أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن بوطيب - دراسة نقدية (رؤى الناقد): نقد نقد / قراءات في أعمال نقدية للناقد نور الدين طاهري / الجزء الأول: عتبات (في المنهج والمنهجية) إعداد الناقد المغربي عبد الرحمن بوطيب















المزيد.....

دراسة نقدية (رؤى الناقد): نقد نقد / قراءات في أعمال نقدية للناقد نور الدين طاهري / الجزء الأول: عتبات (في المنهج والمنهجية) إعداد الناقد المغربي عبد الرحمن بوطيب


عبد الرحمن بوطيب

الحوار المتمدن-العدد: 8184 - 2024 / 12 / 7 - 22:28
المحور: الادب والفن
    


الجزء الأول: عتبات: (في المنهج والمنهجية).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= قبل البدء:
[النقد حياة، من حياته تستمد الأعمالُ الإبداعيةُ شحنةَ حياة تتجدد كل حين... إِنْ هو تحرر من حديدية سلطة مناهج منغلقة على ذواتها، فهو النقد / الحياة. بناء عليه، كل نقد يتوقف مساره التطوري أمام أسوار قلاع المناهج وحدودها المعيارية الصارمة فما هو إلا هو نقد متواضع، سكوني، مهادن، ميت، فاقد حياة، منعدم عطاء، بجموده، هذا، لا يستطيع تأسيس فرادةٍ نوعيةٍ قادرة على اقتحام آفاق تجدد مساير لإيقاعِ تَجَدُّدِ فنون تعبيرية موسومة ومرتهنة بمشاريع نسقية حداثية... مشاريع لا تقع في شرك تقديس معايير تقليدية معلبة مسكوكة ممانعة رافضة أيَّ شكل من أشكال الانفتاح على مسايرة تغير الأحوال البشرية في تفاعلاتها الجدلية مع متغيرات الواقع الكونية غير الموسومة بجمود وسكونية... إنه نقد في حاجة إلى نقد، فلا قدسية لنموذج، ولا سلطة له على تحررٍ وانطلاقٍ في عوالم إبداع]
= عبد الرحمن بوطيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= عتبات:
1/ مدخل القراءة:
يتأطر هذا العمل في إطار "نقد النقد"، أو ما يسمى ميتا نقد ( Metacriticism )، وهو أوسع و أشمل من موضوع النقد، أي إن نقد النقد هو فوق النقد، لأنه ينقد أسلوب الناقد، ويخلخل طريقة نقده النص الأدبي، ويرصد مدى نجاحه في تطبيق المنهج النقدي الذي اعتمده، ويعالج كيف تم التوفيق ما بين الجانب النظري والجانب التطبيقي، بالإضافة إلى دراسته النص الأدبي ذاته، وبهذا يكون نقد النقد أوسع وأشمل من موضوع النقد، حيث إن أهميته تتلخص في: الكشف عن نقاط القوة والضعف في الممارسة النقدية، والمساهمة في إيجاد حركة نقدية جدلية)، حسب الناقد عبد الكريم حمزة عباس "وكالة كنزي للنشر / 13ديسمبر 2023".
ينطلق هذا العمل من منطلقاتِ تصوّرٍ نقديّ بنائية وصفية استقرائية، تستدل على مشروعيتها الوظيفية بالمغامرة المشروعة في خلخلة منجزٍ نقديٍّ للناقد والأديب المغربي المقيم بالديار البلجيكية الأستاذ نور الدين طاهري.
مادةُ الاشتغال في هذا العمل المنكب بالدراسة على أعمال الناقد نور الدين طاهري هي عبارة عن منجزٍ نقدي عميق، متعدد المقاربات، متنوع أشكال الاشتغال على متنوعِ أعمالٍ إبداعية، شعرية ونثرية ونقدية... حيث تنتهي الورقة إلى مخرجات استنتاجية تركيبية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2/ منطلقات بنائية... في النقد:
البناء النقدي التفاعلي، في شكل تمظهره باعتباره نقدَ نقدٍ، هو جدليةُ أخذٍ وعطاء... هدم وبناء... يحمل رؤية مغايرة للفعل النقدي، بمعنى أنه قراءة خاصة، فهو ينقد ما تضمنته القراءة النقدية المنتجة، وفي الوقت نفسه يسعى إلى أن ينتج قـراءة نقدية مغايرة، وذلك باعتباره قراءة على قراءة.
