|
النهب الرأسمالى فى النظام العالمى الجديد
شريف حتاتة
الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 22:16
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
=========== -------------------------------------- لم يسبق في التاريخ ، أن حدثت مثل تلك الدرجه من التمركز والتركيز ، في رأس المال اللذين نشهدهما اليوم ، ولا أن سيطرت عليه ، مثل تلك القلة من الدول والافراد التي تسيطر عليها اليوم. دراسة الاستثمارات الرأسمالية في المجالات المختلفة ، تؤدي الى الاسراع بتوسيع الهوة التي تفصل بين الاغنياء وبين الفقراء ، العاجزين عن اللحاق بركب المعرفه . وهذه الظاهره يمكن لأي مسافر الى البلاد الصناعية الكبرى أن يلتقطها بسهوله في جميع المجالات ، ليدرك ما الذي فعله الاستعمار القديم والجديد ، بحياه أغلبية سكان الارض. وخلال ال 20 سنة الماضيه ، ابتكرت وسائل تكنولوجيه ادت الى تخفيض كميات اغلب المواد الخام الضروريه للانتاج بمقدار الثلث كانت الصناعه اليابانيه هي الرائدة في هذا المجال وترتب على ذلك حدوث انخفاض في اسعار ما يزيد عن ثلاثين ماده من المواد الخام الاساسيه وهو انخفاض ما زال مستمرا يؤدي الى تقليل الطلب على هذه المواد هكذا اضيف عنصر جديد ومهم الى التحكم الاحتكاري في الأسعار كان القطن احد ضحاياه في الوقت نفسي ادى التقدم في في اساليب الانتاج الحديثه واعتمادها المتزايد على تشغيل الآلي للمصانع واستخدام العقول الالكترونيه الى تقليل الاحتياج الى الأيدي العامله ومعنى هذا ان المميزات التي تتمتع بها بلاد الجنوب وهي ثرواتها الطبيعيه الى جانب وفره ايديها العامله ورخص اجورها تفقد قيمتها في ظل التكنولوجيا الحديثة بسبب انخفاض الطلب عليها. ان عمليه الخصخصه التي تتم في بلادنا تعني انتقال السيطره الكامله على اقتصادنا الى الشركات المتعددة الجنسية التي تسعى دائما الى الاستفاده من هذا التقدم التكنولوجي بشكل مكثف تعني تهميش اقتصادنا وانحدار قيمتنا في ظل النظام العالمي الجديد. ان التحكم في السوق و المضاربات والتلاعب بمقدرات الاقتصاد في البورصات كلها عمليات تعتمد على وسائل الاعلام الحديثه وعلى وسائل الاتصال الفضائيه المتقدمه التي تسمح باجراء الصفقات الضخمه في لمح البصر وهذا كله يحقق مصالح الأغنى والاقوى على حساب الشعوب الفقيره التي لا تملك الا قدرا ضئيلا من الوسائل الحديثة. وجميع هذه الامكانيات العلميه والتكنولوجية تسهل عمليات الدمج والاستيعاب وامتصاص للمشاريع والمؤسسات الاضعف تسهل عمليات السيطره والتحكم عن بعد والاداره الخاضعة لراس المال المتمركز في العواصم العالميه هكذا يصبح النشاط الوطني في مجال الاقتصاد سواء كان خاضعا للدوله او للقطاع العام او خاضعة للأفراد مهمشا وتنتقل السيطره لشركات الدوليه وتتم التضحيه بالسوق المحلي وبالاغلبية الكادحة الباحثة عن قوت يومها . هذا هو النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يتحدثون عنه ولكن الامر لا يتوقف عند هذا الحد انه يعني تطورا مستمرا في وسائل النهب لصالح راس المال المتمركز في بلاد الشمال ومنها دوله صعدت الى المرتبه الثانيه بعد امريكا وان كانت تنتمي جغرافيا وثقافيا الى الشرق دوله اليابان. ماذا تعني اعاده البناء الهيكلي؟ في عصرانه هذا لم تعد كلمات مثل القرصنه او النهب تتداول في المؤسسات الاقتصاديه والعلمية للعواصم الغربيه او المحافل او المؤتمرات او الجامعات التي تدرس وتبحث وتناقش شؤون العالم الان حلت محلها كلمات جديده متحضرة مهذبة مثل المعونه او القروض او الاستثمار او التجاره الحره او التنميه او اعاده تركيب البناء الهيكلي. ولكن باسم هذه العمليات جميعا وخلال السنين الممتده من 1987 حتى 1997 كان مجموع الاموال التي انتقلت من الجنوب الى الشمال اثنى عشر ضعف الاموال التي استثمرتها الولايات المتحده في اوروبا لتعيد بناء اقتصادها بعد الدمار الذي اصابها اثناء الحرب العالميه الثانيه ومن بين هذه الاموال مائتا بليون من الدولارات انتقلت من بلاد الجنوب الى البنوك التجاريه في المراكز الماليه الكبرى اثناء الفتره نفسها . ان العمليه التي يطلق عليها البنك الدولي اعاده هيكله الاقتصاد والتي تطبق في عدد كبير من بلاد اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينيه ليست الا تطويرا لاساليب النهب القديمه وجزء من النظام العالمي الذي يستنزف امكانيات الجنوب لصالح بلاد الشمال الغنيه انها لا تخرج عن كونها عمليه إبادة اقتصاديه تشبه التطهير العرقى وتتم على نطاق اوسع