|
التغييرات الجيوسياسية في سوريا ، وتضارب المصالح الطبقية !
صابر محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 22:00
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
اولاً- ان التغييرات التي حدثت في الآونة الاخيرة في الشمال الغربي من سوريا وإحتلال قوات جبهة النصرة و تحرير الشام و غيرهما المدعومة و بشكل شبه معلن من قبل تركيا و ربما الأمريكان كذلك ، و بمساندة المعسكر الامبريالي الغربي و النازيين الجدد المدربون في أوكرانيا والبلدان الأخرى ، فقد بدأت هذه الجهات والتي تقودها ما سمي ب( تحرير الشام ) بترتيب استعداداتها العسكرية والسياسية مع بداية الهجمات الاسرائيلية على لبنان ، وتضييق الخناق على النظام السوري في دمشق ، ومن ثم محاولة قطع طرق الإمدادات الإيرانية لحزب الله في لبنان والآتية عبر طرق ومعابر الحدود السورية اللبنانية ، والمضي قدما نحو تحقيق هدف اسقاط النظام البعثي لحكومة بشار الاسد .
ثانيا - ان التغييرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط هي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالصراع والحرب الرجعية الروسية الاوكرانية الأمريكية و مؤسستها الامبريالية العسكرية ( الناتو ) . والهدف هو خلق جبهة حرب خلفية جديدة ضد الروس في سوريا ، ومحاولة الإحاطة بالحرب الروسية - الاوكرانية من الوراء وشد يد روسيا من وراء جبهاتها هناك ، وبالتالي اخراجها كذلك من سوريا او إضعاف دورها ، مع وكلائهم الإيرانيون .
ثالثا- كل هذه التحركات العسكرية الجديدة ل ( تحرير الشام) ، المدعومة سياسيا و عسكريا من قبل الإمبريالية الغربية ، هو محاولة ملء فراغ ضعف و قلة القوات المسلحة الاسرائيلية ، للاستمرار في هجومها العسكري التي بدأتها ضد المواقع العسكرية السورية و الإيرانية هناك ، وامتداداً واستمرارا لهذه الاستراتيجية ولهذه الحرب من قبل المعارضة البرجوازية والرجعية في سوريا .
رابعا - الهدف هو تغيير النظام السوري ، بحيث يكون ملائما ومناسبا مع الاهداف الاستراتيجية الأمريكية - الإسرائيلية في المنطقة ، والبديل لهذا النظام السوري هو هذه القوى التي زحفت من أقصى الشمال واحتلت مدينة حلب وحماة ، والحرب مستمرة ، وابعادها غير واضحة إلى درجة لحد الان .
خامسا- ماذا سيكون مصير قوات ( القسد ) و الجبهة الكردية في " ڕۆژئاڤا " الموالية للأمريكان و لاسرائيل ، في خضم هذه الاحداث وبعدها ؟ باعتقادنا ان تمكن الأمريكان والإسرائليين من تامين مصالحهم الاستراتيجية في سوريا لصالح الامبريالية الغربية ، و تنصيب حكومة موالية تماماً لهم في دمشق ، حينها سيبقى ( الأكراد) ونعني بقوات ( اليبگە ) وقسد ، في وضع صعب ،و خصوصا عندما تندحر القوات الروسية كذلك هناك في سوريا ، فلن يبقى لهم خيارات أخرى ، اما بالاستسلام او الرجوع حرب العصابات . سادساً- لنتطرق قليلا إلى قضية الشعب الكردي في الاستقلال و حق تقرير المصير ؛ لا شك ان وكما ذكرنا في مناسبات عدة بان حق تقرير المصير لم يعد اليوم في زمن عولمة الرأسمال ببناء دول قومية ، فقد اصبح مرتبطا بتحقيق المساواة المرهونة بالثورة الاشتراكية للعمال والمضطهدين في المنطقة بأسرها ، ولكن لنرى ماذا تعني هذه المسالة بالضبط ؟ وهل هذا يعني بانه يجب ان تعيش القوميات وقسرا في ظل نظام استبدادي ، كما فعلته و تمارسها الشوفينية البرجوازية للأحزاب القومية العربية و التركية والفارسية لحد الان ؟ وهل ان نجاح الثورة الاشتراكية هو بالتالي اجبار و ارغام شعوب المنطقة على ان تتقبل السياسات المركزية ، وبدون مراعاة حقوقها الديمقراطية والقومية ، بالطبع نحن لا نتكلم عن تكوين دولة قومية ، بل كيان سياسي اشتراكي يضمن حقوق جميع القوميات الاقتصادية والسياسية والثقافية قانونيا وإداريا ، ولكن ليس على الطريقة الشوفينية التي يتحدث بها بعض المثقفين العنصريين والشوفينيين ، والذين يكررون سياسات الاشتراكيين الشوفينيين مثل حزب البعث و غيرهم من اليسار الشوفيني و القومي ، بإعطاء الأكراد حكما ذاتياً محلياً ، ولكن تحت ظل قوانين و سلطة برجوازية شوفينية تحكم البلاد . هولاء النازيون الاشتراكيون و الذين يتبجحون بتقدمية البرجوازية العربية و الفارسية والتركية و الذين يتمنون تشريد و قتل و تهجير الشعب الكردي هناك في سوريا او في غيرها من المناطق الأخرى ، بحجة ان القيادات الكردية الحالية هم