أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والستون)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والستون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8189 - 2024 / 12 / 12 - 02:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لذلك يتم تعريف مفهوم الوعي من خلال تعارضين: من ناحية، تعارض الوعي والمتعارض مع (ob-jet) في مقابل الذات (في الألمانية Gegenstand تعني حرفيا ما يتعارض مع، ويحوله المترجمون إلى "ob-jet" وهم يحتفظون ب "objet" لكلمة ألمانية أخرى:Objekt)؛ تعارض المعرفة والحقيقة من ناحية أخرى. كل تعارض من هذه التعارضين يعطي لمفهوم الوعي معنى مختلفا. يكون له معنى ذاتي عندما يشير إلى نشاط معين للعقل، النشاط الذي من خلاله تميز الذات معرفتها عن الأشياء التي تتعلق بها: وهذا ما يمكن أن نسميه، في اللغة الهوسرلية، النشاط "الإدراكي النيوماتيكي" للوعي، الترابط بين الفعل الفكري "القصدي" والموضوع المقصود. لكن يجب أن يفهم الوعي أيضا بالمعنى الإبستيمولوجي، بموجبه يكون فهما عفويا من قبل العقل لما يشكل حقيقة تمثلاته، أو معرفته. وفقا لهذا التصور للحقيقة، تُعتبر الأشياء الخارجية مستقلة في حد ذاتها عن المعرفة، وهي في حد ذاتها يجب أن تتوافق معها المعرفة حتى تكون صحيحة. نصادف المفهوم التقليدي عن الحقيقة باعتبارها "توافق" المعرفة مع موضوعها. لماذا ننسب هذا التصور للحقيقة إلى الوعي؟ لأنها تُخضع معرفتها تلقائيا لمثل هذا الطلب على الحقيقة، والاهتمام بالدقة ( Richtigkeit ) في الاصطلاح الهيجلي.
يتم إذن تعريف مفهوم "الوعي" من خلال ثنائية مزدوجة: تنضاف إلى ثنائية الوعي وموضوعه ثنائية المعرفة والحقيقة. فقط الثنائية الثانية، ذات الطبيعة الإبستيمولوجية، هي موضوع النقد الذي تطور عبر "الفينومينولوجيا" وأدى إلى النتيجة التي صيغت في فصل “المعرفة المطلقة”: إنما في عرض المعرفة على شكل مفهوم، وليس في ما وراء المعرفة، ينبغي البحث عما يشكل أعلى درجة من حقيقة المعرفة (الدقة هي فقط أدنى درجة من الحقيقة). في مرحلة المعرفة المطلقة، سيتم القضاء على التعارضات المكونة للوعي، بين المعرفة والموضوع، المعرفة والحقيقة، الوجود-من-أجل-الوعي والوجود في ذاته. سوف يفسح الوعي المجال للعلم، للمفهوم الذي يُفهم على أنه وحدة الفكر والوجود:
"إذا كانت كل لحظة، في فينومينولوجيا الروح، هي الاختلاف بين المعرفة والحقيقة، وكذلك الحركة التي يتم فيها إزالة هذا الاختلاف، في المقابل، لا يحتوي العلم على مثل هذا الاختلاف وإزالته، لكن، بما أن للحظة شكل المفهوم، فهي تجمع بين الشكل التعارضي (obj-ectivale) للحقيقة وشكل الذات التي تعرف في وحدة مباشرة" (890/432).
شكل الوعي
من خلال ربط معرفته بأشياء محددة، يتطلب الوعي أن تتوافق معرفته مع هذه الاشياء. يوفر هذا المطلب المعيار الداخلي الذي يجعل نقده المحايث ممكنا. في الواقع، يتوقف محتوى هذا المعيار في كل مرة على نوع المعرفة التي يتم أخذها بعين الاعتبار. تتمثل أطروحة هيجل في أن كل شكل أو بنية أو شكل ( جشطالت ) للوعي يتميز بنوع معين من المعرفة، يتضمن تصورا محددا للموضوعية وبالتالي للحقيقة. إن متطلبات التماثل، والتماسك، بين تصور المعرفة وتصورات الموضوعية والحقيقة الناتجة عنها تشكل المعيار الذي على ضوئه سيقيس كل شكل من أشكال الوعي صحة معرفته.
لكن كيف يمكن للوعي أن يتحقق بالضبط مما إذا كانت معرفته متوافقة بالفعل مع حقيقته؟ إذا كان متطلب الحقيقة مفهوما ببساطة بمعنى متطلب الملاءمة لشيء في ذاته، فلن يتمكن الوعي أبدا من إجراء فحص حقيقة معرفته، لأنه لا يملك سوى الوصول إلى الوحود من اجله لهذا الشيء في ذاته. (§ 12). إنما إذن بمعنى آخر يكون من الممكن المقارنة بين المعرفة والحقيقة. لأن كل شكل من أشكال الوعي يفترض مسبقا تصورا معينا للموضوعية، للشيء في ذاته، يمكن للفحص أن يتمثل في مواجهة نمط المعرفة الذي يجب أن يكون مع تصور الموضوعية المرتبط به. لا يتعلق الأمر بمقارنة المعرفة بالواقع كما يوجد في ذاته، بشكل مستقل عن المعرفة التي يمتلكها الوعي عنه، بل هناك تصوران: التصور الذي بكونه الوعي عما يجب أن تكون عليه المعرفة، والتصور عما يجب أن تكون عليه حقيقة موضوع المعرفة. بهذا المعنى كتب هيجل أن "التمييز الذي تم للتو [بين المعرفة والحقيقة] يقع فيه [في الوعي]". ويضيف: “إذا كنا نسمي المعرفة مفهوما بينما نسمي الجوهر أو الحقيقة الموجود أو المتعارض-مع (l ob-jet)، فإن الفحص يتمثل في النظر لمعرفة ما إذا كان المفهوم يتوافق مع المتعارض-مع” (§ 12، 16).
