أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!














المزيد.....

غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 20:59
المحور: القضية الفلسطينية
    


يا لهُ من تهديدٍ مُلهمٍ! دونالد ترامب، سيِّدُ الدراما ومُهندسُ المُفاجآتِ السِّياسيَّةِ، يُهدِّدُ قطاعَ غزَّةَ بفتحِ أبوابِ الجحيمِ إذا لم يُفرج عن الأسرى الصهاينة. لكنَّ السؤال الذي لا بدَّ أن يُطرح: أيّ جحيمٍ هذا الذي يُهدِّدُ بهِ ترامب؟

أليس هو ذاتُ الجحيمِ الذي يعيشهُ أهلُ غزَّةَ يوميّاً منذُ عقودٍ؟

ترامب، بنبرتهِ الجهوريَّةِ وبريقِ منصَّتهِ الذَّهبيَّةِ، يُلوِّحُ بيديهِ كما لو كان يُديرُ عرضاً هزليّاً في لاس فيغاس، ثمَّ يُلقي تصريحاً أرادهُ مدوِّياً: "سنفتحُ أبوابَ الجحيم!" وكأنَّ تلك الأبوابَ موصدةٌ أصلاً!

غزَّةُ، يا ترامب، ليست بحاجةٍ إلى جحيمٍ آخر.
الواقعُ فيها يكفي ليفوقَ أيَّ سيناريو رعبٍ قد يتخيَّلُهُ دماغُكَ الهوليووديُّ.

عشراتُ الآلافِ من الشهداءِ والجرحى، ومدينةٌ لم تعُد تصلُحُ إلَّا كخلفيَّةٍ لفيلمٍ عن قصصِ الأشباحِ والأنقاضِ.

الكِلابُ الضَّالَّةُ تبحثُ بين الرُّكامِ عمَّا تبقَّى من حياةٍ، بينما المخيَّماتُ "المؤقَّتة" باتت مُستدامةً، والخيامُ المكتظَّةُ تُصبحُ سقفاً دائماً للناجينَ الذين يتحسَّرونَ على أيَّامٍ كانوا فيها سجناءَ في "سجنِهم المفتوحِ" المُسمَّى غزَّة.

فهل تظنُّ، يا ترامب، أنَّ تهديداً دراميّاً كهذا قد يُرعبُ شعباً اعتادَ الحياةَ في قلبِ الجحيمِ؟

الحقيقةُ أنَّ أهلَ غزَّةَ تجاوزوا الجحيمَ منذُ زمنٍ بعيدٍ. إنَّهم يتنفَّسونهُ، ويعيشونَهُ، ويحوِّلونَهُ إلى روتينٍ يوميٍّ، يختلطُ فيهِ الموتُ بالحياةِ، والصَّبرُ بالقهرِ.

وربَّما عليكَ أن تعرفَ، يا سيِّد البيتِ الأبيضِ، أنَّ فتحَ أبوابِ الجحيمِ لن يكونَ بالنسبةِ لغزَّةَ إلَّا باباً جديداً لتذكيرِ العالمِ بأنَّ هناكَ شعباً لا يزالُ صامداً، يصرخُ في وجهِ الكونِ: "نحن شعبٌ لن يُقهرَ! "

في الحقيقة، لو كان هناك جحيمٌ آخر، فربَّما سيأتي ببعض الامتيازاتِ التي لم تعرفها غزَّةُ منذُ زمنٍ.

من يدري؟ ربَّما جحيمُ ترامب يتضمَّنُ إنترنتاً أسرعَ أو ماءً صالحاً للشُّربِ؟

أمَّا خطابُ ترامب، فهو ليس أكثر من استعراضٍ هزليٍّ يهدفُ إلى إضافةِ جرعةٍ من الإثارةِ إلى قضيَّةٍ قديمةٍ قِدمَ صمودِ غزَّة.
بالنِّسبةِ لأهلِها، باتت تهديداتُ الجحيمِ مجرَّد نُكتةٍ أخرى، يضحكونَ عليها بحسرةٍ ومرارةٍ، قبل أن يعودوا إلى نضالِهم الأبديِّ داخلَ جحيمِهم الحقيقيِّ، ذلك الجحيمِ الذي لم تُغلَق أبوابُهُ يوماً.

لكن في وسطِ هذا السِّيناريو، لا يمكننا إلَّا أن نستذكرَ المأساةَ الحقيقيَّةَ: خذلانُ الأُمّةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ. بينما يلوِّحُ ترامب بمفاتيحِ الجحيمِ، تُغلَقُ أمام غزَّةَ أبوابُ الأُخوَّةِ والمساندةِ، تلكَ الأبوابُ التي كان يجبُ أن تُفتحَ منذُ زمنٍ.

غزَّةُ ليست فقط ضحيَّةً للاحتلالِ والصَّواريخِ، بل هي أيضاً ضحيَّةُ صمتٍ عربيٍّ مدوٍّ، وتواطؤٍ مُهينٍ.

عالَمٌ عربيٌّ غارقٌ في التَّنديدِ من بعيدٍ، مُمتنعٌ عن مدِّ يدِ العونِ، وكأنَّ تلك اليدَ باتت ثقيلةً أو ملوَّثةً بمصالحِهِ الضَّيقةِ.

في عصرِ الثَّراءِ والقوَّةِ، كيف أصبحت غزَّةُ مكاناً يُقتاتُ فيهِ شعبٌ بأكملِهِ على الصَّبرِ وحدهُ؟

الحزنُ الحقيقيُّ لا يكمنُ فقط في تهديداتِ الأعداءِ، بل في تلك النَّظراتِ الفارغةِ القادمةِ من أمَّةٍ كانت يوماً عظيمةً، لكنَّها الآنَ عاجزةٌ عن تضميدِ جراحِ غزَّة.

فأيُّ جحيمٍ هذا الذي نخشاهُ أكثر من خذلانِ الأخِ لأخيهِ؟



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!
- أوراقٌ ضائعةٌ في صمت الذاكرة !
- طفلُ الشّتات: حكايات وطنٍ وحلمٌ لا يموت!
- رسائل الحنين إلى طائر الغياب!
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...
- نور الأمل


المزيد.....




- عارضة الأزياء باميلا أندرسون بإطلالة يغيب عنها المكياج..ما ا ...
- محلل لـCNN: الدبابات الإسرائيلية على بعد 30 كيلومتر من دمشق ...
- احتجاجات طلابية تشل التعليم في صربيا
- ترامب: هذا يوم عظيم لأمريكا
- الصين تخطط لإطلاق قطار -أسرع من الطائرات-!
- روسيا.. إصدار كتب حول الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس
- حمية غذائية تساعد على تخفيف الألم المزمن
- اغتيال حسن نصر الله أم سقوط بشار الأسد؟.. إيران تكشف أي الحد ...
- تقارير غربية: حماس تبدي مرونة بشأن اتفاق وقف النار وتوافق عل ...
- -منصة القاهرة- للمعارضة السورية تعلن موقفها من حكومة البشير ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!