خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 00:14
المحور:
الادب والفن
سَفَرٌ إلى اللّامدى
سأرحلُ في نبضِ ضوءٍ شَرودْ
وأحملُ في راحتيّ الرمادْ
وأزهرُ في فراغِ الجُمودْ،
وأُطوِّقُ غيمَ السؤالِ بحبلٍ من الوهمِ
حتّى يَفيضَ العَبادْ.
سأُبحرُ نحوَ النجومِ التي
اختبأتْ في شقوقِ الزّمانْ،
وأمدُّ يديّ إلى الأبدية
كي أنسجَ صُبحَ المكانْ.
سأمشي على هَيمَناتِ الضبابْ،
وأُطلقُ قلبيَ
ليصطادَ برقَ السرابْ.
سأفتحُ في الروحِ نافذةً
للحقيقةِ: عصفورةٌ تتلاشى
وتُنسى في جذرِ الغيابْ،
وسأقرأُ ما لم يُكتَبْ
على كفِّ هذا الترابْ.
أغيبُ كقوسٍ
يشدُّ على وترِ اللاوجودْ،
وأبعثرُ صوتي
على نَهرِ أقمارِ هذا الخلودْ.
هناك، سأُسافرُ في لَحنِ صمتٍ بعيدْ،
وأرسمُ وجهي
على قِشرةِ الموتِ
حتى أعودْ.
سأتركُ خطويَ في مفرقٍ
يُحدِّقُ في النورِ،
ثم يذوبْ.
وأُسمّي الثغور العابرة
بأسماءِ أوراقِ هذا الغروبْ.
فيا أيها العابرون على شَفْرَةِ النور،
تعالوا إلى الجرحِ كي نلتقي،
ونبني سماءً هلاميّةً،تُغني الأبديةَ
للمنتهى.
عودةُ الفَقدِ إلى المدى
أعودُ كأنّي طُوِيتُ على وجْهَينْ:
وجهٌ يفتّشُ عنّي في ظلالِ الغيابِ،
وآخرُ يمشي على خطِّ حُلمي
لينحتَ عُرسي من كَفنِ الطّينْ.
أعودُ كأنّي نبوءةُ ضوءٍ
تُفكِّكُ ظَهرَ الظلامِ،
كأنّي سؤالٌ قديمٌ
يُطاردُ شبحَ الإجابةِ
في نايِ السّماءِ العقيمةْ.
أعودُ كأنّي لستُ أنا،
بل أغنيةٌ حائرةٌ في صدرِ الجبالْ،
ريحٌ تفتّشُ عن وجهِها
في عيونِ الرمالْ.
أعودُ كي أقرأَ أسماءَ الغائبين
على صفحةِ الريح،
وأجمعَ شظايا دمي
من حوافِّ القمر.
أعودُ كأنّي غصنٌ انكسر
ثم نبتْ في صمتِ الترابْ،
كأنّي صلاةٌ
نسيَتها الأفواهُ
فعادتْ لِتُصبحَ نداءَ السحابْ.
أيّها العائدون من المنفى
إلى رمادِ الذكرى،
كيف تعودونَ وأنتم نوافذُ
لم تُغلقْ؟
كيف تعودونَ وأجنحةُ الريحِ
لم تَصْدأْ؟
أنا العودةُ التي لا تشبهُ غيمةً
ولا طائرًا،
أنا العودةُ التي تلتهمُ صمتَ الحكاياتِ
وتزرعُ في كفِّ الحنينِ
ألفَ وطنْ.
أعودُ لأنّي الفقدُ الذي لا يعودُ،
والنورُ الذي لا يَذوبْ،
والجذرُ الذي يَعْبُرُ الصّخرَ
ليكتُبَ وجهَه في المدى.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