أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - ثورة 25 يناير 2011 دراسة تحليلية















المزيد.....



ثورة 25 يناير 2011 دراسة تحليلية


خيري فرجاني

الحوار المتمدن-العدد: 8176 - 2024 / 11 / 29 - 09:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة
تعتبر هذه الدراسة محاولة لوصف وتحليل تلك الحقبة التاريخية الهامة في تاريخ مصر المعاصر بكافة مراحلها المختلفة، تلك المرحلة الحرجة من عمر الوطن، والتي نرصد من خلالها تراكمات الإختلالات الهيكيلية والبنيوية العميقة، وذلك من خلال سردية تراكمات الإشكاليات والمشكلات التي واجهت الدولة كسلطة حاكمة ونظام سياسي، والمجتمع المصري بصفة عامة بدءا من القواعد الشعبية ومرورا بالطبقة المتوسطة حتى وصل الأمر إلى النخبة. بحيث، لم تعد محض اشكاليات سطحية ولكنها تمس السياسة الهيكلية والبنيوية للدولة المصرية، وأصبح لها تأثير جد مؤثر بصورة سلبية وخطيرة ومهددة للوعي القومي الجمعي، ليس للنخب فقط وإنما على كافة المستويات المجتمعية.
جاءت ثورة 25 يناير2011م، لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عن طبيعة الشعب المصري، فقد انتشرت فكرة عن الشعب المصري في التاريخ الحديث والمعاصر، بالمخالفة لحقيقة الشعب المصري، وقد تم الترويج لها عن قصد. مفاد هذه الفكرة أن المصريين قوم لم يربوا إلا على الخضوع والترهيب، وأنهم قوم يعبدون بالقوة، ولا ينجحون إلا تحت قيادة متجبرة وسلطة قاهرة.
مفهوم الثورة:
الواقع أننا نواجه إشكالية – حقيقية- في مسألة تحديد مفاهيم ومضامين المصطلحات المختلفة في ثقافتنا العربية. حيث نعيش حالة من الفوضى في تحديد مفاهيم ومضامين المصطلحات، أو ما يعرف بصراع المصطلحات. ومن ثم، نجد أنه من الصعوبة بمكان إيجاد توصيف دقيق لعملية التحرك الشعبي الذي بدأ في يوم 25 يناير 2011م، هل هي "ثورة" أم "انتفاضة" أم "عملية ثورية" أم "تمرض جماهيري" أم "هبة جماهيرية"!!
ما هي الدلالة الوصفية والوظيفية في تحليل وتوصيف طبيعة أحداث 25 يناير 2011م، وما هي أهم آثاره، وهل لا تزال تلك الحالة الثورية مستمرة حتى تحقق أهدافها كاملة وتتمكن من تصحيح مسارها الثوري، من خلال عدة انتفاضات ثورية متتابعة، أم أنها تراجعت وبدأ النظام السلطوي السابق يحاول إعادة إنتاج نفسه من جديد، في ظل حالة ارتداد وانتكاس لعملية التحول الديمقراطي المحتبس.
وهل يمكننا بالفعل قياس هذه الثورة المحتجزة على كافة الثورات الكلاسيكية الكبرى التي غيرت مسار التاريخ، خاصة وأننا إزاء ثورة من نوع جديد-استثنائي- يعبر عن سمات عصرنا الرقمي الذي شهـد ما يعرف بـ "ثورة الاتصالات" التي غيرت وجه التاريخ.



أهم ملامح وسمات المرحلة الممهدة
لثورة 25 يناير
اتسمت تلك المرحلة السابقة لثورة 25 يناير بتناقضات وصراعات ومنافسات متعددة ومتشابكة بين جميع التيارات المختلفة، بينما كانت الغلبة دائما لصالح تيارات وجماعات الإسلام السياسي دون غيرها من التنظيمات والجماعات المدنية الأخرى، حيث استطاعت هذه الجماعات الراديكالية من استقطاب أهم عنصر فاعل في المجتمع وهو عنصر الشباب، في الوقت الذي عجزت فيه القوى المدنية بكافة طوائفها: "اليسارية والناصرية والليبرالية"، من اجتذاب هؤلاء الشباب.
وقد اتسمت تلك المرحلة بعدة اختلالات هيكلية في بنية المجتمع المصري، سواء كان الأمر على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقافي والفكري، ومن أهم هذه الاختلالات والإشكاليات، ما يلي:
أو لا : وجود حالة من الاختلال الهيكلي والبنيوي في الحياة السياسية؛ نتيجة عملية التجريف السياسي الممنهجة في ظل النظام السابق، حيث تم استبعاد العديد من الكفاءات والقيادات والخبرات والمواهب المختلفة على كافة المستويات، بالإضافة إلى تدهور وتراجع المنظومة التعليمية والثقافية، خاصة في السنوات الأخيرة في حكم الرئيس مبارك.
