بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 20:12
المحور:
كتابات ساخرة
بينما اعتدنا على سماع الأخبار الغريبة، هناك شائعات تأتي لتصيبنا بحالة من الحيرة الممزوجة بالسخرية. وآخر هذه الشائعات كان الخبر الذي زلزل وسائل الإعلام: "بشار الأسد هرب!". خبر كهذا لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون أن يثير موجة من المزاح والتكهنات الساخرة.
تخيلوا رئيس دولة، وسط كل الأزمات التي تحيط به كجدران متصدعة، يقرر فجأة الهروب. لكن السؤال الأكبر: إلى أين؟ هل حجز مقعدا في طائرة متخفيا بقبعة ونظارة شمسية؟ أم أنه قرر العبور عبر الحدود كما يفعل البسطاء، في قارب صغير يتأرجح مع الأمواج؟ فكرة الهروب بحد ذاتها غريبة، لكنها تصبح أكثر سخرية عندما نتخيل أن بشار، المعروف بعناده وإصراره على البقاء رغم كل العواصف، قد يقرر فجأة الانسحاب من المشهد.
ربما لو كانت الشائعة حقيقية، لكان الهروب فرصة لبشار ليعيد اكتشاف نفسه. قد يطلق قناته الخاصة على يوتيوب بعنوان "بشار: رحلات بلا حدود". يمكننا تخيل حلقاته الساخرة بعناوين مثل:
"كيف تهرب من دولة وأنت تحت الأضواء؟"
"أفضل الأماكن للاختباء في العالم!"
"دليلك للهروب مع حقيبة صغيرة فقط!"
المعارضة السورية، من جهتها، تعاملت مع الخبر وكأنه سباق دراماتيكي: "أسرع، أسرع يا بشار، احذر أن تفقد وجهتك!" المشهد يبدو أقرب إلى فيلم كوميدي: بشار يجري حاملا حقيبة صغيرة وربما علبة من القهوة التركية، مع تكرار داخلي لنصيحة قديمة: "خذ فقط ما تحتاجه للهروب!".
لكن دعونا نكون واقعيين. بشار الأسد، المعروف بقدرته على التمسك بمقعده كأنما التصق به، هل يمكن أن يهرب بهذه البساطة؟ الرجل، الذي اعتاد إدارة الأزمات كأنها مجرد اختبارات يومية للصبر، قد يكون بعيدا كل البعد عن اتخاذ قرار درامي كهذا.
وربما تكون الشائعة مجرد انعكاس لرغبات شعبية. في نهاية الأمر، فكرة هروب بشار تبدو كحلم للكثيرين، لكنها تبقى فكرة كوميدية عند التفكير في تفاصيلها.
هذه القصة تحمل درسا خفيا: أحيانا، يكون الهروب مغريا، لكنه ليس دائما الحل. مواجهة الفوضى التي ساهمت في خلقها قد يكون الخيار الأكثر شجاعة... أو الأقل إثارة للسخرية على الأقل.
وفي كل الأحوال، يبقى الضحك هو رد الفعل الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يمنعنا منه، حتى لو كان أسرع منا في الهروب من الواقع!.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