|
ذهب العراق، و سيعود سيناريو العراق
حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 09:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ بداية أحداث ما سمي بطوفان الاقصى، و من الحالات النادرة التي اخطئت فيها التوقع و الحساب، بهامش كبير جدا، كان الردّ الاسرائيلي على ايران، او الرد على عملية الوعد الصادق 2. و حيث توقعنا ردا نوعيا و كبيرا، يطال مناطق ايرانية حساسة و مهمة، بما يمكن ان يمتد الى حرب مباشرة، فإن الرد الاسرائيلي كان للأمانة مسخرة، و شيئا مضحكا بكل المعايير التقنية المتخصصة و العامة، و هنا وجب التوقف قليلا، للعودة الى سياق اخر، متناقض من حيث الشكل و متّسقٍ من حيث البنية و الموضوع. عندما أطلق صدام حسين صواريخه اليائسة البئيسة على تل ابيب، سادت موجة من التعجب و الاستغراب بخصوص الموقف الأمريكي الذي ضغط على اسرائيل بشكل ثقيل جدا، نحو عدم الردّ على العراق، او تجنب الانجرار خلف الاستفزاز العراقي. و طبعًا، لم يفهم أحد الرسالة آنذاك، و هذا ما ترك الباب مفتوحا أمام المثقف-المتسوّل العربي المهزوم، لانتاج كل اشكال الهرتلات و الخزعبلات تحت عنوان واحد، و هو ضعف الكيان، و قرب هزيمة الكيان، و أن زوال الكيان سهل هيّن لولا التخاذل العربي، و أن على المشككين و المرجفين اطلاق صاروخ واحد على تل ابيب، قبل الحديث عن عشرات الصواريخ التي اطلقها صدام حسين، و التي زرعت الرعب في الكيان و داعميه، و خلقت واقعا جديدا هو القدرة على المبادرة، و كسر اساطير و اوهام، الى ما لا نهاية من كتابات العرض و الطلب و البقشيش، في زمن الحلم العربي. بعد ذلك، ستتطور سياقات أخرى، داخل نفس الاطار و البنية و خارجها كذلك، لتنتج فجأة مشهد الحشد لغزو العراق، امريكيا و غربيا هذه المرة، و دون أي مشاركة او اندفاع ( ظاهر و معلن) لتل ابيب، و هنا حيث بدأ دكّ العراق بمحكم التنزيل الامريكي، بعد تأمين كافة الظروف اللوجيستيكية اقليميا، و السياسية دوليا، لانجاز الضربة المثلى، بصفر خسائر، و بمردود عسكري مُبهر. و حيث بدأ المسار التراكميّ لهذا المردود بتحويل العراق في ليلة واحدة الى دولة حجرية، بدون دفاعات ولا طيران و لا الوية مشاة او مدرعات، بل بدون خبز، حيث اصبح الصّبح على بغداد بدون خبز ولا مخابز نظرا لتعطل امدادات الطاقة، و لم يتوقف هذا التراكم كذلك بإنزال المطار، او معركة المطار الشهيرة، التي توقعها و راهن عليها اعلام البعث لصناعة مشهد التحام او اشتباك مباشر بطولي، شارك فيه صدام حسين شخصيا كما يشاع، فخاب ظنه بهزيمة مخزية، و صورة بليغة لزيف شعارات المهزومين من كلاب مسعورة و جبانة، تبرر الهزيمة دائما بموارد العدو الكبيرة، و تصنع دائما صورة الابطال الشجعان و صناع المعجزات من لاشيء، امام الجندي الجبان الذي يختبئ خلف العتاد و العديد و التكنولوجيا المتقدمة. و على فكرة، فقد كان هذا الطرح سليما من حيث الشكل، فقط لان العدو فعلا يملك التكنولوجيا و التفوق عددا و عتادا، و ليس لانه جبان بالضرورة، كما أن هذا لا يعني شجاعة الخصم، و هكذا يرسخ الاوساخُ اوهامهم في عقول العوام، قبل الهروب الكبير، و هكذا خرقت القوات الخاصة الامريكية اهم قواعد الاشتباك المعروفة التي تقول بتفوق صاحب الارض تحت أي ظرف، و باستحالة النزول الى ارض معادية دون خسائر جسيمة، او عدم نجاح الانزال من اساسه، و تم طحن الاشاوس في ارضهم، من خلال سمائهم ، و للامانة كذلك و فقط، يحكي بعض الضباط الناجين من جحيم معركة