إن كلَّ المخرجات النقدية المستهدَفة في أي عمل، في كل مستويات الفعل النقدي، وفي كل المقاربات... لابد أن تكون صريحة في تعيين منطلقاتها البنائية... إن صحّت مرتكزاتُها البنائية، صحّت مخرجاتها النهائية... فالنهايات المُقْنِعَة افتراضاً محكومة بقوة مقدماتها وجوباً.
ليس بالإمكان تَصَوُّرُ انتظارِ تَقَبُّلِ فعلٍ نقدي، كيفما كان، إن هو لم يستند إلى مرجعية واضحة، وبشكل مسؤول.
إلقاء الكلام على عواهنه ليس فعلاً مسؤولاً... ولا يمكن بأي حال من الأحوال مهادنته... ولو من باب رغبة ذاتية، غير موضوعية، في تجنب إحراجه.
المنطلقات البنائية للورقة، هذه، تتحدد أساساً، وابتداءً، في أن النقد علم... النقد إجراء محايث، يشتغل، تنظيرياً أو تطبيقياً، على ظواهر وحالات... الظواهر والحالات، هذه، مرتبطة ارتباطات عضوية بمؤسسات إنتاجها الموضوعية... سياسية، واقتصادية، ومجتمعية، وثقافية، وقيمية، وحضارية شمولية في نهاية المطاف.
كل نقد يلعب على مقاربة الأعمال الإبداعية مهرّبةً خارجَ دائرةِ رحمِ نشأتها، ومهدِ ولادتها، هو فعلٌ "نقدي" ساقط في شكلانية منبهرة باللعب على تعالقاتٍ بنيوية ممكنةٍ قائمةٍ بذاتها، أو مُفْتَعَلَةٍ مصطنَعةٍ خارج إمكان حدوثها... هو نقدٌ عليل طريح غرفة عمليات جراحية من أجل إشراف على ولادة قيصرية... ولا إنكار لمشروعيته وفاعليته مع ذلك.
النقد راصدُ تعالقاتٍ جدلية بين إبداع وواقع... مُخَلْخِلُ تدافعٍ بين كائن وممكن... مؤسسُ عتبةِ تَلَقٍّ بقيمةٍ مضافة... هو نص "جديد" مولود من رحم نص "قديم"... وما عبثية توليد ما لا يولد مقبولة... الأشياء بأحوالها ومستلزماتها... وإلا فلا نقد، ولا ولادة جديدة.
النقد جهاز... عدة منهجية... آليات اشتغال، وجهاز نقدي مصطلحي علمي.
من باب عود على بدء... نكرر... إلقاء الكلام على عواهنه، وبركاكة أسلوب، إن هو إلا سقط متاع... مجاراته ومهادنته سبيلٌ واضحة منتهية حتماً إلى سقوط وضياع في برك عطنة.
النقد نسق... في أي مرحلة زمنية من مراحل تطوره، وهو إضافةٌ نوعية... ومنطلَق أساس.
هو إضافةٌ جديدة، في حضن سُنّة سيرورةٍ تاريخية، إلى سابق منجز... لبنةٌ أخرى مضافة... واجبة...
وهو منطلَقُ بناء جديد، يرسم معالم هندسة تصور نوعي قادم... هو الإضافة النوعية البنائية.
التراكماتُ النقدية مدرسةٌ كليّة... فصولها نَوَيَاتُ مدارسَ نوويّة... نقد كوني... ونقد عربي... مناهج ومدارس... تراكماتُ امتدادات... لا مهربَ من سلطة تراكمات، ولا مفرَّ من سلطة امتدادات.
كل منجز "نقدي" لا يستند إلى تراكمات نقدية هو رهان على بغل أكحل... يخيب، ولا يصيب.
كل منجز "نقدي" لا يمتح أدواته من حقول نقد منهجي عالِم دينامي غير سكوني هو مجرد تعبير عن انطباعات باهتة... ولو كانت برغبة محتشمة متوارية خلف افتراض ممارسة "قراءة عاشقة".
كل منجز "نقدي" لا يحترم علوم آلة ضاد إن هو إلا رعاف... وما أكثره في زمننا الخائب... وما نبتغي للرعاف هيمنة.
