|
جاك واوي البَعَث و جاك ذيب يَزيد!
مصطفى القرة داغي
الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 02:50
المحور:
كتابات ساخرة
بات وَقع عنوان المَقال على بَعض العراقيين، شَبيهاً بوَقع مَثَل "جاك الواوي و جاك الذيب". الواوي هو إبن آوى والذيب هو الذئب في اللهجة العراقية الدارِجة، والذي يُضرَب لوجود أخطار دائِمة، حَقيقية أو مُفتعلة، تتَهَدّد المَرء، وتُديم حالة الخَوف والرُعب في ذِهنِه، وتُبقيه قلِقاً خائِفاً طَوال الوَقت، كما كان بَعض العِراقيين يَتّخذون الواوي رَمزاً لإخافة أطفالهم المُشاكسين كي يَخلدوا للنوم بقَولهم "ترة يجيك الواوي إذا ما تنام وتصير عاقِل". ورَغم أن فِكرة التَخويف بعَودة البعثية، والتهديد بجَيش يَزيد، تقادَمَت وإستُهلِكَت لكثرة إجتِرارها طَوال عِشرين عاماً، لكن لا زال لها مَفعول السِحر على مَلايين العراقيين السُذّج، الذين ما إن تَطرُق أسماعَهُم حتى يُسَلِّموا حالهم ومالهم لغِلمان إيران الذين يَحكمونَهم، سَواء كانوا ساسة مُخادعون، أو مِليشياويون مِن سَقط المَتاع، كانوا حَتى2003 حُثالات مُجتمَعِهم، فباتوا اليوم أسيادهم وتيجان رؤوسِهِم.
إذا لم تنتَخِبونا سَتسقُط دَولتنا، دَولة الشيعة وآل البَيت، ويَعود البَعثية ومَقابرهُم الجَماعية، وتعودون أذلاء مُصطَهدين! هذه هي الأسطوانة التي يُعيد الإسلام السياسي الشيعي تدويرها منذ2003 الى اليوم. رَغم أن الذل الذي يَعيشه الشيعة اليوم في ظل مَن يَدّعون تمثيلهم، لم يَعيشوه حتى في ظِل أكثر الدُول تسَنّناً في العراق. ورغم أن أغلب كوادِر البعث وقياداته كانوا مِن الشيعة، وهُم وليسَ غيرهم مَن نَفّذوا المَقابر الجَماعية بحَق أبناء جِلدَتِهِم ومُدُنِهِم. ورَغم أن أصغَر بَعثي لا يقل عُمره اليوم عن50 سَنة، ولا يقل مُعَدّل أعمار كوادر البَعثيين عن70 سنة، وأساساً لا وُجود لهُم في العَملية السياسية بَعد سَنوات مِن الإجتثاث. لكن هذا الكلام يُطلق لتخويف الناس، ودَفعِهِم الى إنتخابهم وعَدَم إنتَخاب أي شَخص أو تيّار خارج مُحيط الإسلام السياسي الشيعي الذي يَدور في فلك إيران، حتى إن كان شيعياً أباً عَن جِد أكثر مِن بَعضهم مِمّن لا أصل لَهُم ولا فَصل، كما فعلوا مع د. أياد علاوي عام 2010 لمُجَرّد طَرحِه مَشروعاً ليبرالياً وَطَنياً يَتقاطَع مَع مَشروعِهم الإيراني.
وإذا لم تنتَخِبونا فإن جَيش يَزيد يَقِف عِند ناصِية الشارع (براس الفَرِع)، وسَيَقتلكم عَن بكرة أبيكم! هي الأسطوانة الثانية التي يُعيد الإسلام السياسي الشيعي تدويرَها منذ 2003 الى اليوم. رغم أن يَزيد مات منذ 14 قرناً، والجَيش الذي يَقصِدون كان قَوامَه أجدادهم مِن أهل الكوفة، الذين دَعوا الإمام الحسين لنُصرَتهم ثم إنقلبوا عَليه، والذين وَصَفَهم الفرزدق للإمام الحسين حين لَقِيَه عائِداً مِن الكوفة: "قلوبهم مَعك وسيوفهم عليك". فلو تَتَبّعنا أنسابَهم العَشائرية، ليس بَعيداً أن نجِد بأن الكثير مِنها يَعود لهذا الجيش الذي إرتكب أبشَع مَجزرة بحَق الامام الحسين وأهل بيته، الذين يَتباكون عليهم اليوم ويَدّعون موالاتهم والتشَيّع لهُم، في حين هم يُوالون مَن يتّخذهم وسيلة لتحقيق أطماعه بإعادة الإمبراطورية الفارسية مِن ملالي قم.
