعات الزراعية في الشرق الأدنى القديم
-
الدراسات الاستشراقية الكلاسيكية والمسائل الجديدة
-
الدفن الانساني الطقوسي الواعي: العصر الحجري القديم الأوسط، ب
...
-
حول مسألة دراسة تاريخ المُجتمعات البدائية انطلاقاً من الاثنو
...
-
مسألة المُلكية الخاصة البدائية في الاثنوغرافيا الأمريكية الم
...
-
المراكز المدينية في المُجتمع الطبقي الباكر
-
تاريخ الري الزراعي في جنوب تركمانستان
-
الشروط الايكولوجية لنشوء الزراعة في جنوب تركمانستان
-
سوسيولوجيا الدين الانجلو أمريكية المُعاصرة: مُشكلاتها واتجاه
...
-
الرد الثاني لسيرجي توكاريف على ستيفن دَن
-
بعض الأفكار في طُرُق دراسة الدين البدائي- رد على سيرجي توكار
...
-
الرد الأول لسيرجي توكاريف الأول على مُراجعة ستيفن دن لكتابيه
...
المزيد.....
-
واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري
...
-
مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج
...
-
اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
-
8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
-
-قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
-
نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
-
سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني
...
-
إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام
-
السوداني يدعو الدول الأوروبية للعب دور إيجابي لمساعدة السوري
...
-
وزير الخارجية السويسري يؤكد التحضير لمؤتمر ثان حول أوكرانيا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|