موالون لامريكا وأسرائيل . سابعا - ان غياب البديل الاشتراكي الماركسي الحقيقي و الثوري ، قد جعل من الطبقات العمالية والمضطهدة الكردية عرضة لاضطهاد الحكام القوميين الاكراد ، وغيرهم من الحكام الحاليين والقادمون الجدد ، وسوف نشهد سيناريوهات سوداء وكوارث اجتماعية واسعة النطاق فيما يتعلق بمصير حياة الملايين من المضطهدين الفقراء في المناطق الكردية ، في ظل هذه الأوضاع المرتقبة والجارية في الشرق الأوسط ، ولم نم نشهد يوما على مدار التاريخ وعلى الإطلاق بان الأمريكان و الاسرائليون هم كانوا موالين لاستقلال الطبقات المضطهدة و الفقيرة الكردية من تحت نير الحكام الشوفينيين والعنصريين ، بل كانوا دوما سندا ودعما للاعداء الطبقيين لهذه الجماهير المظلومة و المسحوقة للشعب الكردي ، وقد دعموهم و اسسوا حركاتهم القومية المسلحة ، ليس من اجل نصرة استقلال وتحرر هذا الشعب من الاستغلال ، بل من اجل اللعب بهذه القيادات الكردية كورقة سياسية عند الحاجة لتمرير وتحقيق استراتيجيتهم الجيوسياسية في الشرق الأوسط . ثامنا-:ان هذه الحرب الأمبريالية الرجعية للأمريكان ولاسرائيل ضد الشعب الفلسطيني و طبقاتها المضطهدة في غزة وفي انحاء فلسطين و بالتالي ضد الشعب اللبناني و طبقاته المضطهدة ، هي بالاساس كانت قد خططت لضرب الحركات الثورية المتعلقة بالثورة الاشتراكية وحركاتها الماركسية الثورية في المنطقة ، و تماشيا على الاستراتيجية الإمريكية و السياسة الخارجية لمعاداة الشيوعية في العالم ، و التي اتّبعتها القيادة الأمريكية كاستراتيجية عالمية لسياستها الخارجية منذ 22/ 5 / 1945 بعد مجيء الرئيس هاري ترومان . تاسعا -؛بمجئ هذا النظام القادم في دمشق سوف تتحقق هذه الاستراتيجية والسياسة الخارجية الأمريكية -الاسرائيلية والغربية، و سوف يتربع على نظام الحكم في دمشق قوة معادية للشيوعية والماركسية و اية قوة راديكالية أخرى ، وقد تكون شبيهة نوعا ما بالنظام الإيراني والأفغاني ، و بذلك يكتمل اطار تلك السياسة الرجعية و العنصرية السوداء بحق القوميات والاقليات و كذلك بحق القوانين المدنية و حقوق المرأة وكل الشرائح الاجتماعية المضطهدة الاخرى داخل المجتمع ، وبالتالي يتم تثبيت معالم التوحش البرجوازي السوداء للإمبريالية الغربية و الليبرالية الجديدة في الشرق الأوسط ودول المنطقة .
6/ 12 / 2024
#صابر_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القانون العراقي نموذج لتقاسم السلطة مع النظام العشائري!
-
مشروع قانون الموازنة المالية في العراق لسنة 2023 و انعكاسات
...
-
لينين رمز للنضال الطبقي وليس أيقونة!
-
أزمة تشكيل الحكومة العراقية هو أنعكاس لفوضى الليبرالية الجدي
...
-
اتجاهان انتهازيان داخل الحركة الماركسية بخصوص الحرب الإمبريا
...
-
السياسة التنظيمية الإصلاحية لليسار العالمي و تعديل القوانين
...
-
إقليم كردستان حلقة وصل بين الكومبرادورية وبين وحشية المنظومة
...
-
تخفيض سعر العملة العراقية و فرض الضرائب شرط من شروط صندوق ال
...
-
سلسلة اخرى من نضال الطبقات المظلومة العراقية الكردية بوجه سل
...
-
البديل الوحيد والمستقبلي للبروليتاريا العراقية هو سلطة المجا
...
-
خارطة الطريق الامريكية وإبرام إتفاقية مع - قسد - وآفاق النضا
...
-
حول سياسة الالتفاف على الازمة الاقتصادية والسياسية في العراق
-
رسالة مهمة إلى الرفاق !
-
الانتفاضة الباسلة في تصاعد مستمر نحو الثورة ، حذارى من خنقها
...
-
توقف قلب كارل ماركس ولكن الروح الثورية لافكاره ما زالت حية !
-
الجيش هو ذلك العصا السحري الذي تلجأ اليه البرجوازية العالمية
...
-
البروليتاريا الجزائرية تثور وتسعى للتغلب على النظام الحاكم ا
...
-
مرة أخري سمعنا زعيق أحفاد بليخانوف - بأنە ما کان ينبغي
...
-
ما هو بديلنا ؟!
-
حول تهجمات وقرارات الدولة المرکزية في بغداد !
المزيد.....
-
ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
-
الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة
...
-
بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
-
مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم
...
-
بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا
...
-
النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
-
الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|