أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد علي سليفاني - الأنظمة القمعية تسقط، لكن الفكر القمعي يبقى إرثًا متجذرًا














المزيد.....

الأنظمة القمعية تسقط، لكن الفكر القمعي يبقى إرثًا متجذرًا


خالد علي سليفاني
شاعر وكاتب ومترجم

(Khaled Ali Silevani)


الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سقوط الأنظمة القمعية لا يعني بالضرورة زوال الفكر القمعي الذي يغذيها. قد تتغير الأنظمة السياسية، ولكن الأفكار والممارسات القمعية التي تدعم تلك الأنظمة يمكن أن تظل قائمة وتعيد إنتاج نفسها في صيغ جديدة. تاريخياً، شهدنا كيف أن سقوط أنظمة دكتاتورية لم يضمن تغييرات جذرية في الثقافة السياسية للمجتمعات، بل أدى في بعض الأحيان إلى ظهور نظم جديدة تحمل سمات الاستبداد والقمع نفسها.

إن الفكر القمعي لا يقتصر فقط على الأنظمة السياسية، بل يمتد إلى الثقافة والمجتمع. فالأنظمة الاستبدادية تُرسخ ثقافة الخوف والامتثال، حيث يُزرع في الأفراد شعور بعدم القدرة على التغيير أو مقاومة القمع. هذه الثقافة تظل عميقة في نفوس المواطنين حتى بعد سقوط الأنظمة، مما يجعلهم في كثير من الأحيان غير قادرين على مقاومة الأنظمة الجديدة التي قد تستخدم الأساليب القمعية بعينها.

بعد سقوط الأنظمة القمعية، يواجه المجتمع تحدياً كبيراً في بناء مؤسسات ديمقراطية قادرة على ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم. في كثير من الأحيان، تظل المؤسسات السياسية والاجتماعية ضعيفة وغير قادرة على التصدي للأزمات التي قد تطرأ، مما يتيح المجال لظهور نخب جديدة تستفيد من هذا الفراغ لإعادة إنتاج القمع. كما أن غياب العدالة الانتقالية وعدم محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة يعزز من استمرار الفكر القمعي داخل المجتمع، مما يُعيق تحقيق التغيير الجذري.

وفي النهاية، لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي تلعبه العوامل الخارجية في مسار التجارب الديمقراطية. نجاح أي تجربة ديمقراطية حديثة يبقى رهيناً بمصالح الدول العظمى وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول. هذه القوى الخارجية، التي تتحرك بناءً على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، قد تدعم أنظمة جديدة تحقق استقراراً ظاهرياً لكنها تبقي على الفكر القمعي لضمان مصالحها. هذا التدخل يعقد عملية بناء مؤسسات حرة وديمقراطية قادرة على العمل باستقلالية، ويُعيق التغيير الحقيقي.

لكن، ورغم هذه الضغوط الخارجية، يبقى للمجتمع دور محوري في التصدي لاستمرار الفكر القمعي. إذا كان المجتمع متقدماً فكرياً ويملك شعباً واعياً ومثقفا، فإنه يمكن أن يشكل حاجزاً أمام إعادة إنتاج القمع. الوعي السياسي والاجتماعي يمنح الأفراد القوة لرفض الأنظمة الاستبدادية ويساهم في ترسيخ قيم الديمقراطية والعدالة. لذلك، إذا كان الشعب مدركاً لأهمية استقلالية قراره الوطني، فإنه يمكن أن يحمي البلاد من التدخلات الخارجية ويضمن استمرار العملية الديمقراطية بشكل صحي.

تتطلب عملية التجديد الديمقراطي بناء ثقافة جديدة تكرس قيم الحرية والمساواة، بالإضافة إلى إصلاح المؤسسات بشكل يضمن استقلاليتها وقدرتها على مواجهة التحديات التي تطرأ بعد سقوط الأنظمة القمعية. كما أن العدالة الانتقالية ضرورة لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة، مما يساهم في بناء الثقة بين الشعب والنظام الجديد.

سقوط الأنظمة القمعية قد يفتح الباب للتغيير، لكنه لا يضمن بالضرورة زوال الفكر القمعي. التغيير الحقيقي يتطلب مواجهة ثقافية وسياسية عميقة، وإصلاحات في المؤسسات وحواراً مجتمعياً يسمح ببناء بيئة ديمقراطية حقيقية بعيداً عن القمع الداخلي والتدخلات الخارجية.
المحصلة، "كيفما تكونوا يولى عليكم"، فالأمم لا تتغير أنظمتها إلا بتغير ضميرها الجمعي. ما الحكام إلا مرآة لما في المجتمع من أفكار ومعتقدات، فتعبيرهم عن السلطة هو انعكاس لما تسوده النفوس من قيم.



#خالد_علي_سليفاني (هاشتاغ)       Khaled_Ali_Silevani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارع إلى تعلم السباكة قبل غيرك: متغيرات قادمة والمستقبل مجهو ...
- فلسفة السرد الروائي: الأخطاء التي تشوّه البنية الأدبية
- التفاهة: نظام بين التافه والأتفه
- بوصلة التيه
- الدكتاتوريات الصغيرة وسياسة الفصل الطبقي في المؤسسات الحكومي ...
- لا تساوم: نحو مجتمع يتبنى القيم الحقيقية
- كوردستان في التاريخ المعاصر: استكشاف الأبعاد السياسية والاجت ...
- قراءة في كتاب سياسة الحكومة العراقية في كوردستان (1975-1991) ...
- خطاب التغيير وزيف الممارسة: المثقف بين النظرية والتطبيق
- النفاق الانتخابي: ظاهرة اجتماعية تزداد تعقيداً مع اقتراب موع ...
- بين بَيْنَيْن بَيْنٌ
- طقوس بناء النصوص
- كذبة نيسان
- شاهد عيان على نوم القمر
- مقامات السليفاني- وعاظ الأمير
- عزم الكردي
- شعب العجائب
- مفاتيحُ الضباب
- عذرية الحرية
- ألا أدلكَ على شذرةِ الخُلدِ؟


المزيد.....




- عارضة الأزياء باميلا أندرسون بإطلالة يغيب عنها المكياج..ما ا ...
- محلل لـCNN: الدبابات الإسرائيلية على بعد 30 كيلومتر من دمشق ...
- احتجاجات طلابية تشل التعليم في صربيا
- ترامب: هذا يوم عظيم لأمريكا
- الصين تخطط لإطلاق قطار -أسرع من الطائرات-!
- روسيا.. إصدار كتب حول الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس
- حمية غذائية تساعد على تخفيف الألم المزمن
- اغتيال حسن نصر الله أم سقوط بشار الأسد؟.. إيران تكشف أي الحد ...
- تقارير غربية: حماس تبدي مرونة بشأن اتفاق وقف النار وتوافق عل ...
- -منصة القاهرة- للمعارضة السورية تعلن موقفها من حكومة البشير ...


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد علي سليفاني - الأنظمة القمعية تسقط، لكن الفكر القمعي يبقى إرثًا متجذرًا