بكثير وبوسائل تخفي حقيقه ما تؤدي اليه فضولاره الاسعار في هذه البلاد اي رفعها الى المستوى السائد في بلاد الشمال الغنيه ركن اساسي في السياسات الاقتصاديه التي اصر البنك الدولي على تطبيقها هذا بينما متوسط الدخول في الجنوب يقل عن مثيله في الشمال سبعين مره فبائع التجزئه في امريكا يتقاضى اجرا يساوي أربعين ضعف اجر العامل الصناعي في مصر اجر الطبيب المبتدئ في امريكا يتراوح بين 1000 و 1200 دولار بينما نظيره عندنا لا يزيد مرتبه في الحكومه عما يعادل 40 او 50 دولار وهذا يعني ان اعاده الهيكله هذه ستدفع بالأغلبية الساحقة من السكان في بلادنا الى مشارف الجوع بسبب الاختلال الخطير بين الدخول والاسعار. امريكا ومنطقه الجات ومنظمة التجاره العالميه التي حلت محلها ترفع الشعار التجاره الحره والتجاره العالميه في ايامنا هذه ليست حريه الرأسمالية ضد الاقطاع ولا تعني اطلاق الامكانيات كما كانت تعني في المراحل الاولى للثوره الصناعيه وانما حريه الكبار في التهام كل من هم اصغر منهم حريه الشركات المتعدده الجنسيه في فتح السوق العالمي امامها ورفع الحواجز والجمارك والدعم واشكال الحمايه التي كانت تبقى الكثيرين على قيد الحياه وتسمح لهم بمزاولة نشاطهم الانتاجي او الخدمي او التجاري التجاره الحره تعني استغلالا بشعا للفقراء ومتوسطي الحال فمثلا الشركه العالميه نايك في اندونيسيا تعتمد على تشغيل قوه عامله نسائية ويصل اجر العماله مقابل جهدها الى 12 سنتا لكل زوج من الاحذيه اي 12 سنتا من الثمانين او المائة وعشرين دولارا التي تشكل سعر البيع في المحلات. البن المحمص يباع في السوق بعشره دولارات للكيلو في اسواق البلاد المنتجه بينما سعر البن الاخضر هو دولار واحد فقط للكيلو فاين تذهب الدولارات التسع التي هي فارق السعر بينهما؟يتقاضى الفلاح الذي يزرعه من 25 الى 50 سنتا للكيلو ويقتطع مبلغ 50 الى 75 سنتا لمصاريف النقل وارباحه ولتغطيه ارباح التجار المحليين اما التسعه دولارات فهي نصيب شركات التجاره الدوليه والموزعين وتجار الجمله والتجزئه في الغرب وهذا يعني ان نصيب الفلاح المنتج هو جزء من أربعين جزءا من سعر البيع (10 دولارات للكيلو) وهذا الجزء يدفع منه الفلاح ايجار الارض والقرود وأجور عمال ومصاريف الزراعه الاخرى . المقاييس نفسها تنطبق على زراعه القطن الذي يبيعه المزارع للمنتج بسعر 350 جنيه للقنطار سنه 1998 فيصل دخله من هذا القنطار. الى ما يقرب من 75 جنيها اما سعره في السوق العالمي فيتضاعف ليصل الى ما يعادل 1000 او 1500 جنيها ونتحقق منه الشركات العالميه وكلائها ارباحا طائله. هكذا تتحدد الاسعار والأرباح في ظل الاحتكار العالمي الذي يطلقون عليه اسم التجاره الحره وهكذا تتم عمليه النهب تحت شعارات المعونه والتنميه واعاده بناء الهيكل الاقتصادي للبلاد الناميه. ------------------------------------ من كتاب : " العولمة والاسلام السياسى .. كتاب الأهالى 2009 ========================================
#شريف_حتاتة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استئناس العقول وصنع المشوهين والمجرمين
-
عمل النساء فى مصر
-
النساء ومشاريع التحرر والتقدم
-
المرأة من العبودية الى العولمة
-
العولمة والحرب الصليبية الجديدة
-
العولمة والفكر فى مصر
-
الاعلام وبرمجة الانسان
-
اسلام مجاهدى خلق
-
شفافية أم تغطية ؟
-
عمل المرأة فى العولمة
-
حول الاقتصاد العالمى الجديد
-
لحظات من الدفء فى بلاد الثلج
-
حديث الهجرة
-
أحاديث الترحال
-
ليس مهما جواز السفر
-
فى سوق الخلفاوى
-
هل يمكن أن نصنع مواطنا عالميا ؟
-
بنات الباليه المائى وبائع الخس
-
دفن - ذات - المرأة فى عيدها العالمى
-
بابل
المزيد.....
-
ضحى بسلامته لأجلها.. صبي يقوم بتصرف بطولي لحماية شقيقته من ح
...
-
لماذا اعتذر بينسون بون بعد أدائه المذهل في حفل توزيع جوائز غ
...
-
تونس: أحكام مشددة بحق الغنوشي و المشيشي وصحافيين بتهمة -المس
...
-
-ما الأفضل من ذلك؟-.. اليمين المتشدد في إسرائيل عن خطة ترامب
...
-
هل تخلت واشنطن عن محاربة داعش؟ حديث عن نهاية وشيكة للوجود ال
...
-
غزة بين الدمار ونقص المساعدات: سكان القطاع يكافحون لتلبية اح
...
-
عقد هاري كين مع بايرن ميونيخ..بند خاص يُحدد مصيره!
-
سائقو التاكسي يطالبون بحرية قضاء الحاجة!
-
بتهمة -المساس بأمن الدولة-.. أحكام مشددة بحق الغنوشي وصحافيي
...
-
-واشنطن بوست-.. هل تتحول غزة إلى ساحة تطهير عرقي وصراع دولي؟
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|