ثانيا: ضعف الحياة السياسية والحياة الحزبية بصفة عامة، فقد حرص النظام السياسي دائما على إضعاف الحياة السياسية، وأن تظل الأحزاب السياسية أحزاب شكلية (كرتونية) تعتمد على التمويل والتوجيه من الدولة، مع غياب دور المعارضة الإيجابية الحقيقية التي تعتبر جزء من النظام فهي توجه وتنقد السياسات العامة للدولة ولا تسعى لهدم أركان الدولة، وتحولت المعارضة إلى معارضة مستأنسة، تمارس العمل السياسي من خلال الدور المناط لها من قبل النظام، فرغم اعتراف الدولة رسميا بهذه الأحزاب والقوى السياسية، إلا أنها حرصت دائما على بقائها خارج إطار المعادلة السياسية.
ثالثا: تراجع الدور الإقليمي المؤثر للدولة المصرية سواء على المستوى الإقليمى العربي أو الإفريقي أو حتى على المستوى الدولي، في ظل بروز بعض القوى الإقليمية التي تريد أن تأخذ مكان الدولة المصرية، فلم يعد للدولة المصرية الدور الرائد الذي تميزت به منذ عهد محمد علي، وكذلك خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي خاصة خلال الحقبة الناصرية، التي جعلت من الدولة المصرية دولة محورية من خلال الدور الذي لعبته مع دول عدم الإنحياز من ناحية، ودعمها لثورات التحرر في المنطقة العربية والتي وصلت إلى أمريكا اللاتينية من ناحية ثانية، بالإضافة إلى تعميق الصلة بالعمق الإفريقي.
كل هذا التمدد الإستراتيجي للدولة المصرية تراجع إلى حد كبير، وتراجع بشكل كبير تأثيرها الإقليمي والدولي بدءا من أواخر عهد الرئيس السادات وبلغ ذروته في فترة حكم الرئيس مبارك، خاصة في السنوات الأخيرة، عقب حادث محاولة اغتيال الرئيس مبارك في "أديس أبابا".
حيث أصبح هناك لاعبين جدد في المنطقة يحاولون أن يرثوا الدور المصري في حل المنازعات الإقليمية، وأن يستغلوا القضية الفلسطينية لتحقيق هذا الهدف، مثل: إيران وتركيا وقطر وإسرائيل.
رابعا: بروز تيارات الإسلام السياسي:
ألقت الاضطرابات المتتابعة في مصر وفي مقدمتها الصراع الاجتماعي والاستقطاب والعنف ظلالها على إمكانية مواجهة جماعات الإسلام السياسي، وعلى قدرة النظام على تحقيق الاستقرار السياسي في ظل إقصاء الإسلاميين عن المشهد. وتشير الديناميكيات الخارجية والداخلية المتغيّرة للحركات الإسلامية في السياق السياسي والاجتماعي المحلي والإقليمي، إلى سيناريوهات محتملة لمستقبل الإخوان المسلمين وغيرها من جماعات الإسلام السياسي، وسيكون لمسارها تأثيرات بعيدة المدى على جماعات الإسلام السياسي والدمقرطة في مصر.
بقى النظام ملتزماً شكليا بمواجة الإخوان المسلمين وغيرها من اللتنظيمات الإرهابية الأخرى، على الرغم من افتقاره إلى الموارد اللازمة للقيام بذلك على نحو فعّال. ويستمر الإخوان في مواجهة مع النظام رغم بعض التفاهمات والتي كانت تتم من وقت لآخر، بخصوص الانتخابات البرلمانية وصفقات أخرى بخصوص مشروع التوريث.
ومن خلال الاحتجاجات المتواصلة التي باتت تهددّ النظام وتتمكن من حشد المزيد من الدعم الشعبي، وبذلك عادت جماعة الإخوان إلى الحياة السياسية المصرية عودةً قوية . حيث يتفاوض الإسلاميون والنظام حول الحصول على أعلى مكاسب ممكنة، من خلال المشاركة السياسية المحدودة للإخوان المسلمين ضمن خطوط رئيسية متفق عليها يحدّدها النظام. بعد أن أثبتت الجماعة أنها أكثر قدرةً على الصمود مما افتُرِض في البداية، الأمر الذي جعل الإسلام السياسي قوةً في السياسة المصرية للمستقبل القريب.
خامسا: صعود رجال الأعمال إلى سدة الحكم فيما عرف بـ "تزاوج السلطة ورأس المال"، والقدرة على التأثير في صناعة القرار والتأثير بشكل مباشر في إدارة شئون الدولة من قبل رجال الأعمال، وأصبح المشهد السياسي في حالة ضعف عام وترهل وشيخوخة وجمود، حيث تصدر المشهد قيادات محدودة الكفاءة والقدرة على الإدارة الرشيدة.
بدأت المشكلة مع نشوء أخطر ظاهرة فى الحياة السياسية فى مصر، وهى دخول رجال الأعمال إلى مجلس الشعب منذ انتخابات 1995، وبدأت عناصر الثروة تنتبه إلى أهمية السلطة فى حماية المال، وبالتالى النفوذ فى تحقيق المصالح الشخصية، وهو المرض الذى أصاب الحياة السياسية والتشريعية فى مقتل، حيث تشكلت ملامح دولة رجال الأعمال على استحياء، وبدء التزاوج الخطير بين السلطة ورأس المال.
