أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب حميدي - -رداء العاقل - قراءة في المثقف العضوي















المزيد.....


-رداء العاقل - قراءة في المثقف العضوي


حبيب حميدي

الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 18:20
المحور: الادب والفن
    


"رداء العاقل " رواية قرأتها وأحببت لك أن تقرأها رواية اهدانيها الكاتب والشاعر ستار زكم من العراق فحملت راغبا وراهبا تقديمها حبا في الكتاب وتكريما لصاحبها وجميلا بسيطا مني لبغداد ذات الفضل اذكره بها.
"رداء العاقل" منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. 2023
رواية من الحجم الصغير هي اقل عدد الروايات صفحات (116 صفحة)كان الفصل السابع آخر فصولها.بثلاث عتبات أو ثلاثة مداخل وسبعة فصول معنونة غير متناسبة الطول وان تناسبت أو تشابهت في الأحداث والهدف والمغزى. كثيرة شخوصها وشخصياتها إذ فاربت العشرين عدا اغلبهم طلاب جامعة. أساتذة ومثقفون وقرابات عائلية أقارب لا نعلم عنهم أدوارا مهمة منفعلين متفاعلين تناوبوا على الأحداث في حركة تصاعدية مستمرة تتواصل على مدى الفصول.
"رداء العاقل" هو عنوان الرواية"العتبة الأولى " راوغ بالإغراء والتشويق تارة والتعمية والتمويه تارة أخرى. ورد مركبا إضافيا مبتدأ معرفا خبره نص الرواية جاء غامضا مبهما ملتبسا إذ لم يهتم الكاتب بذكر تفاصيله فلم يذكر له نوعا ولا شكلا ولا لونا ولا مقاسا ولا دار إنتاج وليس في الرواية ما يدل عليها إلا ما يقتنصه القارئ بالتأويل والتحليل وإذ عمد الكاتب إلى عدم التحديد فقد عمد إلى تجاوز المعلوم إلى غيرا لمعلوم والمرئي إلى غير المرئي مما يدرك بالبصيرة لا بالبصر الا أن هذا الرداء متميز ب:
من جهة أولى حين خص به العاقل فالعاقل لا يرتدي ما يشين بل يلبس لباس العقلاء وما لباسه إلا الحكمة والنصيحة وقديما قيل العاقل بالتجربة والحزم وسوء الظن.وليس على العاقل المدرك أو المثقف الواعي حينئذ وهو يستشرف مستقبل البلاد والعباد إلاأن يرتد إلى الحاضر الأليم يستدعي ماضيا لتاريخ مجيد لبلد كان آمنا وشعب شريف كريم عزيز في أرضه يساءل كيف السبيل إلى تجاوز الراهن وماذا الذي عليه فعله وبأي مظلة يحتمي وأي رداء يرتدي فمن عقل العاقل أن يحكم عقله في ما يمكن فعله ما استطاع "ومن لم يكن عقله خير خصلة فيه فحتفه أقرب ما يكون من الأشياء إليه ".
ثم هو من جهة ثانية قيم ثمين مفيد اذ قدمه الكاتب هدية للفقراء هدية تغني عن سواها مما يؤكل أو يلبس وينفق يراها الكاتب انفع وأصلح لهم. فأهدى الجمل بما حمل " رداء العاقل"
جاء في "الإهداء «العتبة الثانية"
إلى" فقراء العالم ... المرجل الوحيد للكتابة". عامة
والى ذلك الجنون ..حين يكتشف الحقيقة ".خاصة
أولئك الذين لم يعرفوا الاستقرار بحال من الأحوال فأمام التقتيل والفوضى والعنف والمجازر لا يسع العقل إلاأن يفقد الصواب ويصبح الجنون استجابة منطقية ومناسبة للواقع. «بعضهم يتمنى أن يكون مجنونا مثل عوفي كي ينسى عذاب هذه الدنيا "ص38
أهداه إلى فقراء العالم لا أمرا ولا تفضلا وإنما لكونهم "المرجل الوحيد للكتابة"تعبيرا عن إيمانه بان الأدب واقعي أو لا يكون فالكتابة الصادقة والوفية إنما تنبثق عنهم وهي منهم واليهم منهم تخرج واليهم تعود الكتابة الحقيقية هي فكرهم وتصوراتهم وصراعاتهم مبادئهم وقيمهم أحلامهم وأمانيهم.
