كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8191 - 2024 / 12 / 14 - 20:03
المحور:
الادب والفن
كم مرَّت الرياحُ في سبتمبر، تُداعبُ وجهَ حزني كأنها همساتٌ ضائعة في الأفق، وحين التقت السماءُ بعيني، تساقطت أسراري كحبات المطر على وجه الأرض، وأنا تائهٌ في صحراءِ الوجود، أبحث عنكِ في كلِّ لحظةٍ، بينما أنتِ الحضور الغائب، العطر الذي لا يذبل.
انظري كيف تناثرَت أوراق الخريف على شاطئ روحي؟ كيف عَبَرتْ خطواتي فوق الجمر، أبحث عنكِ في أطيافٍ غير مرئية، في زوايا المدى التي تتقاطع في نفسي؟ كنتِ أنتِ الأفق الممتد، كنتِ اللمحة الباهتة في ضوءٍ يذوب، كم تمنيتُ أن تلتقطني الرياحُ لتأخذني في سُحبكِ الساكنة، هناك حيث لا مكان ولا زمان.
في كلِّ لحظةٍ تذوب روحي، وتُشرقُ من جديد، كأنني أراكِ في كلِّ شيءٍ، وأنتِ ما زلتِ تختبئين وراء حجابِ الزمان، لا تبرحين كونكِ الأزل، الحقيقة التي تملأ الفراغ قبل أن نولد، قبل أن نفهم كيف نكتب أسماءنا على الرمل الذي يمحوه المدُّ.
يا من تساقطت دموعي على وجنتيها كما الأمطار، حيث دارَت أقدارنا في حلقةٍ لانهائية على وجه الأرض، هل تعلمين كيف يشتاق القلب إلى ما لا يُرى، وكيف تذوب العيون في رحلةٍ بلا عودة؟ أنا تلكَ النجمة العالية التي تغوص في أعماق الروح في صمتكِ، وأنتِ تلكَ التي لم تبحْ لها الكلمات التي تُدركها العين قبل أن ترويها الكلمات.
ما معنى الحزن؟ وما معنى النور؟ كيف ألتقي بكِ في عينيَّ وأنتِ في السماء البعيدة، وأنا في هذه الأرض التي غسلتها دموعي؟ أين نجد للروح راحة في هذا العالم الذي يعجز عن فهم أننا تائهون بين اللانهاية والمحدود، بين الوجود والعدم؟ في الرياح، في الحزن، في الزهور التي تذبل ثم تعود إلى التراب، في اللحظات التي تبتلع الوجود كله، أدرك أنني لا أبحث عنكِ، لأنني وجدتكِ قبل أن أُخلق، وجدتكِ في زمانٍ لا يزال يكتب اسمكِ على صفحات قلبي.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