ورغم العدد القليل من رجال الأعمال الذين اكتسبوا عضوية مجلس الشعب، فإن تحذيرات عديدة انطلقت محذرة من دخول رجال الأعمال إلى البرلمان، وبالفعل نجح عدد قليل من رجال الأعمال فى دخول البرلمان، والذين عرفوا بعد ذلك بنواب القروض، واستمرت الظاهرة أيضا فى انتخابات 2000 و2005، حيث بلغ عدد رجال الأعمال فيها 17 رجل أعمال. فيما شهدت انتخابات 2010م، أكبر هجوم من رجال الأعمال على مجلس الشعب، حيث دخله 30 من أبرز رجال الأعمال جميعهم من الحزب الوطنى.
وتحت سلطة رجال الأعمال نشأت دولة النفوذ والتحكم وتأسست دولة البلطجة السياسية، التى استخدمها رجال الأعمال فى الاستيلاء على الممتلكات العامة، وأراضى الدولة، وتزوير انتخابات مجلس الشعب بمباركة وتأييد من لجنة السياسات. فقد توحش رأس المال بشكل لم يعرف له مثيل فى تاريخ مصر السياسى، حتى قبل ثورة يوليو، أو حتى في فترة حكم الرئيس السادات، فحالة التقارب بين عثمان أحمد عثمان والسادات لم تصل إلى حد التوحش الذى حدث بين رجال الأعمال والسلطة فى عهد مبارك، فكان هذا الرجل يستفيد من قربه للسلطة، وكانت السلطة تعول عليه أيضا فى بناء بعض المشروعات الهامة، لكنه لم يتدخل فى القرار السياسى، أما فى فترة مبارك الأخيرة فكان رجال الأعمال فى عصب السلطة التنفيذية.
سادسا: مشروع التوريث:
كانت الظاهرة الأخطر بعد تغول رجال الأعمال داخل السلطة كانت مع تأسيس "أمانة السياسات فى الحزب الوطنى"، قبل الانتخابات الرئاسية فى 2005 برئاسة جمال مبارك نجل الرئيس، والتفاف عدد كبير من رجال الأعمال حوله، وانضمام عدد كبير منهم إلى أمانة السياسات التى كانت إيذانا بمرحلة سيطرة دولة جمال مبارك ورجاله، إيذانا ببدء مشروع توريث جمال الحكم لخلفا لوالده.
وأصبحت لجنة السياسات هي المتحكمة فى كل قرارات الدولة وإدارة شئون الحكم سياسيا واقتصاديا، فإن أى قرار لابد أن يمر عليها أولا، فكانت بمثابة المطبخ السياسى الذى يدير كل شىء فى مصر، واصبح الجميع يتعامل مع مبارك الإبن باعتباره الرئيس القادم لمصر، ما خلق حالة من الاحتقان الشديد في الشارع المصري.
ورغم نفي الرئيس مبارك مسألة التوريث اثناء زياراة مبارك لأمريكا عندما سأله الصحفيون عما يتردد حول مشروع التوريث، فقال: "مصر ليست سوريا"، فى إشارة إلى ما حدث فى سوريا مع بشار الأسد بعد وفاة والده. إلا أن تدخل جمال فى صناعة القرار السياسى كانت واضحة للجميع، فقد ضمت حكومة احمد نظيف التي تشكلت في 2004 عدد من رجال الأعمال ليدرك الجميع أن هذه الحكومة قد شكلها جمال مبارك، حيث كانت المعلومات تؤكد أن وزارات المجموعة الاقتصادية كانت فى يده عمليا
وعندما تراجعت صحة الرئيس مبارك وبالتحديد فى منتصف عام 2010، انطلقت حملات داعمة لتأييد ترشيح جمال مبارك، وتنتشر الملصقات فى القاهرة وبعض عواصم المحافظات، وزاد من الغضب ضد فكرة التوريث نتيجة انتخابات مجلس الشعب 2010م، التى تجاوزت أعمال التزوير فيها كل الحدود. فيما حاول جمال مبارك أن يجهض الثورة ويبقى والده فى الحكم، فقد كان متحدياً لأى محاولة تطلب من والده أن يتنحى.
دور الحركات الاحتجاجية قبل ثورة يناير:
اقتصر دور الحركات الاحتجاجية السياسية- الاجتماعية على بعض المطالب الحقوقية والإصلاحية المحدودة، التي تهدف إلى محاولة إحداث بعض التعديلات والإصلاحات السياسية والهيكلية في بنية النظام السلطوي القائم، من خلال بعض الإجراءات الإصلاحية على مستوى السياسات والإستراتيجيات القائمة.
ولم يكن هناك ثمة تفكير ثوري إلا لدى قلة قليلة ومحدودة للغاية من بعض تيارات اليسار، وبعض تنظيمات الإسلام السياسي خاصة تنظيم الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، من خلال اطروحات راديكالية تعتمد على الخطابة وإثارة بعض الجماهير ليس أكثر. فلم تكن الثورة أو المشروع الثوري من ضمن استراتيجيتها أو أهدافها الأساسية، إلا على صعيد الخطابات الحماسية، دون أن تكون هناك معالم وخطط واضحة في سياق زمني محدد.