بعيداً عن أي تدافع مجاني، ودرءاً لأي سقوط في شخصنة الرؤى والحالات، وسعياً منا إلى بناء تصور نقدي تطبيقي متزن، نقد موضوعي، نقد بنّاء... ينطلق هذا العمل من وصف منجزٍ نقدي شاخص، يحاوره رأياً برأي، ويحترم هذا وذاك... ولا يدعي امتلاك حقيقة... والنقد إن لم ينتعش برواء ماء، فما هو إلا كائن خارج حياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 / ماء النقد... على غرار ماء الشعر:
يطرح علينا، بين الحين والحين من النظر في واقع حال نقد، تساؤلٌ يثير الانتباه، تساؤلٌ قد يكون إنكارياً في بعض ظن، وما هو ظنٌّ آثم... تساؤلٌ منطوقُه حاملُ دلالةِ بحثٍ عن درجةِ إقناعٍ بمشروعية وصف.
التساؤل هو: هل للنقد/ فيه... ماء؟
الماء مرتبط في الذاكرة النقدية التراثية بالشعر...
وانتزاع مصطلح من حقل معين، وتوظيفه في حقل آخر / حقول أخرى له مشروعيتُه في ظل سقف حُسْن توظيف.
"ماء الشعر"... والماء هنا، والرواء، والحلاوة، والحسن، والصفاء، والعذوبة... بعضٌ من روح الشعر، إن حضرتْ في جسمه كان شعراً... حياً، وإن غابت وجفَّ معها ماءٌ صار الْكَلِمُ نظماً... وما فيه حياة.
ومنه قياساً... ماء النقد؟
ــــ النقد علاقة تواصل، لا علاقة اتصال.
التواصل فعلٌ مُؤسِّسٌ حركيةَ أخذٍ وعطاءٍ بين كائنين حيّين، داخلين في تعالقاتِ شد وجذب... علاقة تشاركية... عملة من وجهين... علاقة جدلية، بمعنىً من المعاني، ومن ذاك تناغم... ومنه في بعض أحيان تدافعٌ في حينٍ طارئٍ ومقام عارض.
النقد، في نهاية مطافه، تفاعل... حياة... كينونة ثقافية فاعلة منفعلة، على أحسن وجه من تقدير [خارج دائرة استحضار تراكمات سيرورة تأسيس حدود تعريفية]، وإن لم يكن كذاك، فما هو نقد. وإن كان كذاك... فلا بد له من ماء يسري في عروقه.
ماء النقد وجود... لا يستقيم إلا مع جسد حي... مشاكس... مناور... محاور... يعرف كيف يفتح، خلسةً، مستغلقَ قلبِ جسدٍ حيٍّ فيه، ومنه إبداع.
ماء النقد... قدرة على محاورة جسدٍ بديع... أو جسدٍ به بعضٌ من بديعٍ، يطمح إلى أن يكون كذلك، لولا بعض هناتٍ تشوب منجَزه، هناتٍ بها وفي متاهاتها قد يضيع...
ماء النقد قدرةٌ على امتلاك عُدَّةِ تفاعلٍ وعَتادِ فعلٍ.
النقد مغامرة... ليست متاحة لكل مَنْ... أومَنْ يغامر بنقد... حكم قاسٍ، لكنه صريح، وغير مجامل.
ــــ وقد وقفنا بالمتعيِّن الجليِّ على ماءِ نقدٍ، وأكثرَ، في أعمال الناقد العميق نور الدين طاهري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4/ في نقد النقد... خطابات المنهج / المناهج:
إذا كان النقد التطبيقي فاعليةً قرائية جدلية تواصلية بنائية، تتناغم فيها حروف ناقدٍ مع حروف مبدعٍ، تناغماً هادفاً إلى خلق / ولادة نصٍّ ثان وأكثر، من رحم نص أولَ، تتعدد صور حياته الجديدة بتعدد قراءات... تناغماً جدلياً يتفاعل فيه الرأي النقدي مع المنجز الإبداعي، لهما متدخل ثالث في سمفونية هذا الفعل التناغمي، متدخلٌ ليس ببعيد عنهما... هو نبض نقد النقد، باعتباره اشتغالاً نقدياً، على اشتغال نقدي، على منجز إبداعي... علاقة جدلية خطية كرونولوجية متنامية دينامية... تأخذ وتعطي... ومنه، فنقد النقد الأدبي، كما هو في المتعارف العامّ عليه، هو تفكيك لاحق على تفكيك سابق... تفكيك منهجيات اعتمدها ناقد أدبي أول، إذ يصبح النص النقدي الأول موضوعاً للتحليل والتأويل النقدي الثاني اللاحق، وذلك إما عبر استجلاء السلطة الكامنة في الخطاب النقدي، وإما عبر تفكيك كيفية إنتاجه للمعرفة، وإما عبر النبش في المنطلقات الأيديولوجية للناقد، وإما عبر الغوص في كامن الدوافع النفسية للناقد، وإما عبر الكشف عن الأنساق الثقافية والفكرية المضمرة في منجزات النقاد وخطاباتهم النقدية، وإما عبر غيرها من أشكال الغايات الجمالية الشعرية المستهدفة... إنه عملية ضرورية لتقييم الخطابات النقدية، عبر مسارات محاورتها، ومدارج التناغم معها، ومستلزمات مجادلتها، ذلك أن «أدب الكاتب، يوجب أدب القارئ»، حسب أدونيس: "سياسة الشعر دراسات في الشعرية العربية المعاصرة"، ص49 / الطبعة الأولى / 1985 / دار الآداب / بيروت.
