بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 02:31
المحور:
كتابات ساخرة
إذا كنت تظن أن التخفيضات الكبرى تحدث فقط في نهاية السنة، فكر مرة أخرى! القوى الكبرى تقدم لنا مهرجانا عالميا بعنوان "تخفيضات نهاية السيادة"، حيث تباع الدول وتشترى وكأنها عروض على مواقع التسوق. الفرق؟ هنا، ليس هناك سياسة إرجاع.
في الغرف المغلقة، حيث يجتمع أصحاب القرار العالمي، يبدو المشهد وكأنه اجتماع لوضع ميزانية احتفالية، لكن بدلا من تبادل الهدايا، يتبادلون مصائر الشعوب. "فلنؤجل ملف الشيشان إلى العام المقبل؛ لدينا الآن صفقة أفضل في أرمينيا!"، "وماذا عن أفريقيا؟ هل لدينا عروض جديدة على الموارد الطبيعية؟".
القارة السمراء، كعادتها، ليست أكثر من "بوفيه مفتوح". منذ مؤتمر برلين وحتى اليوم، تعامل أفريقيا كعلبة كنز تفتح مجددا مع كل موسم سياسي. النفط؟ "احصل على برميلين وادفع ثمن واحد!"، اليورانيوم؟ "اشتري الآن واحصل على تخفيض إضافي على الألماس!". أما السكان المحليون؟ فهم مجرد خلفية للمشهد، أحيانا يظهرون في صور دعائية عن "التنمية المستدامة"، وأحيانا يتركون لمواجهة مصيرهم في صمت.
أما الحروب، فقد تحولت إلى استثمارات طويلة الأجل. لم تعد تشن باسم القيم أو الحدود، بل أصبحت أقرب إلى "عقود شراكة". تقايض فيها الطائرات والدبابات بالبترول والغاز. أما الضحايا، فهم مجرد "تقرير جانبي". الملايين يهجرون، يقتلون، أو يدمرون، لكن لا بأس، فالإحصائيات دائما تبدو أقل قسوة عندما تعرض في جداول ملونة.
في هذا الكرنفال العبثي، ترفع القوى الكبرى شعارات براقة: "نحن هنا من أجل السلام!"، بينما تقصف مدنا بأكملها. "ندعم حقوق الإنسان!"، بينما تصادر حقوقه في الحياة. وكأن السلام والحقوق مجرد منتجات موسمية لا تظهر إلا في المناسبات.
نهاية السيادة ليست كابوسا مستقبليا، بل هو واقع نعيشه يوميا. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل، أو على الأقل هذا ما يروج له في المؤتمرات العالمية. "نحتاج إلى نظام عالمي جديد"، يصرخ الجميع، لكن النظام الحالي مصمم بعناية ليفيد من صنعوه. الكبار هم الذين يكتبون القواعد، ولن يسمحوا بتغييرها طالما أن اللعبة تسير لصالحهم.
في النهاية، سواء كانت نهاية السيادة أو نهاية السنة، يبقى السؤال: هل نحن سكان هذا العالم حقا، أم أننا مجرد شخصيات جانبية في مسرحية عبثية تعرض على خشبة مسرح يملكه الآخرون؟
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