أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب واكتشاف الذات-














المزيد.....

بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب واكتشاف الذات-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 10:29
المحور: كتابات ساخرة
    


في عام 2005، بدأت رحلتي إلى الجزائر بدافع الاكتشاف، لا العمل كما كان حال رفاقي الذين كانوا يعملون في أوراش البناء غير القانونية. كنت أبحث عن الحقيقة وراء الصور النمطية التي كانت تلاحق هذا البلد، حيث وصف شعبه في الأحاديث المتداولة بالإرهاب والخطورة. فضولي كان أقوى من الخوف، فأردت أن أرى الجزائر بعيوني، وأتحقق من صدق ما يقال عنها.

ما إن وطئت قدماي الجزائر حتى تغيرت كل تلك التصورات. وجدت شعبا كريما، يرحب بالضيف، ويعامله بطيبة تفوق التوقعات. كان الجزائريون على النقيض تماما من الصورة النمطية التي رسخت في ذهني. لكن هذه الطمأنينة لم تدم طويلا؛ فقد قابلت هناك الحاج، رجلا مسنا بلحية بيضاء، بدا عليه الوقار والهدوء، وعرض علي العمل معه في الغابة. كنت أظن أنه يقصد العمل في قطع الأشجار أو جمع العود، لكنني اكتشفت لاحقا أنه يحاول إقحامي في منظمة جهادية جزائرية.

كانت هذه اللحظة صادمة، فتحت عيني على مدى سهولة استغلال الأفراد في صراعات أكبر منهم، وكيف يمكن للخطاب الأيديولوجي أن يجد طريقه إلى الأفراد في لحظات ضعف أو بحث عن هدف. استطعت التملص من هذا الموقف باستخدام حجج منطقية أقنعت الحاج بأني لست مهتما، لكن التجربة تركت أثرا عميقا في نفسي.

عندما قررت العودة إلى المغرب، بدأت مواجهة أخرى لم تخطر على بالي. عند الحدود، اعترضنا الجنود المغاربة. كنا نتوقع الترحيب باعتبارنا مواطنين عائدين إلى وطنهم، لكن بدلا من ذلك، وجهوا إلينا اتهامات بالإرهاب، وكأننا خطر على أمن البلاد. تطور الموقف بسرعة إلى مواجهة مباشرة؛ حاولت الدفاع عن نفسي وعن رفاقي، وتطور الأمر إلى حد العراك مع أحد الجنود. في لحظة غضب، تمكنت من نزع سلاحه، ما جعل الوضع يزداد سوءا. الجنود هددوني بالضرب، لكنني وقفت في وجههم، متسلحا بمعرفتي بالقوانين والبنود التي كنت أجادلهم بها بثقة.

هذا التحدي أربكهم، لكنه لم يمنعهم من محاولة فرض سيطرتهم. تدخل رفاقي للتهدئة، وفي النهاية استدعوا سيارة "المقاتلة"، وهي وسيلة نقل تستخدم في تلك المناطق لنقل من يعبرون الحدود خلسة. الهدف كان واضحا: التخلص من المشكلة بأسرع طريقة ممكنة.

هذه التجربة كشفت لي الكثير عن واقع الحدود التي ليست فقط خطوطا جغرافية، بل ساحات لصراعات بين السلطة والمواطن، ولابتزاز البسطاء الذين يبحثون عن حياة كريمة. المفارقة أن الجنود الجزائريين، الذين توقعت أن يكونوا أكثر صرامة، كانوا يعاملوننا بإنسانية أكبر، محذرين إيانا من الجنود المغاربة الذين قد يسرقون أموالنا.

في تلك الرحلة، تعلمت دروسا لا تنسى. الدرس الأول كان عن تحطيم الصور النمطية؛ الجزائريون الذين قيل عنهم إنهم إرهابيون، أظهروا طيبة وكرما نادرين. أما الدرس الثاني، فكان عن استغلال الأفراد في صراعات كبرى، كما حاول الحاج أن يفعل معي في باينام. الدرس الثالث، والأكثر ألما، كان عن طريقة تعامل السلطة مع مواطنيها، وكيف يمكن للقانون أن يتحول إلى أداة ضغط بدلا من أن يكون وسيلة لحماية الحقوق.

اليوم، وأنا أسترجع تلك التجربة، أراها أكثر من مجرد مغامرة. كانت رحلة لاكتشاف الذات والآخر، وتحطيم الحدود النفسية قبل الجغرافية. الحدود الحقيقية ليست تلك المرسومة على الخرائط، بل هي في عقولنا وأفكارنا. تجاوزها هو ما يجعلنا نفهم أن الإنسان واحد، وأن الصور النمطية والمخاوف ليست إلا قيودا علينا كسرها لنعرف الحقيقة.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضحكة في زمن الحروب: السلام والتعايش بين الفلسطينيين والإسرائ ...
- بدون فلتر: يا للقدر! من قطع الأشجار إلى قطع الرؤوس
- العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟
- الاستمطار الصناعي في المغرب: حلم السماء التي لا تمطر
- نتنياهو في قبضة القدر: اعتقال غفلة!
- -أزمة الكهرباء في جماعة وليلي زرهون: بين التهميش والتمييز وغ ...
- -وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية: إعلان رسمي عن علما ...
- حقوق الإنسان: من خطب المهرجانات إلى متاجرة الضمير
- -محمد وأمنية ما بين السخرية والفلسفة: حين يتلاقى حسن الخاتمة ...
- عريضة شعبية تطالب الملك بمحاسبة وزير العدل وهبي وإقالته من م ...
- الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: أداة سياسية أم عقبة أمام السل ...
- عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية
- -القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية و ...
- العالم اليوم: قانون الغاب في ثوب جديد
- المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟
- الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار ...
- إسرائيل: ضحية نفسها في مسرحية عالمية
- -التغطية الإعلامية للأميرة للا خديجة: بين المظهر والتأثير ال ...
- سيارات الدولة: رموز الفساد الإداري في المغرب وضرورة الإصلاح ...
- -الأعداء: سلاح سياسي أم مجرد وهم درامي؟-


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - بدون فلتر: -بين حدود الأوهام وصراعات الواقع: مغامرة الهروب واكتشاف الذات-