ومن ثم، فإن معظم هذه الحركات الاحتجاجية السياسية- الاجتماعية لم تكن تهدف إلى عملية التغيير الثوري، وإنما كان جل اهتمامها ومعظم أهدافها يتمحور حول ممارسة نوعا ما من الضغوط على النظام؛ بهدف إحداث بعض التغيرات وتبني حزمة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، من داخل النظام ذاته ومن خلال آلياته المتاحة.
فيما ظل النظام السياسي- خاصة في العشر سنوات الأخيرة- يناور ويترك سمة مساحة للتعبير عن الرأي، وذلك للتخفيف من حدة التوترات الداخلية، مع إعطاء بعض المكاسب للمعارضة التي تم استئناثها وتقليم أظافرها. فقد أصر النظام على عدم الاستجابة لرغبات وتطلعات الأفراد تجاه بعض الشخصيات السياسية التي ثارت حولها الشبهات، والتي تتمثل في حالات الفساد المالي والفساد السياسي والإضرار بالاقتصاد المصري والصحة العامة.


تغير المشهد السياسي المصري داخليا وخارجيا:
تغير المشهد بصورة واضحة في مسألة الإدارة الساسية داخليا وخارجيا، حيث اصبح جمال مبارك هو المسيطر على المشهد الداخلي، فيما ظلت المؤسسة العسكرية بما لها من خصوصية، وكذا جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية، بمنأى عن هذا المشهد العبثي، ربما كان ذلك نتيجة طبيعية لإدراك الرئيس مبارك مدى أهمية وخصوصية هذه المؤسسات الثلاث، وأنه من الصعوبة بمكان مجرد الاقتراب من تلك المؤسسات.
وقد اضطلع جهاز المخابرات العامة لأول مرة بإدارة العديد من الملفات الخارجية، بعد أن ظل رئيس جهاز المخابرات العامة بعيدا عن الأنظار منذ تطهير الجهاز بعد حرب 1967م. وظهر لأول مرة تحركات السيد الوزير رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عمر سليمان، والذي اضطلع بمهام كثيرة خاصة الملف الفلسطيني.
فيما سيطر جمال مبارك ورجاله على مفاصل وأركان النظام في الداخل، من خلال الحزب الوطني الحاكم، بدءا من رئيس الوزراء ومرورا بالمجموعة الاقتصادية، ومجلسي الشورى والشعب.
ثورة 25 يناير 2011م
جاءت أحداث 25 يناير 20011م، ومن قبلها الثورة التونسية بمثابة الصدمة الفجائية الغير متوقعة على الإطلاق، سواء من قبل النظام نفسه أو من قبل قيادات الحركات الاحتجاجية نفسها، فقد كانت هذه الأحداث بصفة عامة مفاجئة لمعظم الأطراف الخارجية والداخلية، سواء من حيث الحجم والحشد والاستمرار وطرائق التعامل والتفاعل من قبل السلطة السياسية الحاكمة ومن قبل القواعدة الشعبية والاجتماعية، وكذلك المجتمع الدولي الذي بدا داعما بقوة لهذه التحركات الشعبية، فيما كان النظام السياسي السابق عاجزا عن مسايرة تطور الأحداث على أرض الواقع.
أهم ملامح وتطورات أحداث 25 يناير:
أولا: عجز النظام السياسي عن مواجهة تطور أحداث يناير.
كانت أحداث يناير كاشفة لعوار وضعف وترهل النظام السياسي المصري، حيث بدا واضحا عجز وشيخوخة هذا النظام الذي كان يتعامل مع هذه الأحداث بطريقة تقليدية مفلسة، وعاجزة عن القدرة على المواجهة مع القوى الشابة الذكية الجديدة، التي تستخدم احدث التقنيات في مجال الإتصالات وأدوات التواصل الاجتماعي، مما أكسبها القدرة على سرعة التكيف الفكري والنفسي والدينامي السريع.
ومن ثم، أصبحت قادرة على الاستمرار في التظاهرات والاعتصامات والبقاء في الميادين العامة. حيث كان تحرك النظام يأتي كرد فعل للحدث، وكان دائما يأتي متأخر ومتباطئ وضعيف، فلا يستجيب النظام للمطلب إلا بعد نفاذ الوقت المناسب له، وبدا هناك مطلب أعلى وظل المشهد يتكرر دون أن يتدارك النظام هذا الخطر، فلم تكن استجابة النظام للمطالب الثورية على القدر الكافي لامتصاص غضب الجماهير المحتشدة.
ثانيا: التدرج والارتفاع في سقف مطالب الثوار:
بدأت المظاهرات بمطالبات بسيطة تمثلت في بعض الشعارت التي تضمنت ثلاثة مطالب رئيسة، هي: "عيش، حرية، كرامة إنسانية"، ثم بدأ يرتفع سقف المطالب شيئا فشيئا، إلى أن وصل إلأمر إلى حد المطالبة بإسقاط النظام من خلال ترديد عبارة "إرحل.. إرحل".
