أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!














المزيد.....

خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 02:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تزال صفحاتُ التاريخِ تحملُ في طيَّاتها قصصاً عن الغدرِ والخِذلانِ، لكنَّ من بينِ أكثرِ هذهِ القصصِ مرارةً، تبرزُ خيانةُ الأتراكِ لفلسطين، تلك الأرضُ المقدَّسةُ التي وُضعت أمانةً في أعناقِهم. بدلاً من حمايتِها، شهدت الحقبةُ العثمانيةُ المتأخرةُ سياساتٍ مريبةً وتخاذلاً واضحاً ساهم في تمهيدِ الطريقِ أمامَ الاحتلالِ الصهيونيِّ.



في أواخرِ القرنِ التاسعَ عشرَ، كانتِ الدولةُ العثمانيةُ قد دخلت مرحلةَ الضعفِ والتفككِ. لم يكن هذا الضعفُ مجردَ تراجعٍ عسكريٍّ أو اقتصاديٍّ، بل كان انهياراً أخلاقيّاً وسياسيّاً ضربَ في جذورِ الإمبراطوريةِ. في تلكَ الفترةِ، كانَ العالمُ يشهدُ بروزَ الحركةِ الصهيونيةِ التي وضعت فلسطينَ في مركزِ خططِها الاستيطانيةِ.

السلطان عبد الحميدِ الثاني، الذي يُعتبرُ أحدَ أبرزِ سلاطينِ الدولةِ في تلك الفترةِ، اشتهرَ برفضِه العلنيِّ لبيعِ الأراضي الفلسطينيةِ لليهودِ. ومع ذلكَ، فإنَّ سياساتِه الداخليةَ، بالإضافةِ إلى الفسادِ المستشري في الإدارةِ العثمانيةِ، فتحتِ الأبوابَ أمامَ تسلُّلِ الصهيونيينَ إلى فلسطينَ. عَبرَ الرشاوى واستغلالِ ضعفِ القوانينِ العثمانيةِ، استطاعَ الصهيونيونَ شراءَ الأراضيَ تدريجيّاً تحتَ أعينِ المسؤولينَ الأتراكِ الذينَ أغمضوا أعينَهم مقابلَ مصالحِهم الخاصةِ.



بعد انهيارِ الدولةِ العثمانيةِ إثرَ هزيمتِها في الحربِ العالميةِ الأولى، سارعَ القادةُ الأتراكُ إلى توقيعِ معاهداتٍ تخلّت عن الأراضيِ العربيةِ بسهولةٍ مذهلةٍ.كانت معاهدةُ سيفر(10-اغسطس1920) أولَ خطوةٍ لتقسيمِ العالمِ العربيِّ بين القوى الاستعماريةِ. أما معاهدةُ لوزان (1923)، فقد أكدت على التخلي عن فلسطين بشكلٍ كاملٍ، تاركةً إياها تحتَ السيطرةِ البريطانيةِ بموجبِ الانتدابِ الذي منحَ بريطانيا حريةَ تنفيذِ وعدِ بلفورَ المشؤومِ بإقامةِ وطنٍ قوميٍّ لليهودِ.

تلكَ المعاهداتُ كانت بمثابةِ طعنةٍ في ظهرِ الفلسطينيين الذينَ اعتمدوا على الإمبراطوريةِ العثمانيةِ للدفاعِ عن أرضِهم. بدلاً من الحمايةِ، انسحبَ الأتراكُ تاركينَ الفلسطينيينَ وحدَهم في مواجهةِ المخططاتِ الصهيونيةِ، مما أدى إلى نكبةٍ امتدت آثارُها لأجيالٍ.



أثناءَ الحربِ العالميةِ الأولى، انسحبتِ القواتُ العثمانيةُ من فلسطينَ دونَ مقاومةٍ تُذكرُ أمامَ القواتِ البريطانيةِ. هذا الانسحابُ لم يكن انسحاباً عسكريّاً بحتاً، بل كانَ انسحاباً سياسيّاً وأخلاقيّاً تركَ فلسطين مكشوفةً أمامَ الأطماعِ الأجنبيةِ.

التقاريرُ التاريخيةُ تشيرُ إلى أنَّ القيادةَ العثمانيةَ آنذاكَ كانت تعلمُ جيداً ما يُخططُ لفلسطين، لكنها فضلت الحفاظَ على مصالحِها الداخليةِ بدلاً من الدفاعِ عن الأرضِ المباركةِ. وهكذا، أصبحتِ القدسُ وبقيةُ المدنِ الفلسطينيةِ عُرضةً للاحتلالِ، في مشهدٍ يجسدُ أقسى صورِ الخيانةِ.



ما حدثَ بعد ذلك لم يكن مفاجئاً. مع استلامِ البريطانيينَ زمامَ الأمورِ في فلسطين، بدأت موجاتُ الاستيطانِ اليهوديِّ تتسارعُ بدعمٍ مباشرٍ من القوى الغربيةِ. القوانينُ التي وضعتها الإدارةُ العثمانيةُ الضعيفةُ، مثل السماحِ ببيعِ الأراضي لغيرِ المسلمينَ، استغلَّها الصهيونيونَ لتوسيعِ نفوذِهم.

إنَّ تخليَ الأتراكِ عن مسؤوليتِهم تجاهَ فلسطينَ لم يكن مجردَ فعلٍ عابرٍ، بل كان بداية سلسلةٍ من الخياناتِ التي فتحتِ البابَ لنكبةِ الشعبِ الفلسطينيِّ. فمنذُ تلكَ اللحظةِ، أصبحت فلسطين رمزاً للخذلانِ، تدفعُ ثمن السياساتِ المتخاذلةِ والخائنةِ.



التاريخُ لا ينسى، وما حدث لفلسطين على يدِ الأتراكِ يظلُّ درساً مؤلماً للأجيالِ.

هذهِ الخيانةُ تسلطُ الضوءَ على خطورةِ الثقةِ العمياءِ في القوى التي ترفعُ الشعاراتِ دونَ أفعالٍ.

الأتراكُ، الذين كان يُفترضُ أن يكونوا حماةَ الأرضِ المقدسةِ، تخلّوا عنها حين احتاجتهم الأمةُ.

يبقى واجبُ كلِّ عربيٍّ ومسلمٍ أن يتعلم من هذا الدرسِ التاريخيِّ. فلسطين ليست مجرد أرضٍ، بل هي أمانةٌ في أعناقِ الجميعِ.

الحفاظُ عليها يعني الوقوف بحزمٍ ضدَّ كلِّ من يحاولُ أن يعبثَ بمصيرِها، سواءٌ كان ذلك عبر خيانةٍ مباشرةٍ أو تواطؤٍ خفيٍّ.

إنَّ فلسطين ستظلُّ شاهدةً على خيانةِ الأتراكِ، كما أنها ستظلُّ رمزاً للصمودِ في وجهِ الغدرِ والخِذلانِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!
- أوراقٌ ضائعةٌ في صمت الذاكرة !
- طفلُ الشّتات: حكايات وطنٍ وحلمٌ لا يموت!
- رسائل الحنين إلى طائر الغياب!
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...
- نور الأمل
- مرارة الخيبة والأمل المستحيل !


المزيد.....




- بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س ...
- أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كلّم - خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!