شيروان شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 18:00
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مرحبًا بكم في حلب، مركز الحرب الأهلية السورية، حيث ساحة المعركة ليست مجرد مكان للخطط العسكرية، بل مسرحًا لـ"كلاسيكو" جيوسياسي شرس وساخر بين بعض من أكثر الفرق اضطرابًا على الإطلاق.
من جهة، لدينا القاعدة وبقايا داعش، مجموعتان كان ينبغي أن تتعاونا، لكن يبدو أنهما أكثر اهتمامًا بالتشاجر حول من يجب أن يدمر الحي أولاً. هؤلاء الذين يدّعون أنهم منقذو "الثورة" (نعم، يسمون أنفسهم كذلك) قد شكلوا منظمة ثورة سنية—ائتلافًا من المتعصبين، كل منهم لديه رؤيته الخاصة لما يجب أن يكون عليه المجتمع المثالي بعد نهاية العالم. المفاجأة: تلك الرؤية تتضمن الكثير من الدمار والقليل جدًا من الحكم الفعلي.
ومن الجهة الأخرى، لدينا المحترفون المخضرمون: بلطجية الأسد المخلصون، النجوم الحقيقيون في "أولمبياد جرائم الحرب". هؤلاء كانوا في مجال القتل الجماعي والقمع منذ سنوات، وهم الآن مشغولون بالتجادل حول من يرتكب جرائم الحرب "بأسلوب" أكثر. هل من الأكثر أناقة قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة أم استخدام الأسلحة الكيميائية؟ قرار صعب.
ومع استمرار هذه "المواجهة بين العمالقة"، يتضح بشكل متزايد أن الفائز الحقيقي هو... لا أحد. الجائزة ليست السيطرة على حلب أو أي نوع من السلام الدائم. الجائزة، على ما يبدو، هي الانهيار الكامل للمجتمع. لأنه في عالم هذه الفصائل المتحاربة، من يحتاج إلى مجتمع وظيفي عندما تكون لديك أنقاض وفوضى وتدفق لا ينتهي من المدنيين العالقين في مرمى النيران؟
وفقط عندما تظن أن هذه المهزلة لا يمكن أن تصبح أكثر عبثية، تدخل روسيا، متظاهرة بأنها المدرب المحبط الذي رأى كل شيء من قبل. "حسنًا، كفى، عودوا إلى تركيا،" تقول روسيا، ملوحة بيديها بحركة متذمرة وكأنها تقول: "لا أستطيع التعامل مع هذا بعد الآن."
هنا، تبدأ الجيوسياسة في التشابه مع عرض تلفزيوني واقعي—"الناجون: نسخة الشرق الأوسط"، حيث لا تنطبق القواعد، والهدف الوحيد هو البقاء لفترة كافية للوصول إلى الجولة التالية من الدمار.
لذلك، إذا كنت تبحث عن قصة بطولة ووضوح أخلاقي في حلب، فأنت في المكان الخطأ. ما ستجده بدلاً من ذلك هو مشهد مأساوي-هزلي لفصائل متناحرة تتقاتل ليس من أجل النصر، بل من أجل امتياز أن تكون الأخيرة التي تبقى واقفة في مدينة مدمرة. في هذه المعركة، الجميع خاسر، والضحية الحقيقية هي مستقبل مدينة كانت يومًا ما فخورة.
..
شيروان شاهين كاتب ومعارض كردي / Sherwan Shahin
#شيروان_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