هكذا ربط الكاتب إبداعه وفنه بهذه الطبقة الاجتماعية وحمل نفسه مسؤولية التعبير عنها وعن مصالحها وإذ كان الأمر كذلك فقد وظف نفسه إذن لخدمتها حين التحم بنضالها الاجتماعي والسياسي ضد التهميش والفقر وكل أصناف القمع المسلط عليها ساعيا إلى رسم توقها إلى الأفضل مع كل مشروع رافض معارض لأي هيمنة أو تسلط
وإذ كان كذلك فقد باتت الكتابة عنده التزاما عمليا يرسم البرامج والمشاريع لخدمتها يتجاوز بذلك المناداة بالشعارات عن الحرية والديمقراطية والإنسانية مثلما ينظر مثقفو البرج العاجي الجالسون على الربوة.
هو يرى أن على الكاتب الصادق بما له من مؤهلات فكرية وفنية ووعي بحال الطبقة الكادحة رسالة جوهرية هي الإحساس بآلام الفقراء والمستضعفين في العارض وخدمتهم من خلال الكشف عن سلبيات المجتمع وتحدياته وغايته في ذلك كله الدفع نحو الإصلاح والتغيير.
ذاك هو المثقف الحقيقي في نظر الكاتب أو هكذا تحدث غرامشي الفيلسوف الإيطالي عندما عرف المثقف العضوي " المثقف الذي لا يتحسس ألام شعبه لا يستحق لقب المثقف " فقد جعل من هذه العبارة المقتبسة عن غرا مشي العتبة الثالثة والمدخل الأخير هيا به للولوج إلى الرواية واقتضى منه ذلك تفصيل الرواية على مقاس النظرية في أحداثها وشخصياتها كما ينبغي أن تكون واقعا حقيقي الا تشوبه شائبة فالأماكن هي هي والناس بأسمائهم وعناوينهم وصنوف أعمالهم حتى كان الرواية تطبيق منهجي ما يمنحنا القول بان بالرواية تندرج ضمن الأدب الواقعي الاشتراكي إذ هي تحرض حين تروي وتشرح دور المثقف الوظيفي في العراق من اجل الدفع نحو الإصلاح والتغيير لاستعادة الوطن السليب.
جرى نشر الرواية سنة 2023 وجرت أحداثها"بعد أيام الحصار الاقتصادي "ص 68 فمثلت بذلك مرحلة من مراحل العراق الحديث على مدى ثلاثين سنة تقريبا تمظهرت آثارها في بغداد العاصمة حيث وقعت الأحداث والتغيرات. صورة جزئية أو مصغرة ومثال لأرجاء البلاد
ابتدأ زمن الرواية فجر يوم جمعة ص 11 دون ذكر لتاريخ محدد على حلم علي أحد أبطال الرواية وقد رن هاتفه الشخصي ليستيقظ على صوت فيروز تغني أغنية ملتزمة ..دربنا في الملتقى العسير /نحو أهداف الغد المنير...
كان اليوم يوم الراحة الأسبوعية يوما يتخذه الطلبة عادة موعدا للقاء بعضهم بعضا يقضونه للراحة والاستجمام والحوار حول شؤون ثقافية مختلفة كما يتدارسون فيه الوضع العام للبلاد وماذا ينبغي عليهم فعله من نشاط.
تتوالى الأحداث بعد ذلك في الأيام الموالية وتتكرر اللقاءات وتتجدد دون تحديد ليوم او تاريخ معين فقد اكتفى الكاتب بعبارات مختلفة من حين لأخر كلما شاء أن يعين زمن حدث ما:
"في الصباح الباكر" صباح اليوم التالي". اليوم صباحا." استيقظ صباحا" في صباح يوم جديد". انه يوم جميل". في اليوم التالي" يوم دراسي جديد". يتهيأ باكرا. الخ."
عديدة هي الأيام. كثيرة هي الصباحات وقليل ما يأتي ذكر ليل أو مساء.هو تعبير عن نشاط يومي دؤوب لكن الكاتب خص يوم الجمعة بالذكر دون سائر أيام الأسبوع ثلاث مرات معدودات أما بقية الأيام فتتوالى دون اعتبار لأحدها هي تتوالى فحسب مما يمنح الرواية بعدا آخر ذا مرجعية دينية إسلامية تتمظهر في الرواية في"أولاد باب الله "معجزة ربانية " فصلت في صورة لطيور أبابيل ترمي الفاسدين بحجارة من سجيل.
تنتهي الرواية في زمن غير معلوم ذكره الكاتب دون اسم ودون تاريخ هكذا"اليوم الثاني" ليوم سابق عليه
وقد رن جرس هاتف علي الشخصي بتلك النغمة ذاتها.
وإذ كانت الرواية كذلك بداية ونهاية فقد باتت منغلقة مقفلة على ذاتها تماما كقيد الحصار الاقتصادي على الناس حوصرت حياتهم حتى حبب إليهم الجنون فهم لا يدرون ماذا يفعلون انتشر الإرهاب والقتل بلا مبرر. انعدمت الثقة بينهم ومنعهم الخوف على أرواحهم ومنعوا من التحرر والحرية واستقبال الحياة في امن وأمان
لم يغير توالي الأيام شيئا من المعاناة اليومية ولا يكاد نضال المثقفين يفعل فعله الحاسم فظل الحلم عينه والأغنية عينها والحياة تجري لمستقر لها لولا هذا البصيص من الأمل أفقا مفتوحا يوما ثانيا قل عهدا جديدا ينشا في خضم الصراع بقيادة جيل عراقي جديد ذكي بجناحيه الذكر والأنثى الشرقي والغربي في رمزي العراقي وفرح التونسية جيل يؤمن بالفن والحياة والتقارب جيل ثقة لا شك في وطينته متفتح على العالم أو هكذا تجاوز الكاتب الجيل القديم جيل الأدعية والرقيا و التفرقة والمذاهب معلمي الخفاء لجيل يعمل فوق الأرض وتحت الشمس يمارس حرية الرأي والعمل جيلا يؤسس لليوم التالي ولو كان في صخب في قاعة من اجل انجاز ولو كان بسيطا: جمعية إنسانية تتكفل بالمساكين والمحرومين والمشردين. والنار مبدؤها شرارة.
أما مكان الأحداث فقد شمل أطرافا من بغداد باختلاف مذاهبها الدينية وأطيافها شيعة وسنة مسيحيون ومسلمون كالكاظمية والاعظمية والرصافة والكرخ ودجلة وشارع أبو نواس خير هذا بشر ذا إلاأن الكاتب اهتم خاصة بتصوير الأحياء الفقيرة والأسواق الشعبية حيث يقطن الطلبة أو هاته الفئة من الشباب ا حيث يلتقون في مقهى هنا أو منتزه هناك وفي أرجاء الجامعة أحيانا وكثيراما سمى الأماكن حيث جرت الأحداث بأسمائهاأو أسماء أصحابها هذا منتزه السندباد وهذه عادة الطبيب سداد العاني وهذا مستشفى الهلال إلى غير ذلك على انه ربما ذكر عرضا الموصل فربط الشمال بالجنوب وذكر تونس فربط المشرق بالمغرب.
شاءا لكاتب أن يربط الأحداث بالواقع فسمى الأماكن بمسمياتها على الحقيقة بل تجاوز إلى رسم صورة واضحة للمكان فقد فصل موقعه وتصميمه ومدى أهميته وتأثيره النفسي حتى بات المكان ذا شخصية له دوره الفاعل:
فمقهى "رواق" هو الذي أحبوه جميعا حيث متعة النوارس أمام أمواج دجلة "ص47.هو «مكان يغفو قرب نهر دجلة من جهة الكرخ يعطي للشباب راحتهم وحريتهم في الحديث من دون تدخل. مصمم على شكل رواق طويل وضيق. فضاء يبعدك عن لغة الخوف والدخان."ص29. وبديله اثر التفجير مقهى آخر "عتيق تفوح منه رائحة الرطوبة والعفن. لكنه البديل الآمن للشباب. كونه مؤمن جدا من الاختراق" ص67 وان كان " تتقافز بين جلاسه العديد من الجرذان والحشرات". ص68
أما"منتزه السندباد الذي يقع في الجانب الجنوبي من مركز المدينة فواسع يمتاز بكثافة أشجاره ونسماته الطيبة والهدوء "ص45. أما بيوت الفقراء فمتراصة "بيوت تشبه مقبرة وادي السلام "ص20.
لم يأت الكاتب على ذكر أي من الأحياء الراقية وحياة الرفاهة في الجانب الآخر من المدينة ولا أظنها اندثرت على عهدي بها فإنما كان غرضه كشف الجانب المظلم من حياة البغداديين المعدمين المهمشين في موت ينتظر الجميع موت يجوس بين كل المحطات والشوارع لا امن ولا اطمئنان حتى كان " البلد صار مثل صمون الجيش (أي خبز الجيش)أبدا ما ينهضم "ص34 ومع ذلك ف " الجميع يشعر أن النار تطوقه من كل الجهات"ص78 و "العالم مخيف يصبح فيه الإنسان مقهورا ومحروما من أي شيء "ص38تلك هي بغداد في الزمن الضائع تتقيا ماء اسود كالغراب بفعل الحصار والحرب سود أيامها ولياليها .
وبين هذا المكان وذاك وما يعتمل في النفوس من حزن وألم "فتية امنوا بالجمال والإبداع والعمل المثابر في سبيل الارتقاء ببلدهم المنكسر "ص58هم أبطال الرواية "اغلبهم شباب تواق الى البناء والعمران والنهضة راغب في انتشال الناس من الجهل وتقويم أنفسهم بالثقافة."ص32 لكنه شباب حزين هم أشخاص واقعيون تتجاذبهم مشاعر إنسانية وهواجس فكرية وأحلام وطنية مشتركة سخروا نشاطهم في أوقات راحتهم من اجل التنظيم في العمل الاجتماعي والسياسي من اجل محاولة للخروج بالبلاد من كابوس سلطة او نظام او احتلال لم يبح به الكاتب فظل مبنيا للمجهول ليس للخوف عليه ولكن للخوف منه ولكنه لايغيب عن متابع .ابرز الكاتب خصائصهم الفردية واهتماماتهم ومشاريعهم واختلاف مستواهم العلمي الجامعي بل وملامحهم ظاهرا وباطنا مشاعر وانفعالات محكومون جميعا بوعي المثقف الوظيفي ينتمون الى الطبقة العاملة مدفوعون للبحث عن وظيفة لتامين لقمة العيش الكريم لهم ولعائلاتهم:
علي⁚اسمه الحقيقي حسنين ابن طبقة اجتماعية متواضعة. سكن الكاظمية. بكالوريوس آداب انكليزيةاجتاز المرحلة الثالثة بنجاح. حالم عاشق. حلمه كالرؤيا تجمعه بقمر القادمة من الموصل بغد ان فقدت عائلتها في دجلة يعقد عليها القران في النهاية. حلمكما لو تجمع الأقدار بين الكاظمية والاعظمية بين الشيعة والسنة.له مجموعة شعرية كتبت بطريقة سردية ربما تصبح كتابا مختلفا ص68 يوظف من خلالها الأحداث الجارية في البلد كما يحلم بتأسيس جمعية إنسانية تتكفل بالمساكين والمحرومين والمشردين أمثال عوفي68 وهو ما تم بالفعل. هو ناشط سياسي بارز تراس المجموعة لكنه كان تحت المراقبة الدائمة حتى انه تعرض الى اعتداء بسكين كاد يقتله وطلقة طائشة كادت تودي بحياته كاد يغادر العراق مع قمر الى اروبا لكنه عاد من قريب بوازع نضالي وطني
قمر⁚ فتاة من الموصل يقول عنها علي "لؤلؤة المكان فاتنة العيون والجسد الممشوق .. إنها قطعة من الألماس البهي "حزينةترتدي قشيبا اسود فقدت أهلها بعد ان غرقوا جميعا في دجلة جاءت الى بغداد وقبلت بالجامعة قسم الإنجليزية حيث اجتازت المرحلة الثالثة بنجاح. سكنت لدى خالتها ملك أستاذة الفنون الجميلة بالأعظمية تعرفت الى علي في قصة عشق انتهت بالزواج
نؤاس⁚ طالب في كلية الهندسة قسم الكهرباء لأب صحافي متقاعد يحرض ابنه على نشر الوعي وحث الجميع على استنهاض طاقة البلاد نؤاس يؤمن بالشباب ودوره. يرى الثقافة سلاحا. احتفل الجميع بتخرجه لكنه قتل إثر انفجار ص86
رمزي⁚ طالب جامعي يروم إكمال دراسته قسم البيولوجي يهتم بالقصة القصيرة والموسيقى عازف قيثارة رائع يتمتع بثقافة تعد جيدة نوعا ما مسحور بفرح انفجاران قرب الملهى كادا يذهبان بع وبفرح يعشق الحياة والفنون ولا يحب الخطأ أبادا يحب ان يزوج فرح ولكنه قاصر بسبب مادي كثير الفضول يشك في كل شيء
فرح⁚اسمها الحقيقي سميرة الشابي جذورها منحدرة من تونس مقيمة ببغداد طالبة بكلية الفنون الجميلة تسكن قرب شارع أبو نواس اضطرت للعمل ليلا كراقصة بملهى حيث رمزي ليست بائعة كما يظن ص55تملك موبايل هي الوحيدة المؤتمنة على الأسرار وهي التي تبلغ تعليمات المدون الى المجموعة لقبت ب "فتاة الهدهد ".
عوفي⁚ شاب متنكر في زى مجنون يتظاهر بالهبل لكنه ينطق بالحكمة "هذا البلد صار مغل صمون الجيش أبدا ماينهضم" ص34 قال عن حبيبته وردة والشباب يمازحه "احتاج مزيدا من الألم كي اكتب عن وردة" ص38 هو في نظر علي "مشرد" 68 وهو في نظر فرح "رجل طيب ومسكين" وهي اعرف منه به حاضر عند كل انفجار يجمع بعض الخردة يقدمه للمدون يدخل عليه دائما متنكرا يتلقى تعليماته وينقل إليه الأخبار بكل أمانة واسطة بين المدون وفرح يبدو كالمخبر يظهر فجأة ويختفي فجأة ولكنه موجود حيثما كنت لايعرف له أصل ولا مأوى.
الكاتب المدون⁚لا اسم له ولا عنوان ولا يعرف مأتاه متمظهر في شكل شيخ عجوز هو في الحقيقة شاب متنكر.هو" العارف في كل شيء. مثقف من طراز خاص. يمتلك فهما ودراية عالية في التخلص من المصائب. سمعته مدوية في كل مكان. ذاع صيته في الأروقة الثقافية والفنية والأكاديمية بين الطلبة وبعض الأساتذة. يتعامل بسرية مطلقة عن طريق المساجات لفرح" يقيم في"تل السلاح" يريد ان يقول "إن الكتابة والثقافة والوعي تكون بمنزلة أسلحة يتسلح بها الإنسان كي يكون فاعلا قويا «ص61
هو الأب الروحي للجميع والمعلم الأول. هو المنظر والمنظم والممول للملتقيات الثقافية ليستقطب المزيد من الشباب يسكن بغداد ولم يلتق الشباب الا مرة واحدة كانت خارج العاصمة في غرفة مخفية بين الأشجار على ب عد60كلم. لم يدم اللقاء بهم الا نصف ساعة كانت عليه رقابة من جاره بائع الفلافل داهمته الشرطة قتل في نهاية الرواية وهو يحاول ان ينجو بنفسه برصاصة شرطي بعد ان أمد فرح بكتاب له هربه إثر علمه بقدوم الشرطة.
هؤلاء جميعا يجمعهم عامل مشترك واحد وهو الثقافة والوعي وضرورة تكملة دراستهم بأفضل حال وكذلك انشغالهم المستمر بالهم الوطني الذي لا يفارقهم ابدا ص21 هم جميعا يحيون بين الحقيقة والزيف بين الحق والباطل يواجهون الموت كل يوم لذلك تقنعوا وارتدوا ما لا اعتقد أنهم يحبذونه وإنما حملوا على التقية والتخفي والتستر تجنبا للملاحقة الأمنية وغضب السلطة وعنف الدولة
مثقفون تراوحوا بين الحلم والواقع والواقع والحقيقة. نسجوا محاوراتهم ومناظراتهم في جلسات وندوات ثقافية وسياسية بين ردهات الجامعة وفي المقاهي والأسواق الشعبية وخلف الأبواب المغلقة كما بين شوارع بغداد ومنتزهاتها وملاهيها مما تمنحه المدينة ودجلة وشارع ابونواس للمتأمل والسائح.
جميعهم بين الشك واليقين والخيبة والأمل بين الفعل واللافعل بين الجنون والرشاد. قست ظروف البلد الأليمة والواقع المزري لعراق الحصار وما بعد الحصار وما جاءت به الحرب من قبل ومن بعد حتى ذهبت البلاد أيدي سبا أطيافا سنة وشيعة وأكرادا مسلمين ومسيحيين
وما كان لهم بما أوتوا من التعليم والثقافة والشعور الوطني وما أثر في نفوسهم من هذا الحاضر البائس التعس إلا أن يتدبروا الخلاص من المصاب الجلل الذي أربك الناس في شؤونهم ونغص عليهم حياتهم فافتقدوا لذة الحياة الكريمة.
فقد حل الحرمان والجوع محل السلم والرفاه وعم الهلع والخوف وانعدم الأمن ونما الشك بين المواطنين. فسدت الثقة وحارت الأفكار والعقول والأحلام في ما ينبغي عمله.
لم يكن هؤلاء المثقفون ببعيدين عما يجري أمام أعينهم فقر مدقع بيوتات متهالكة وأحياء فقيرة وفقراء مسهم الضر جوعى كما أضرت بهم أحابيل السياسة والتفرقة والإرهاب: دم مراق وأشلاء بشرية تتطاير هنا وهناك نار ودخان مشاهد تقشعر لها الأبدان لذلك انحازوا للدفاع عن مصالحهم ومصالح الطبقة التي ينتمون إليها فمارسوا النشاط الثقافي يقدمون مساهماتهم الفكرية لتنظيم هذه الشريحة الاجتماعية والنهوض بها في اعتقاد راسخ ان لهم القدرة على التغيير فمثلوا بذلك صورة صريحة للمثقف العضوي حين لم يفرقوا بين النشاط الذهني والعمل الاجتماعي .و الى ذلك لم يقطعوا رغم تعليمهم الجامعي الصلة بموروثهم الديني والأخلاقي
عاشر الراوي أفكارهم وأحلامهم يحلل ويناقش ويسرد ما لم ير منهم أحيانا ولعلي في ما أجد من تعاليم المدون ما يمنحني القول انه المعادل الموضوعي للكاتب تماما كالراوي عليم بذات الصدور ثم أنهي الكاتب ووزع الكتاب وصير الفكر الى الشباب.
" رداء العاقل " رواية عربية واقعية أمنت بدور المثقف العضوي وبقدرته على تغيير الأوضاع وتقرير مصيره بنفسه تقول ان التغير في المجتمع يخلق الحاجة إلى مثقف من نمط غير تقليدي والحاجة ام الاختراع
جاءت الرواية طافحة بالأحلام والآمال غنية بشخصياتها وأصواتها ومساحاتها. مليئة بالألغاز والرموز والإغماض بوليسية في بعض الأحيان مشوقة تثير قلق القارئ بناها الكاتب على عديد المقابلات والثنائيات بين الشمال والجنوب والمشرق والمغرب بين الذكر والأنثى بين المعقول واللامعقول بين الحب والحرب بين الفن والعهر بين الفرد والمجموعة بين المدني وسلطة والدولة. رواية كفاح ونضال استغنت عن البطل الواحد وأمنت بالمجموعة قتل فيها كاتبها المعلم الأول والأب الروحي والزعيم العارف لصالح عمل المجموعة.
هي رواية كفاح ضد السلبية إلا أنها رغم تجذرها في محيطها العربي وروحها الشرقية المتدينة تفاجئ القارئ بهذا الإسقاط غير المبرر لهذه الصورة السريالية لطيور أبابيل وهي تقصف المجرمين والسراق فقد اجتثت اجتثاثا من القران فكانت "معجزة" شاءها الكاتب مساندة من الله لعباده الفقراء المقهورين وبغداد المحجة ولا أراها في محلها من الثورة الفكرية ثم شاء الكاتب ان جعل قيادة الثورة بأيدي فنانين وادباء يكتبون الشعر والقصة والرواية ويعزفون ويرقصون فعل ذلك لأنه بنى مفهومه للأدب والشعر على أساس الالتزام بما يتناسب مع اتجاهه الواقعي الاشتراكي الذي يرى في الادب تصويرا للواقع او لا يكون فالأدب اداة الثورة ورسالة للتوعية ولعلنا لذلك لا نجد من الحديث عن العصر والتكنولوجيا والتقدم العلمي وأسباب تقدم الغرب ولو بالإشارة شيئا
وهل كان يكفي لبلادنا ان تخرج من الفقر والتخلف حتى يكون لها مثقفون عاملون اما البلاد العربية فتغلي كالمرجل بمثقفين حقيقين منظرين وفاعلين ولكن ذلك لم يمنع من الجهل والتأخر عن ركب الحضارة. لسنا اقل ذكاء او كفاءةولكن لأننا لم نأخذ بناصية العلم اما مضغ الشعر وصراعات القصة والاقصوصة والقصة القصيرة ... فليس بالآداب أو الفنون وحدها نغير العالم
رواية قراتها وأحب لك ان تقرأها لك فيها متعة أدبية وفكرية جيدة الحبكة يسيرة اللغة والأسلوب شاعرية أحيانا تقريرية أحيانا أخرى مشوقة مثيرة للمتابع ولا تعجب ان تساءلت وانت تقرا وتعيد القراءة مرة ومرات من ترى هذا او ذاك يكون ? من العاقل ومن المجنون,,. ?



#حبيب_حميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ا?لف يوم ويوم-وثائقي بمهرجان مراكش يحكي سيرة -الحاج إدموند ...
- فيلم -الخنجر- ثمرة تعاون بين RT وعمان
- مروان حامد يتحدث عمّا -يثير الاهتمام- في فيلم -الست- ويشيد ب ...
- مسرحية -الفيل يا ملك الزمان-.. إسقاطات رمزية على مأساة غزة
- رحيل المخرج العراقي قيس الزبيدي أحد أبرز رموز السينما الوثائ ...
- دمياط المصرية في المصادر العربية وكتب الرحالة والمؤرخين
- سحب الجنسية الكويتية من فنانين وإعلاميين يثير مزيدا من الجدل ...
- وزير الإعلام العماني: الفيلم الوثائقي -الخنجر- ثري ومبهر بصر ...
- إيران: إطلاق سراح مغني الراب توماج صالحي بعد إلغاء حكم بإعدا ...
- لوكاشينكو يدعو وزير الثقافة الجديد لترتيب الأوضاع أو الموت


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب حميدي - -رداء العاقل - قراءة في المثقف العضوي