أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254














المزيد.....

حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 16:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم السياسة، تُعدّ القرارات الحاسمة في لحظات الأزمات الكبرى مفتاحاً لتغيير مسارات الشعوب والدول. وحين تكون البلاد على حافة الهاوية، يصبح التمسك بفرص الحل السياسي ضرورة لا ترفاً، وأملاً لا خياراً. سوريا، التي كانت يوماً درة الشرق وموئل الحضارات، وجدت نفسها منذ أكثر من عقد غارقة في صراع مدمر، أحرق الأخضر واليابس، وشرد الملايين، وأحال الكثير من مدنها وبلداتها إلى أطلال.

في خضم هذه المأساة، جاء القرار الأممي (2254) في 18/12/2015، محاولاً رسم خريطة طريق نحو حل سياسي شامل يُعيد للسوريين بعضاً من الاستقرار الذي فقدوه. كان هذا القرار بمثابة بارقة أمل لإيقاف آلة الحرب وإنقاذ ما تبقى من وطنٍ يئن تحت وطأة النزوح والدمار. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: ماذا لو تم القبول بهذا القرار في حينه؟

لو قبِل بشار الأسد بهذا الحل السياسي منذ صدور القرار، لكان المشهد السوري اليوم مختلفاً تماماً. كان من الممكن حينها أن تتوقف دوامة القتل والتدمير التي حصدت أرواح مئات الآلاف، وأن يحافظ ملايين السوريين على بيوتهم وأحلامهم، بدلاً من أن يتحولوا إلى أرقام في سجلات اللاجئين أو قصص معاناة تُروى من الخيام الباردة.

كان القرار 2254 فرصة نادرة لإطلاق عملية سياسية شاملة تُعيد بناء البلاد على أسس العدالة والمصالحة. قبوله لم يكن ليحمي الأرواح فحسب، بل كان ليجنّب سوريا انهيار بنيتها التحتية، ويمهد الطريق لإعادة بناء اقتصادها الذي بات أشبه بظلٍ بلا جوهر. ألم يكن يمكن أن تُفتح أمام الأجيال الجديدة أبواب الأمل بمستقبلٍ بعيدٍ عن رعب الحروب والخوف من المجهول؟

من المؤلم أن نتخيل كيف كان يمكن لهذا القرار أن يُبقي على سوريا وطناً يحتضن أبناءه بدلاً من أن يتحول إلى ساحة صراعات دولية وإقليمية، وملعباً لتصفية الحسابات. كان القبول بحل سياسي يمكن أن يكون بداية طريق جديد لسوريا موحدة، مستقرة، وآمنة.
ولكن، للأسف، عاندت السياسة الواقع، واختار الأسد تجاهل القرار والمضي في مسارٍ كلّف البلاد أثماناً باهظة، وكأن أرواح الناس وأحلامهم لا تعدو كونها رقماً في سجل الخسائر، أو ورقة على طاولة مفاوضات لا نهاية لها. بقي بشار الأسد مُصرّاً على المضي في طريقٍ كلف البلاد الكثير، متمسكاً بسلطةٍ باتت قائمة على أنقاض وطنٍ ممزق. لقد رفض الأسد الاعتراف بأن الحل السياسي لم يكن مجرد فرصة لإنقاذ الشعب السوري من أتون المعاناة، بل كان طوق نجاة له شخصياً ليخرج من أزمةٍ ستبقى وصمةً في التاريخ.

فأي حسابات سياسية يمكن أن تبرر هذا الكم الهائل من الدماء والدمار؟ وأي إرثٍ يمكن لحاكمٍ أن يتركه حين تكون النتيجة دماراً شاملاً، وأي تبريرٍ يمكن أن يُخفف وطأة هذا الكم الهائل من الضحايا والخراب؟
التاريخ لن ينسى أن القرار كان على الطاولة، وأن الفرصة كانت سانحة، لكن يد المصالحة التي كان يمكن أن تُوقف النزيف السوري، ظلت مكبلةً بخياراتٍ متشددة وآثرت أن تواصل إشعال النار في جسد الوطن وأفضت إلى مزيد من الدماء والدمار. لقد أُهدرت أعوامٌ من معاناةٍ كان بالإمكان اختصارها لو غلب صوت العقل على صوت البندقية.

ستظل الذاكرة السورية مثقلةً بآلام تلك اللحظة الضائعة، شاهدةً على ثمن العناد السياسي حين يُغلّب المصالح الشخصية على أرواح أمة بأكملها. فالذكريات المؤلمة لن تُمحى بسهولة، وستبقى محفورة في وجدان الشعب، تذكيراً بأن الفشل في اتخاذ القرارات الصائبة يمكن أن يؤدي إلى دمار شامل، ويغرق شمس الأمل في ظلال اليأس.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهجية إدارة الأزمة السورية.. بين دروس الماضي وضرورات المستق ...
- سوريا المنهكة.. هل يشكل الحوار طوق النجاة؟
- سوريا، بل المنطقة عموماً إلى أين؟
- وجهة نظر في وقف إطلاق النار بين حزب الله و-إسرائيل-
- هل ما شهدناه أمس، بداية الغيث؟
- ما له وما عليه؟
- بالنقاط أم بالضربة القاضية؟
- عواقب عدم تفعيل وحدة الساحات
- لم يتصدّع جسدي بعدُ
- متلازمة ستوكهولم والمفقّرون الموالون لأنظمة القمع
- بانتظار اللا شيئ!
- إلى متى؟!
- ضجر
- ماذا يعني استبدال شعار (وحدة الساحات) بشعار (الصبر الاستراتي ...
- عدم تبلور عالم متعدد الأقطاب.. تحصد غزة نتائجه
- مرسوم للأسد يجيز التعامل بالدولار
- وهْمُ حلّ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بإقامة دولتين
- تعدّدت مراسيم العفو.. وكالعادة تم تجاهل المعتقلين السياسيين
- مثول أردوغان وزمرته أمام محكمة الجنايات الدولية.. بين الضرور ...
- عندما يكون جميع المتحاربين في مأزق!


المزيد.....




- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
- أوكرانيا على موعد مع صاروخ روسيا -الرهيب-
- فيديو.. اكتشاف نفق سري ضخم في جبال القلمون


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين أدار الأسد ظهره للأمل.. سوريا والقرار 2254