بفَضل هذه العِبارة المُبَطّنة بالخِداع والتزييف، لم تضطَر عِصابات الإسلام السياسي الشيعي الموالية الإيران، ولعَقدين من الزمن قَضَتها في السُلطة، الى توفير الخَدَمات وتطوير البُنى التَحتية لناخبيها مِن أبناء طائِفتها، بل ولا حَتى الإبقاء عليها كما إستلمَتها في2003، والتي باتت في حالة يُرثى لها، تحديداً في المحافظات التي تحكُمُها هذه الأحزاب! والسَبب هو أنه ليسَ هناك من يُسائِلهم بخصوصِها، لأن الغالبية مُخَدّرة ومُصَدّقة لأكذوبة أن البعثية يُطِلّون بِرَؤوسِهم مِن الشِباك، وجَيش يزيد يَترَصّدَهم خَلف الباب، والتي يَتِم تكرارها على مَسامِعِهم طَوال العام، وبشَكل أكثر تركيزاً قبل الإنتخابات، مِن قِبَل خُطباء المَنابر وأبواق الفضائيات، مَع بَعض البهارات، كإفتِعال تفجيرات تتبنّاها القاعِدة في مراقِد أو مناطق شيعية! أو الترويج لإنقلاب على الحُكم أو مُخَطّط لإغتيال المَرجعية يُدَبِّر له البَعثية! أو ترتيب فيلم إنسِحاب الجَيش وتسليم مُحافظة بأكملها الى تنظيم إرهابي خَرَج فجأة مِن زُرف الحائِط، كما حَصل عام2014 في الموصل، أو كما يَجري اليوم في حلب، ليأتي مُرتزقة مليشيات إيران ويَقوموا بدَور أبطال الفيلم وحُماة الأعراض! لإيصال الناس الى قَناعة أن عليهم أن يَرضوا بإجرام وفَساد وعَمالة هذه الأحزاب، بإجرامِهم بحَق شُركائهم في الوطن ومَن لا يتفِق مَعَهم مِن أبناء طائِفتهم، وبفساد ذِمّتهم وسَرِقاهم وجَشَعِهم، وبتَباهيهم بالعَمالة لإيران وتبَعِيّتهم لمُرشِدِها خامنئي وتنفيذهم لأجنداتِها التوَسّعية في المنطقة.
طَبعاً أسطوانة"جاك واوي البَعث وجاك ذيب يَزيد" غير مَسموعة وتُعتبَر نشار ويَتِم التندُّر عليها في إقليم كوردستان وفي مُحافظات الغربية. فالسياسي والمواطن هناك مُتصالِح مَع نفسِه ومُتسامِح مَع غَيره الى حَد كبير، يَعيش الواقع ويَنظُر الى المُستقبل ولا يَبحَث بدَفاتر التأريخ العَتيگة، بدَليل أن أغلب "واوية" البَعث كما تَراهُم القوى الشيعية الحاكمة، وأولهم عزة الدوري، ذَهَبوا بَعد2003 الى إقليم كوردستان وإحتضَنَهُم ساسَته ومُواطنوه، ويُقال أن بَعض أبناء قيادات النظام السابق تم تعيينَهُم في دَوائر الإقليم، بل حَتى عائِلة صَدام عُرِض عَليها البَقاء في إقليم كردستان مُعَزّزة مُكَّرّمة، أو الذهاب الى حَيث تُريد. على عَكس المَناطق التي يَحكُمُها الإسلام السياسي الشيعي، والتي تجِد فيها السياسي سِمسار يَعيش على المعَثّرات، والمواطن مُستلذ بالبَقاء مَسكوناً بعُقدة المَظلومية ومَخدوعاً بها، ويُحِب أن يَعيش دائماً دَور الضَحِّية، وأن يُقال عَنه خَطيّة.
