أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سلامة - سقوط نظام الأسد حصاد لعقود من الاستبداد















المزيد.....

سقوط نظام الأسد حصاد لعقود من الاستبداد


محمود سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




نشهد في سوريا تصعيدًا سريعًا للأحداث، حيث تمكنت جبهة تحرير الشام، وهي تجمع إسلامي معارض، من السيطرة على مدن كبرى مثل حلب وحماة في وقت قياسي وهي الآن في طريقها نحو دمشق. التصعيد الحالي ليس سوى نتيجة تراكمات طويلة من العنف والإجرام الذي مارسه النظام السوري منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة. هذا العنف، الذي استهدف المدنيين العزل بشكل ممنهج، يعكس سياسات متجذرة في نظام الأسد، الذي استخدم كل الوسائل الوحشية، بدءًا من البراميل المتفجرة إلى السلاح الكيماوي، واستعان بالجيش الروسي والمليشيات. هذه الممارسات ليست بجديدة؛ ففي عهد حافظ الأسد، شهدت سوريا مجزرة حماة عام 1982، التي قُتل خلالها نحو 40 ألف شخص وفقًا لبعض التقديرات، لتبقى شاهدًا على نهج وحشي تعامل به النظام مع أي معارضة.

مع تصاعد الأوضاع الإقليمية والدولية، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية واشتعال جبهتي غزة ولبنان بعد طوفان الأقصى، تراجع الدعم العسكري للنظام السوري من حلفائه، مثل روسيا وحزب الله والمليشيات الشيعية. استغلت قوى المعارضة الإسلامية هذه اللحظة للتحرك، وفاجأت الجميع ليس فقط بالإنجازات العسكرية، بل أيضًا بتحول ملحوظ في خطابها السياسي. قدّمت جبهة تحرير الشام خطابًا جديدًا يهدف إلى طمأنة أطياف الشعب السوري، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية، بما فيها روسيا.

لفهم هذا السياق المركب، من الضروري النظر إلى أبعاد أوسع. على مدار سنوات، استغل النظام السوري الإسلاميين لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية. بدايةً، فتح المجال لتدفق الجهاديين إلى العراق لمقاومة الاحتلال الأمريكي. لاحقًا، أغلق النظام الحدود وأعاد اعتقال هؤلاء المقاتلين ضمن تفاهمات مع الأمريكيين مما مكنه من تقديم نفسه كحليف ضمني ضد “الإرهاب” أمام المجتمع الدولي. مع انطلاق الثورة السورية، أطلق النظام العنان لموجة جديدة من الفوضى عبر الإفراج عن قيادات جهادية بارزة من سجن صيدنايا. لعبت هذه القيادات دورًا محوريًا في تشكيل جماعات مثل “أحرار الشام”، التي أصبحت لاحقًا نواة لجبهة تحرير الشام، مما زاد من تعقيد المشهد.

التنوع الكبير بل والتناقض في الطيف المقاتل في سوريا يعكس تعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي. يتألف هذا الطيف من مقاتلين انشقوا عن الجيش السوري في بدايات الثورة، جهاديين سوريين ومن خارج سوريا ينهجون السلفية الجهادية، إضافةً إلى قوات الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا. كما برز تنظيم داعش، الذي اجتمع فيه قيادات بعثية سابقة مع شخصيات سلفية جهادية. استفادت جبهة تحرير الشام من خبرات القتال ضد النظام وحلفائه، بجانب الدعم التركي. على الجانب السياسي طورت الجبهة من خطابها وقدمت خطابًا تصالحيًا يستهدف كسب تأييد مختلف أطياف الشعب السوري، بما في ذلك جنود النظام وسكان المناطق العلوية.

التساهل في تصنيف جميع الأطراف المقاتلة كـ”جماعات تكفيرية” يعكس سطحية التحليل، ويخدم بروباغندا النظام التي تهدف إلى تشويه جميع معارضيه. ومن المهم التمييز بين توافق المصالح والارتباط المباشر. في السياسة، كما في العلوم، قاعدة معروفة تقول إن الارتباط لا يعني السببية. دعم تركيا لبعض الحركات المسلحة لمواجهة المليشيات الكردية لا يعني بالضرورة أن هذه الحركات تعمل كأذرع لأنقرة، كما أن علاقة حماس بإيران لا يمكن اختزالها في كونها ذراعًا لها.