ــــ وبالتالي، فإن "أدب القارئ / الناقد يوجب أدب القارئ ناقدَ منجزِ الناقد".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5/ في حدود المقاربة المنهجية:
حرصاً منا على إيلاء كل مقاربة نقدية للناقد نور الدين طاهري حقها من المعالجة، في تعدد مواد اشتغالها، وبتنوع مناهج معالجتها شعراً، ونثراً، كما هي عند الناقد... فإننا التزمنا بخطة منهجية وظيفية، تتناول كل نوع من أنواع الاشتغال النقدي للناقد طاهري، في جزء خاص مستقل من هذا العمل، بما يلزم من مراحل وخطوات، وما يناسب من انتقالات، وما يلزم من آليات اشتغال وعُدَّة مصطلحية، وذلك عبر مسار نقدي تدريجي عند كل ورقة من أوراق الناقد نور الدين طاهري على حدة، مع محاولة القبض على خطته المنهجية النقدية الخاصة في كل مقاربة، محاولين الوقوف على مجمل المناهج التي وظفها الناقد، مع الكشف عن ألوان وقفاته الممنهجة على متعين خصوصيات بنيات النصوص / المواد الدلالية، والجمالية، والتعبيرية التأثيرية التواصلية... مستعينين في ذلك بدراسة المقامات التداولية وكيفية تفاعل الناقد مع الأبعاد الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، والحضارية الثاوية بين سطور الأعمال المقارَبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6/ مادة الاشتغال: أعمال نقدية للناقد نور الدين طاهري:
وحرصاً منّا، قدر المستطاع، على محاولة الإحاطة الموضوعية بنماذجَ ناقلةٍ بوضوح، وتنوع، تجربةَ الناقد نور الدين طاهري، اخترنا مادةً نقديةً له ــــ سبعة أعمال نقدية ــــ منوعةَ مقاربات قرائية، عميقةَ مناولات منهجية، طويلةَ نفَس تحليل، مرتحلةً من حد شعر وفن، إلى حد نثر سردي قصصي وسيري، إلى حد نقد نقد.
= أولاً: في باب نقد الشعر:
1/ (تحليل قصيدة "أبو العلاء" للشاعر عبد العزيز أبو شيار : دراسة أسلوبية ومضامينية).
= ثانياً: في باب النقد الأدبي والفني:
2/ (الشاعرة والفنانة هناء ميكو: "رحلة الفن بين الواقعية والرمز").
= ثالثاً: في باب نقد القصة:
3/ (اصطدام الأحلام الثورية بالواقع القاسي: قراءة في قصة "حلم" للكاتبة ليلى الدردوري).
4/ (رمزية الذاكرة والزمن في قصة "البيت المهجور" للكاتب سعيد رضواني).
= رابعاً: في باب نقد السيرة:
5/ (سيرة: مسعودة... وأنت أمي الثاني/ أوراق وفاء لعرعارة عطاء / للكاتب عبد الرحمن بوطيب / الجزء
الأول).
6/ (سيرة: مسعودة... وأنت أمي الثاني/ أوراق وفاء لعرعارة عطاء / للكاتب عبد الرحمن بوطيب / الجزء الثاني).
