أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - الإرهاب الشرقي نمط حياة















المزيد.....

الإرهاب الشرقي نمط حياة


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 07:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يصعب أن نفهم ما يحدث في كوريا الجنوبية أو أمريكا أو أوروبا .. إنه عالم غريب بالنسبة لنا ..لا يتفق مع موروثات شعب لم يتوقف عن تقديس حكامة ..و وضعهم في مكان لا يقبل النقد مهما إرتكبوا من أخطاء .
البعض من الذين أقدر رأيهم يختصر الموضوع في كلمة (التعليم ) ..و أن الشعوب المتعلمة.. لا ترضي الضيم و الظلم و الديكتاتورية ..
قد أوافق جزئيا و لكنني أرى أنه ليس العامل الحاسم أو الوحيد فالشعب الألماني كان متعلما و مع ذلك قادة مجنون مهووس مثل هتلر ..و هذا تكرر في روسيا و اوروبا ..و الأن يراس الشعب الأمريكي فاشيستي يهدد بحرق الشرق الأوسط إذا لم يحققون له تعليماته .
الإنسان العاقل يكتسب خبراته .. بواسطة مصدرين .. أحدهما ..مع لبن أمه و سلوك عائلته و بيئته و إسلوب تربيته ..و كل ما يمتصه من الأخرين .. و هو الجانب الأكبر في تكوينه النفسي و المعرفي و السلوكي ..
ثم ما يتعلمه في المدرسة و من الكتاب و التجربة الشخصية و الإحتكاك بالعالم .. و هو أمر قابل للتغير بصورة أسهل .
إتباع التقاليد وتعليمات رجال الدين و تصور البؤس علي انه إختبارا و قدرا.. والإستسلام لنظام الجباية الظالم .. ملامح أصيلة للبيئة المصرية نحملها جيل بعد جيل .. جهلة و متعلمين ..حتي أصبحت أقرب للجينات الوراثية...تجعل الأمور لا تتغير في هذا المكان مهما كانت قسوتها
أبناء القرى و أهل الريف في مصر عبر تاريخ طويل ممتد ..لم يثوروا إلا قليلا ..و ثوراتهم..جاءت بسبب مغالاة البغاة في طلب الضرائب و الأتاوات منهم..
أكبرها كانت في نهاية الاسرة السابعة ضد بيبي الثاني ..ثم ضد الغزاة الاشوريين و الفرس مع الاسرة التاسعة و العشرين ...و في مواجهة الرومان (الحرب البكوليه ) وعصيان (البشموريين ) ضد الحكام العباسيين .و ثورة 1919 ضد الإنجليز .. أما باقي الحالات ضد الحكام المحليين فقد كانت إنتفاضات فئوية تحدث في المدن دون مشاركة من سكان الأقاليم .
القانون الذى يحكم سلوك سكان مصر .. ( خضوع الأغلبية للظلم و القهر والإستسلام للتخلف )..جاء من تراكم خبرات جرى ترسيخها للعلاقة بين البغاة و الضحايا و مستمرة دون تغيير منذ سبعة الأف سنة .. كان فيها نظام الحكم يدور حول ما سماه ماركس (( الإستبداد الشرقي ))..
الإستبداد الشرقي كان .في مرحلة ما هو نظام الحكم السائد في العالم القديم و مصدر قوة الصين ،الهند ،الشرق الأوسط .بما في ذلك مصر و بلاد مابين النهرين و فارس .
.
و كان يعتبرفي عصره نظام حكم ..متقدم أدى للتحضر فهذه المجتمعات عاصرت بدايات قوية وخلاقة .. لكنها مع الثراء و الدعة و الفساد سرعان ما كان يسيطر عليها قوم ضعفاء و إنتهازيين .. فتتراجع وتتحول إلى كيانات جامدة ومهترئة ثم تنهار لتبدأ دورة جديدة تحت سلطة إستبداد جديدة.
لكي نستوعب هذا التغير علينا تأمل ما حدث في الاسرتين الثامنة و التاسعة عشر بكميت .. ثم التدهور الذى صاحب الاسرات التالية بعد تحكم كهنة أمون و المرتزقة و قمع الشعب . ..أو ما حدث مع بعض سلاطين الفاطميين .. أو صلاح الدين ..أوالمماليك ..من تقدم ثم ما تلاها .. في زمن حكم الابناء و الأحفاد . و في الزمن الحديث ما أفرزه زمن الحرية و الإشتراكية و الوحدة .. ثم ما صار إلية من سيطرة الخلايجية و حلفاءهم علي إقتصاد مصر .
هذا النوع من الحكم .. كما حدده ماركس ..يعود إلي نمط الإنتاج السائد في البلاد التي يحكم الحياة فيها نهر.. فيلزم السكان علي التكاتف لتشييد مشاريع مائية و تنظيم الرى و الصرف ..و شق الترع والقنوات وبناء السدود والخزانات والتحكم بالفيضانات وتغيير مسارات الروافد
و هذا يتطلب تجنيد الجموع الغفيرة من العمال وتسخيرهم وتنظيمهم وإدارتهم وإعاشتهم وأسكانهم، وما يتبعه من إحتياج إلي النظام والإنضباط و الطاعة. . حتي لو إستلزم هذا إستخدام القوة .
أى حكما استبداديا قويا قادرا على ضبط حركة هذه الجموع و فرض الضرائب والمكوس والإتاوات وتوفير مصادر التمويل اللازمة من خلال سلطة مركزية لحاكم مستبد يعاونه عدد محدود من الرؤساء الذين يتلقون توجيهاتهم منه... نظام إستمر لالاف السنين دون تغيير حتي شكل طابع حياة لا يحاول طرفيه تغييره
