|
دعوة لاستيراد المسز بيل
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1786 - 2007 / 1 / 5 - 12:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قدمت السياسة البريطانية خلال الحرب العالمية الاولى ، حين احتلت العراق ، المرأة الماكرة الداهية المسز بيل ، ووضعتها في خط المواجهة مع رجال الدين والساسة العراقيين ، وكان ان نجحت المسز بيل في اقامة اوسع علاقة بين رجال العشائر ورجال الدين ورجال السياسة في العراق ، اضافة الى اقامتها حفلات الشاي للنساء، ولذلك كانوا يطلقون عليها لقب الخاتون ،اي السيدة ، ولربماكانت الحكومة البريطانية قد عرفت من خلال رجالها وعلمائها وبالاخص المستشرقين ، اهمية المرأة في الحياة الشرقية ، فهي التي كانت وراء مختلف الحلول والمشاكل ، منذ الليلة التي ظهرت فيها شهرزاد على مسرح الحب والسياسة ، في بلاط شهريار ، فمن لم يقرأ الف ليلة وليلة ، ولم يستكشف الزقورة ،ولم يعرف السهل والجبل في بلاد مابين النهرين، ولايعرف لغات اهلها ، لايستطيع حكم العراق . كان وراء الخاتون ، المسز بيل ، جيش من السياسيين والمحللين ، والمستشرقين ، اضافة الى ثقافتها في الاستشراق ، ولذلك كان النجاح يرافق العديد من خطواتها ، رغم الفجوات التي كان لابد منها في رتق الشقوق الكبيرة التي اصابت المجتمع العراقي اثر انهيار الدولة العثمانية ، وخروج السلاطين والولاة العثمانيين من العراق يجرجرون اذيال الهزيمة بعد عقود من حكمهم المتخلف الذي اوصل بلاد الرافدين المعطاء الى احط درجات الفاقة والعوز والفقر والخراب . ومما يذكر من طرائف ان احد الولاة العثمانيين اثناء هربه ، ركب عربة تجرها الجياد – ربل – فطلب منه صاحب العربة كلكول ، الاجرة كي ينقله الى المكان الذي يريد ، فما كان منه الا ان يردد لاعنا حظه وهو يقول بلهجته العامية : كلكول ياخذ منك خاوة ! فالولاة هم الذين ياخذون الاتاوة لا ابن البلد . وهو مثال بسيط يدل على نمط عقلية الحاكم العثماني . كان تشكيل حكومة عراقية مدينية الخطوة الاولى في بناء بلد حديث يتشكل تحت الوصاية البريطانية ، وبقيادة هيئة من كبار السياسين البريطانيين الذين تمرسوا في ادارة المجتمعات الشرقية من خلال تجربتهم الغنية في حكم الهند ، قادوا دفة السياسية والادارة في العراق بحنكة ودهاء، طبعا هذا لايعني عدم وجود مقاومة للقادم الجديد ، الذي تحوم الشكوك حول اهدافه ، فكانت المقاومة في جنوب العراق- ثورة العشرين - اكبر عامل معرقل في ارساء حكم جديد يقود العراق نحو افاق جديدة تتناسب مع العصر الحديث وينضو عنه الاثواب البالية للعهد العثماني البغيض . من خلال المشهد السياسي الحالي في العراق ، والذي تضطلع الولايات المتحدة الامريكية في قيادته ، نلمس تخبط الادارة الامريكية في ادارة دفة السياسة والحكم ، وكان اخر ما تفتقت عنه عبقرية الادارة تقرير بيكر هاملتون ، الذي يضع النقاط تحت الحروف لا فوقها ، فبدلا من البحث مع السياسيين والاداريين العراقيين عن افضل السبل لمعالجة الوضع المتأزم في العراق ، وتسليم الملف الامني كاملا للعراقيين ، نجد لجنة بيكر هاملتون تعرض عن لقاء قيادات كبيرة ومؤثرة في العراق مثل قيادة اقليم كردستان ، ولانعرف كيف تستطيع وضع خطة جديدة للخروج بنتائج صحيحة دون سبر