أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من أوصل بشار الأسد إلى هذا المصير الأسود؟














المزيد.....

من أوصل بشار الأسد إلى هذا المصير الأسود؟


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8184 - 2024 / 12 / 7 - 03:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يواجه بشار الأسد الآن مصيراً أسود صنعه بإرادته، مدفوعاً بسياسات تعنتية أغلقت كل أبواب الحلول. فقد رفض النظام الانصياع للقرارات الدولية التي دعت إلى تسوية سياسية شاملة، وأصر حتى اللحظة الأخيرة على التمسك بالحلول العسكرية. هذا العناد، المترافق مع تحالفه الوثيق مع إيران وما يسمى بمشروع هلالها الإقليمي المعروف، لم يكن سوى مسار لتعميق الأزمات وزيادة العزلة. الأسد، الذي كان يظن أن بإمكانه السيطرة على الوضع من خلال القوة العسكرية، لم يدر أن هذه السياسات لن تؤدي سوى إلى مزيد من التدمير الداخلي والعزلة الدولية، لاسيما إنه لم يكن ليصمد شهرا واحدا في وجه الثورة السلمية لولا اعتماده على الخارج.

خلال السنوات التي مضت، كانت الحرب والتصعيد العسكري هما السمة الغالبة على النظام. فبدلاً من أن تكون هناك استجابة للمطالب الشعبية والمطالب الدولية، اختار النظام السوري طريق القمع والقتل،ما دفع البلاد نحو هاوية سحيقة. وكأنّ النظام كان يعتقد أن بإمكانه الحفاظ على سلطته عبر إغراق البلاد في بحر من الدماء، بينما كان الشعب يعاني الويلات جراء سياسات القمع المتواصلة.

إحدى العلامات الفارقة في هذا المصير هو تجاهل الأسد للقرارات الدولية، مثل قرار مجلس الأمن 2254، الذي دعا إلى عملية سياسية لإنهاء الأزمة. بدل أن يسعى للانخراط الجاد في هذه العملية، استخدم النظام الوقت لمواصلة تكريس سلطته بالقوة. لكنه فشل في فهم أن الحل السياسي كان يمكن أن يجنبه كثيراً من الكوارث، إلا إنه اختار المواجهة حتى آخر رمق. أجل.كان بإمكانه اختيار المسار السياسي الذي ينهي الحرب ويحقق بعض الاستقرار للبلاد، لكنه اختار بدلاً من ذلك المضي في سياسة القمع الوحشي الذي لم يترك للشعب السوري أية فرصة للحياة بكرامة.

إن تحالف الأسد مع إيران لم يكن مجرد تحالف مرحلي، بل كان جزءاً من مخطط إقليمي أكبر. فقد لعب النظام السوري دور الحارس لمشروعها الذي يمتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق. هذا الارتهان جعل سوريا ساحة صراع إقليمي ودولي، حيث دفع كل ذلك الدول العربية والغربية للتعامل مع النظام كجزء من مشروع إيراني يهدد أمن المنطقة. كما أن هذا التحالف جعل من سوريا نقطة ارتكاز للمشروع الإيراني الذي يسعى لتحقيق أهداف طائفية في المنطقة. هذا التوجه جعل من سوريا مسرحاً للعديد من القوى الإقليمية والدولية التي تدخلت في الشأن السوري لأسباب تتعلق بمصالحها الخاصة.

وقد استمرت سياسات النظام في إغلاق كل أبواب التسوية مع الداخل والخارج. بينما كانت القوى الدولية والإقليمية تدعو لحلول سياسية، كان النظام يرفض أي تنازل، ما أدى إلى تفاقم الأزمة. تجاهل الأصوات المطالبة بالإصلاح، سواء من الداخل أو من المجتمع الدولي، أدى إلى إطالة أمد الصراع واستنزاف سوريا بشرياً واقتصادياً. كانت الفرص المتاحة للسلام تتضاءل كلما تراجع النظام عن أي محاولة للحوار أو التفاوض. وفي الوقت الذي كان يواجه فيه البلاد تدميراً شاملاً، كان النظام يصر على أن الحل العسكري هو الحل الوحيد، مما جعله يواجه المزيد من الانتقادات الدولية والمحلية على حد سواء.