على الجانب الآخر، لعب محور المقاومة بقيادة إيران دورًا رئيسيًا في دعم المقاومة في غزة ولبنان. لكن لا يمكن تجاهل الجرائم التي ارتكبها هذا المحور في سوريا. هذه الجرائم، التي تصل إلى مستوى التطهير العرقي والطائفي، ارتُكبت بالتعاون مع مليشيات شيعية لدعم نظام الأسد وتثبيت حكمه. شملت هذه الجرائم مجازر واسعة النطاق وتعذيبًا منهجيًا وتدميرًا للبنية الاجتماعية لسوريا. إذا كان ثمن استمرار دعم المقاومة هو هذه الجرائم ضد الشعب السوري، فإن فكرة “خطوط الإمداد” للمقاومة يصبح شعار أجوف لا يمكن تبريره. للمقاومة وحلفائها طرقهم وبإمكانهم خلق بدائل إذا تراجعوا عن دعم النظام المجرم. ومنذ التطورات الأخيرة أعلن الصهاينة حالة التأهب القصوى على الحدود مع الجولان مع توسع تحركات قوى المعارضة تجاه الحدود مع الجولان المحتل.

تصوير النظام السوري كجزء من محور المقاومة يتناقض مع سياساته الفعلية. هذا النظام لم يرد أبدًا على القصف الإسرائيلي المتكرر، بل عمد إلى توثيق علاقاته مع “الصهاينة العرب” في الإمارات. كما أن هناك تقارير تشير إلى أن الاختراقات الأمنية التي أضرت بالمقاومة اللبنانية جاءت بتنسيق مع النظام السوري. إن أي تحليل ينطلق من كون النظام السوري دولة وجيشًا وطنيًا هو تحليل مخادع، إذ تحول النظام إلى شبكة ميليشيات تتاجر بالمخدرات وتستخدم العنف للبقاء، بعيدًا عن مفهوم المقاومة أو تحرير الشعوب.

رغم ذلك، يبدو أن المشهد يشهد تغييرات محتملة. تشير الأخبار إلى انسحاب إيران والمليشيات العراقية من سوريا، وهو تطور قد يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية ويؤثر على ديناميات الصراع.

في الوقت نفسه، لا يمكن التغاضي عن جرائم المليشيات الإسلامية وعمالة الكثير منها للخليج وتركيا مما ساهم في تشويه الثورة السورية. مارست الكثير من هذه المليشيات طائفية مقيتة تجاه الثورة وأهلها. ومن المفارقات أن بعض هذه المجموعات تبنت لاحقًا علم الثورة، الذي كانت تعتبره في السابق رمزًا قوميًا كفريًا.

التحدي الأكبر في سوريا سيبدأ بعد سقوط النظام. السلفية الجهادية بطبيعتها تحمل قابلية كبيرة للانفجار الذاتي، مما قد يؤدي إلى اقتتال داخلي بين الفصائل الجهادية أو إلى نزاعات عشائرية وطائفية. إذا تمكنت جبهة تحرير الشام من بسط سيطرتها على مناطق واسعة، فقد تزداد هذه التهديدات.

سقوط نظام الأسد سيخيف بالتأكيد حكام الخليج والديكتاتوريات العربية وعلى رأسها النظام المصري. ولكن هذا السقوط لا يعني بالضرورة انتصاراً للقوى الثورية والديمقراطية في المنطقة. السؤال المهم، والذي حاولنا الإجابة عليه في هذا المقال، من الذي أسقطه وكيف؟ لن يصبح هذا السقوط انتصاراً إلا بإعادة بناء الحركة الشعبية التي تحدت النظام في سوريا في ثورة 2011. حركة جماهيرية متجاوزة الطائفية، شارك فيها كافة أطياف الشعب السوري.



#محمود_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض كتاب “القضية الفلسطينية الآن”
- ماذا يقول ماركس؟


المزيد.....




- بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س ...
- أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سلامة - سقوط نظام الأسد حصاد لعقود من الاستبداد