ومن ثم، بدا واضحا مسألة التدرج والارتفاع التدريجي في مطالب الثوار، مع اختيار الشعارات المؤثرة. هذا بالإضافة إلى المناورة من قبل الثوار في المطالب السياسية؛ مما أدى إلى صمود واستمرارية حالة الحراك الشعبي الذي عم معظم محافظات الجمهورية، في الوقت الذي بدا فيه النظام السياسي عاجزا مترهلا غير قادر على مسايرة الأحداث وأخذ المبادرة لنزع فتيل الغضب الشعبي، والاستجابة لمطالب الجماهير الغاضبة.
وهكذا، ظل النظام يتعامل مع الأحداث من خلال رد الفعل الذي جاء متباطئا ومتأخرا وضعيفا وغير قادار على تحقيق طموح الجماهير، وبات غير قادر على احتواء الأزمة، وغير مدرك لخطورة الموقف.
ثالثا: تصدع أركان النظام السياسي نتيجة الصدمة المفاجئة:
كانت احداث 25 يناير 20011م، مفاجئة وغير متوقعة؛ مما أحدث حالة من الارتباك والاضطراب في التعامل مع هذه الأحداث التي لم تكن في الحسبان، فقد بات واضحا اضطراب النخبة الحاكمة (أصحاب القرار) في إدارة المشهد السياسي والتفاعل مع الجماهير المحتشدة في كافة ربوع الوطن.
فقد كان هناك تضارب في القرارات -فضلا عن تأخرها- نتيجة الصراعات والإنقسامات بين اجنحة الحكم. ومن ثم، صدرت قرارات غير مدروسة، وتبين بوضوح وجود حالة من العزلة والانفصام بين النظام السياسي والسلطة السياسية، وبين الأفراد والجماهير في الشوارع والميادين؛ مما أدى بدوره إلى حدوث تصدع شديد في بنية وهياكل النظام السياسي نتيجة المفاجأة والصدمة، ومحمولاتها الثورية الرافضة بشدة للنظام السياسي القائم، عازما على الصمود والاستمرار في التظاهر وضرورة اسقاط النظام.
هذه الأحداث المفاجئة والغير متوقعة أظهرت عوار وضعف النظام السياسي وهشاشته، فقد حرصت تلك الأنظمة المتتابعة على اضعاف الحياة السياسية والحزبية في مصر، من خلال سطوة الأجهزة الأمنية ومن خلال أساليب القمع المختلفة وخنق المعارضة والتضييق عليها بالطرق المباشرة والغير مباشرة .
سمات وخصائص مرحلة ما بعد 25 يناير 2011م:
لا شك أن الثورات تتبعها حالة من الحراك والفوضى والإضطرابات العامة، وقد اتسمت هذه المرحلة بعدة ملامح رئيسة وهامة لعل أهمها، ما يلي:
أولا: وجود حالة من الاستقطاب المجتمعي: إذاء كل قضية سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية ..إلخ، حيث ينقسم المجتمع ويحدث صراع مجتمعي يوضح بجلاء حالة التصدع التي سيطرت على المشهد العام في المجتمع المصري. وهو ما يوضح بجلاء قابلية المجتمع المصري للحراك الثوري والاضطراب والتوتر.
ثانيا: وجود صراع شديد وهو ما يعبر بكل صراحة ووضوح على حقيقة الصراع بين الدولة المدنية الحديثة، وبين تيارات وجماعات الإسلام السياسي- الراديكالي- المتحالفة، وقد اتسم هذا الصراع بمنطق الغلبة السياسية أو الهيمنة من قبل القوى الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وزراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة"، والحركة السلفية التي ظهرت بقوة على الساحة السياسية وزراعها السياسي "حزب النور السلفي"، بالإضافة إلى الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد الإسلامي؛ حيث تم الإفراج عن قيادات ورموز كلا الجماعتين، وأصبح لهما حضور في المشهد السياسي والإعلام بقوة.
حيث تهدف جماعات الإسلام السياسي إلى تديين الدولة ودستورها، بعيدا كل البعد عن التوافقات والتوجهات العامة، والتي تسعى إلى تأسيس دولة مدنية، من خلال القيم والمبادئ السياسية والمدنية المؤسسة لنظام ديمقراطي مدني حديث في ظل دولة مدنية تقوم على أساس من الديمقراطية.
رابعا: غياب القواسم المشتركة بين القوى السياسية المدنية المختلفة سواء من ناحية انتمائاتها وأيديولوجياتها وخطاباتها ومصالحها، وهو ما كان يشكل تحديا حقيقيا لهذه القوى، ويمثل خطرا على مستقبل مدنية الدولة في مواجهة المد السلفي الإصولي الراديكالي المتحالف، والذي يريد أن يختطف الدولة المصرية في ظل ضعف وفشل التيارات المدنية والأحزاب السياسية المختلفة.
أهم التحديات التي تواجه الدولة المصرية بعد ثورة 25 يناير:
الواقع الذي لا شك ولا جدال فيه، وبعيدا عن معركة المصطلحات التي تعيشها الحالة المصرية منذ 25 يناير 2011م، ومن بعدها 30 يوليو 2013م، فإن مصر تمر بحالة انتقالية استثنائية تاريخية فارقة، تشهد عدة تحولات جزرية هامة، في ظل تحديات قاسية وشديدة الخطورة، سواء على المستوى المحلي- الداخلي- أو الإقليمي أو العالمي.