اغوار الواقع العراقي المتشابك ، ودون سماع اراء القوى السياسية المؤثرة في الساحة العراقية ، اما اذا كانت الادارة ترغب في وضع حلول هامشية ارضاء للمحيط الاقليمي للعراق ، ومن اجل ارضاء المطامع النهمة لجيران العراق ، فان الاستقرار سيكون بعيدا عن البلد الذي ساهمت الولايات المتحدة الامريكية في تقويض الدكتاتورية فيه لتعم الفوضى التي ستحرق الاخضر واليابس ، لا تحت ارجل العراقيين فقط وانما تحت الاقدام الامريكية وبلدان الجوار ايضا. ان اللعب بالنار مع الشعب العراقي بلغ مداه ، ودفع العراقيون ضحايا ودماء غالية من اجل الخلاص من الدكتاتورية البغيضة التي كانت جاثمة على صدورهم ، ولا يمكن ان يتم التلاعب بمصيرهم بمثل هذه الاساليب التكتيكية السطحية ، ان الوضع العراقي بحاجة الى معالجة جادة تشارك فيها قوى عراقية مختلفة ، ومؤثرة ،دون وصاية من احد ، تضع الخطط الكفيلة للخروج بالبلاد من دوامة العنف والقتل والخطف ، واولى تلك الخطوات الدعوة الى مؤتمر عام تشارك فيه جميع القوى ، على ان يعقد داخل العراق ، في مكان آمن مثل البصرة او كردستان ، ولا بأس من اشراك الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي في المؤتمر كضيوف شرف ، ومن اجل المشورة فقط . ان دوامة العنف التي تشارك فيها قوى اقليمية معروفة ، لاتبشر الا باتساع دائرة العنف لتنتقل الى البلدان المجاورة ، وبذلك يتعادل الجميع في نيل حقهم من العنف لا العراق لوحده. ومن المناسب اسداء النصيحة الى الادارة الامريكية ، فبدلا من بيكر هاملتون عليهم البحث عن المسز بيل لارسالها الى العراق ، قبل ان تدفع الاتاوة التي دفعها الوالي العثماني لكلكول.
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قنينة الشمبانيا الروسية
-
بيكر هاملتون و بوصلة المصالح الامريكية
-
الحوار المتمدن صفحة الحوار والديمقراطية
-
العراق الى اين
-
التغيير الامريكي من اين يبدأ
-
خريف الجنرال
-
المشهداني ويوليوس قيصر تحت قبة البرلمان
-
ايران زورخانة اليورانيوم
-
العشائر العراقية والمصالحة
-
الزعيم عبد الكريم قاسم تجسيد المثال الوطني النبيل
-
السيارات المفخخة لن تصنع نصرا
-
اليورانيوم ولعبة النرد الايرانية
-
اليورانيوم الايراني يفتح الباب واسعا امام استخدام القوة
-
التاسع من نيسان خاتمة الاحزان
-
هلا ..هلا .. ريم الفلا
-
واحكومتاه
-
سامراء الرمز والصورة
-
الى الفائزين في الانتخابات مع التحيات
-
الانتخابات بوابة الانتصار على الماضي
-
عيد الميلاد تهنئة وسلاما
المزيد.....
-
من سيخلف يحيى السنوار في قيادة حماس؟ مراسلة CNN تعلق
-
موسكو تشطب طالبان من قائمة الإرهاب
-
بيان عربي جديد نعيا للسنوار
-
حماس تنعى قائدها يحيى السنوار.. قائد ملحمة طوفان الأقصى ورئي
...
-
فيديو اللحظات الأخيرة ليحيى السنوار…كيف قتلت إسرائيل زعيم حم
...
-
ماذا وراء رسالة التهديد الأمريكية لإسرائيل؟
-
خلافات ومصالح على جدول أعمال زيارة شولتس إلى تركيا
-
تنظيم -إخوان الأردن- يؤكد انتماء مهاجمين إليه قتلهما الجيش ا
...
-
مسؤول إسرائيلي لـ-يسرائيل هيوم-: أهداف الحرب لم تتحقق بعد و-
...
-
إعلام عبري: السنوار سلم توصياته بشأن صفقة التبادل لمرافقيه و
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|