|
قراءة تفاعلية بين الأستاذ حسن بوسلام والشاعرة فاطمة شاوتي من خلال نص - أَنْفَاقِ الْحُبِّ-
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 10:46
المحور:
الادب والفن
قراءة تفاعلية من خلال حوار الكاتبة والناقد بين فاطمة شاوتي وحسن بوسلام في نص :
"أَنْفَاقُ الْحُبِّ..."
أ _ موقف الأستاذ حسن بوسلام من علاقة اللغة بالشعر وكيف ينسخ أحدهما الآخر :
**قبل الكتابة كان الشعر** الكتابة تسرق المعاني ،تخدع القراءة ،تترك سرابا من الكلمات لا يظهر إلابعد إصرار العين على التقاط الشكل الذي بنيت عليه الجملة ،لذا فالشعر هو الذي يمارس الكتابة ،وهو الذي يحمل حيرة الخيال عندما يريد أن يسائل الذات عن مدى نجاعة تحويل الواقع إلى صورة ذهنية تخرق القراءة ،وتفرض إيقاعها على المتلقي الذوقي الذي يفكك أيديولوجيا النص للوصول إلى عبثية الكتابة. في البدءكان الشعر ،إنه القوة الحالمة حلم اليقظة ،المفسرة للعالم الذي لا نراه ،لانحسه ،ولا نفهمه ،إنه سجن الذاكرة المحاصرة بتفاهات الكتابة. الشعر قضاء الآن في لحظة الانكسار وقدر الآتي الذي ننتظره عندما نلغي الكتابة عن هوس الشعر ونجعله الورد الذي نقرأه كلما بدأنا هدم المؤسس وبناء المسيس . *الحب شريعة الموتى وحرقة الأحياء* أنفاق الفرح -----أنفاق الربيع ---- أنفاق الرصاص...... هكذا الشعر يكتب نفسه ولا يحتاج إلى كتابة تملي عليه صنعته ،،الشعر لغة العالم الجديد ،هنا ننتقل من الأنفاق كما ننتقل من زمن إلى آخر ،ومن حس شعري إلى آخر مخالف للآخر ،، ما علاقة الانفاق بالفرح والربيع ،،،وكذلك بالرصاص؟ مفارقات تضعنا في حضرة السؤال: كيف نخرج من هاته الأنفاق لإدراك حلم النص ؟ كيف نستوعب هذا البناء الشعري الذي يوهمنا بانكتابه ؟ على أكتاف النساء وعلى ظهورهن هاته الأنفاق ،لكن يختفون ،ولم تقل يختفين في أنفاق الرصاص ،،، هذا ما يفسر أن الشعر له سلطة على الكتابة يتنفس من المخيلة ويشكل الصورة ويهدم كل قوانين المعنى، لأنه يتسيد على فوضى الجمل. تعالوا لننظر إلى الموت والحياة والنار داخل لعبة (هي لعبة غميضة ،،،مجازا) @يسخر من لعبة النار (الربيع) يلعبون اللعبة ولايموتون @،تحثهن على لعبة الموت يبتسمون لأن لعبة الموت هي لعبة الحياة @يجعلون الأرض لعبتهم اللعبة هنا ليس بالمعنى البسيط المتعارف عليه ،إنها فعلا لعبة مدبرة ومحبوكة اللعب هو الخروج عن مألوف الحياة والدخول في منطق المنتصر والمنهزم ،لأن لعبة الموت هي لعبة الحياة ،ولأن الأرض لاتسع لهويتين ،لاتحتمل الحياة الطوعية ولاالموت الإجباري ،فلا بد للواحد الذي يسكن كينونة الله ،،دون ذلك لا نقبل الاحتمالات ،،أولاأحد... أعلم أن تجزيء النص هو تجزيء للجسد الواحد لا يمكن أن يتحرك عضو دون الاستناد على العضو الآخر ، لكن ما قمت به ليس قراءة شمولية لهذا النص المحترق بنيران الألم ، ولكن لأبين أن فاطمة لا تكتب النص ،صحيح أنها ذات فاعلة