ولعل أهم وأخطر هذه التحديات على الإطلاق هو ذلك التحدي الذي يهدد طبيعة ومفهوم الدولة المدنية الحديثة المعاصرة، التي تقوم على أساس المفاهيم والمبادئ والتقاليد السياسية والدستورية الحديثة، وتتبع نظم وأنماط الحياة الحديثة والمعاصرة على كافة الأصعدة المختلفة "الإجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية".
حيث تواجه الدولة المصرية صراعا جد خطير بين التصورات الأصولية الرجعية الراديكالية، التي تتبناها جماعات الإسلام السياسي بمختلف طوائفها، بدءا من جماعة الإخوان المسلمين وانتهاء بتنظيم القاعدة والنصرة وداعش والتنظيمات الجهادية والتكفيرية المختلفة.. إلخ. وبين القوى المدنية الليبرالية التي تشهد تغيرات وتطورات سريعة ومتلاحقة، وتسعى لتفكيك بعض المنظومات الفكرية التقليدية السائدة وتحاول أن تقوض من بعض هذه الرؤى والمفاهيم والإصطلاحات؛ لتتبنى مفاهيم "ما بعدية"، أي، ما بعد الثورة الصناعية الثالثة وما بعد الحداثة.. إلخ.
في الوقت الذي تتكالب فيه جماعات الإسلام السياسي على مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تحاول أن تلحق بركب الحضارة المدنية الحديثة، لتعود بنا إلى أنماط وأفكار ونظم العصور الوسطى باعتبارها خير القرون. ومن ثم، أصبح ثمة حاجة وضرورة تاريخية وموضوعية كي تتحرر مجتمعاتنا ومنظومة وأنماط أفكارنا، من العديد من الأوهام والأساطير والخرافات والسرديات، التي سيطر من خلالها شيوخ الأصولية والسلفية على عقولنا ومقدراتنا.
ومن ثم، أصبحت هناك ضرورة حتمية يفرضها الواقع المتخلف الذي يهيمن على مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ كي نتجاوز هذه المرحلة الحرجة، وأن نحرر عقولنا ووجودنا وحضورنا في المستقبل، وذلك من خلال التخلص من هيمنة تلك الأوهام والأساطير والخرافات، التي تعشش داخل عقولنا وتسيطر على توجهاتنا وتحيط بنا من كل ناحية وتربك أفكارنا وتحطم إرادتنا.
ولا يمكن أن يتحقق لنا ذلك إلا من خلال منظومات ومناهج وأدوات العلم والمعرفة والبحث المنهجي النقدي، والابتعاد عن مناهج وأساليب وأنماط التفكير التقليدية، التي تعتمد على النقل والتقليد والتقديس للموروث والجمود الفكري والخوف والريبة من كل جديد، والتخلص من مدح الذات والإحساس بالاستعلاء على الغير دون مبرر موضوعي، حتى نتمكن من كسر قيودنا الفكرية التي يبدوا أنها مازالت حاضرة بقوة في حياتنا في ظل سيطرة وهيمنة بطاركة وسدنة الدين، أو ما يطلق عليهم رجال الدين الذين انتشروا بشكل كبير ومخيف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأصبحت لهم سطوة كبيرة على نفوس وعقول وأفكار وتوجهات الكثير من الناس، سواء على المستوى الرسمي الذي تمثله قيادات المؤسسات الدينية الرسمية.
أو ذلك التيار الموازي الذي يتمثل في رموز وقيادات جماعات الإسلام السياسي، هذه المجموعات الرسمية والموازية تسعى بكل جدية إلى وراثة الدولة المدنية الحديثة والمعاصرة، التي أصابها الوهن والضعف الهيكلي في ظل الهجمة الشرسة من قبل هذه المجموعات الراديكالية، فقد بات واضحا أن هناك سعي حثيث من قبل هؤلاء للهيمنة والسيطرة على روح الأمة وروح الأفراد والتحكم في مصائر الناس,
فهناك ثمة محاولات حثيثة لهندسة وتنظيم سلوكيات الأفراد وتنميط أفكارهم، على نحو يؤدي إلى قمع الفكر الحر المستنير، والحجر على ابداع المفكرين والمثقفين، والوصاية على السياسيين والاقتصاديين، كل ذلك في ظل عالم انكسرت فيه الحدود والقيود من كل نوع وعلى كافة الأصعدة المختلفة في كافة انحاء العالم.
فقد تقاربت- بل تلاشت وانعدمت- المسافات في هذا العالم المعولم، الذي يتأبى على فرض القيود على الحريات والأفكار والضمائر، عالم يقدس الحرية ويحترم الخصوصية ويرفض الوصاية بكل أشكالها، سواء كانت وصاية سياسية أو دينية أو اجتماعية.