هكذا تؤدي فكرة شكل الوعي إلى الفكرة الأصلية التي بموجبها يفترض كل نمط من المعرفة تصورا معينا للحقيقة يحمل هو نفسه أنطولوجيا خاصة، في هذه الحالة، تصورا لنمط الموضوعية التي يفترض فيها أن تأخذها المعرفة في الاعتبار والتي يفترض فيها في المقابل أن تؤسس قيمة هذه المعرفة. توجد علاقة متبادلة بين تصور المعرفة وتصور الموضوعية تظهر بشكل واضح في الفصول الثلاثة الأولى. إن نقطة البداية في "الفينومينولوجيا" هي "اليقين الحسي". يشير هذا المفهوم إلى نمط من المعرفة: المعرفة الحسية المباشرة بوجود شيء ما هنا والآن، والحدس التجريبي لشيء ما عن طريق الأحاسيس البصرية، اللمسية السمعية، إلخ .. وبشكل متلازم، في هذا الشكل الأول من الوعي، يُنظر إلى الموضوعية على أنها مجموعة من الحقائق الأولية الموجودة مباشرة، بشكل مستقل عن بعضها البعض، مثل "أعيان". في الفصل التالي، يعتبر الإدراك الشكل الأكثر موضوعية للمعرفة، لأنه لا يدرك وجود شيء هنا والآن فحسب، بل يوحد مجموعة من الصفات المحسوسة (المتصورة كخصائص للشيء) ومتعين جوهري (أصبح معرفة بهذا الشيء الذي تظهر طبيعته في خصائصه). يُنظر إلى الموضوعية بشكل مترابط على أنها مجموعة من الأشياء، أي وحدات جوهرية هي بمثابة خصائص مختلفة. في الفصل الثالث، تُفهم الموضوعية من الآن على أنها مجموعة ديناميكية من القوى الخارجية في الظواهر، التي تتوافق معها المعرفة من خلال فهم مجموعة من القوانين التي تحكم العلاقات الثابتة بين هذه الظواهر.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- إسرائيل تقصف مواقع سورية في المنطقة العازلة بالجولان تحسبا ل ...
- ائتلاف حقوقي يسجل تراجعات في مجال الحقوق والحريات بالمغرب وي ...
- ابو محمد الجولاني: هل يكفي ارتداؤه البزة العسكرية ليقنع الشع ...
- سوريا: المتمردون السوريون يعلنون دخولهم إلى دمشق بعد انهيار ...
- شون بن يتهم منظمي حفل توزيع جوائز الأوسكار بالجبن خلال مهرجا ...
- تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية تعلن عن مهامها وت ...
- فرنسا: مضامين الجدل الدائر بين الساسة بعد سقوط حكومة ميشيل ب ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- زيادة مرتقبة في سعر “البوطة الكبيرة”… فين غادا بينا حكومة أخ ...
- منيب تستنكر تخفيض رسوم استيراد العسل لفائدة رجل موال للحزب ا ...
- كوريا الجنوبية: الرئيس يرفع الأحكام العرفية المعلنة حديثًا
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- متقاعدو الوظيفة العمومية يطالبون بالزيادة في المعاشات
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، تخرج عن سيطرة النظام بحسب منظ ...
- قطاع الجامعيين الديمقراطيين يتشبث بموقفه الرافض لكل التراجعا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تساؤلات حول هروب رئيس المجلس الإقليمي لسيدي سليمان خارج الوط ...


المزيد.....




- عارضة الأزياء باميلا أندرسون بإطلالة يغيب عنها المكياج..ما ا ...
- محلل لـCNN: الدبابات الإسرائيلية على بعد 30 كيلومتر من دمشق ...
- احتجاجات طلابية تشل التعليم في صربيا
- ترامب: هذا يوم عظيم لأمريكا
- الصين تخطط لإطلاق قطار -أسرع من الطائرات-!
- روسيا.. إصدار كتب حول الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس
- حمية غذائية تساعد على تخفيف الألم المزمن
- اغتيال حسن نصر الله أم سقوط بشار الأسد؟.. إيران تكشف أي الحد ...
- تقارير غربية: حماس تبدي مرونة بشأن اتفاق وقف النار وتوافق عل ...
- -منصة القاهرة- للمعارضة السورية تعلن موقفها من حكومة البشير ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والستون)