ومنفعلة بالواقع الخاص أوالعام ، وأنها صانعة الفكرة الذهنية ،لكنها تعتبر وسيط الشعر بشعريتها الكامنة في خفاء النص ،هذا الوسيط الذي يمارس اللعب بشقاوة الشعر * الذات المنشطرة بين صمت الكتابة وصوت الشعر*
الذات تكون بين سلطة الكتابة التي هي صمت القول ،وبين صوت الشعر الذي يتمرد على الكتابة في صمتها وفي لغتها المنحدرة في بنائية الجملة ،ويخلق لنفسه مساحة القول الشعري الذي يظهر عبر الكتابة، ويختفي في شعرية الكتابة. وهذا هو المسار الطبيعي لكل نص يؤمن صاحبه بهذا التحول الغريب الذي يصادفنا أثناء قراءة كل نص. فاطمة شاوتي ذات عالمة ،لها خزّانها المعرفي ،تتفاعل مع الواقع تفاعلا إيجابيا ،وذلك بفهم حركيته وربط أجزائه مع بعض ،تسكن اللغة وتسكنها ،،عندما تنتقل إلى البناء الشعري ،إلى الصوت الحقيقي في هذا الفهم العام ،تكون في لحظة الهدم للعالم الأول وترك العالم الثاني الشعري يبني قلاعه من مادة التأمل العميق لكل ما يحيط بالذات ،،إنها لحظة الاشراق الشعري (استعارة صوفية). كل عمل لهاته الشاعرة العزيزة ،إلا ويفتح أمامنا آفاق البحث عن خبايا شعرية ضاربة في الإبداع ،ويجعلنا نطرح أسئلة حقيقية عن شعرية القضية ،ومدى تمكنها من أدوات الإفصاح الخفي ،وكذلك مدى نجاعتها في أن تصبح سلاحا قويا ضد صمت الكتابة ،أن تصبح صرخة شعرية تدوي في الأعماق....
النص :
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الجمعة 29 /11 /2024 00 :08 صباحا
أَنْفَاقُ الْحُبِّ...
_ علَى أكْتافِ النّساءِ أنْفاقُ الْفرحِ تُطلُّ منْهَا رؤوسٌ صغيرةٌ تتوعّدُ قنّاصةَ الْحياةِ بِمقْلاعِ النّارِ...
_ وعلَى ظُهورِهِنَّ أنْفاقُ الرّبيعِ يُطلُّ منْهَا الْعشْبُ يمدُّ لِلْأرْضِ أياديَهُ الْخضْراءَ ويسْخرُ منْ لُعْبةِ النّارِ يلْعبُونَ اللّعْبةَ ولَايمُوتُونَ...
_ يقفُونَ علَى حافّةِ الْعالمِ يُنْصتُونَ إلَى أرْحامِ الْأمّهاتِ تحُثُّهُنَّ علَى لُعْبةِ الْموْتِ يبْتسمُونَ لِأنَّ لُعْبةَ الْموْتِ لُعْبةُ الْحياةِ...
_ منْذُ سبْعينَ نُدْبةٍ وتقْطِيبةٍ والْجرْحُ يتّسِعُ لِيسَعَ أطْفالَ الْأرْضِ يجْعلُونَ الْحرْبَ لُعْبتَهُمُ الْمُفضّلةَ و"حنَظَلَةُ" منْ جثّتِهِ يضْحكُ فيصْرخُونَ فِي الدّخانِ : الدّخّانُ/ أجْسادُنَا تخْنقُهُمْ... ثمَّ يخْتفُونَ فِي أنْفاقِ الرّصاصِ يكْتمُونَ أسْرارَ وطنٍ يُقدِّمُونَهُ فاكهةً لِلْآتينَ منْ رحِمِ السّماءِ...
_ إنّهُمُ الصّوْتُ الْمُرْعبُ لِ كيْنُونةِ الْهُلامِ يحْلفُونَ بِضحكاتِهِمُ الْمُجلْجِلةِ: نكُونُ أوْ لَا نكُونُ هنَا الْأرْضُ يَا " محْمودُ"... ! لَا تسَعُ هُوِّيتَيْنِ إنَّهَا تسَعُنَا نحْنُ الْواحدُ فِي كيْنُونةِ اللّهِ أوْ لَا أحدْ...
ب_ موقف كاتبة النص من وجهة نظر الأستاذ حسن بوسلام :
1/ كان الشعر تكوينا وكانت الكتابة تدوينا... الشعر بداية الخلق والكتابة نهايته بينهما كائن هو الفعل الإبداعي...