فثمة سعي دؤوب وتوجه واضح لدى فئة ليست قليلة من رجال الدين لتأسيس سلطة دينية تتخذ من القيم والمبادئ الدينية ستارا؛ لتكريس مصالح طبقية، تحقق من خلالها مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية، فهم يريدون أن تكون لهم الوصاية على مختلف الأصعدة: "السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والعلمية والطبية.. إلخ".
فلا يصح لعالم أو باحث أو أديب أو مبدع أو فنان أن يكون عمله غير خاضع لسطوة وسلطة هؤلاء السدنة، حتى وصل الأمر إلى تحريم بعض العلاجات الطبية كغسيل الكلى ونقل الأعضاء البشرية؛ بحجة أن ذلك يؤخر لقاء الله، ورغم ذلك فإن هؤلاء الشيوخ يتلقو العلاج في أرقى المستشفيات الأوروبية.
ولا سبيل لمواجهة ذلك والتخلص من هيمنة رجال الدين إلا من خلال تحرير العقول من سطوة الخرافة والأسطورة والجهل. ورفض مفهوم الوصاية بكل أشكالها وأطيافها السياسية والدينية والاجتماعية، وحق النقد لأي شخص مهما كان، وترسيخ القيم الإنسانية العليا من خلال حرية الفكر واعمال العقل ورفض الوصاية من قبل رجال الدين بمختلف طوائفهم.
فهذه المجموعات وغيرها من القوى الراديكالية بمختلف توجهاتها، الرسمية منها والغير رسمية تتنازع فيما بينها على حق النطق بأسم الإسلام، باعتبارهم وكلاء الله على الأرض. ورغم هذا التنازع والصراع الخفي والظاهر إلا أنهم يشكلون كتلة صلبة ومتماسكة في مواجهة القوى المدنية المتناثرة والمتشرزمة، سواء كانت ليبرالية أو يسارية أو ناصرية.. إلخ.
فهناك ثمة وهن وضعف هيكلي وبنيوي وفكري لهذه التيارات المدنية والأحزاب السياسية، في ظل حالة من الصراعات الشخصية بين قيادات ورموز هذه التيارات المختلفة، فضلا عن أن معظم هؤلاء القادة من كبار السن. ومن ثم، ليس لديهم الرؤى والأفكار المناسبة إزاء المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتلاحقة والمتسارعة، بالإضافة إلى غياب عامل هام ورئيس، وهو غياب البرامج السياسية والحزبية والوعي السياسي، وعدم وجود دراسات علمية وتغلب الشعارات السياسية العامة والفارغة من أي مضمون حقيقي.
فيما تمثل إشكالية ضعف ووهن النزعة والرغبة في بناء الإئتلافات والتكتلات السياسية بين جماعات وتيارات القوى المدنية، والأحزاب السياسية الصغيرة المحدودة العضوية، ذات المرجعيات السياسية والأيديولوجية المختلفة، نتيجة النزاعات الشخصية أو الإختلافات الأيديولوجية فيما بينها. لا سيما، داخل إطار جماعات اليسار، وفي المقابل نجد تشرذما واضحا للتيارات الليبرالية والعلمانية.
هذا، بالإضافة إلى إصابة الأحزاب التقليدية القديمة بالشيخوخة السياسية والجمود الحزبي حركيا وفكريا، والضمور في العضوية، وعدم القدرة على جذب وتجنيد أجيال جديدة خاصة من الشباب، الذي ينضوي معظمه تحت لواء الجماعات الراديكالية من تيارات الإسلام السياسي؛ حيث عجزت التيارات المدنية عن تقديم خطاب سياسي مبسط وميسر ومفهوم، يستطيع أن يصل إلى القطاعات الجماهيرية الواسعة من العمال والفلاحين من أبناء الطبقة الوسطى؛ وذلك لانتشار الأمية السياسية من ناحية، وغموض المصطلحات والخطابات الصادرة من تلك القوى المدنية من ناحية أخرى.
هذا، وتعتبر أزمة اللغة السياسية الواضحة المفهومة واحدة من أهم إشكاليات وأسباب ضعف وتراجع وجمود الأحزاب السياسية بصفة عامة، سواء كانت ليبرالية أو يسارية أو ناصرية. وفي المقابل تمكنت جماعات وأحزاب الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين والحركات السلفية وغيرها، من تبني لغة دينية غير تقليدية، حيث اتسمت بالوضوح ومداعبة المشاعر من خلال أساليب الترغيب والترهيب، والاستناد إلى النصوص والقصص الدينية المؤثرة في الوجدان الجمعي، والأقرب للمزاج العام لمجتمعاتنا العربية والإسلامية.
ومن ثم، لاقت هذه الخطابات الراديكالية الدينية قبولا واستحسانا من قبل قطاع كبير من متوسطي وقليلي الثقافة، حيث حرصت تلك الجماعات على التوجه بخطابها إلى القواعد الشعبية والإجتماعية العامة، التي دائما تكون أكثر تأثرا بالخطاب الديني الذي يداعب العاطفة الدينية والرغبة السياسية. فقد طورت هذه الجماعات من خطابها بحيث أصبحت لغة هذا الخطاب لغة سياسية ذات مرجعية دينية، مغايرة تماما للتقاليد الخطابية السياسية والدينية التقليدية التي كانت تتبناها الأحزاب السياسية التقليدية القديمة أو الحزب الوطني الحاكم، أو المؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر الشريف.
