|
محمد مرسي .. وأحمد الشرع !!
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 16:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ١٥ يونيو ٢٠١٣ اعلن محمد مرسي مندوب الاخوان في قصر الرئاسة المصري في مؤتمر نصرة سوريا الذي اقيم في استاد القاهرة انه - أي مرسي - قرر ارسال الجيش المصري الي سوريا لقتال الجيش العربي السوري ، وتخليص السوريين من المجرم بشار كما قال !!
وكأن قنبلة شديدة الانفجار انفجرت في أفق الشرق الاوسط كله ...
هل يعقل ان يحارب الجيش المصري الجيش السوري ، وهما اللذين حاربا متحدين الجيش الاسرائيلي مرارا .. عام ١٩٤٨ وعام ١٩٦٧ وعام ١٩٧٣ !!
كان الامر أكبر طبعا ألف مرة من الاخوان ومن مندوبهم في قصر الرئاسة ، والذي كانوا يحركونه كما يشاؤون ..
كان أمرا لا يرد من قوي دولية نافذة ، اعطت أوامرها للإخوان - تنظيما دوليا مقره لندن ومرشدا ومكتب ارشاد في القاهرة - وابلغها هؤلاء الي مندوبهم في قصر الاتحادية ..
كان ذلك - للأسف - نسيانا فادحا من الاخوان المسلمين لأول بديهيات الأمن القومي المصري ونظرية الأمن القومي العربي ، وتدميرا - يكاد يكون مقصودا - لمقدرات دولتين عربيتين رئيسيتين من دول الطوق العربي حول اسرائيل ..جيشا واقتصادا ومستقبلا ..
كان لدي المختلفين مع الاخوان المسلمين دوما اعتقاد انهم تنظيم لا يؤمن بالدولة الوطنية ، فهي - كما قال مرشدهم - قطعة من تراب عفن !!
ولكن لم يكن يخطر بأسوأ كوابيس المصريين ان جيشهم الوطني المعد والمجهز لقتال دولة واحدة فقط يعرفونها جيدا - حتي لو كان بيننا وبين تلك الدولة لظروف دولية واقليمية معينة قصاصات سلام - يمكن ان يذهب ليحارب دولة عربية شقيقة ، وبالذات سوريا ، التي طالما جمعتنا معها رفقة التاريخ .. ورفقة السلاح .. ورفقة المصير ..
كان هدف الاخوان المسلمين ومندوبهم في قصر الرئاسة محمد مرسي من وراء ارسال الجيش المصري ليحارب في سهول ووديان وجبال ومدن وقري سوريا الاتي :
١ - التخلص من القوة الرئيسية في مصر التي تستطيع - بما لها من مكانة في نفوس المصريين - الوقوف امام اطماعهم ، وايقافهم عند حدودهم ..
فليس في مصر للأسف قوي سياسية حقيقية تستطبع ان تردع الاخوان ، وقد استطاع الاخوان بعد ٢٠١١ باتهام هذه القوي كلها - يسارية وليبرالية وناصرية - بأنهم مجموعة من العلمانيين كارهي الدين تحييد هذه القوي ، ووضعها في موقف الدفاع عن النفس .. ووقفت هذه القوي ببلاهة تدافع عن نفسها اتهاما سخيفا من تنظيم يعرف ما يريد وكيف يصل اليه ..
والخلاصة ان الجيش - والاخوان يعرفون ذاك جيدا - هو خصمهم الرئيسي في مصر ، ويمكن بإرساله الي سوريا التخلص من عدوهم التاريخي ، وبذلك تخلو مصر لهم لتكوين جيشهم الخاص الذي يدين لهم بالولاء ، وبجانبه حرس ثوري ، حيث جاء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الي القاهرة خصيصا في يناير ٢٠١٣ لمساعدة الاخوان المسلمين في مصر في انشاء حرسهم الثوري الخاص .. ونقل تجربة ايران اليهم ...
وكان ذلك المؤتمر - مؤتمر نصرة سوريا في استاد القاهرة في ١٥ يونيو ٢٠١٣ - من أهم الاسباب التي جعلت القوات المسلحة المصرية تحزم أمرها وتنضم الي الحراك الجماهيري المصري الذي قادته حركة تمرد ، وصولا الي ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وثورة الشعب المصري الخالدة ، التي اقتلعت من اكبر دول المنطقة وأعرقها اقدم التنظيمات السرية متطرفة الفكر ارهابية لنزعة في الشرق الحديث والمعاصر ..