علي جانب أخر كانت أوروبا بمناخها الذي سمح بقيام زراعة تعتمد على أمطار لا يستطيع أحد أن يتحكم فيها. تفرز نظما أخرى ..السلطة فيها متوازنة وموزعة بين أطراف عديدة .. لذلك كانت المهد للديموقراطية الأثينية .
في بلاد الرافدين وحوض النيل كان التحكم في مصادر الماء أمرا حيويا، وكان من له السلطة على الموارد المائية يتسلط تبعا لذلك على كل شيء من التجارة إلى الصناعة إلى حقوق الملكية.
الإستبداد الشرقي لم يبدأ متكاملا كما نراه يطبق اليوم .. لقد تطور عبر الزمن ..كانت البداية السلطة بيد رجال الدين والشامان و السحرة .. تعمل على الاستحواذ والسيطرة على مصادر الثروة بواسطة بث المخاوف و الخرافات عن قدرة الطواطم والموتي من الأجداد علي التحكم في الأحداث ..
و لكنها تحولت بالتدريج إلى الخوف من قوة العسكر .. لتفرز الملوك القادة أبناء الألهه..يسندها الجيش ويدعمها رجال الدين
.تاريخ مصر عبر العصور كما شرح جمال حمدان هو تكرار لنفس المشهد ..سواء ملوك كميتين أو قياصرة و أكاسرة غرباء .. أو سلاطين مماليك و عثمانيين .. أو أوليجاركية حاكمة مستبدة علي راسها قائد همام .. متصل بالسماء يتلقي وحيها ..و لا يخطيء ابدا .
إستمرار الإستبداد الشرقي عبر العصور بسبب أنه مغر بسلطاته غير المحدودة للبعض ..بحيث كلما حصل أحدهم علي قوة ما طمع في المزيد يجمع تحت أوامره الشؤون العامة الأخرى بما في ذلك العدالة والاقتصاد والتجارة والدين .
مع نهاية الحرب العالمية الثانية جرى تخلص معظم شعوب الأرض من الإستبداد الشرقي بما في ذلك جنوب شرق أسيا و الهند و الصين و حل محله نظم تشارك الجماهيرفيها بنصيب أكبر في الأختيار و المناقشة و تقرير المصير ... إلا في هذه المنطقة المنكوبة .. بالجمود و عدم القدرة علي كسر التابوة ..أو المعارضة بعد أن حدث لناسها تغير نوعي .. جعلهم يقبلون ببساطة تنوع الطغيان ..و يعتبرونه .. جزء لا يتجزأ من طبيعة الحياة .
نحن لازلنا نعيش .. تحت إدارة إستبداد شرقي .. محسن أو محدث .. له برلمان و وزارة .. و إعلام ..و قضاء ..و أحزاب ..و إقتصاد .. ومشاريع يقوم بتسخير الناس من أجلها في شق الطرق و إقامة الكبارى ..و المدن الفاخرة ..و يسيرهم بالخوف و القلق ..و يفرز أوليجاركية ناعمة .. تعيش في رفاهية و فجور .. يبشر بأن تغييرا للوجوه قد يكون علي الابواب .
هل التعليم هو الحل لهذه المعضلة ..لا أعتقد ..و لكن قد يكون تغيير نمط الحياة بما في ذلك أساليب إكتساب المعرفة .. يمثل حلا..و هو أمر قد يطول و يستغرق أجيالا .. قبل أن يصبح لدى المصريين برلمانا غير مصنوع ..يعبر عنهم .. ويستطيع أن يواجه طاغية يحاول فرض حالة الطواريء ..و سيطرة القوات المسلحة علي الحياة .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لازال طريق المقاومة هو الدرب الصحيح
- لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع
- البردية المجهولة(كمان و كمان ).
- سلوك القتلة ..و مفاهيم الفلسفة
- شخص يجتهد و لكنه ساخط
- لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
- corruption.. الفساد
- ما بعد الموت عند القدماء
- الابراج العالية لا تصنع حضارة
- إنهم يدمرون الأثار ..و سيدمرونها .
- تدمير الاثار ليس خبرا جديدا
- نصف قرن من الغربة
- شهادتكم تهم الأجيال القادمة
- إقتصاد حرب .. بدون حرب
- هل مر القطار فلم نلحق به
- عايز أعيش في زمن أخر
- لماذا لم تطورنا الحرب
- جد حضرتك كان شيخ منسر
- الرؤيا
- الأن تنتهي مرحلة الستينيات في مصر


المزيد.....




- تفجير انتحاري في كابول يقتل وزيرا في طالبان.. من هو وماذا نع ...
- ضيق ومظلم تمامًا.. مغامرة تروي تجربة دخولها أحد أصعب الأودية ...
- -ساوند ستورم- في الرياض عائد بـ - بأصوات مختلفة وجو مختلف-
- القوات الروسية على بعد 3 كيلومترات عن مدينة أوكرانية رئيسية ...
- رئيس وزراء سلوفاكيا: من واجبي زيارة موسكو في 9 مايو
- مراسلنا: مقتل 40 فلسطينيا جراء قصف القوات الإسرائيلية مناطق ...
- في خطوة هامة.. اكتشاف 8 أنواع نباتية نادرة في السعودية
- الحرب بيومها الـ433: جهود دبلوماسية لوقف الحرب بغزة واشتباكا ...
- ما هي السجون التي جسدت آلة القمع والرعب في سوريا؟
- -أنا فخورة-.. سيمونيان تعلق على إنجاز جديد لـ-نوفوستي- وRT ا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - الإرهاب الشرقي نمط حياة