حينما قال المالكي "ما ننطيها"، لم يكن يَعني نفسه وحِزبه الدَعوة فقط، بل مَنظومة إسلام سياسي كاملة مَدعومة مِن إيران لدَيها مَشروع هَيمنة بإسم التشيّع، كانت تسعى لتسَلّق السُلطة في العِراق مُنذ قرون لتَحقيقه، لذا لن تُفَرِّط بها، وسَتفعل الافاعيل لتُحافظ عليها، خصوصاً في ظل وجود قاعِدة مُجتمَعية مُتواطِئة مَعها وحاضِنة وخاضِعة لها، وتَسويق الأكاذيب لتخويف هذه القاعِدة المَسلوبة العَقل والإرادة هو أبسَط هذه الأفاعيل! لذا العَتَب في النهاية ليسَ على هذه الأحزاب والمليشيات لأنها عِصابات لا يُرتجى منها خيراً، بل على الوَعي الجَمعي القطيعي الذي لازال يُصَدق أكاذيبها ويَنخَدِعُ بها ويَنساق لنغمَتِها النَشَاز التي تُرَدِّدها مُنذ أكثر مِن عَقدين ولا تزال تُشَنِّف آذانِه، دون أن يَتوَقّف لحظة ليُشَغِّل عَقله ويعيد النظََر فيها لإختبار مِصداقِيّتها. والذي في سَبيلها يُضَحّي بكرامَتِه التي داسَتها هذه الاحزاب، وبإنسانيته التي تمتَهِنها، بل ويَنغمس مَعَها في رَذيلتها، بمُشاركتها فسادَها وتَبرير جَرائِمِها والإنخِراط مَعها بعَمالتها لإيران، عِبر بَيع أبنائه كمُرتزقة في مليشيات حَشدها. ولا ضَوء بآخر النَفَق يوحي بأن هذا الوَعي القطيعي سَيَصحو من غفلته، فكل المؤشِّرات تقول أنه يَنغَمِس في وَحلها يوماً بَعد آخر، رَغم أن البَعثية باتوا في خبَر كان، ويَزيد وجَيشه تحَوّلوا الى تُراب مِن زمان.
#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألمانيا في مُفترق طُرُق بَعد عَطَل إشارة المُرور
-
إيران ومُرتزقتها يُخَرّبون والعَرب يُعَمِّرون
-
إيران وستراتيجية البَدائل لإستعمار الدول العربية!
-
ظاهرة اليَسار الإسلاموي والرهان على العمامة!
-
جِئنا لنُخَلّصكُم مِن صَدام، فخَلّصناه مِنكم!
-
طُرُق تحرير فلسطين التي تمُر بغَيرها ولا تؤدي إليها!
-
محوَر الشَر وسياسة -ضَرَبني وبَكى، وسَبَقني وإشتكى-
-
الموسيقار رخمانينوف.. وَجه روسيا المُشرِق الحَزين
-
عنتريّات السوداني بإخراج الأمريكان صَدى لرَغَبات إيران
-
طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟
-
ماريا كالاس وأرسطو أوناسيس، ومِن الحُب ما قَتَل!
-
إيران تُخطِّط وتُوَجِّه، والحوثي يُنَفِّذ ويَستَعرض
-
بوتين وإستثماره في حَرب غزّة!
-
رَحَل رايان أونيل تاركاً أروَع -قصة حُب- عَرَفها تأريخ السين
...
-
ألمانيا في مواجهة تحديات حَرب غزة
-
مليشيات إيران وسَعيها لتوريط العراق في حرب غزة
-
مزاد مقاطعة المنتجات الغربية في الدول العربية والإسلامية
-
حرب غزة.. الماريونيتات حَمساوية والأصابع إيرانية روسية
-
لماذا تُكرِّر مَأساة الإمام الحسين نفسها عِراقياً؟
-
-الحشد الشعبي- حصان طروادة الإيراني
المزيد.....
-
نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا
...
-
شون بين يتحدث في مراكش عن قناعاته وتجربته في السينما
-
تكريم مؤثر للفنانة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي في مهرجان
...
-
بوتين يتذكر مناسبة مع شرودر ويعلق على رجل أعمال ألماني سأله
...
-
على طريقة أفلام الأكشن.. فرار 9 سجناء من مركز اعتقال في نيس
...
-
-الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي- في فرنسا لنجوان درويش
-
الخنجر.. فيلم من إنتاج RT يعرض في مسقط
-
ملف -القندورة والملحفة- الجزائري بقائمة اليونسكو للتراث غير
...
-
صور| طلبة المدارس يتوافدون على معرض العراق الدولي للكتاب: خط
...
-
عيد البربارة: من هي القديسة التي ولدت في بعلبك و-هربت مع بنا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|