٢ - وكان السبب الثاني لمحاولة الاخوان إرسال الجيش المصري الي سوريا في صيف ٢٠١٣ هو خلع السلطة الشرعية في سوريا ، وتكوين امارة اخوانية في سوريا تنضم الي نظيرتها المصرية ، مع ما سيستجد من دول اخري يقودها سوء حظها للوقوع تحت حكم هذا التنظيم ذو الاهداف المجهولة ، ووضعها تحت قيادة الخليفة الجديد رجب اردوغان .. اي بطبيعة الأمور - وبحكم عضوية تركيا في الناتو - وضعها تحت قيادة حلف الناتو وخططه للشرق الأوسط !!
كان ذلك تطبيقا شديد النجاح لمشروع امريكا لتغيير الشرق الاوسط الذي اعلنته بداية هذا القرن ..
ولم يعرف احد علي وجه اليقين ما هو الهدف الحقيقي والنهائي لهذا المشروع ؟! هل الهدف تفكيك الدولة العربية الحديثة وتسليمها لتنظيمات وجماعات مسلحة او ما يسمي بلغة العلوم السياسبة الفاعلين من غير الدول ..
اما ان الهدف هو تكوين امارات اسلامية في عموم الشرق الاوسط يوكل بالسيطرة عليها الي تركيا ، وحشد هذه الملايين الي حرب حضارات مدمرة بين العالم الاسلامي وبين الحضارة المسيحية الارثوزوكسية الروسية والكونفوشيوسية الصبنية ..
وهو ما يعد تطبيقا حرفيا لنظرية - وسياسة - صدام الحضارات التي تحدث عنها طويلا - وكتب فيها كتابا شديد الاهمية - استاذ السياسة والاستراتيجية المقرب من البنتاجون ودوائر صنع القرار في أمريكا صمويل هنتنجتون ، حيث تصبح الحضارة الاسلامية السلاح الذي سيحارب به الغرب روسيا والصين طوال هذا القرن .. حتي القضاء عليهما او - علي الاقل - تفكيكهما ....
كان هذا هو هدف الاخوان - او من يحرك الاخوان في الواقع - من ارسال الجيش المصري الي سوربا ...
وقد انهار كل هذا الترتيب الجنوني وانهارت سلطة الاخوان في القاهرة ومصر مع تحرك الشعب المصري ومعه جيشه البطل لافشال هذا العبث كله ...
ولكن ... كيف تصرف الغرب بعد فشل خطته الاولي ، والتي كانت تقضي بوضع الجيش المصري في مواجهة الجيش السوري وتدمير الجيشين معا والتخلص منهما ...
كان رد الفعل الاولي للغرب هو ...صنع تنظيم داعش !!
بعد سنة بالضبط من انتهاء سلطة الاخوان في القاهرة في صيف ٢٠١٣ وفي صيف ٢٠١٤ ظهر فجأة وبلا اي مقدمات تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام .. داعش !!
وبسرعة غريبة استولت داعش علي اراضي هائلة في سوريا والعراق ..
وهنا أرسل ابو بكر البغدادي زعيم داعش وخليفة المسلمين الجديد - !! - احد رجاله وهو أبو محمد الجولاني - الذي أصبح الان أحمد الشرع - لتأسيس وقيادة فرع داعش في سوريا ...
وبعد فترة استقل الجولاني عن البغدادي وانفصل عن داعش مكونا - تحت قيادة امريكية مستترة وتحت قيادة تركية ظاهرة - تنظيم جبهة النصرة !!
وكاد تنظيم داعش وتنظيم جبهة النصرة والجيش السوري الحر - واغلبه من الاخوان المسلمين - السيطرة علي سوريا بعد أن دخلوا حلب ، وكانت أقدامهم في ريف دمشق .. علي أبواب العاصمة السورية ..
وهنا اعلن فلاديميير بوتن في سبتمبر ٢٠١٥ دخول روسيا الحرب ضد تنظيم داعش واحبهة النصرة والاخوان ومساندة الجيش العربي السوري في التصدي لهذه المجموعات الارهابية المسلحة ...
واستطاع سلاح الجو الروسي مع الجيش السوري وبمساندة من حزب الله اللبناني ايقاف تقدم التنظيمات المسلحة نحو دمشق ...
