كيف ستكون سوريا بعد سقوط بشار الأسد؟!

حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سوريا بعد بسقوط بشار الأسد ستكون في مرحلة حرجة ومعقدة، حيث تعتمد ملامحها الجديدة على العديد من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية.
"سوريا الجديدة" ستعتمد على قدرة السوريين أنفسهم، بدعم من المجتمع الدولي، على بناء دولة تعتمد على القانون والمواطنة والمصالحة، لكنها ستواجه تحديات ضخمة بسبب آثار الحرب الطويلة، التدخلات الخارجية، والانقسامات الداخلية.
يمكن تصور بعض السيناريوهات لسوريا المستقبلية بناء على الظروف الحالية :

▪︎ النظام السياسي :
- قد تظهر سوريا كدولة ذات نظام ديمقراطي إذا تم التوصل إلى توافق بين القوى السياسية المختلفة والمجتمع الدولي، مع دعم عملية انتقالية شاملة.
وقد نرى حكومة مؤقتة تجمع بين أطياف المعارضة والنظام السابق، لتشكيل دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف دولي.
- في حال غياب توافق أو تسوية، قد تبقى سوريا في حالة من عدم الاستقرار وفراغ سياسي وامني مع استمرار الصراعات بين الأطراف المختلفة.
- المعارضة السورية بمختلف توجهاتها (السياسية والعسكرية) قد تسعى لفرض رؤيتها، مما يتطلب توافقًا داخليًا لضمان استقرار النظام الجديد.
- قد تسعى الجماعات الكردية للحصول على حكم ذاتي أو ضمانات سياسية، مما قد يزيد من التوترات مع بعض القوى المحلية.

▪︎ الوضع الأمني :
- يمكن أن يتم إعادة بناء الجيش السوري كقوة وطنية غير طائفية، شرط وجود إرادة دولية ومحلية.
- قد تواجه سوريا صعوبة في حل مشكلة الميليشيات التي ظهرت خلال الحرب، خاصة تلك المرتبطة بالقوى الخارجية مثل إيران وروسيا وتركيا.

▪︎ تقسيم البلاد :
قد تتجه سوريا نحو تقسيم فعلي إلى مناطق نفوذ تسيطر عليها قوى مختلفة :
- الشمال الشرقي : تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة.
- الشمال الغربي : تحت سيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا.
- الجنوب : قد يشهد تنافساً بين قوى محلية مدعومة من دول إقليمية كالأردن وإسرائيل.
- الوسط والغرب : حيث تتركز السيطرة العلوية سابقاً، قد تشهد محاولات لإقامة حكم ذاتي أو تحالفات محلية.

▪︎ إعادة الإعمار :
- سوريا ستحتاج إلى دعم دولي هائل لإعادة الإعمار، وقد يكون ذلك مشروطاً بإصلاحات سياسية وإقصاء الشخصيات المتورطة في الجرائم.
- مع ضعف البنية التحتية وخسائر الحرب، سيستغرق التعافي الاقتصادي وقتاً طويلاً، كما أن الدول الغربية والخليجية قد تشترط تغييرات جذرية في النظام السياسي لضخ المساعدات.

▪︎ الدور الإقليمي والدولي :
- توازن القوى : من المحتمل أن تستمر الصراعات الإقليمية (إيران، تركيا، روسيا، امريكا، اسرائیل) في التأثير على سوريا، مع تنافس هذه الدول على النفوذ، إذ يعتمد بشكل كبير على مسار الحل السياسي، وتوازن القوى على الأرض، ومدى التوافق بين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة.

● الدور الإقليمي :
- ستسعى تركيا للحفاظ على نفوذها في شمال سوريا لضمان عدم إقامة كيان كردي مستقل على حدودها، وقد تحاول تعزيز علاقتها مع الفصائل المعارضة وتوظيفها كورقة ضغط.
- ستعمل ايران على الحفاظ على نفوذها العسكري والسياسي في سوريا لضمان استمرار وجودها كجزء من محور المقاومة، خاصة لحماية ممرها البري الممتد إلى لبنان، حيث ستحاول بكل الطرق الممكنة مصادقة النظام الجديد ايا كان شكله وبدء عملية زرع بذور النفوذ من جديد عبر استغلال الخلافات السياسية او الامنية بين الاطراف المتنازعة، لكن القرار الدولي والاقليمي لا يريد نفوذا مسلحا و سياسيا قويا لايران خارج حدودها.
- الدور الإسرائيلي في سوريا الجديدة سيتحدد وفقا لمجموعة من العوامل الجيوسياسية والأمنية، بما في ذلك طبيعة النظام البديل، وتأثير الأطراف الإقليمية والدولية، واستمرار وجود الجماعات المسلحة ويمكن أن نوضح ذلك بعدة نقاط :
1- ستواصل إسرائيل مراقبة التحركات الإيرانية في سوريا وقد تستمر في شن غارات لمنع اي محاولة نقل أسلحة متطورة لحزب الله ومنع اي وجود ايراني في المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، خاصة في الجنوب السوري.
2- ستراقب إسرائيل النشاطات العسكرية للفصائل المسلحة، خصوصاً الجماعات المتشددة مثل "داعش" أو "هيئة تحرير الشام"، لضمان عدم تحولها إلى تهديد.
3- من المتوقع أن تستمر إسرائيل في تنفيذ عمليات استخباراتية وغارات جوية ( عمليات وقائية ) ضد أي مواقع تعتبرها تهديدا، سواء كانت مخازن أسلحة أو مراكز تدريب للفصائل الموالية لإيران.
4- ستعتمد إسرائيل على تنسيق مكثف مع الولايات المتحدة وروسيا (في حال استمرار نفوذها) لضمان حماية مصالحها الأمنية.
5- يمكن ان تقوم إسرائيل بتعزيز العلاقات مع المعارضة المعتدلة إذا كان النظام الجديد يعكس طابعا معاديا لإيران وأقل عداء لها، ويكمن ان تكون هذه العلاقات (علاقات غير رسمية أو غير مباشرة معه)
6- ستسعى إسرائيل لدور أكثر نشاطا في التأثير على السياسة الأميركية والأوروبية تجاه سوريا لضمان أن الحلول السياسية تراعي مخاوفها الأمنية.
7- ستعمل إسرائيل على دعم جهود إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، سواء عبر الدبلوماسية أو العمليات العسكرية.
8- قد تجد إسرائيل نفسها في حالة تنافس أو تعاون مع تركيا، اعتمادا على سياسات أنقرة في سوريا الجديدة.
9- إذا أصبحت سوريا الجديدة مستقرة نسبيا، قد تستغل إسرائيل الوضع لتعزيز استقرار حدودها الشمالية عبر دعم مشاريع تنموية أو إنسانية بشكل غير مباشر في الجنوب السوري.