إن رأي الأستاذ حسن بوسلام هو لحظة إبداع للحظة إبداع سابقة... بين الإبداع والإبداع شعرة دقيقة جدا، فالشعر يكتب ومن خلاله تبرز الكتابة، لأنه يفرض عليها أن تجسده وتتقمص هدفه الذي استفز مشاعر ذات ما، وليست الكتابة سوى مظهر خارجي لجوهر هو حقيقتها قد أقول إنهما توأمان لاينفصلان فلولا الشعر ماكانت اللغة تجسده، ولولا الكتابة ما عرفناه... إن الكتابة مشروع قابل لأن يكون شعرا، وحين يتحقق يصبح الشعر كتابة في حد ذاته لايحتاج لغة منظمة، بل أحاسيس مستوحاة من الذات، وكأن الكتابة ليست لها سوى وظيفة نقل الشعر الذي كتب نفسه في لحظة الكمون قبل أن يغدو شعرا بالفعل... إنها لحظة الإبداع المحايث لذاته يكون مجرد انفعالات هيولية لاشكل لها، فتقدم الكتابة عبر الأبجدية شكلا وصورة تليق بالمحتوى الوجداني... فعل الكتابة هو تدوير لمشاعر غير مكتوبة إلا في ذهن الشعر ذاته، يتلقاه الشاعر أو الشاعرة ،وكأنها مجرد مولدة له تقوم بترتيب عناصره فيحول المعاني والصور إلى منطوق ينتقل إلى الدماغ فيفهم المتلقي أنه خميرة الدماغ وقد نقلتها الكلمات بفنية وجمالية؛ توحي بالفتنة الذوقية لكاتبها ولقارئها... إنه فعل السحر حين يسبق الشعر كلماته، حين يكون مجرد إلهام لم يُنطق بعدُ... الشعر شعر بالفطرة والكتابة شعر بالصنعة إنها النحت داخل الذات بلغة تحلق داخل نفسها، فتخلق عوالم مختلفة كريشات عصفور يطير خارج القفص... للشعر زمن نفسي وزمن واقعي، وعملية الخلق تبدأ بالزمن الأول حيث يتشكل كتجريدات معنوية رمزية قبل أن تتحول منطوقا حسيا نتكلمه حروفا، تخضع لقواعد اللسان الذي ينطقه... وحين يتتوأم الإثنانِ يصنعان تجليا روحيا يحقق التماهي بين لغة الشعر وشعرية اللغة، فلاندرك البدايات إلا بالنهايات والعكس صحيح... هكذا تقوم لعبة الكتابة القبْلية والكتابة البعْدية،فينصهران ليكون الفعل الشعري قناة لتمرير النص وحمولته الفنية والمعرفية، فيستدل باللغة على خفايا الشاعرية...
2/ الحب بين الحياة والموت :
إن إشكالية الوجود تتأرجحُ بين هذين المكونين لهذا الفعل، الذي ينقل بوعيه ولاوعيه مشاعر باطنية، تحدد ماهية الإبداع... إنه الشعر ماهية الحب لأنه ناسخه لولا الحب ماكان الشعر، لكن الحب طاقة خلاقة تتحقق بين طاقة الموت وطاقة الحياة من خلال صراعهما، فمن الموت تزهر الحياة وهي ظاهرة تشهدها المجتمعات التي تعيش وضعا استثنائيا كما هو واقع فلسطين، فبين الحياة والموت توجد ماهية إسمها الوجود وهو واقع تعيشه التجربة النضالية لشعب يموت ويقاوم الموت، ليحيا من خلال وبواسطة الشهادة على ساحة النضال... إنه الشكل الغرائبي الذي نعت هذا الشعب بصفة الطائر الخرافي الذي ينبعث من رماده، وهو الفينيق...