وبحلول ٢٠١٧ تمكن الجيش السوري من دخول حلب ، ثم وقعت اتفاقية استانا التي جمدت الوضع علي الارض : حيث المجموعات الارهابية المسلحة تم تجميعها في محافظة ادلب ووبعض القري شمال حلب ، بينما سيطر الجيش السوري علي باقي انحاء الدولة السورية باستثناء شرق الفرات الذي يسيطر عليه الاكراد بموافقة - ومساعدة -أمريكية ، بالاضافة الي قاعدة امريكية كبيرة في منطقة التنف في بادية الشام ، علي الحدود المشتركة بين سوريا والعراق والاردن ..
وكان - طبقا لتفاهمات استانا - أن هدأت الاوضاع في سوريا خلال الخمسة اعوام الماضية ..
وفجأة قررت الولايات المتحدة تسخين الاوضاع واستئناف القتال ، وكان ان اوعز الاتراك الي هذه التنظيمات الارهابية المسلحة في ادلب بالتقدم نحو حلب ... وما بعد حلب .
ثم حدث ما شاهدناه وما شاهده العالم كله في الاسبوعين الماضيين .. والذي به من الاسرار اضعاف ما به من حقائق .. والمخفي فيه اكبر بكثير من الظاهر ...
والنتيجة ان وقعت دمشق - وسوريا كلها - في قبضة الولايات المتحدة الامريكية وتنظيماتها المسلحة العاملة علي الارض السورية ، معلنة انتزاع سوريا - وهي موطن تقليدي لنفوذ الروس - من الدب الروسي وضمها الي الحضن الامريكي ...
وما كان مفروضا ان يفعله محمد مرسى والاخوان من ١١ سنة فعله ابو محمد الجولاني - واسمه الجديد احمد الشرع - اليوم ...
واستطاع - للأسف - المشروع الامريكي العتيد ، مشروع الشرق الاوسط الكبير ، بما حدث في سوريا من ايام التقدم خطوة جديدة ومهمة جدا .. بعد تعثر مؤقت ...
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيم واين اخطأ بشار الاسد بالضبط ؟!
-
اسئلة اليوم التالي ...
-
يوم حزين .. ويوم سعيد ...
-
هل ما حدث في سوريا ممكن الحدوث في مصر ؟!
-
هجمة مرتدة ..
-
جمال عبد الناصر .. والناصريون : أين الاختلاف ؟!
-
التزوير والتلاعب في الانتخابات الأمريكية..
-
لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!!
-
فيتنام وفلسطين : اين الاتفاق .. واين الاختلاف ؟!
-
لماذا لا تدخل مصر الحرب ؟!
-
الي أين اخذت حماس القضية الفلسطينية ؟!!
-
لماذا أرادت النخبة الامريكية الحاكمة مجئ ترامب مرة أخري ؟!
-
الحزب السياسي في الحياة السياسية الأمريكية...
-
الحياة السرية لرؤساء أمريكا...
-
هل هناك في أمريكا ديموقراطية ؟!
-
السيد حسن نصر الله ...
-
أيام حزينة ...
-
لماذا تطيع ألمانيا أمريكا وهي مرغمة.. وبدون كلمة اعتراض؟!!
-
هل نحن ضد من يقاوم الاحتلال الإسرائيلي؟!!
-
وضع غريب آن له أن ينتهي ؟!
المزيد.....
-
انضموا واحدًا تلو الآخر.. اندلاع شجار أثناء جلسة محاكمة متهم
...
-
ترامب يرغب بالسيطرة على قطاع غزة.. ما ردود الفعل في الأراضي
...
-
خطوة نحو الذكاء الاصطناعي المارق؟ : باحثون صينيون ينجحون في
...
-
وزيرا الخارجية الجزائري والتركي يبحثان الوضع في غزة
-
-كفاك جنونا وغطرسة-.. الصدر يهاجم ترامب
-
إستونيا تخطر مواطنيها حاملي الجنسيات الأجنبية بالتخلي عنها
-
مجلس النواب الأردني يقترح إصدار قانون يمنع تهجير الفلسطينيين
...
-
بوغدانوف يبحث مع الرئيس العراقي مواجهة التحديات وترسيخ الأمن
...
-
برلين: طرد الفلسطينيين من غزة أمر غير مقبول
-
لبنان.. الثلوج تغطي طريق ظهر البيدر
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|