من ناحية أخرى، انعكاسات سياسات النظام لم تقتصر على الداخل السوري فحسب، بل امتدت لتشمل المنطقة برمتها. فإلى جانب الدمار الذي حل بسوريا على كافة الأصعدة، أصبحت البلاد على حافة التفكك الداخلي. الانقسامات الطائفية والمناطقية أصبحت أكثر وضوحاً، وأدى ذلك إلى تزايد حدة العداء بين فئات المجتمع السوري. هذا الانقسام الداخلي كان له تأثيره الكبير على قدرة النظام في الحفاظ على سيطرته على كامل الأراضي السورية. ومع تنامي المشاعر المناهضة للنظام، أصبح من الصعب إيجاد أرضية مشتركة بين مختلف الأطراف السياسية السورية.

إن سياسات الأسد الفاشلة أوقعت سوريا في مستنقع يصعب الخروج منه. من حقد داخلي يغذي الثأر والانقسامات، إلى عزلة دولية تجعل من النظام عائقاً أمام أي إعادة إعمار أو استقرار. كل هذه التداعيات تؤكد أن ما وصل إليه الأسد ليس إلا نتيجة لسياسات صنعت بأيدي النظام نفسه. كان من الممكن أن يكون لدى سوريا فرصة حقيقية للانطلاق نحو المستقبل، لكن تلك الفرصة ضاعت بفعل قرارات قادتها الذين اختاروا التصعيد بدلاً من الحوار والتفاهم.

إن خروج سوريا من تبعات هذا الواقع يحتاج إلى أكثر من مجرد حلول سياسية؛ إنه بحاجة إلى معجزة تُعيد صياغة العلاقة بين النظام وشعبه، وبين سوريا ومحيطها الدولي. الحلول العسكرية وحدها لا يمكن أن تبني دولة مستدامة أو تحقق السلام الدائم. سوريا بحاجة إلى شجاعة سياسية وقرار حاسم للتوجه نحو المسار الذي يضمن للشعب السوري مستقبلاً أفضل، بعيداً عن الهيمنة الإقليمية والصراعات الداخلية. فهل يستطيع الأسد أن يدرك هذا الحقيقة قبل أن يصبح كل شيء فائتاً؟



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهجرون أم رهائن: لماذا يمنع عودة كرد عفرين المهجرين؟
- شجاعة الكتابة في زمن الفوضى: بين وضوح الرؤية وتحديات المجهول
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟ أي مصير ينتظر سوريا والسوريين؟
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟
- مأساة سري كانيي وتل أبيض: الوجه الآخر للتهجير في أوج التجاهل
- إطلاق النار الاستباقي ووسائل التواصل الاجتماعي مقاربة نفسية ...
- الشائعات في زمن الحرب: بين التضليل والتحقق
- أردوغان متذاكياً مجرم محتل في صورة ملاك!
- قوافل العودة إلى عفرين: حين يصبح الحنين إلى- المنزل الأول- م ...
- مصطلح الثورة في ترجمات القتلة وأشباههم!
- الكرد وحق الاستقلال و مواجهة مخططات الإبادة
- سوريا على مفترق طرق.. من أطلق النصرة من قمقمها؟
- عابرون في مهمة عابرة.. في منفذي المخطط
- سوريالية المشهد السوري: بين لعبة المصالح وتفكيك الجغرافيا
- انتفاضة نساء- كاخري-
- ضابط المخابرات منيرالحريري: ستوب...!
- الحرب الإلكترونية الأولى في دهاليز الإنترنت!
- الأدب الكردي المكتوب بالعربية3
- الروائي المصري أحمد طايل يحاور إبراهيم اليوسف1
- سليمان كرو إعلامي الإرادة الفولاذية!


المزيد.....




- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
- أوكرانيا على موعد مع صاروخ روسيا -الرهيب-
- فيديو.. اكتشاف نفق سري ضخم في جبال القلمون


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من أوصل بشار الأسد إلى هذا المصير الأسود؟