|
اليافع
محمد طالبي
(Mohamed Talbi)
الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 15:48
المحور:
الادب والفن
وهو جالس القرفصاء،يرتشف ما تبقى له من شاي على جرعات صغيرة،هو اليافع الصغير،شرع للتو في تعلم المبادئ الأولى لتدخين الكيف،هذه المبادئ التي تقضي بأن يرتشف الانسان أصغر جرعة ممكنة من كوب الشاي دون تغيير حجم السائل..معظم مدخني الكيف يفشلون في تحقيق ذلك في المحاولات الاولى.لكن مع التكرار ينجح الحمار منهم الى مبتغاه. وهو في صراع مرير مع ",الدكة" و محاولات تقليد رسفات الكبار..فتح النجار باب الورشة ما هي الا ثوان معدودات حتى صدح صوت محمد رويشة عاليا: هادي ليلة و ديك ليلة..و هادوك ليالي اخرين . لم يكن من محبي اغاني محمد رويشة بالدارجة المغربية،اعتبر اغانيه بالعربية هجينة و غير أصيلة و تفتقد إلى العاطفة الصادقة لمن نظم الكلام. وكان الشاعر ليس على سجيته،او هو مكره و مجبر على الكتابة. عكس اغانيه بالأمازيغية .خاصة عندما يغني القصائد القديمة. قصائد رغم روعتها لم يكتب لها ان تكون معلقة باحد متاحف حفظ الداكرة. بمدن الاطلس المتوسط او بأحد متاحف المملكة..تلك القصائد لم تجد لها اعترافات يليق بها الا في قلوب محبي الطرب الامازيغي. عاد من جديد يوزع نظراته بين المارة من الزقاق هو السيدة الخمسينية المطلة من نافدة المنزل المقابل له. من بين كل المارة أثار انتباهه . فتاة صهباء،ممتلئة الجسم، منتفخة الارداف و الصدر..تتمايل دات اليمين ودات الشمال تمشي الخيلاء و كانها انتى بط داهبة لبركة ماء. الفتاة اقتربت منه و لم تقصد بركة ماء،بل عرجت على منزل على يمينها، ألقت التحية على الرادار القابع في نافدة المنزل المقابل لمنزله.تبادلت السيدتان التحية و السلام، بعدها فتح باب السيدة الخمسينية،خرجت منه فتاة سمراء اللون،متوسطة القامة نحيفة الجسم.تباوست مع البطة على خديهما. تعانقتا عناقا حارا..ثم بعدها اختفيتا خلف الباب بعد ان صدتاه. نظر الشاب الى الاعلى وجد السيدة الخمسينية في انتظاره،ابتسم في وجهها مرة ثانية، ردت عليه بابتسامة عريضة.. لرفع الحرج اشاح بناظريه عنها. في حركة لا ارادية رشف مرة أخرى قليلا من الشاي..رشف الشاي مكرها لا بطلا. بعد ان أعيته جلسة القرفصاء قرر المشي حتى السقاية العتيقة ثم العودة إلى المنزل.كان يعلم ان الخروج من الزقاق الى الشارع الكبير هو الخروج من الظل لمواجهة أشعة الشمس الحارقة.و هو أيضا ايدان صريح بتلقي ضربات الشمس طواعية. وصل الى السقاية و هو يتصبب عرقا.طرح كوبه على حاشية السقاية غسل يديه بماء الحنفية.جمع كفيه ثم شرع في شرب الماء الزلال تباعا كما يفعل ذكر العيس الضمآن.الشرب من الكفين المجموعتين و المغلقتين باحكام، عادة يتوارتها القصباويون ابا عن جد. يشربون بكفين مغلقتين من الصنابير ،من السواقي و من العيون،يكفي ان تكون المياه المراد شربها جارية و غير اسنة او راكدة.الشبان و المراهقون يتفننون في مداعبة الماء بشفاههم و يشربون دون حاجة إلى اكفف..قد يكون هذا التصرف تجل آخر من تجليات صراع الاجيال.بعد ان روى ضمأه،أفل راجعا الى مسكنه،كانت ثلاث فتيات تسبقنه ببضع امتار.ثلاث فتيات في مقتبل اعمارهن.ثلاثهن يرتدين ملابس منزلية خفيفة.بنظرته الثاقبة استطاع ان يميز ألوان التبابين التي ترتديها الفتيات الثلاث.الفتاة التي على اليمين ترتدي تبانا ازرقا.فيما الوسطى ترتدي تبانا ابيضا.اما الفتاة التي على يساره فكانت ترتدي تبانا اسودا. تسائل وهو يحاور نفسه كيف لانسان ان يلبس تبانا اسودا في عز الحر؟ بعد ثلاثة دقائق كانت الفتيات الثلاث أمام باب السيدة الخمسينية.فتح الباب،دخلت الفتيات.صد الباب من جديد. جلس القرفصاء مرة ثانية،صوت محمد رويشة لازال يصدح عاليا: هادي ليلة و ديك ليلة ..و دوك ليالي اخرين.النجار كان يتوفر على كاسيطة واحدة و وحيدة..لايكل و لا يمل من الاستماع اليها . فجأة و دون سابق انذار سيارة من نوع رونو 16 ركنت بالقرب من باب مسكن السيدة الخمسينية..ضغط السائق على منبه السيارة،فتح باب المنزل،فتح السائق باب سيارته،خرج من يحمل محفظة جيب صغيرة و مفاتيح قليلة..كان عاريا كليا الا من تبانه.تبان ابيض على شكل قطعة جبن،لايكاد يغطي مؤخرته السمينة.دخل الى دار الفتيات و السيدة الخمسينية.بعد ان فتحت له الفتاة السمراء النحيفة الباب.ما هي الا دقائق معدودة حتى عاود الرجل العاري الخروج خرج متعبا رجلاه لا تكادان تحملاه.
#محمد_طالبي (هاشتاغ)
Mohamed_Talbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امتننان
-
زمن مضى
-
زقاق من زمن مضى
-
موحى 2
-
عبد الحق
-
القليمية
-
الجفنة
-
المرض
-
بوشعيب
-
صدفة غريبة
-
عند العطار
-
كان مناضلا
-
في الغابة
-
قلب صغير
-
نهائية قصة
-
الصهباء
-
من دكريات الكوليج2
-
في الحانة القديمة
-
حكاية من زمن الكوليج
-
النادلة
المزيد.....
-
بعد الحادثة المروعة في مباراة غينيا ومقتل 135 شخصا.. جماعات
...
-
-عاوزه.. خلوه يتواصل معي-.. آل الشيخ يعلن عزمه دعم موهبة مصر
...
-
هل تعلمين كم مرة استعارَت أمي كتبي دون علمي؟!
-
رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ يبحث عن
...
-
رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
-
على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و
...
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|