أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!














المزيد.....


عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8189 - 2024 / 12 / 12 - 16:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


في صباحٍ رماديٍ دامٍ من أيام نوفمبر عام 1935، كان الوطن يُجرَّد من روحه على مرأى ومسمع العالم، بينما وقف الشيخ عز الدين القسَّام، الرجل الذي لم يكن يحمل سوى إيمانه وسلاحه البسيط، يواجه قوى عظيمة تفوقه عدداً وعتاداً. لم يكن القسَّام رجلاً عادياً؛ بل كان رمزاً لنهضة أمة وضميراً لا يعرف التردد في الدفاع عن الحق.



في تلك اللحظة العصيبة، حين أحكمت قوات الاحتلال البريطاني وعصابات الصهاينة الحصار حوله، خرجت كلماته تشق صمت الموت: "موتوا شهداء، موتوا شهداء، فالشهداء عند ربهم لا يموتون أبداً."

كلمات أشبه بنشيد الخلود، استقرت في أعماق التاريخ كصرخة تمرد وعزيمة لا تلين.



لم تكن كلماته مجرد دعوة للموت؛ بل كانت نداءً للحياة التي لا تزول، حياة الشهداء التي تنبعث مع كل ذكرى، وتضيء دروب الحرية للأجيال القادمة. كان يعلم أن ما يقف أمامه ليس فقط جيشاً أو عصابة، بل منظومة استعمارية كاملة تسعى لاقتلاع شعبه من جذوره. ومع ذلك، واجه مصيره بشجاعة نادرة، معلناً أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحق لا يُنتزع إلا بإيمان لا يعرف حدوداً.

تلك المواجهة لم تكن فقط معركة بالنار والرصاص، بل كانت رمزاً لصراع أعمق وأشد مرارة: صراع بين من يحمل الحق ومن يحاول سحقه، بين من يقاتل بروحه ومن يتآمر بماله وسلاحه.



ولكن، كما تُزهر البطولة في أشد اللحظات عتمة، كان هناك خذلان يطفو من الظلال. لم يكن خذلاناً عابراً أو خفياً، بل كان جرحاً عميقاً أدمى قلب القسَّام.

فبينما وقف هو ومجاهدوه يواجهون المحتل، كان هناك من أبناء وطنه من اختار الصمت أو الانسحاب.

لم يكن الأمر مقتصراً على تقاعس الأفراد، بل كان انعكاساً لحالة أمة تشتت بها السبل وضعف بها الحلم.

ومع ذلك، لم يجعل القسَّام هذا الخذلان يقف في طريق عزيمته، بل حوّله إلى شرارة تُذكي نيران الصمود.

كانت تلك الخيانة بمثابة وقود أضاف إلى جذوة شجاعته، ليصير رمزاً للإيمان الذي لا ينهار، حتى حين تنقلب الدنيا عليه.



"فالشهداء عند ربهم لا يموتون أبداً" – عبارة تحمل في طياتها أكثر من وعد بالخلود، إنها فلسفة حياةٍ يتبناها كل من يختار درب المقاومة. لم تكن هذه الكلمات مجرد شعارات تُقال في اللحظات الأخيرة؛ بل كانت تعبيراً عن رؤية القسَّام للنصر: نصر يتجاوز الميدان ليُزرع في القلوب.

وبرغم استشهاده في تلك المعركة غير المتكافئة ضد القوات البريطانية، معركة أحراش يعبد قرب مدينة جنين في فلسطين، في 20 نوفمبر 1935، إلا أن صدى صوته لم يتوقف.

امتد أثره ليصبح وقوداً لكل انتفاضة، وروحاً تسري في شرايين المقاومة، شاهدةً أن الشجاعة ليست حكراً على من يملك القوة، بل على من يملك الحق.



إن قصص البطولة والخذلان ليست حكراً على زمان أو مكان، لكنها تتكرر حيثما كان هناك ظلم يستفز كرامة الإنسان. لم يكن موقف القسَّام مجرد محطة عابرة في التاريخ، بل درساً خالداً يعبر الأجيال: أن البطولة الحقة لا تُقاس بالنتائج العسكرية، بل بالمبادئ التي تزرعها.

فالشجاعة ليست غياب الخوف، بل القدرة على المضي قدماً رغم حضوره. أما الخذلان، ورغم مرارته، فلا يمكنه أن يُطفئ جذوة الإيمان الصادق.



ويبقى عز الدين القسَّام رمزاً يتجاوز الحصار والموت، يقف شاهداً على أن الشجاعة، حين تتجذر في النفس المؤمنة، قادرة على مواجهة كل الخيانات والانتصار على كل الانكسارات.

ففي كل معركة تُخاض اليوم، وفي كل صوت يُرفع ضد الظلم، يعيش القسَّام من جديد، ويؤكد أن الشهداء، حقاً، لا يموتون.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!
- أوراقٌ ضائعةٌ في صمت الذاكرة !
- طفلُ الشّتات: حكايات وطنٍ وحلمٌ لا يموت!
- رسائل الحنين إلى طائر الغياب!
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...


المزيد.....




- مقتل مسؤول كبير في الجيش الروسي ونائبه جراء انفجار بموسكو
- -كان ضابط مخابرات بنظام الأسد-.. سكان محليون يكشفون لـCNN حق ...
- -هل يعتقد أنه سيعود للسلطة؟!-.. مراسل CNN يعلق على بيان بشار ...
- وانغ يي: الصين ستساعد سوريا في الدفاع عن سيادتها
- لأول مرة منذ 8 سنوات.. سفينة أمريكية تزور ميناء في كمبوديا ا ...
- مقتل قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي الروسية ...
- -أكشاك ماهر الأسد- وصلوات الجامعات وأسئلة الشارع السوري (فيد ...
- مستعينة بروسيا.. إسرائيل تبحث عن رفات الجاسوس إيلي كوهين في ...
- الولايات المتحدة و-القتل خنقا في الأحضان-!
- اتهام رجلين بتوريد أسلحة أمريكية لإيران تسببت بمقتل 3 عسكريي ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!