- الدول العربية (الخليج ومصر) :
إذا استمر التقارب العربي مع النظام السوري الجديد، فقد تلعب الدول العربية دورا في إعادة الإعمار ودعم الاستقرار كجزء من استراتيجيتها لتحجيم النفوذ الإيراني والتركي.

● الدور الدولي :
- قد يبقى اهتمام واشنطن بسوريا محدودا ومركزا على محاربة تنظيم "داعش" ومنع عودة ظهور التنظيمات الإرهابية، مع استمرارها في دعم قوات سوريا الديمقراطية كورقة ضغط ضد النظام الجديد وتركيا.
- ستسعى روسيا لتعزيز دورها كوسيط رئيسي في أي عملية سياسية مستقبلية وللحفاظ على وجودها العسكري في سوريا كجزء من استراتيجيتها لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

● الاتحاد الأوروبي :
قد يركز الاتحاد الأوروبي على دور في إعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإنسانية، بشرط تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية وضمان عودة اللاجئين.
حيث ان نجاح سوريا في استعادة الاستقرار يعتمد على قدرتها على تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وتهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين، وهي مهمة شاقة ومعقدة.

▪︎ المجتمع والتعايش :
- تحتاج سوريا إلى تجاوز الانقسامات الطائفية وتعزيز مفهوم المواطنة.
- قد تكون المصالحة عملية طويلة ومعقدة، تتطلب جهوداً جدية لمعالجة جراح الحرب.

▪︎ دور المعارضة المسلحة :
إذا تمكنت المعارضة من تنظيم نفسها والعمل على رؤية موحدة، فقد تصبح جزءاً رئيسياً في تشكيل سوريا الجديدة.
لكن إذا استمرت الانقسامات داخل المعارضة، قد تواجه البلاد المزيد من الفوضى.

■ ما هي السيناريوهات المحتملة امام سوريا الجديدة؟؟

- نظام ديمقراطي تعددي : بدعم دولي وإقليمي، يمكن أن تتبنى سوريا نظاما ديمقراطيا يمثل جميع الأطراف.
- نظام هجين : قد يتم تشكيل نظام يجمع بين العناصر الديمقراطية وضمانات للمكونات المختلفة.
- عودة الاستبداد بشكل جديد : في حال فشل الانتقال الديمقراطي، قد يظهر نظام استبدادي جديد مدعوم من قوى داخلية وخارجية، بالاضافة إلى تنظيمات متطرفة مثل داعش أو غيرها قد تسعى لاستغلال الفراغ الأمني لإعادة التمركز.
- للامركزية والحكم المحلي : قد يكون هناك اتجاه لتبني نموذج لامركزي يمنح الأقاليم قدرا من الحكم الذاتي.
- ظهور قيادة معارضة جديدة من شخصيات من المعارضة نفسها أو من داخل المجتمع السوري لقيادة المرحلة الانتقالية، لذا فإن نجاح هذه القيادة يعتمد على قدرتها على توحيد الأطراف المختلفة ومعالجة القضايا الأساسية مثل اللاجئين والنازحين.


الخلاصة : في النهاية، استقرار سوريا الجديدة يتطلب إرادة حقيقية من السوريين أنفسهم، بالإضافة إلى دعم دولي مخلص.
على المدى البعيد، إذا تم التوصل إلى حلول سياسية شاملة ومدعومة دوليا، يمكن لسوريا أن تبدأ مسارا نحو الاستقرار التدريجي، ولكن غياب الاتفاقات السياسية قد يعيد البلاد إلى دائرة الصراع والاضطراب.

#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات