|
خُطْبَةُ الهِرِّ لزَعَاماتِ الفِئرَان
علي الجنابي
كاتب
(Ali . El-ganabi)
الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 13:24
المحور:
كتابات ساخرة
(عوداً على التَّعدادِ العامِ للسُّكان)
سَلامٌ عَليكمُ، وبَركاتٌ منَ العَزيزِ الرَّحمَن.
وإذ أهَلَّ الهِرُّ "رَمبَلانيو"، وإنَّهُ للهِرُّ المُعَظَّمُ في هذا الزَّمَان، من شُرفَةِ القَصرِ حينَ العَصرْ بأنفَةٍ وبِعُنفُوان، وإذ استَهلَّ خِطابَهُ بهَزَّةٍ للذَّيلِ بتَكَلُّفٍ منِ امتِنان، جَزاءً وفاقاً على هتَافَاتِ زُعَماءِ الفِئران، وإذ كانوا مُصطفِّينَ تحتَ الشُّرفةِ بخَجلٍ، بل بخنوعٍ وخُذلان. وإذ كانتِ الهِرَّةُ "ميلانيو" ذاتُ القوامِ الآسرِ السَّاحرِ الفَتَّان، وسَيِّدةُ الهِررِ الأولى حاضرَةً وناضِرةً بلَمَعان. وناظِرةً على زُعماء الفِئرانِ مِن شُرفةِ ذا المَكان، وفَارعةً تقفُ جَنبَ مُعَظَّمِ الزَّمان بحَنان. وإذ أبصارُ الفِئرانِ تتَمايلُ كلمّا تَمايلَت فيها السَّاقَان. وإنَّ "ميلانيو" لقِطَّةٌ ذاتُ لَقْطةٍ لامعةٍ، وجامعَةُ لألوانٍ مِنَ أخدانِ.
نَظَرَ المُعَظَّمُ عالياً في جوِّ العَنان، ليستَحضرَ كلماتِ الخِطابِ في ذا مكان، فقالَ ولم يُسَمِّ بإسمِ العَزيزِ الرَّحمن: اسمَعوا وعُوا بواسعِ من آذان، ويَمِّموا منِ الآذَانِ كلَّ صِوانٍ شَطرَ هذا اللِّسان.
ألا أيُّها الفِئران، تَعْلَمُنَّ أني للتَّوِ قد خَلفتُ المُعَظَّمَ "بالاندان"، و تَعْلَمُنَّ أنَّكمُ أقذرُ ما على ظهرِها من فِئران، بيدَ أنَّكم أندرُ جنسِ نذالةٍ وحُثالةٍ، غيرَ أنَّهُ في الخِيانةِ فَنَّان، لذلكَ فقدِ اجتَبيناكم وجَعلناكم مُلوكاً وزُعماءَ على شُعوب الفِئـــــ...
موجَةٌ من تصفيقٍ بلغَ صداهُ العَنان، عصفَ بها الفئرانُ للمُعَظَّمِ الجَديدِ بتَودُّدٍ وحنان.
شُكراً، وقد تَعلمونَ كمْ منَ مَكرٍ مَكَرنا، وكم مَرَرنا بامتِحان.وقد فَتَّتنا فيهِ شعوبَاً، وشَتَّتنا كلَّ فأرٍ وطَنيٍّ وكلَّ وجهٍ بينَ أعيان، ليَحظى كلٌّ منكمُ بذا عُنوان وبذا سلطان. ولم نزلْ نُفَكِّرُ عَنكمُ، ونمكرُ لكمُ يا أرذلَ ما عليها من وغدان، حتى استقامَ لكمُ الأمرُ وخضَعًتْ لكم جميعاً رقابُ أولي النُّهى والشُّجعان. بيدَ أني هَهُنا سأخصُّ بخطابي هذا أربعةَ زُعماءَ فئران. فأمَّا أنتَ يا فأرَ الشَّامِ فإنَّكَ "أقليةٌ"، ولن تَملأَ وأتباعُكَ حافلةَ إركابٍ لرَوضةٍ من صَبيان، وكذا أنتَ يا"قاهرَ الخلجانِ" بخنجرٍ مَعكوفٍ، ولم يزلْ فمُكَ عفناً وبالقَاتِ مَلآن، وثَمَّ المُنتَصبُ بينَكما الفأرُ الأصفرُ رمزُ اللهوِ والهَذَيان. أنتم الثَّلاثةُ وأتباعُكم "أقليةٌ" في تيكُم البُلدان، ولومَا بأسُنا لظَلَلتمُ سُعيفَةً مُتَعَفنَةً في حالكِ الوديانِ، ولمَا علمتمُ أنًّ في العَنانِ طَوَّافاً يسيرُ أبيضُ الدُّخان.
وأمَّا أنتَ يا زعيمُ جِهاتِها الأربَع وبينَ يديهِ الرَّافِدان، فلو أنَّكَ دَريتَ كيفَ كانَ كفاحُنا في محقِ كلِّ فأرٍ يأبى الخُنوعِ والهَوَان، لمَا كفاكَ منَ الولاءِ لنا ومنَ الإذعان، ما على الأرضِ من شَجَرةٍ بأغصان. وإنَّما أنتَ وأتباعُكَ "أقليةٌ"، وخصمُنا هو "أغلبيةٌ"مُرعبةٌ وحالقةٌ للأذقان. ثمَّ لكَ أن تتذكَّرَ كيفَ بانَ مَكرَنا في تصنيفِ وعَدمِ توليفِ مِللِ ما لديكم من الفئران. وإذ كانوا يَزعمونَ لنا بأنَّهم عبرَ التَّأريخِ إخوان. وإذ فَكَّرنا فَقَدَّرنا ثمَّ مَكَرنا فإذ بالخَصمِ المرعبِ الماحقِ شَطرَان، فكانَ شَطرٌ جَبَليٌّ تَلقَفناهُ نحنُ باحتضان. وَلقد وَهَبناكَهُ لتَعلوَ بهِ لكَ كفَّةُ الميزان. فصَيَّرناكَ"أغلبيةً"مُطلقةً بحنكةٍ وبإتقان. ولسوفَ تَبقى أغلبِيَّتُكَ ساحقةً مادُمْتَ تُحبِّذُ رداءَ الولاءِ وتَنبذُ داءَ العصيان. ولئن نسيتَ فعَصيتَ فلَنَذَرَنَّ شَطري الخَصمِ يعودانِ فيلتقيانِ، ولنُصيِّرَنَّ حُسبانَ "الأغلبيةِ"وفقَ مذاهبِ الأديانِ، وليس وفقَ إثنيَّةِ السُّكان. ثمَّ خُذوا عنِّي يا زُعماءَ الفِئرانِ مسكَ الخِتامِ، وصيَّةً فريدةً في التِّبيان؛
حَذارِ حَذارِ أيُّها الزُّعماءُ الأفذاذُ بالمَذَلَّةِ وبالبُهتان، حَذارِ أن تَرضَخوا لنداءَاتٍ مِن لَغوٍ ومِن غَثَيان، تَدعوكم للَمِّ شَمْلِ مِلَلِ رعاياكمُ الفِئران، تحتَ غاياتِ تَحالفٍ وراياتِ تَآلفٍ تَعَودُ بكم لزمانِ السلامِ والانسجامِ والإيمان، ذاكَ أنَّ أيَّ عَوْدٍ الى مَودةِ ووئامِ وسَلامِ ذاكَ الزَّمان، فيهِ حَتفُكمُ وذَهابُ المالِ عَنكمُ والسُّلطان. اذهبوا الى عُرُوشِكم أيُّها السَّادةُ الزُّعماءُ ويا خيرةُ الفئران.
عاشَ زُبُرُنا الغالبِ الرنَّان، و"للأغلبيةِ" هوَ العُنوان. ونحنُ المُسَيطِرونَ في ذا مكانٍ وكلٍّ مكان. ونحنُ "أغلبيةُ" الأرضِ الآنَ وفي كلِّ آن.
فصدَحَتْ حَناجرُ زعاماتِ الفئران:
عاش"رَمبَلانيو" مُعَظَّمُ هذا الزَّمَان وكلِّ زمان.
عاش. عاش. عاش.
#علي_الجنابي (هاشتاغ)
Ali_._El-ganabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قَدَاسَةُ التَّعدَاد
-
بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر
-
المُتْحَفُ
-
أعيَيْتُ وعَيَيْتُ
-
عَوْدٌ بَعدَ طُولِ غِيَاب
-
أصْلُ الحِكَايَةِ
-
تَأمُّلٌ مُسْتَقصٍ في مُشكِلٍ مُسْتَعص
-
بينَ تِلالِ الأدرياتِيك
-
(الأكشِنُ) المُذهِلُ المَاهِرُ
-
لَعَلّي صائِرٌ إلى بَصَائر برَجاء
-
تَأمُّلاتٌ خَارِجُ أَسوَارِ البَصَر
-
مئةُ عامٍ منَ الدُّخانِ
-
هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
-
عَنِ د. مُصطَفَى مَحمُود
-
طَيْشُ الكَلَامِ
-
أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
-
تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف
-
إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار
-
بَغْلُ الدِّيرَة
-
شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
المزيد.....
-
بعد الحادثة المروعة في مباراة غينيا ومقتل 135 شخصا.. جماعات
...
-
-عاوزه.. خلوه يتواصل معي-.. آل الشيخ يعلن عزمه دعم موهبة مصر
...
-
هل تعلمين كم مرة استعارَت أمي كتبي دون علمي؟!
-
رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ يبحث عن
...
-
رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
-
على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و
...
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|