المطار، ان الذخائر المستعملة من طرف القوات الخاصة الامريكية كانت رصاصا بيولوجيا او شيئا يشبه النووي، حيث ان الرصاصة لا تقتل فقط، و لا تشتت الاوصال، بل تقوم حرفيا بإذابة و صهر جسد المُصاب، في جزء من الثانية، و تحويله الى صلصة طماطم، و هذا ما يخلق عامل الرعب الى جانب المفاجئة. و نفس الدرس تعلمه المتحمسون لاشاوس غزة و حماس، في عملية النصيرات، التي نفذها 6 عناصر من قوات الديلتا ( الاعلى تدريبا و تسليحا في العالم)، و في عقر الدار و الديار. دون ان يصاب احدهم بخدش واحد، و في اشتباك مباشر و على المشاع و دون غطاء او حجاب، مع عشرات المسلحين وسط حي سكني، حيث خلف كل نافذة يوجد مسلح و يوجد رشاش و توجد بندقية و توجد قذيفة ياسين .. فكانت النتيجة أكثر من 260 جسدا مبعثرا، وسط الشارع .. دون قنابل ولا صواريخ و قذائف مدفعية، و كأنها صقر لواحة البشر ! هكذا تم دكّ العراق، و حماية اسرائيل، بابعادها عن معركة هي في غنى عنها، ربما لان الذخيرة الاسرائيلية غالية، و الهدف في العراق رخيص، و ربما لان المواجهة بأدوات امريكية غربية عربية اسهل و اقل كلفة، على الجميع طبعا، حيث أن ما تحتفظ به اسرائيل من ترسانة حربية حقيقية و فعلية و فاعلة، مازال الى حدود الساعة خارج نطاق الاستعمال، و لا احد طبعا يريد استعماله. إن المتوقع حاليا، هو اعادة السيناريو العراقي بحذافيره في ايران، على أساس فرضية أن قرار غزو العراق اتخذ لحظة اقدامه على استهداف تل ابيب، و كما أن قرار غزو ايران، اتخذ لحظة استهداف ايران ل تل ابيب، و اتخذ من قلب الدولة العسكرية العميقة لأمريكا و الغرب، كبديل عن رد اسرائيلي غير مناسب او متناسب، و هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من غزة إلى سوريا، نقاط محورية لفهم ما حدث و يحدث
-
حزب الله جبهة إسناد حكومة نتنياهو
-
إرادة العار 2
-
إرادة العار
-
خلاصة أحداث طوفان الأقصى
-
الخراب القادم، أو درس التخريب بمفهوم -مظفر النواب- (7)
-
ممانعة العرض و الطلب
-
حزب الله و مغالطة المحاذير
-
الخراب القادم، أو درس التخريب بمفهوم -مظفر النواب- (6)
-
اليمن العظيم ..
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (5)
-
هل باعت إيران المقاومة ؟
-
الصهيونية و الصفيونية وجهان لعملة واحدة
-
اوهن البيوت بيت العنكبوت
-
ازرع كل الأرض مقاومة
-
فَحْمُ الغرب
-
شذرات .. في جينيالوجيا بعض المتصهينين
-
طوفان الأقصى، نتنياهو يرقص رقصة المذبوح
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (4)
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (3)
المزيد.....
-
شاهد..فتاة إماراتية تبني علاقة صداقة مع النحل ولا تخاف من لد
...
-
-أمريكا ستستحوذ على غزة-.. ما قصة تصريحات ترامب بشأن تهجير ا
...
-
وفاة إمام الإسماعيليين.. نظرة على حياة الآغا خان الرابع وأنش
...
-
مسؤول أمريكي يستشهد بـ-أبي القاسم الشابي- للتحريض على الرئيس
...
-
العرب وأسرار -العنبر-!
-
الولايات المتحدة: مقتل شخص وإصابة 4 آخرين بإطلاق للنار في أو
...
-
معرض للسيارات الكلاسيكية في العاصمة الفرنسية عشية مزاد تاريخ
...
-
إندونيسيا: زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب قبالة سواحل جزر الملوك ا
...
-
ترامب يريد الاستثمار بغزة.. رغبة الرئيس الأمريكي بالسيطرة عل
...
-
رغم ضجة -البديل-.. المحافظون يحتفون بمرشحهم لمنصب المستشار
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|