هذا، بالإضافة إلى قيام هذه الجماعات بتقديم الخدمات والمعونات الاجتماعية إلى قطاعات باتت مهمشة من قبل الدولة، خاصة بعد انسحاب الدولة من المجال الخدمي وتحولها إلى مفهوم الدولة الحارسة، فحلت تلك الجماعات محل الدولة، ولعبت هذا الدور الخدمي لهذه القطاعات في ظل غياب تام لدور الدولة.
وأخيرا ثمة أمر هام، هو تحالف هذه الجماعات الراديكالية مع القوى التقليدية من كبار العائلات والأسر والقبائل المنتشرة في الصعيد وبعض محافظات الوجه البحري، والتي لها قدرة على التأثير والتوجيه، فقد كان هناك العديد من التحالفات والمصالح المتشابكة بين بعض مرشحي الحزب الوطني الحاكم لمجلسي الشعب والشورى، وبين مرشحي الإخوان المسلمين.
ومن ثم، استطاعت تلك الجماعات والتيارت ذات المرجعية الدينية من بناء قواعد وشبكات اجتماعية معقدة؛ حيث تمثل مصالح قطاعات اجتماعية كبيرة تستطيع أن تحركها بكل سهولة ويسر. خاصة، أثناء الانتخابات البرلمانية. هذا، بالإضافة إلى القدرات التنظيمية لدى هذه الجماعات التي تمكنهم من عملية الاتصال المباشر بهذه القواعد الاجتماعية. ومن ثم، القدرة الفائقة في التعبئة والحشد والتحرك بمرونة وقوة التأثير والتوجيه بين الناس.
فيما ظلت القوى المدنية والأحزاب السياسية في حالة ضعف عام وترهل سياسي، وتصدع للهيكل البنيوي للنظام والسلطة السياسية الحاكمة، نتيجة الصراع الداخلي بين تيارين داخل السلطة السياسية آنذاك، فيما عرف بالصراع بين الحرص القديم ذوي الخبرة السياسية من "رجال مبارك الأب"، والتي بات واضحا مدى عجزها أمام الحرص الجديد من "رجال جمال مبارك"، الذين تصدروا المشهد السياسي دون أن يكون لهم الحد الأدنى من الخبرة والحنكة السياسية.
كل ذلك، في ظل غياب تام لدور الأحزاب السياسية المختلفة في المشهد السياسي، حيث لا تظهر هذه الأحزاب في الساحة السياسية إلا أثناء الإستحقاق الإنتخابي والإعداد للإنتخابات البرلمانية. وذلك، من خلال تحركات هزيلة وضعيفة ومحاولات للتحالفات أو الائتلافات المؤقتة والطارئة بمناسبة الإنتخابات البرلمانية لكي يحصل رئيس الحزب أو بعض مساعديه على مقعد في البرلمان.



#خيري_فرجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة (العصرنة)
- نشأة وتطور جماعات الإسلام السياسي برعاية -أنجلو أمريكية-
- التراجع الحضارى وغياب لغة الحوار
- مدنية الدولة
- التسامح والتعددية الثقافية
- المساواةوتكافؤ الفرص
- المواطنة
- حقوق الإنسان من خلال المواثيق والعهود الدولية الحديثة
- أثر الجيل الرابع من الحروب على اقتصاديات الدول
- دور منظمات المجتمع المدنى في عملية التحول الديمقراطى في مصر
- جدلية العلاقة بين الدين والفن
- دور التنمية الاقتصادية في تحقيق الرفاهية والاستقرار:
- الار هاب الفكرى (الأسباب.. النتائج.. الحل)
- التنظيم الخاص والاغتيالات السياسية في منهج الإخوان:
- مبدأ الفصل بين السلطات
- الإسلام السياسي وديمقراطية الاجتثاث:
- جدلية العلاقة بين الدين والتنوير
- مفهوم الفردانية في الفكر السياسي الحديث
- الليبرالية في مواجهة الأصولية
- محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان:


المزيد.....




- مسؤول أمريكي: مؤشرات أولية على احتمال إسقاط طائرة أذربيجان ب ...
- قناة عبرية تنشر تفصيلا جديدا قد لا يخطر على البال حول عملية ...
- حكومة البشير في سوريا ما بعد الأسد.. من هم الوزراء وماذا نعر ...
- موزمبيق: اشتباكات عنيفة بعد فرار 6000 سجين من سجن شديد الحرا ...
- باكو تنطلق من فرضية صاروخ روسي أسقط طائرتها في كازاخستان
- بعد هيمنة نظام الأسد عليه: لبنان يتطلع لعلاقات أفضل مع سوريا ...
- هل إسرائيل قادرة على تدمير قدرات الحوثيين الصاروخية؟
- نيويورك تايمز: أوروبا غير قادرة على فرض عقوبات صارمة على روس ...
- إيران تعلق على اتهامها بالوقوف وراء الأحداث والاحتجاجات الأخ ...
- هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري فرجاني - ثورة 25 يناير 2011 دراسة تحليلية