3/ بين الصمت والصوت يجدد الشعر وجوده من العدم :
هكذا تنتهي اللعبة إلى نهاية مخطط لها في الذات، التي تعيش هوة بين الصمت حين يكون الشعر جنينا لايتحدث سوى أحاسيسه، وبين أن يصير وليدا يتحدث كلامه... تلك لعبة الصمت والصوت والواو رابط أساسي ومكون للحدث الذي أثاره هذا النص ياصديقي الغالي هي لعبة الكلمات قبل أن توجد وبعد وجودها، فتتحقق الغاية.. هي لعبة الصمت والصوت يتحول أحدهما إلى نقيضه كي يكون كينونة بذاتها وبغيرها، إنه الشعر قبل أن يرتدي اللغة والشعر حين تكلم اللغة كائنان يوجدان كماهيتين متلازمتين، يحققان للذات متعة الوجود بالفعل بعد أن كان مجرد وجود بالقوة.. إنه الشعر في حالة الصمت إنه الشعر في حالة الصوت الشعر ظاهرة صامتةٌ وصائتة تنتمي إليهما الذات المنفعلة والفاعلة.. تلك ذات الشعر نفسه كأنه لحظة تتولد منها لحظة هي جزء منها ومنفصلة عنها... هكذا تتمم عملية الخلق التي تمكن الوجود من وجوده العياني بعد أن كان باطنيا لا يعرف هل هو موجود أم غير موجود...؟ النص هذا نفق السؤال ونفق الجواب الذي يطرح سؤالا ثالثا هل هو الشعر أصل الوجود يا أستاذي... ؟ لاجواب عندي الآن بل هو السؤال نفسه يعيد طرح سؤاله : كيف توجد الظاهرة الشعرية وقد استسهلها البعض واعتبرها ممكنة للتداول الممكن...؟ أليست اللغة شعرا بالفعل حين يظهر وقعها السمعي المرئي الصوتي، والشعر لغة بالقوة في حالته الأولى قبل أن يعلن عن أصواته المتعددة...؟ لكن الشعر في حالته الراكدة والسائلة هو الشعر الذي يتحدث لغة العالم بكل تموجاته، يتحدث حزن الآخرين بشتى تعبيراتهم الصوتية واللاصوتية...
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة الأستاذ حسن بوسلام في موقف الأستاذة فاطمة شاوتي من الف
...
-
جَنَازَةُ الْكَلَامِ...
-
كَسْرٌ فِي فِنْجَانٍ...
-
قُبْلَةُ الشَّوْكِ...
-
نَبْحَةٌ فِي الْجَحِيمِ...
-
الْمِرْآةُ لَا تَعْرِفُ وَجْهَهَا...
-
رِحْلَةُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ...
-
نُفُورُ شَهْرَزَادَ مِنَ الْحِكَايَةِ...
-
بَائِعَةُ الْأَحْلَامِ...
-
عُصْفُورُ الْانْتِظَارِ...
-
بُكَاءُ الْمَجَازِ...
-
بُكَاءُ الْأَرْزِ...
-
قراءة تفاعلية في نص -زَهْرَةُ الْقِيَّامَةِ- بين شاعرتين فاط
...
-
قراءة الأستاذ بوسلهام عميمير في نص الشاعرة المغربية فاطمة شا
...
-
الشِّعْرُ كَبِدُ -بْرُومِثْيُوسْ- ....
-
ذَاكِرَةُ الْوَهْمِ...
-
حِينَ يَلِدُ الْفَأْرُ قِطَّةً...
-
الْمَامُوتُ يَعُودُ ثَانِيَّةً...
-
أَزْمِنَةٌ مُتَشَابِكَةٌ...
-
شَجَرَةُ الْحُبِّ...
المزيد.....
-
زاعما سرقة فكرته.. المخرج المصري البنداري يحذر من التعامل مع
...
-
جرأة محفوفة بالمخاطر.. شهادات علنية لضحايا اعتداء جنسي تتحدى
...
-
الفرانكو- جزائري يخرج عن صمته ويعلق بشأن -فضيحة حوريات-
-
نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا
...
-
شون بين يتحدث في مراكش عن قناعاته وتجربته في السينما
-
تكريم مؤثر للفنانة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي في مهرجان
...
-
بوتين يتذكر مناسبة مع شرودر ويعلق على رجل أعمال ألماني سأله
...
-
على طريقة أفلام الأكشن.. فرار 9 سجناء من مركز اعتقال في نيس
...
-
-الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي- في فرنسا لنجوان درويش
-
الخنجر.. فيلم من إنتاج RT يعرض في مسقط
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|