= خامساً: في باب نقد النقد:
7/ (قراءة نقدية في القراءة النقدية للناقد محمد رحو في المجموعة القصصية "محض خيال" للكاتب أحمد بلقاسم).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7/ سيرة الناقد نور الدين طاهري:
هو الأديب المغربي الذي أطل على الحياة من مدينة أبركان، التي تنبض بين عبق التاريخ وزخات الحداثة، ليصنع من نفسه نموذجاً يجمع بين شغفه العميق بالأدب وطموحه اللامحدود في البحث. مسيرته الأدبية لم تكن مجرد رحلة عبر الكلمات، بل كانت اختباراً دائماً للذات، سعياً وراء كشف أعماق النفس البشرية وألوان الثقافة الإنسانية. بدأت خطواته الأكاديمية بحصوله على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، فتفتحت أمامه أبواب التراث العربي الثرى، ليغدو هذا المنهج حجر الزاوية الذي بنى عليه معرفته العميقة بالثقافة العربية. ثم توجَّه إلى باريس، حيث حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في اللغات، وهي خطوة شكَّلت نقلة نوعية في أفكاره ورؤيته الأدبية، فجمع بين علوم اللغات وعشق الأدب ليخرج منها أديباً غارقاً في جماليات الكلمات وأساليب السرد. بعد عودته إلى المغرب، انطلقت رحلة نور الدين في عالم التعليم، حيث عمل أستاذاً في ميدان التدريس، مبشراً بمهمة سامية في غرس حب اللغة العربية. وفي عام 2004، قرر نور الدين طاهري أن يتسع أفقه الثقافي ويتجاوز حدود وطنه، فانتقل إلى بلجيكا حيث شغل منصب عضو في البعثة الثقافية المغربية في سفارة بروكسيل، هنا، لم يكن عمله مقتصراً على نقل الثقافة العربية، بل كان جسراً بين الشرق والغرب، يتنقل بين الثقافات ويُعمق التفاهم بين الشعوب... لم تقتصر خبراته على الجانب الثقافي فقط، بل شملت أيضاً الدراسة الأكاديمية، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في تدبير الموارد البشرية، وهو ما أضاف إلى مهاراته بُعداً إدارياً وإستراتيجياً أثرا في مسيرته العملية، حالياً، يشغل منصباً إدارياً في وزارة التعليم البلجيكية. أما على الصعيد الأدبي، فقد خطَّ نور الدين طاهري أولى خطواته في عالم الرواية بإصدار روايته "ترنيمة غريب" التي نُشرت في المغرب، لتكون بداية مشرقة لمسيرته الأدبية الفريدة، تبعتها روايته الثانية "تيه في رحلة الحياة" التي صدرت عن "المجلس الأورو / عربي" للفكر والترجمات ببروكسيل، وهو نفس المجلس الذي نشر له روايته المكتوبة باللغة الفرنسية Egaré dans le voyage de la vie . حالياً، ينتظر إصدار ديوانه الشعري "وجع الحياة"... في هذه الأعمال، يجد القارئ بُعداً إنسانياً عميقاً، يلامس معاناة النفس البشرية وتأملاتها. إلى جانب كونه كاتباً، يمتلك نور الدين طاهري شغفاً عميقاً بالمجال النقدي، حيث تسهم مقالاته النقدية المنشورة في العديد من الصحف والمجلات المغربية والعربية في إثراء الحوار الأدبي وتقديم رؤى جديدة حول الأدب العربي المعاصر. نور الدين طاهري يُجسد في شخصه مزيجاً فريداً من الالتزام الثقافي والإبداع الأدبي، حيث تتجلى في كتاباته موضوعات الهوية والاغتراب والحب، مشبعة بلغة شاعرية وصور بلاغية تأخذ القارئ في رحلة عميقة داخل أعماق الإنسان، ومن خلال تجربته الطويلة بين المغرب وأوروبا، استطاع أن يحقق توازناً رائعاً بين الوفاء لتراثه الثقافي العربي، وبين الانفتاح على التجارب العالمية، ليصبح صوتاً أدبياً معاصراً يعزز الأدب العربي بلمسته الخاصة ويدفعه نحو آفاق جديدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موعدنا مع الجزء الثاني التطبيقي المشتغل على أول مادة نقدية للناقد نور الدين طاهري، وهي المندرجة في باب نقد الشعر، والموسومة بعنوان (تحليل قصيدة "أبو العلاء" للشاعر عبد العزيز أبو شيار : دراسة أسلوبية ومضامينية).



#عبد_الرحمن_بوطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المشروع الفكري والنقدي للدكتور جمال بندحمان- (من التنظير ال ...


المزيد.....




- RT Arabic تنظم في ليبيا ورشة تدريبية تسلط الضوء على تجربتها ...
- -الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا ...
- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن بوطيب - دراسة نقدية (رؤى الناقد): نقد نقد / قراءات في أعمال نقدية للناقد نور الدين طاهري / الجزء الأول: عتبات (في المنهج والمنهجية) إعداد الناقد المغربي عبد الرحمن بوطيب